مصر: تطمينات رسمية بشأن تمويل «ازدواج قناة السويس»

رئيس الهيئة أكد أن ميزانية المشروع لن تكون من عائدات «رأس الحكمة»

سفينة حاويات تُبحر عبر قناة السويس (رويترز)
سفينة حاويات تُبحر عبر قناة السويس (رويترز)
TT

مصر: تطمينات رسمية بشأن تمويل «ازدواج قناة السويس»

سفينة حاويات تُبحر عبر قناة السويس (رويترز)
سفينة حاويات تُبحر عبر قناة السويس (رويترز)

بعد حالة من الجدل والتساؤلات، قدّم رئيس «هيئة قناة السويس» المصرية الفريق أسامة ربيع، تطمينات بشأن مصادر تمويل مشروع «ازدواج الممر الملاحي لقناة السويس بالكامل» الذي أعلن عن دراسته، مؤكداً أن توقيت تنفيذ المشروع سيتحدد بناءً على دراسة الجدوى، وأن الدراسة «لا تعني بالضرورة تنفيذ المشروع».

وشدد ربيع في تصريحات تلفزيونية، مساء الاثنين، على أن «تمويل المشروع حال تنفيذه سيكون من موازنة الهيئة، وبآلياتها وإمكاناتها الفنية، ولن يكون من عائدات مشروع رأس الحكمة (أبرمته مصر والإمارات لتطوير مناطق سياحية على الساحل الشمالي لمصر باستثمارات قُدرت بـ150 مليار دولا خلال مدة المشروع)».

جاءت إفادات رئيس «هيئة قناة السويس» بعد تعليقات أبدتها شخصيات اقتصادية وسياسية وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن توقيت طرح المشروع ومصادر تمويله، في وقت يواجه فيه الاقتصاد المصري ضغوطاً على موارده الدولارية، خصوصاً مع تراجع عائدات قناة السويس، جراء عمليات استهداف الملاحة في منطقة باب المندب وخليج عدن التي يقوم بها الحوثيون في اليمن.

مدبولي خلال توقيع أكبر صفقة استثمار مباشر بين مصر والإمارات لتطوير «رأس الحكمة» الشهر الماضي (مجلس الوزراء المصري على «فيسبوك»)

وجدد ربيع في تصريحاته تأكيد أن الهيئة تُجري دراسة جدوى لمشروع ازدواج القناة بالكامل تشمل دراسات بيئية ومدنية مع القوات المسلحة، لافتاً إلى أن تلك الدراسة تستغرق 16 شهراً. وأوضح خلال مداخلة هاتفية لبرنامج «الحكاية»، الذي يقدمه الإعلامي عمرو أديب عبر فضائية «إم بي سي مصر»، مساء الاثنين، أن «تمويل مشروع الازدواج الكامل بعد اكتمال دراسات الجدوى الاقتصادية لن يكون من موازنة الدولة، أو اقتطاعاً من عائدات مشروع (رأس الحكمة)، بل سيكون من خلال موارد هيئة القناة، ونوه إلى أن دراسة الجدوى تستهدف تحديد المتخصصين مدى جدوى الازدواج وموعد التنفيذ»، مضيفاً أن الدراسة «لا تعني بالضرورة تنفيذ المشروع، فهي قد توصي بتأجيل التنفيذ أو التنفيذ الفوري».

وأكد ربيع أن العمل في المشروع سيكون بإمكانات هيئة قناة السويس على غرار مشروع القطاع الجنوبي الذي شهد حتى ‏الآن الانتهاء من إضافة 40 كيلومتراً، قائلاً: «الهيئة لن تؤجِّر أي كراكات من الخارج، ولن تشارك في أي تحالفات ‏مع شركات خارجية، بل ستعمل وفق إمكاناتها».‏ وأضاف أن الازدواج الجديد للقناة سيكون بمسافة 80 كيلومتراً (50 في الشمال، و30 في الجنوب)، وأردف أن المشروع سيستغرق مدة تتراوح ما بين 5 و7 سنوات.

وأشار إلى أن الازدواج الكامل للقناة يرفع نسبة الأمان إلى 100 في المائة، ويزيد عدد السفن المارة عبر القناة، ويرفع العائد إلى 11.5 مليار دولار، كما «يُنهي الحديث عن القنوات البديلة».

سفينة بالقرب من جسر قناة السويس المعروف باسم «جسر السلام» (هيئة قناة السويس)

كان بيان لهيئة قناة السويس صدر، الاثنين، قد أشار إلى أن مشروع الازدواج الكامل للمجرى الملاحي للقناة «ما زال في مرحلة الدراسة» من جانب الهيئة بالتعاون مع كبرى الشركات الاستشارية العالمية المتخصصة في هذا المجال.

وحسب البيان، فإن المشروع سيحقق الازدواج الكامل للقناة في الاتجاهين بما يسمح برفع تصنيف القناة وزيادة تنافسيتها، فضلاً عن زيادة القدرة العددية والاستيعابية لها، لتصبح قادرة على استيعاب كل فئات سفن الأسطول العالمي وأحجامها.

من جانبه، رأى أستاذ الاقتصاد في جامعة السويس أحمد البكل، أن طرح مشروع ازدواج قناة السويس في التوقيت الحالي قد تكون له أبعاد ترويجية واستراتيجية، مشيراً إلى أن «الجدوى الاقتصادية ستتحدد من خلال الدراسة التي أعلن رئيس هيئة القناة عن تنفيذها مع أطراف دولية ذات سمعة في هذا الشأن».

وأوضح البكل لـ«الشرق الأوسط» أن «الأهداف الترويجية تتمثل في إرسال رسالة واضحة للتحالفات الملاحية الدولية بقدرة قناة السويس على تقديم تيسيرات مستقبلية تجعلها قادرة على الحفاظ على مكانتها كأهم شريان ملاحي دولي، وبخاصة في أعقاب التوترات الراهنة في منطقة جنوب البحر الأحمر». لافتاً إلى أنه بعد كل أزمة تزداد حركة الملاحة الدولية، وهو ما يدفع قناة السويس إلى إعلان استعدادها لمرحلة ما بعد انتهاء الأزمة الراهنة، على غرار ما جرى في أعقاب تضرر سلاسل التوريد العالمية بعد جائحة «كورونا».

وأضاف أن التنفيذ حسبما أُعلن رسمياً لن يتم في الوقت الراهن، بل سيجري على المديين المتوسط والبعيد، وهي إشارة وصفها بأنها «ذات بعد استراتيجي» يتعلق بقدرة قناة السويس على زيادة تنافسيتها المستقبلية في مواجهة أي مشروعات بديلة.

ولفت أستاذ الاقتصاد بجامعة السويس إلى أن ما تضمنته تصريحات رئيس هيئة القناة بشأن موارد التمويل تستهدف المواطنين المصريين، الذين أبدوا تخوفاً بشأن الضغط المتوقع على الموارد الدولارية في حال تنفيذ مشروع بهذه الضخامة بموارد من الموازنة العامة للدولة، معتبراً أن «الإشارة بوضوح إلى التنفيذ على عدة سنوات وبإمكانات وطنية (رسالة طمأنة واضحة) في هذا الصدد، خصوصاً في ظل تنامي المخاوف في المرحلة الراهنة المرتبطة بتراجع عائدات القناة جراء التوتر الإقليمي».

لقاء مدبولي مع وزير الاستثمار الإماراتي (صفحة مجلس الوزراء المصري على «تويتر»)

يُذكر أن عمليات الاستهداف التي ينفذها الحوثيون لسفن تجارية في مدخل البحر الأحمر تسببت في خسائر كبيرة لقناة السويس، إذ قدَّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في تصريحات له الشهر الماضي، تراجع عائدات القناة بـ«نسبة بين 40 و50 في المائة».

فيما أعلن رئيس هيئة قناة السويس، في تصريحات مطلع الشهر الماضي، أن إيرادات القناة انخفضت في يناير (كانون الثاني) الماضي بنسبة 46 في المائة على أساس سنوي، من 804 ملايين دولار إلى 428 مليوناً، مشيراً إلى أن هذه «أول مرة تمر فيها قناة السويس بأزمة بهذا الشكل».

وتنفذ مصر حالياً عمليات حفر لازدواج بعض المناطق في الممر الملاحي لقناة السويس، وتموّلها هيئة القناة، وتقوم بالحفر باستخدام آليات مملوكة لها، وَكَثُر الحديث عن ضرورة ازدواج الممر الملاحي للقناة في أعقاب تكرار حوادث جنوح سفن حاويات عملاقة، كان أبرزها جنوح السفينة «إيفرغيفين» عام 2021، الذي تسبب في تعطيل الملاحة في قناة السويس لمدة 6 أيام بعد أن جنحت خلال عاصفة رملية، مما أدى إلى تعطيل حركة المرور على إحدى أكثر طرق الشحن ازدحاماً، وتسبب ذلك في فوضى تجارية.

من جانب آخر، أعلن رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، البدء في اختيار عدد من المواقع المقترحة للمطار المقرر إقامته لخدمة مشروع مدينة «رأس الحكمة»، تمهيداً للتنفيذ خلال الفترة المقبلة. جاء ذلك خلال لقاء مدبولي، الثلاثاء، مع وزير الاستثمار الإماراتي، محمد السويدي، مدير عام صندوق أبوظبي للتنمية، لمتابعة الإجراءات التنفيذية لمشروع تطوير وتنمية مدينة «رأس الحكمة»، بالشراكة بين مصر والإمارات.

وكشف السويدي عن أن المشروع يتضمن الكثير من الأنشطة السياحية المتنوعة، إلى جانب إقامة منطقة صناعية في الجزء الجنوبي للمدينة، كما يتضمن تشييد منطقة تجارية ومالية في قلب المدينة.

كانت الحكومة المصرية قد وقَّعت نهاية الشهر الماضي عقداً مع شركة «القابضة» الإماراتية (ADQ)، لتطوير مشروع «رأس الحكمة»، باستثمارات إجمالية قُدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة تطوير المشروع، تم ضخ نحو 35 ملياراً منها استثماراً مباشراً في الخزانة المصرية خلال شهرين، وهو ما عدَّه رئيس مجلس الوزراء المصري «أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ مصر».


مقالات ذات صلة

السيسي يطمئن المصريين بشأن القدرة على تجاوز «الظروف الصعبة»

شمال افريقيا السيسي خلال تفقده الأكاديمية العسكرية المصرية (الرئاسة المصرية)

السيسي يطمئن المصريين بشأن القدرة على تجاوز «الظروف الصعبة»

للمرة الثانية خلال أقل من أسبوع، يعمد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى طمأنة المصريين بشأن قدرة بلاده على تجاوز «الظروف الصعبة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم العربي ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)

السعودية ومصر لوضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى» بين البلدين

قال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في تصريحات متلفزة، مساء الخميس: «نعمل حالياً على وضع الهيكل التنسيقي للمجلس المصري - السعودي».

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق ميدان طلعت حرب في قلب القاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)

القاهرة الخديوية «المرهَقة» تسعى إلى استعادة رونق الزمن الجميل

كلّف الخديوي إسماعيل، المعماري الفرنسي هاوسمان، بتصميم القاهرة الخديوية وتنفيذها في وسط مدينة القاهرة عام 1867، وتصل المساحة التي خُصصت لذلك إلى 20 ألف فدان.

محمد الكفراوي (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من الحريق الذي نشب في حارة اليهود بالعاصمة المصرية القاهرة (أرشيفية - وسائل إعلام محلية)

إصابة 15 شخصاً وتدمير 12 منزلاً في حريق بالقاهرة

أصيب 15 شخصاً واحترق 12منزلاً ومصنعاً للبلاستيك من جراء حريق شب بالقرب من دير القديس سمعان بمنشأة ناصر غرب القاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي ربة المنزل مروة تتسوق لشراء كميات قليلة لاستيعاب الأسعار (الشرق الأوسط)

مصريون يترقبون «منحة حكومية» ويخشون «تبعاتها»

أعلن رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، خلال مؤتمر صحافي الأربعاء، عن توجيه رئاسي للحكومة بـ«وضع تصور لحزمة حماية اجتماعية تقديراً للضغوط على المواطن».

رحاب عليوة (القاهرة)

الصومال يرحب بالمشاركة المصرية في قوات حفظ السلام «الأفريقية»

وزير الدفاع المصري يلتقي نظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)
وزير الدفاع المصري يلتقي نظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)
TT

الصومال يرحب بالمشاركة المصرية في قوات حفظ السلام «الأفريقية»

وزير الدفاع المصري يلتقي نظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)
وزير الدفاع المصري يلتقي نظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)

رحب الصومال بالمشاركة المصرية ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة لدعم الأمن والاستقرار في الصومال، وذلك خلال لقاء القائد العام للقوات المسلحة المصرية وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الفريق أول عبد المجيد صقر، وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، والوفد المرافق له، في القاهرة، مساء الخميس.

ووقعت مصر والصومال، في أغسطس (آب) الماضي، بروتوكول تعاون عسكري، واتفق البلدان حينها على مشاركة مصر في البعثة الأفريقية لحفظ السلام خلال الفترة في 2025 - 2029، ودعمت القاهرة مقديشو بمعدات عسكرية.

ووفق إفادة للمتحدث العسكري المصري، فقد أشاد القائد العام للقوات المسلحة المصرية بعمق العلاقات التاريخية التي تجمع بين مصر والصومال واعتزازه بعلاقات الشراكة التي تربط القوات المسلحة لكلا البلدين.

وأضاف في بيان له، الخميس، أن لقاء صقر ومحمد نور تناول «مناقشة آخر التطورات والأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن والاستقرار داخل القارة الأفريقية».

ونقل البيان المصري عن وزير الدفاع الصومالي تقدير بلاده لجهود مصر في «إرساء دعائم الأمن والاستقرار لدول القارة الأفريقية كافة»، مرحباً بالمشاركة المصرية ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي بدولة الصومال، مؤكداً على «أهمية التعاون المشترك بين القوات المسلحة المصرية والصومالية في مختلف المجالات». حضر اللقاء رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق أحمد خليفة، وقادة الأفرع الرئيسة وعدد من قادة القوات المسلحة لكلا البلدين.

وعززت مصر تعاونها العسكري مع الصومال عقب أزمة بين الصومال وإثيوبيا، العام الماضي، بعدما عارضت القاهرة توقيع الحكومة الإثيوبية في يناير (كانون الثاني) 2024 اتفاقاً مبدئياً مع إقليم «أرض الصومال»، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمن ميناء تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة. وعدّت القاهرة حينها الاتفاق «مخالفاً للقانون الدولي، واعتداء على السيادة الصومالية».

جانب من محادثات وزير الدفاع المصري ونظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)

وفي وقت سابق رحب سفير الصومال بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، السفير علي عبدي، بإعلان مصر المشاركة في قوات حفظ السلام بالصومال. وقال في إفادة له «ممتنون لتعهد مصر أن تكون من أوائل الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية». واعتبر أن اتفاقية الدفاع المشترك التي تم توقيعها بين البلدين «ستمنع الفراغ الأمني في الصومال»، مشيراً إلى أن الاتفاقية «تتضمن التدريب ودعم المعدات والعمليات المشتركة بين قوات البلدين».

كما أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال لقائه نظيره الصومالي، أحمد مُعلم فقي، في القاهرة، أغسطس الماضي «حرص مصر على المشاركة في بعثة حفظ السلام في الصومال بناء على رغبة الأشقاء الصوماليين»، مشيداً بـ«خطوة التوقيع على بروتوكول التعاون العسكري بين البلدين».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن «سفينة حربية مصرية سلَّمت شحنة كبيرة ثانية من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية». وكانت القاهرة قد أرسلت طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقّع البلدان اتفاقية أمنية مشتركة في أغسطس الماضي.

وقرر مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في يونيو (حزيران) الماضي، إرسال بعثة جديدة لحفظ السلم في الصومال باسم «بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار في الصومال»، اعتباراً من يناير الجاري.