غزة: هل تراجعت فرص الوصول إلى هدنة قبل رمضان؟

ترقب لجهود الوساطة خلال الساعات الأخيرة

مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

غزة: هل تراجعت فرص الوصول إلى هدنة قبل رمضان؟

مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

وسط حالة من الترقب قبل ساعات من حلول شهر رمضان، من المنتظر أن تُستأنف جهود الوساطة من أجل إقرار تهدئة في قطاع غزة، حيث من المقرر أن تستضيف العاصمة المصرية، القاهرة، خلال الساعات المقبلة مفاوضات تستهدف التوصّل إلى اتفاق بشأن «هدنة مؤقتة وتبادل للأسرى بين إسرائيل وحركة (حماس)»، حسبما أعلنت مصادر مصرية مطلعة، عقب تعثر المفاوضات، الأسبوع الماضي، في التوصّل إلى وقف للقتال.

وعدّ بعض الخبراء إمكانية الوصول إلى هدنة في الساعات الأخيرة قبيل حلول شهر رمضان «صعبة، ولكنها ليست مستحيلة». وأكد الخبراء أن عملية التفاوض «سوف تستمر رغم كل المعوقات، وتمسك كل طرف بمواقفه ورفض تقديم أي تنازلات».

وكانت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية نقلت، الخميس، عن مصدر رفيع المستوى قوله إن «وفد (حماس) غادر القاهرة؛ للتشاور حول الهدنة، وسيتم استئناف المفاوضات خلال الأيام المقبلة»، مشيرة إلى أن «المشاورات مستمرة بين الأطراف كافة؛ للوصول إلى الهدنة قبل حلول شهر رمضان».

وأعلنت حركة «حماس»، في توقيت متزامن، أن وفدها غادر القاهرة، بينما تستمر محادثات وقف إطلاق النار في غزة لحين التوصّل إلى اتفاق مع إسرائيل. ورغم حرص الوسطاء المصريين والقطريين والأميركيين على إقرار هدنة في قطاع غزة خلال شهر رمضان، فإن الجولة الأخيرة من المفاوضات، التي غابت عنها إسرائيل، لم تفلح في التوصّل إلى صياغة نهائية لاتفاق بين طرَفي الحرب في القطاع الفلسطيني.

مركبات تابعة للجيش الإسرائيلي خلال غارة على مخيم الفارعة للاجئين في وقت سابق (إ.ب.أ)

وتتبادل إسرائيل و«حماس» الاتهامات بشأن عدم التوصّل إلى اتفاق سيُلزم «حماس» بتحرير بعض المحتجزين الذين لا تزال تحتفظ بهم مقابل تطبيق هدنة لمدة 40 يوماً. وسيُفرج في المقابل عن سجناء فلسطينيين في إسرائيل.

من جانبه، أشار أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور أسامة شعث، إلى أن الوضع الراهن بعد انقضاء مفاوضات القاهرة الأخيرة من دون الوصول إلى هدنة «صار أكثر صعوبة وتعقيداً»، لافتاً إلى أن الجانب الإسرائيلي «يتمسك بشروط يصعب على المقاومة الفلسطينية القبول بها، كما أن الفصائل الفلسطينية وضعت مطالب لا تستطيع التنازل عنها». وأوضح شعث لـ«الشرق الأوسط» أن الاستئناف المتوقع للمفاوضات قبيل ساعات من حلول شهر رمضان يُمكن أن يحمل مفاجأة بالتوصّل إلى اتفاق بوقف القتال خلال شهر رمضان، لكنه وصف تحقق الأمر بأنه «أقرب إلى المعجزة»، منوهاً باستمرار العراقيل التي اكتنفت عملية التفاوض الأسبوع الماضي.

وحدد شعث 3 سيناريوهات قال إنها ترسم ملامح مستقبل عملية التفاوض من أجل التهدئة في غزة، أولها التوصل إلى اتفاق قبل رمضان، لكنه توقع أن «تكون الهدنة هشة» وتعكس رغبة أميركية في التوصل إلى اتفاق وتسويقه إنجازاً سياسياً لإدارة الرئيس جو بايدن. أما السيناريو الثاني فيتضمن التوصّل إلى هدنة في الأسبوع الثاني من شهر رمضان وقد تكون فرصة بالنسبة لنتنياهو لترتيب أوراقه داخلياً من أجل التمهيد لعملية في رفح، لكنها في الوقت ذاته قد تكون فرصة للوسطاء للبناء عليها من أجل هدنة أطول بعد عيد الفطر يمكن أن تقود لوقف طويل لإطلاق النار.

أما السيناريو الثالث من وجهة نظر شعث، فيشير إلى عدم التوصّل إلى اتفاق، وبالتالي استمرار الحرب، وهو سيناريو عدّه «كارثياً على الجميع»، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد يخوض مغامرة محفوفة بالمخاطر بالهجوم البري على رفح، من أجل إطالة أمد الحرب والحفاظ على الائتلاف اليميني الحاكم، لكنه سيدخل حينها في تعقيدات مع الولايات المتحدة ومع مصر، مرجحاً أن «يكون البديل القيام بعملية تدخل محدودة، ونقل الصراع إلى الضفة الغربية بوصفها جبهة جديدة لإطالة أمد الصراع، وتبرير بقاء الحكومة في سدة الحكم».

وحدة مدفعية إسرائيلية خلال إطلاق قذيفة من جنوب إسرائيل باتجاه غزة (أ.ب)

بدوره، رأى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، أنه «لا بديل عن استمرار عملية التفاوض مع أجل الدخول في هدنة بقطاع غزة»، عادّاً أن استمرار حالة الحرب خلال شهر رمضان في ظل الوضع الإنساني المتأزم لملايين السكان بالقطاع «يضع الجميع تحت ضغوط».

ورجح سعيد «صعوبة التوصّل إلى اتفاق بخصوص الهدنة في الساعات القليلة قبيل حلول شهر رمضان»، إلا أنه لم يستبعد في الوقت ذاته أن تكون هناك «تحولات جوهرية» في الأمتار الأخيرة من عملية التفاوض قد تقود إلى إقرار اتفاق، ولو مؤقتاً، خلال شهر رمضان وعيد الفطر، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن الأمر يتطلب «ضغطاً حاسماً» من جانب الولايات المتحدة، وبصورة مغايرة عن النهج الذي اتبعته خلال الأشهر الماضية.

يذكر أن الساعات الأخيرة شهدت اتصالات مصرية - أميركية انصبّت على جهود الوساطة من أجل التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، إذ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، (السبت)، إن الوزير أنتوني بلينكن بحث مع نظيره المصري سامح شكري جهود التوصّل إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة. وأضاف على منصة «إكس» أن المحادثات شملت أيضاً مساعي الإفراج عن المحتجزين، وزيادة المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، قد ذكر، مساء الجمعة، أن شكري ناقش مع نظيره الأميركي عبر الهاتف «جهود إنفاذ التهدئة، وتبادل المحتجزين في غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية بصورة كاملة ومستدامة».

القوات العاملة في منطقة البريج وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وحمّل وزير الخارجية الأميركي في وقت سابق حركة «حماس» المسؤولية عن إخفاق جهود التوصّل إلى هدنة حتى الآن. وأضاف في تصريحات عقب مباحثاته مع نظيره التركي، في واشنطن: «المشكلة هي (حماس). المشكلة هي إذا ما كانت (حماس) ستقرر أم لا تطبيق وقف لإطلاق النار سيفيد الجميع». وتابع: «الكرة في ملعبهم. نحن نعمل بكثافة على ذلك، وسنرى ماذا سيفعلون».

في المقابل، أعلنت حركة «حماس»، على لسان عدد من قيادييها، أنها «أبدت ما يكفي من مرونة» مع جهود التوصل إلى تهدئة في غزة، وحمّل القيادي في الحركة، سامي أبو زهري، في تصريحات لوكالة «رويترز»، إسرائيل المسؤولية عن عدم التوصّل إلى اتفاق في القاهرة، مؤكداً أن إسرائيل «أفشلت» كل جهود الوسطاء للتوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. وأضاف أن الاحتلال يرفض مطالب الحركة «بوقف العدوان، والانسحاب، وضمان حرية دخول المساعدات، وعودة النازحين».


مقالات ذات صلة

عائلات جنود إسرائيليين تناشد نتنياهو إنهاء الحرب في غزة

المشرق العربي نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)

عائلات جنود إسرائيليين تناشد نتنياهو إنهاء الحرب في غزة

دعت مجموعة من عائلات الجنود الإسرائيليين الخميس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب في قطاع غزة حفاظاً على حياة أبنائهم متّهمين إياه بإطالة أمد هذا النزاع

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري أشخاص يبحثون عن ممتلكاتهم وسط أنقاض مبانٍ مدمرة وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: حديث عن «تقدم» و«ضغوط» لتسريع الاتفاق

تحدثت واشنطن عن «تقدم» في المفاوضات وإمكانية أن يتم الاتفاق «قريباً جداً».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي فلسطينيون يشيعون قتلى سقطوا بغارة إسرائيلية على دير البلح بوسط قطاع غزة الخميس (إ.ب.أ)

مصادر تؤكد إحراز الوسطاء بعض التقدم بشأن غزة

قال مسؤول فلسطيني قريب من جهود الوساطة إن عدم التوصل إلى اتفاق بشأن غزة حتى الآن لا يعني أن المحادثات لا تمضي قدماً، مضيفاً أن هذه المحاولات هي الأكثر جدية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يحملون نعش زميل لهم قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (إ.ب.أ)

«حماس» تكثف «حرب العبوات» وتخوض معارك «كرّ وفرّ» شمال غزة

في غضون 3 أيام، قُتل ضابطان و3 جنود؛ جميعهم من لواء «ناحال» الإسرائيلي، الذي انتقل من مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة، إلى بلدة بيت حانون أقصى شمال القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي أكد لازاريني أن «الأونروا» تحظى بدعم مالي وسياسي قوي من السعودية (صور الأمم المتحدة) play-circle 01:02

لازاريني: متمسكون بالأمل ونتطلع لاستئناف الدعم الأميركي لـ«الأونروا»

تواجه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تحديات غير مسبوقة، مع اقتراب موعد تنفيذ قرار الاحتلال الإسرائيلي منع عملها في الأراضي…

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ساركوزي يندد بـ«مؤامرة» في محاكمته على خلفية «تمويل ليبيا» لحملته الانتخابية

الرئيس ساركوزي مستقبِلاً العقيد القذافي في باريس سنة 2007 (أ.ف.ب)
الرئيس ساركوزي مستقبِلاً العقيد القذافي في باريس سنة 2007 (أ.ف.ب)
TT

ساركوزي يندد بـ«مؤامرة» في محاكمته على خلفية «تمويل ليبيا» لحملته الانتخابية

الرئيس ساركوزي مستقبِلاً العقيد القذافي في باريس سنة 2007 (أ.ف.ب)
الرئيس ساركوزي مستقبِلاً العقيد القذافي في باريس سنة 2007 (أ.ف.ب)

ندد الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي بشدة، اليوم (الخميس)، بـ«مؤامرة» قال إنها من تدبير «كذابين ومحتالين»، خلال محاكمة في باريس بشأن ما يُزعم أنه تمويل غير قانوني لحملته الرئاسية عام 2007 من جانب الحكومة الليبية، بقيادة الرئيس الراحل معمر القذافي. وفي أول تصريحات له منذ بدء المحاكمة يوم الاثنين، قال ساركوزي، البالغ من العمر 69 عاماً، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية: «لن تجدوا أبداً يورو واحداً مدفوعاً من ليبيا، أو سنتاً واحداً مدفوعاً من ليبيا في حملتي».

ويواجه الرئيس الفرنسي الأسبق الذي تولى منصبه من عام 2007 إلى عام 2012، اتهامات بالفساد السلبي، والتمويل غير القانوني لحملته الانتخابية، وإخفاء اختلاس أموال عامة، وتشكيل عصابة إجرامية. وهي اتهامات يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات. ومن المقرر أن تستمر المحاكمة حتى 10 أبريل (نيسان) المقبل، كما يتوقع صدور الحكم في تاريخ لاحق. وقال ساركوزي، وهو محامٍ متمرس، إن «مجموعات من الكذابين والمحتالين»، منهم «عشيرة القذافي»، زودت المحققين بادعاءات. وندد ساركوزي، وهو يتحدث بنبرة عصبية وصوت قوي وملوحاً بذراعيه، بما وصفها بـ«مؤامرة». وأوضح ساركوزي أن «الكشف (من ليبيا) عن التمويل المزعوم لحملتي جاء بعد بضع ساعات من تصريحي بأن القذافي يجب أن يرحل».

وكان ساركوزي أحد أوائل القادة الغربيين الذين طالبوا بتدخل عسكري في ليبيا في عام 2011، عندما اجتاحت مظاهرات «الربيع العربي» المؤيدة للديمقراطية العالم العربي. وقتل مقاتلون في المعارضة القذافي في أكتوبر (تشرين الأول) من ذات العام؛ مما أنهى حكمه الذي استمر أربعة عقود للدولة الواقعة شمال أفريقيا.