موريتانيون يتظاهرون ضد اتفاق مرتقب حول الهجرة مع أوروبا

عدّوه «جريمةً وبيعاً لأراضي الدولة»

مهاجرون أفارقة بموريتانيا (أ.و.ب)
مهاجرون أفارقة بموريتانيا (أ.و.ب)
TT

موريتانيون يتظاهرون ضد اتفاق مرتقب حول الهجرة مع أوروبا

مهاجرون أفارقة بموريتانيا (أ.و.ب)
مهاجرون أفارقة بموريتانيا (أ.و.ب)

أصيب عدد من المواطنين الموريتانيين باختناقات نُقلوا على أثرها إلى المستشفى لتلقي الإسعافات أثناء مواجهات مع قوات الأمن الموريتانية، اليوم (الأربعاء)، خلال وقفات احتجاجية ضد اتفاق حول الهجرة مع أوروبا. وكانت حركة شبابية معارضة تسمى «كفانا» قد دعت إلى الخروج للاحتجاج ضد الاتفاق مع الاتحاد الأوربي لمحاربة الهجرة غير النظامية، المقرر توقيعه غداً (الخميس) في نواكشوط. وأصيب في فض الاعتصام رئيس حركة «كفانا»، يعقوب ولد أحمد المرابط، ورئيس «الحركة الوطنية للدفاع عن البيظان» (قومية العرب) المعارضة، ونشطاء آخرون عندما منعتهم الشرطة، مستخدمة الغازات المسيلة للدموع من التظاهر في ساحة الحرية بقلب العاصمة نواكشوط، الواقعة بين رئاسة الجمهورية ومبنى البرلمان.

مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء على متن قارب قبالة سواحل موريتانيا (أ ف ب)

وردّد المتظاهرون خلال الاحتجاج شعارات مناهضة لإبرام موريتانيا اتفاق محاربة الهجرة، ووصفوه بـ«الجريمة»، و«بيع أراضي موريتانيا للأوربيين لتوطين مهاجرين غير نظاميين من أفريقيا يتم ترحيلهم من أوروبا إلى موريتانيا»، وهو ما تنفيه الحكومة الموريتانية بشدة، وتقول إنه «ادعاء كاذب لا أساس له من الصحة»، مشددة على أن موريتانيا لن تكون موطناً لإيواء المهاجرين الأفارقة المرحّلين من أوروبا. ويثير الاتفاق المرتقب حول محاربة الهجرة غير الشرعية مخاوف كبيرة في الشارع الموريتاني من أن تتحول موريتانيا إلى شرطي لأوروبا، تحمي حدودها ومياهها الإقليمية وتمنع تدفق المهاجرين إليها.

في سياق متصل، أبلغ مصدر حكومي موريتاني «وكالة أنباء العالم العربي»، اليوم، أن وفداً أوروبياً يقوده وزير الداخلية الإسباني، فرناندو غراندي مارلاسكا، سيبدأ زيارة لموريتانيا، غداً؛ لبحث ما وصفها بأنها «شراكة جديدة» مع الاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة غير الشرعية.

وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إن الوفد سيصل العاصمة نواكشوط صباح غد (الخميس)، حيث من المنتظر أن يلتقي الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني لمناقشة الاستراتيجية الجديدة لمكافحة الهجرة.

قارب تعرّض بداخله عدد من المهاجرين غير الشرعيين للغرق بعد انطلاقهم نحو أوروبا من السواحل الموريتانية (أ.ف.ب)

وأضاف المصدر موضحاً أن «الشراكة الجديدة لا تتضمن ما تم تداوله بأن موريتانيا ستكون وطناً بديلاً للمهاجرين الأفارقة المرحلين من أوروبا»، مؤكداً أن الهدف منها «التنسيق وتقاسم المسؤوليات بخصوص مكافحة الهجرة». وفي منتصف فبراير (شباط) الماضي، انطلقت في نواكشوط مفاوضات تهدف إلى إقامة «شراكة استراتيجية متوازنة في مجال الهجرة تراعي سيادة الطرفين، وتصون المصالح الحيوية لكل منهما، وتأخذ في الحسبان التحديات التي تطرحها الهجرة غير الشرعية للجانبين الموريتاني والأوروبي»، وفق ما أوردته الوكالة الموريتانية للأنباء. ومنذ زيارة رئيس حكومة إسبانيا بيدرو سانشيز ورئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، لنواكشوط في الثامن من الشهر الماضي، والإعلان عن توقيع اتفاق شراكة مع موريتانيا في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، سرت مخاوف بين الموريتانيين من أن تكون حكومة بلادهم وافقت على إيواء مهاجرين. والشهر الماضي أيضاً، طالبت أحزاب المعارضة الموريتانية الحكومة بعدم توقيع اتفاق مع الاتحاد الأوروبي، تؤوي نواكشوط بموجبه مهاجرين غير شرعيين، داعية الشعب إلى الوقوف صفاً واحداً لمنع اتخاذ هذه الخطوة. وقالت الأحزاب إن اتفاق الحكومة مع الاتحاد بخصوص المهاجرين «يشكل خطراً على الأمن القومي الوطني». لكن الحكومة نفت في كثير من المناسبات أن تتحول موريتانيا وطناً بديلاً لتوطين أو استقبال أو إيواء «المهاجرين الأجانب غير الشرعيين». وقالت وزارة الداخلية إن المفاوضات الأولية بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي، حول مسودة إعلان مشترك يتعلق بالهجرة طبقاً لخريطة الطريق التي تم نقاشها بين الجانبين في بروكسل أواخر السنة الماضية.



مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
TT

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)

عمّت حالة من التوتر بني وليد (شمال غربي ليبيا) إثر منع الأجهزة الأمنية فعالية سياسية تدعو لطرد «المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية من البلاد، وأعقب ذلك القبض على قيادات قبائلية ونشطاء، ما أدى إلى تسخين الأجواء بالمدينة التي أمضت ليلتها في حالة انتفاضة.

وكان مقرراً أن تستضيف بني وليد، التي لا تزال تدين بالولاء لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، المشاركين في حراك «لا للتدخل الأجنبي» مساء السبت، قبل أن تدهم قوات الأمن الاجتماع المخصص لذلك، وتقتاد بعض قياداته إلى مقار أمنية، ما تسبب في تصعيد حالة الغضب.

ومع الساعات الأولى من ليل السبت، احتشد مئات المتظاهرين، وخاصة أهالي قبيلة ورفلة، وبعضهم موالٍ أيضاً لسيف الإسلام نجل القذافي، أمام ديوان مديرية أمن بني وليد، في ما يشبه انتفاضة، منددين باعتقال بعض قيادات الحراك، ومرددين الهتاف الشهير: «الله ومعمر وليبيا وبس»، لكنهم أيضاً هتفوا ضد عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة.

ونجح المتظاهرون في الضغط على السلطات في بني وليد لاستعادة المحتجزين، لكنهم ظلوا يصعّدون هتافاتهم ضد الدبيبة وحكومته.

وعبّرت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» بليبيا عن «قلقها البالغ» لعملية «الاحتجاز التعسفي لعدد من المواطنين المجتمعين في مدينة بني وليد، المطالبين بإخراج القوات والقواعد الأجنبية الموجودة على الأراضي الليبية»، مشيرة إلى أن مواطنين طاعنين في السنّ كانوا من بين المعتقلين.

وقالت المؤسسة، في بيان، الأحد، إن «أفراد الأمن التابعين للمديرية التابعة لوزارة الداخلية بحكومة (الوحدة) أطلقوا الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين من أمام مقر المديرية».

وأضرم غاضبون من شباب بني وليد النار في الكاوتشوك اعتراضاً على اعتقال 4 مشايخ من قبيلة ورفلة بالمدينة، كما أغلقوا بعض الطرقات، بعد مظاهرة حاشدة في ميدان الجزائر بالمدينة.

ودافعت مديرية أمن بني وليد عن نفسها، وقالت إنها تشدد على منتسبيها «الالتزام بتنفيذ التعليمات واللوائح التي تمنعهم من التدخل في أي عمل سياسي، وتلزمهم بحماية أي تعبير سلمي للمواطنين»، لكنها «لا تتحمل مسؤولية تأمين أنشطة اجتماعية أو سياسية لا تملك بخصوصها أي بيانات أو موافقات رسمية تسمح بها».

وأبدت مديرية الأمن تخوفها من «اختراق أي تجمع لسكان المدينة، عبر أي مشبوهين، لغرض توريط بني وليد في الفوضى خدمة لمصالح شخصية»، وانتهت إلى «التذكير بأن الثوابت الوطنية المرتبطة بوحدة ليبيا، وحماية سيادتها ومواطنيها، هي مسؤولية دائمة بالنسبة لها، وليست موضع تشكيك أو تخوين».

وتصعّد قبائل موالية لنظام القذافي منذ أشهر عدّة ضد وجود «المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية في البلاد، مطالبة بإخراجهم، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية «في أسرع وقت».

وسبق للعميد العجمي العتيري، آمر كتيبة «أبو بكر الصديق»، التي اعتقلت سيف الإسلام القذافي، أن أعلن أن الاجتماع التحضيري للقبائل، الذي عملت عليه قبيلة المشاشية تحت عنوان «ملتقى لمّ الشمل»، اتفق على اختيار اللجنة التنسيقية للملتقى العام، مجدداً المطالبة بإخراج القواعد الأجنبية من ليبيا وطرد «المرتزقة».

ورأت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» أن التظاهر السلمي بالعديد من المدن والمناطق الليبية يُعد «تعبيراً طبيعياً عن التذمّر والاستياء من الوجود الأجنبي للقوات والقواعد الأجنبية والمرتزقة في عموم ليبيا»، محملة وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» ومدير أمن بني وليد «المسؤولية القانونية الكاملة حيال ما قام به أفراد الأمن بالمديرية من قمع للمواطنين المتظاهرين السلميين، واعتقال عدد منهم».

وتحذر المؤسسة من «استمرار محاولة المساس بحياة المتظاهرين وتعريضهم للترويع والإرهاب المسلح وحجز الحرية بالمخالفة للقانون»، وانتهت إلى أنه «في جميع الأحوال لا يجب استخدام الأسلحة النارية، بشكلٍ عشوائي، لتفريق المعتصمين السلميين».

وتستعين جبهتا شرق ليبيا وغربها بآلاف من عناصر «المرتزقة السوريين» المواليين لتركيا، وآخرين مدعومين من روسيا، وذلك منذ وقف الحرب على العاصمة طرابلس في يونيو (حزيران) 2020، إلى جانب 10 قواعد عسكرية أجنبية، بحسب «معهد الولايات المتحدة للسلام».

وسبق أن هتف مواطنون للقذافي، وذلك إثر خروج جمهور كرة القدم الليبية من «استاد طرابلس الدولي» بعد هزيمة المنتخب أمام نظيره البنيني في تصفيات التأهل لـ«أمم أفريقيا».