لقاءات وزارية جزائرية - موريتانية لتعزيز العلاقات الاقتصادية

الجزائر تعد مضاعفة وارداتها من موريتانيا «عربون محبة»

وزيرا التجارة الجزائري والموريتاني في تندوف (الوزارة الجزائرية)
وزيرا التجارة الجزائري والموريتاني في تندوف (الوزارة الجزائرية)
TT

لقاءات وزارية جزائرية - موريتانية لتعزيز العلاقات الاقتصادية

وزيرا التجارة الجزائري والموريتاني في تندوف (الوزارة الجزائرية)
وزيرا التجارة الجزائري والموريتاني في تندوف (الوزارة الجزائرية)

أكد وزير التجارة الجزائري الطيب زيتوني، اليوم الأربعاء، أن الارتفاع الذي شهدته واردات بلاده من موريتانيا عام 2023، هو «عربون محبة». مؤكداً وجود خطة «لتوجيه تجارتنا نحو أفريقيا، وبالأخص إلى الدول الشقيقة».

وتم بتندوف الواقعة جنوب غربي الجزائر، أمس الثلاثاء، افتتاح «معرض موقار الدولي» للمنتجات والسلع، بمناسبة فتح المعبر الحدودي بين الجزائر وموريتانيا قبل 15 يوماً، حيث يشارك 150 عارضاً من البلدين، بغرض إبرام صفقات وعقود تجارية، تمهيداً لإطلاق الحركة التجارية بالمعبر.

اجتماع رجال أعمال ومستثمرين جزائريين وموريتانيين (وزارة التجارة الجزائرية)

وتنقل وزير التجارة وترقية الصادرات الجزائري، الطيب زيتوني، ووزير التجارة والصناعة التقليدية والسياحة الموريتاني لمرابط ولد بنهاي، اليوم الأربعاء، بين أجنحة المعرض الذي يستمر إلى السبت المقبل، وذلك لتشجيع الشركات العارضة على إقامة علاقات تجارية فيما بينها، وفق ما ذكرته وزارة التجارة الجزائرية. كما أشرفا على إطلاق أشغال «منتدى رجال الأعمال الجزائري - الموريتاني» بالمكان نفسه، الذي يبحث فرص التعاون بين المستثمرين بالبلدين المغاربيين.

وصرح زيتوني لوسائل إعلام بأن الجزائر ونواكشوط «بصدد ضبط لائحة تتضمن منتجات ستعفى من التعريفات الجمركية، من أجل تسهيل المبادلات التجارية»، التي بلغت، وفقه، 414 مليون دولار في 2023، وذلك بزيادة قدرها 82 في المائة، مقارنة بعام 2022 (297 مليون دولار). وبحسب الوزير نفسه، فقد وصلت قيمة الصادرات الجزائرية لموريتانيا العام الماضي إلى 62 مليون دولار، بزيادة قدرها 51 في المائة مقارنة بعام 2022.

وأضاف زيتوني موضحاً أن الجزائر «تسقط خطابها بخصوص التعاون مع موريتانيا على الواقع. فخلال 11 شهراً (من سنة 2023) ارتفعت وارداتنا من موريتانيا بـ91 في المائة. وفي سنة 2024 سنتجه إلى مضاعفتها». ثم التفت إلى الوزير ولد بنهاي، قائلاً: «تلاحظون سيدي الوزير أن وارداتنا من موريتانيا أكثر بكثير من صادراتنا إليها، وهذا أكبر عربون محبة، ودليل على أننا نريد أن نوجه تجارتنا نحو أفريقيا، وبالأخص نحو الدول الشقيقة، وأخص بالذكر موريتانيا».

الرئيسان الجزائري والموريتاني يعطيان إشارة انطلاق منطقة التبادل الحرّ بتندوف (الرئاسة الجزائرية)

وقال الوزير الموريتاني إن النسخة الجديدة من معرض الموقار الدولي، «ستفتح آفاقاً واسعة لشعوب المنطقة من أجل تبادل التجارة، وتوطيد العلاقات الاجتماعية، وهذا يعكس المستوى الذي بلغه التعاون بيننا، والذي تضاعف في الفترة الأخيرة بفضل تبادل الزيارات بين قيادات البلدين الشقيقين».

من جهته، أكد رئيس «مجلس رجال الأعمال الجزائري – الموريتاني» يوسف غازي، في بداية أشغاله، أن إقامة معرض موقار الدولي بهذه الولاية الحدودية «ستجعل منها نقطة انطلاق لترقية الصادرات نحو بلدان غرب أفريقيا، خصوصاً بعد فتح المعبر الحدودي من الجهتين، إلى جانب إطلاق مشروع إنجاز الطريق الرابطة بين مدينتي تندوف الجزائرية وزويرات الموريتانية (840 كلم)، وتدشين المنطقة الحرة للتجارة بتندوف، ما يجعل منها منصة للتصدير، من شأنها أن تغير المعالم الاقتصادية للمنطقة بكاملها».

الرئيسان تبون وولد الغزواني خلال حفل تدشين المعبر الحدودي (الرئاسة الجزائرية)

وكان الرئيسان عبد المجيد تبون ومحمد ولد الشيخ الغزواني، قد التقيا بتندوف في 22 من الشهر الماضي، حيث أشرفا على إطلاق مشروع طريق تندوف زويرات، وعلى فتح المعبر الحدودي.

وأوضح يوسف غازي أن موريتانيا «هي الدولة التي نتشارك معها طموح رفع التبادلات البينية، وتحقيق الاندماج الاقتصادي مع غرب أفريقيا من أجل تحقيق التكامل الاقتصادي بقارتنا، الغنية بتنوع مواردها وفرص الاستثمار فيها، إلى جانب وفرة الموارد البشرية والمادية بها، و هو ما يوجب علينا بصفتنا رجال أعمال أن نعمل معاً من أجل تحقيق الاكتفاء في غذائنا بالدرجة الأولى، وفي كل المجالات عموماً».



دعم مصري للبنان... تحركات سياسية وإنسانية تعزز مسار التهدئة بالمنطقة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)
TT

دعم مصري للبنان... تحركات سياسية وإنسانية تعزز مسار التهدئة بالمنطقة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)

تحركات مصرية مكثفة سياسية وإنسانية لدعم لبنان في إطار علاقات توصف من الجانبين بـ«التاريخية»، وسط اتصالات ومشاورات وزيارات لم تنقطع منذ بدء الحرب مع إسرائيل، ومطالبات بوقف إطلاق النار ضمن جهود القاهرة للعمل على تهدئة الأوضاع بالمنطقة.

الدعم المصري لبيروت، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، نابع من «اهتمام أصيل بأمن وسيادة لبنان، وضمن رؤيتها في عدم توسيع نطاق الحرب، ويأتي استمراراً لوقوفها الدائم بجانب الشعب اللبناني بجميع الأزمات على مر العقود»، وسط توقعات بـ«دور أكبر للقاهرة في إعمار جنوب لبنان بعد الدمار الإسرائيلي».

ومع تفاقم الضربات الإسرائيلية على لبنان رغم محادثات اتفاق الهدنة، واصل الموقف المصري مساره السياسي بخلاف الإنساني في تأكيد دعم بيروت، حيث بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، على هامش أعمال اجتماع وزراء خارجية «مجموعة السبع» في إيطاليا «آخر التطورات بالنسبة لمفاوضات وقف إطلاق النار في لبنان»، وفق بيان صحافي للخارجية المصرية، الثلاثاء.

وتمسك الوزير المصري بـ«ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن (1701) بعناصره كافة، وتمكين المؤسسات اللبنانية، وعلى رأسها الجيش اللبناني، من بسط نفوذها بالجنوب اللبناني»، وهو الموقف الذي أكد عليه أيضاً في اجتماع آخر في روما مع نظيره اللبناني عبد الله بوحبيب «تناول آخر التطورات المتعلقة بالأوضاع في لبنان، والمفاوضات الجارية للتوصل لوقف إطلاق النار»، وفق المصدر ذاته.

وزير الخارجية المصري يلتقي نظيره اللبناني خلال مشاركتهما في فعاليات منتدى «حوارات روما المتوسطية» (الخارجية المصرية)

وأكد الوزير المصري «حرص بلاده على استمرار تقديم الدعم للبنان الشقيق في ظل الظرف الحرج الراهن، الذي كان آخره تسليم شحنة جديدة من المساعدات الإغاثية في 13 نوفمبر (تشرين الثاني)، تضمنت 21 طناً من المواد الغذائية، ومستلزمات الإعاشة اللازمة للتخفيف عن كاهل النازحين».

وفي تلك الزيارة، أجرى عبد العاطي 8 لقاءات ومحادثات، مع مسؤولين لبنانيين، على رأسهم، رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، حيث تم تناول «مجمل الاتصالات التي تقوم بها مصر مع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، وتمكين الجيش اللبناني وعودته إلى الجنوب».

عبد العاطي خلال لقاء سابق مع قائد الجيش اللبناني ضمن زيارته لبيروت (الخارجية المصرية)

ويرى وزير الخارجية المصري الأسبق، محمد العرابي، أن الموقف المصري إزاء لبنان منذ التصعيد الإسرائيلي ومع حرب غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 «قوي ومتقدم ونابع من اهتمام أصيل بأمن وسيادة لبنان، وفكرة عدم توسيع نطاق الحرب في المنطقة بالشكل العنيف الذي تقوم به إسرائيل».

ولم يكن الدعم المصري وفق العرابي على «الصعيد الإنساني فقط، لكن كان قوياً دبلوماسياً وسياسياً، وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كل المحافل يؤكد على موقف منحاز لسيادة وأمن لبنان، بخلاف اتصالات ولقاءات وزير الخارجية وأحدثها لقاء وزير خارجية لبنان في روما، وهذا يعبّر عن اهتمام واضح ومهم يُظهر لإسرائيل أن مصر رافضة توسعها في تهديد أمن المنطقة، ورافضة لأي مساس باستقرار لبنان».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ضمن زيارته الأخيرة لبيروت (الخارجية المصرية)

ويعد الموقف المصري المتواصل، وفق الكاتب السياسي اللبناني بشارة خير الله: «رسالة دعم مهمة في توقيت خطير يمر به لبنان»، مضيفاً: «مصر تلعب دوراً دبلوماسياً وإغاثياً بارزاً في الوقوف بجانب لبنان، ونحن هنا في لبنان نعوّل على الدور المصري ونجاحه في تعزيز جسر المساعدات، والتوصل لوقف إطلاق نار».

ووفق خير الله، فإن «التحرك المصري المتواصل يأتي ضمن جهود عربية كبيرة مع لبنان»، لافتاً إلى أن «هذا الوقوف العربي مهم للغاية في ظل محنة لبنان الذي يدفع ثمناً كبيراً».

دور محوري

يتفق معهما، المحلل السياسي اللبناني طارق أبو زينب، الذي أكد أن «مصر لها دور محوري في لبنان والمنطقة، من حيث دعمها لترسيخ الاستقرار في لبنان والمنطقة، فضلاً عن وقوفها الدائم بجانب الشعب اللبناني بجميع الأزمات على مر العقود، حيث قدمت مساعدات عند حادثة انفجار بيروت (2020) وأيضاً عند انتشار فيروس (كورونا)، ودعمت لبنان ولا تزال، ومستمرة في تقديم الدعم منذ بداية الحرب».

وبالنسبة للموقف السياسي، فإن مصر «تدعم وقف إطلاق النار في لبنان من خلال تنفيذ القرار (1701)، وتضغط بكل ما لديها من قوة في العالم العربي والمجتمع الدولي من أجل إنقاذ لبنان ووقف العدوان»، وفق أبو زينب الذي أكد أن «التعاون والتنسيق بين البلدين تاريخي بحكم العلاقات التاريخية والوطيدة بين مصر ولبنان، والتواصل مستمر، وهناك زيارات دائمة على صعيد المسؤولين لتقديم الدعم للبنان في الظروف الصعبة قبل الحرب، وأثناء العدوان أيضاً».

وسبق أن زار وزير الخارجية المصري لبنان في 16 أغسطس (آب) الماضي، قبل التصعيد الإسرائيلي الأخير، والتقى آنذاك في بيروت عدداً من المسؤولين، بينهم رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، وسط تأكيده على إجراء اتصالات رئاسية ووزارية متواصلة لبحث التوصل لتهدئةٍ، لا سيما منذ تحويل جنوب لبنان إلى جبهة مساندة لغزة.

ووفق وزير الخارجية المصري الأسبق، فإن «تلك الخطوات المصرية تجاه لبنان نتاج علاقات تاريخية ومستقرة، أضيفت لها مساندة سياسية وإنسانية متواصلة، وستكون بعد وقف الحرب محل تقدير من حكومة وشعب لبنان»، متوقعاً أن يكون لمصر دور في إعمار جنوب لبنان بعد التخريب الإسرائيلي له، مع اهتمام بدعم جهود لبنان في حل الفراغ الرئاسي.

وتلك الجهود تأتي «ضمن رؤية الرئيس المصري، كون العمل العربي المشترك مهم من أجل إنقاذ المنطقة من التطرف الصهيوني، سواء في غزة أو حالياً في لبنان، خصوصاً أن الأوضاع الكارثية حالياً في غزة ولبنان تتطلب مزيداً من الجهد والتعاون والعمل، وهو ما نقوم به حالياً مع الأشقاء العرب»، وفق المحلل السياسي اللبناني طارق أبو زينب.

والوصول لاتفاق تهدئة في لبنان «سيشجع جهود الوساطة المصرية على إبرام هدنة في غزة»، وفق تقدير المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب.

عبد العاطي يلتقي رئيس مجلس النواب اللبناني ضمن زيارته الأخيرة لبيروت (الخارجية المصرية)

وكما سعت القاهرة في ملف لبنان، فإنها ستعزز جهودها في ملف غزة، خصوصاً أن «حماس» تؤيد اتفاق لبنان، ولن يرغب أي طرف فلسطيني في لوم «حزب الله» الذي دفع ثمناً كبيراً أبرزه مقتل غالبية قياداته، وفق الرقب.