تونس: دفاع بلعيد يتهم القضاء بـ«عدم احترام شروط المحاكمة العادلة»
القيادي شكري بلعيد والنائب البرلماني محمد البراهمي (الشرق الأوسط)
قبل يوم واحد من إنهاء المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة استنطاق المتهمين في قضية اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد، وفتح باب الترافع أمام هيئات الدفاع، سواء عن المتهمين أو عن عائلة الضحية، طالبت إيمان قزارة، عضوة هيئة الدفاع عن شكري بلعيد، بضرورة توفير أركان المحاكمة العادلة، ومن أهمها علنية جلسات المحاكمة.
وأعلنت قزارة أن هيئة الدفاع ستقاطع جلسة يوم غد (الجمعة)، إذا لم يتم تمكين الإعلاميين من تغطيتها، وتغطية كافة جلسات ملف بلعيد، الذي اغتيل في 6 فبراير (شباط) 2013.
وقالت قزارة، في سياق انتقاداتها لعملية استنطاق المتهمين، التي بدأت في 6 فبراير الماضي، إنّها لاحظت بعد حضورها جميع جلسات الاستنطاق في قضية بلعيد، وآخرها جلسة 5 مارس (آذار) الحالي، أن المحاكمة يجب أن تكون في إطار علني، وهو ما لم يتوفر إلى حد جلسة الثلاثاء الماضي. وطالبت في تقييمها لجلسات المحاكمة بضرورة تنفيذ إجراء علنية الجلسة، ما يسمح للرأي العام بمواكبة مسارها ومعرفة تطوراتها أول فأول، وذلك بتمكين جميع الإعلاميين في الداخل والخارج من مواكبتها وتغطيتها، إضافة إلى ممثلي المجتمع المدني، وكل معنيّ بالحضور في هذه الجلسات.
في سياق ذلك، عدّت هيئة الدفاع أن استمرار عزل المحاكمة عن الرأي العام، عبر منع تغطيتها إعلامياً، وإفراغ قاعة الجلسة من الحضور، «يعدّ إخلالاً بأحد أهم أركان المحاكمة العادلة، وهو ركن العلنية، وليس في وارد هيئة الدفاع أن تكون طرفاً في محاكمة تفتقد لأحد أهم شروط عدالتها، خاصة أنها تتعلق بجريمة من الوزن الثقيل»، على حد تعبيرها.
يذكر أن عدداً من المتهمين الموقوفين في قضية اغتيال بلعيد، من بينهم الإرهابي التونسي حمد المالكي، المعروف باسم الصومالي، قد رفضوا حضور آخر جلسة من جلسات المحاكمة، في حين أن جميع المتهمين المحالين بحال سراح كانوا في الموعد. وقد وجّه القضاء التونسي تهمة اغتيال بلعيد والمشاركة في هذه الجريمة إلى أكثر من 30 متهماً. فيما تتوقع عدد من المنظمات الحقوقية التونسية أن تتواصل جلسات المحاكمة لأشهر، بسبب التعقيدات الكثيرة التي رافقت هذا الملف، سواء على المستوى القانوني أو السياسي.
من جهة ثانية، طالبت منظمة العفو الدولية السلطات التونسية بإطلاق سراح رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي. وقالت المنظمة، في بيان، إن موسي « تواجه تهماً جنائية في إطار إجراءين قانونيين منفصلين، وهي محتجزة ظلماً منذ 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2023». معتبرة أنّ سجن رئيسة الحزب الدستوري الحر «جاء بسبب تعبيرها عن رأيها من خلال انتقادها العلني للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وبسبب ممارسة حقّها في حرية التجمع عقب مظاهرتين نظّمهما الحزب الدستوري الحر».
وقالت «العفو الدولية»: «يجب على السلطات التونسية إطلاق سراح عبير موسي فوراً، وإسقاط التهم الموجهة إليها، لأنها تنبع من الممارسة السلمية لحقوقها في حرية التعبير والتجمع السلمي فقط». كما دعت إلى الضغط على السلطات التونسية لـ«إطلاق سراح عبير موسي، والدفاع عن الحقوق الإنسانية في تونس»، من خلال استعمال هاشتاغ «#سيب_عبير» على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكانت هيئة الدفاع قد أعلنت مطلع الشهر الماضي أنّ موسي تواجه قضية جديدة، تتعلق بشكاية من ضمن 4 شكايات رفعتها هيئة الانتخابات على رئيسة الحزب الدستوري الحر. موضحة أنّ القضية الجديدة تتعلق بتصريح أدلت به موسي بعد ندوة صحافية نظّمها الحزب، عبّرت فيه عن موقفها من الانتخابات التشريعية الماضية.
قانون «الانتخاب المباشر» الصومالي... تحوّل ديمقراطي أم توسيع للانقسام؟https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5084943-%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%B4%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%91%D9%84-%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A-%D8%A3%D9%85-%D8%AA%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%B9-%D9%84%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%82%D8%B3%D8%A7%D9%85
البرلمان الفيدرالي في الصومال يصادق على قانون الانتخابات (وكالة الأنباء الصومالية)
القاهرة:«الشرق الأوسط»
TT
القاهرة:«الشرق الأوسط»
TT
قانون «الانتخاب المباشر» الصومالي... تحوّل ديمقراطي أم توسيع للانقسام؟
البرلمان الفيدرالي في الصومال يصادق على قانون الانتخابات (وكالة الأنباء الصومالية)
تصديق الصومال نهائياً على قانون «الانتخاب المباشر» بديلاً عن «المحاصصة القبلية»، رغم رفض ولايتي جوبالاند وبونتلاند وبعض السياسيين، يفتح تساؤلات حول تداعيات تلك الخطوة وتأثيراتها على أوضاع البلاد التي تشهد انقسامات وحرباً لم تنتهِ ضد حركة «الشباب» الإرهابية.
ويأتي القانون الجديد، وفق خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، «في ظل وضع أمني هش ومعارضة سياسية»، وبينما عدّه البعض «خطوة مهمة تعزز التحول إلى نظام ديمقراطي وتحسّن العلاقات الدولية التي تميل إلى تعزيز المشاركة الجماهيرية»، رأى آخرون أنه سيواجه تحديات كثيرة، منها أن النظام الانتخابي القبلي عزّز نفوذ قادة الولايات وزعماء العشائر، ومن الصعب أن يتخلوا عنه؛ إلا عن طريق فتح حوار حقيقي، حتى لا يتحول الرفض إلى جبهة صراع جديدة تواجهها الدولة الصومالية تزيد من الانقسامات بخلاف مواجهات حركة «الشباب».
وصادق نواب مجلسي البرلمان الفيدرالي (الشعب والشيوخ) في جلسة مشتركة، السبت، على مشروع قانون الانتخابات الوطنية عقب «تصويت 169 نائباً لصالحه، فيما رفضه نائبان، وامتنع عن التصويت نائب واحد»، وفق ما نقلته وكالة «الأنباء الصومالية» الرسمية، لافتة إلى أن القانون «هام لإجراء انتخابات بنظام الصوت الواحد في البلاد».
وأجريت آخر انتخابات مباشرة في البلاد عام 1968، تلاها انقلابات وحروب أهلية ليبدأ الصومال العمل بنظام الانتخابات غير المباشرة في عام 2000، إذ ينتخب أعضاء المجالس التشريعية المحلية ومندوبو العشائر نواب البرلمان الفيدرالي، الذين ينتخبون بدورهم رئيس البلاد، إلا أنه في الآونة الأخيرة تزايدت المطالب لإجراء انتخابات مباشرة، التي اعتمدها بالفعل البرلمان، وفق إعلام محلي.
خطوة مهمة
المحلل السوداني في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، يرى أن تلك الخطوة مهمة باعتبارها تنقل العملية الديمقراطية إلى الانتخاب القائم على رأي الجمهور، بديلاً عن عملية الاقتراع غير المباشر عن طريق القبائل والزعامات الأهلية.
ويأتي صدور القانون قبل إجراء ولاية جوبالاند الرافضة له انتخابات رئاسية، يوم الاثنين، لا تعترف بها مقديشو. وقال وزير البترول، عبد الرزاق عمر، في تصريحات صحافية قبل أيام، إن «الحكومة الفيدرالية ملتزمة بتحويل الصومال بعيداً عن الانتخابات غير المباشرة القائمة على العشائر إلى نظام صوت واحد لشخص واحد. لا يمكننا تأييد نتائج هذا المشروع المسرحي، الذي ينتهك مبادئ الحكم الشامل».
وسبقه اتهام رئيس الوزراء الصومالي، حمزة عبدي بري، إلى أحمد مادوبي، الذي يتولى قيادة جوبالاند منذ عام 2013، بتقويض الجهود الرامية إلى تحويل الصومال نحو الاقتراع العام، مؤكداً أن «تصرفات جوبالاند تنتهك الالتزامات التي تم التعهد بها خلال المجلس الاستشاري الوطني لإنشاء إطار انتخابي موحد».
وينضم لرفض جوبالاند موقف مماثل من ولاية بونتلاند، في وقت تعاني فيه الصومال من عنف مستمر وتهديدات إرهابية، بحسب المحلل السياسي الصومالي عبد الولي جامع بري، لافتاً إلى أن تطبيق قانون الانتخابات الوطنية في الصومال «يمثل فرصة لتعزيز الديمقراطية»، ولكنه يحمل في طياته تحديات كبيرة.
ويرى أن تطبيق قانون الانتخاب المباشر في ظل الظروف الحالية يتطلب معالجة تحديات عدة، أولها «الوضع الأمني الهش مع تهديدات إرهابية تجعل من الصعب ضمان أمن الانتخابات، باعتبار أنه إذا لم تتوفر الظروف الأمنية الكافية، فإن إجراء انتخابات حرة ونزيهة سيكون صعباً»، وثانيها «المعارضة السياسية، خصوصاً مع سير سياسيين في فلك معارضة بعض الولايات، ما قد يؤدي إلى عدم الاستقرار».
اعتراضات على القانون
وكان الرئيس الصومالي الأسبق، شريف شيخ أحمد، قد اعترض على مشروع القانون في مؤتمر صحافي بمقديشو، قبل أسبوع، موضحاً أنه «لا يمكن إجراء انتخابات صوت واحد لشخص واحد، لا تشارك فيها ولايتا بونتلاند وجوبالاند والسياسيون المعارضون، مع عدم وجود أجواء أمنية تسمح بإجراء الانتخابات المذكورة حتى في العاصمة الصومالية».
ودافع النائب الصومالي، عبد الرحمن عبد الشكور، عن حق الولايات الإقليمية في عقد الانتخابات الخاصة بها وفقاً للنظام الفيدرالي المعمول به في البلاد، فيما توقع رئيس الوزراء الصومالي السابق حسن علي خيري، في تصريحات منفصلة، قبل نحو أسبوع، أن يقود القانون الصومال إلى مزيد من الصراع وعدم الاستقرار السياسي، داعياً إلى «عدم تجاهل الواقع الذي تشهده البلاد، وفتح منصة وطنية للاتفاق على الانتخابات بمشاركة ولايتي بونتلاند وجوبالاند وأصحاب المصلحة السياسية لإنقاذ الشعب الصومالي من الارتباك وعدم اليقين السياسي».
وأرجع تورشين ذلك إلى أن «بعض القوى السياسية والأهلية لديهم مصالح في الإبقاء على الوضع كما هو عليه، لما له من مزايا أعطت العشائر والقبائل نفوذاً كبيراً للتأثير على العملية السياسية، وكذلك توجيهها ومحاولة الضغط والتأثير عليها، وهذا أيضاً يفسر المعارضة من الولايتين المهتمين الساعتين للاحتفاظ بمكاسبهما»، محذراً من «فتح جبهة صراع مباشر بين الرافضين والموافقين ستحد من سبل مواجهة جبهة حركة الشباب».
عقبة حركة «الشباب»
ووفق تقدير الخبير في الشؤون الأفريقية، مدير «مركز دراسات شرق أفريقيا» في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، فإنه من الصعب في الوقت الحالي تطبيق نظام انتخابات مباشرة، وأرجع ذلك إلى تمسك الحكومة بتطبيق القانون، وسعيها لـ«تعزيز البقاء في الحكم».
وأوضح أن «هناك أكثر من 60 في المائة من منطقة جنوب الصومال تسيطر عليها (حركة الشباب)، وتحتاج الحكومة على الأقل 5 سنوات أخرى لعقد انتخابات مباشرة بها، ولذا يجب أن يكون تحرير تلك المناطق الأولوية حالياً»، محذراً من حدوث انقسام قبلي كبير إذا مضت الحكومة نحو التطبيق دون توافق.
لكن حال نجحت حكومة في إجراء انتخابات مباشرة فإنها، بحسب عبد الولي جامع بري، ستعزز من شرعية الحكومة وتعيد ثقة المواطنين بالعملية السياسية، وأيضاً سيؤدي نجاح الانتخابات إلى تحسين العلاقات الدولية المهتمة بالمشاركة الجماهيرية، وقد يؤدي ذلك بدوره إلى زيادة الدعم الدولي للصومال، سواء من خلال المساعدات الإنسانية أو دعم التنمية.
وأضاف: «للتغلب على الرفض، فإنه يجب على الحكومة الفيدرالية فتح قنوات حوار مع الولايات المعارضة، والعمل على إيجاد توافقات، بجانب تأجيل التطبيق الذي من الحكمة أن يتم حتى التوصل إلى توافق سياسي، ووضع استراتيجيات أمنية عبر التعاون مع المجتمع الدولي لضمان سلامة الانتخابات».
وإذا أصرت الحكومة على تطبيق القانون دون توافق، فإن هذا قد يؤدي إلى «انقسامات جديدة»، وفق بري، الذي أكد أنه «من الضروري أن تتبنى الحكومة نهجاً شاملاً يضمن تمثيل جميع الأطراف ويساهم في تحقيق الاستقرار».
ويتفق معه تورشين، قائلاً إنه مع إجراء حوار مباشر وتقديم تطمينات، ومن ثم يمكن التوصل لتفاهمات بشأن إجراءات الانتخابات التي ستقلل نفوذ الزعمات الأهلية والقبلية، وتمنح مع الوقت الشعب الصومالي الفرصة في أن يقرر بأصواته ووعيه مصيره عبر الاقتراع المباشر، رغم تحديات الفقر المتزايد وتراجع معدلات التعليم.