ليبيا: مخاوف من عودة الاشتباكات المسلحة إلى الزاوية

«الأعلى للدولة» للاطلاع على تجربة رواندا في «المصالحة»

وفد المجلس الأعلى للدولة الليبي في رواندا (المجلس الأعلى)
وفد المجلس الأعلى للدولة الليبي في رواندا (المجلس الأعلى)
TT

ليبيا: مخاوف من عودة الاشتباكات المسلحة إلى الزاوية

وفد المجلس الأعلى للدولة الليبي في رواندا (المجلس الأعلى)
وفد المجلس الأعلى للدولة الليبي في رواندا (المجلس الأعلى)

وصف محمد أخماج رئيس مجلس حكماء وأعيان الزاوية، الوضع راهناً في المدينة، التي تقع غرب العاصمة طرابلس، بأنه «مستقر نسبياً»، لكنه في المقابل أكد أنه «هش»، وقد ترجع الاشتباكات في أي لحظة، كما انتقد غياب أي دور للحكومة في طرابلس، أو وزارة الداخلية، للتدخل وحلحلة الاشتباكات المتكررة في المدينة.

وكان قتال عنيف قد اندلع، مساء السبت، بين عناصر تابعة لآمر قوة الإسناد الأولى بالزاوية، محمد بحرون الملقب بـ«الفار»، وميليشيات تابعة لرشيد البكوش. وأظهرت لقطات مصورة، بثتها وسائل إعلام محلية، إطلاق مجموعات مسلحة النار تجاه طيران «مسيّر» يحوم في أجواء مناطق الاشتباكات.

وأعلنت مديرية أمن الزاوية، مساء (الأحد) توقّف الاشتباكات المسلحة بالمدينة، وإعادة فتح الطريق الساحلية بين الزاوية والعاصمة طرابلس، وعودة الآليات المسلحة إلى ثكناتها، تزامناً مع تأكيد مصادر محلية بالمدينة توقف الاشتباكات وفتح الطريق الساحلية، بعد توسط الأعيان والهلال الأحمر و«الكتيبة 103 مشاة» لفض النزاع.

في شأن مختلف، وقّعت سفارة هولندا في ليبيا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة، يوم الاثنين، اتفاقية جديدة لمعالجة مسألة المفقودين في ليبيا.

السايح يحضر مراسم توقيع اتفاقية أممية - إيطالية لدعم الانتخابات (مفوضية الانتخابات الليبية)

وقال بيان للبرنامج إن المشروع الذي يمتد لمدة ثلاث سنوات يستهدف دعم المشاركة الفاعلة والهادفة للضحايا، وبناء مؤسسات سريعة الاستجابة في قطاعي العدالة والأمن، ومساعدة آلاف العائلات في البحث عن أحبائها، لافتاً إلى أن الحاجة باتت ملحة إلى التنسيق، وتبني مقاربة شاملة لمعالجة قضية المفقودين في ليبيا.

ويسعى المشروع لتقديم المساعدة الفنية، وبناء القدرات للسلطات الليبية ومنظمات المجتمع المدني، كما يهدف إلى تعزيز الإطار القانوني والمؤسسي لمعالجة قضية المفقودين، وتعزيز قدرات سلطات الطب الشرعي والتحقيق الجنائي، ودعم تبني مقاربة شاملة تتمحور حول الضحايا لتلبية احتياجات أسر المفقودين.

وعدّ سفير هولندا جوست كلارينبيك، أن «اختفاء أحد أفراد الأسرة تجربة مروعة، ودون معرفة حقيقة ما حدث من الصعب جداً على باقي أفراد العائلة المضي قدماً»، معرباً عن أمل بلاده من خلال دعم هذا المشروع، «الإسهام في الوصول إلى الحقيقة والعدالة، لصالح تلك العائلات، وبما يخدم المرحلة الانتقالية في ليبيا».

ونقل البيان عن الممثل المقيم للبرنامج الأممي كريستوفر ليكر، أن «معالجة قضية المفقودين في ليبيا أمر بالغ الأهمية للمصالحة الوطنية، وعدّ أن هذه الشراكة مع هولندا تمثل خطوة مهمة إلى الأمام لدعم الضحايا وعائلاتهم، وبناء ليبيا أكثر سلاماً وعدلاً وشمولاً».

وفد المجلس الأعلى للدولة الليبي في رواندا (المجلس الأعلى)

وكان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، قد وقّع (الأحد)، مع الحكومة الإيطالية، بحضور رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح اتفاقية دعم مشروع «بيبول» الذي تتولى بعثة الأمم المتحدة الإشراف عليه، ويهدف إلى توفير الدعم الفني والاستشاري للمفوضية العليا للانتخابات. وأدرج السايح هذه الخطوة ضمن الجهود الدولية الرامية إلى دعم الانتخابات المقبلة.

وكان السايح، قد أكد على دور أمن الانتخابات لتحقيق نجاح العملية الانتخابية، وعلى أهمية التدريب لضمان جودة تنفيذ العملية الانتخابية، وعدّ خلال دورة حول العنف في الانتخابات بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة، أن التدريب هو النقطة المحورية التي نسعى من خلالها إلى الرفع من جاهزية المفوضية، لكي تؤدي مهامها، بشكل يمنحها القدرة على إنجاز القوانين الانتخابية وفق أعلى المعايير.

وعدّ أن مشاركة المرأة في الانتخابات تتطلب تأمين مشاركتها، مشيراً إلى أن النساء تمثل حوالي 50 في المائة من عدد المسجلين بسجل الناخبين.

صورة وزعها سفير الإمارات للقاء باتيلي

في غضون ذلك، أعلن المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، زيارة وفد يمثله، يتقدمه النائب الأول لرئيس المجلس مسعود عبيد إلى دولة رواندا (الاثنين).

وقال المكتب الإعلامي للمجلس، إن الوفد كان في استقبالهم رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الرواندي سين جار ببير، والسفير الليبي لدى رواندا إبراهيم سيدي إبراهيم وأعضاء من السلك الدبلوماسي بالسفارة الليبية في رواندا.

وأشار المجلس إلى أن زيارة الوفد، التي تستمر لعدة أيام، تستهدف فتح آفاق التعاون، وتعزيز العلاقات بين البلدين الصديقين، والاطلاع على النموذج الرواندي في جانب المصالحة، وأهم النقاط التي ارتكزت عليها.

المنفي مع رئيسي تونس والجزائر (المجلس الرئاسي)

بدوره، قال محمد الشامسي سفير الإمارات لدى ليبيا، إنه بحث مساء الأحد في تونس، مع عبد الله باتيلي المبعوث الأممي، سبل تعزيز التعاون المشترك، وتبادل وجهات النظر حول أبرز المستجدات على الساحة الليبية.

بموازاة ذلك، أعلن محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، اتفاقه مع الرئيسين الجزائري عبد المجيد تبون، والتونسي قيس سعيد، خلال قمة ثلاثية (الأحد)، على هامش قمة الغاز بالجزائر، على عقد لقاء مغاربي ثلاثي، كل ثلاثة أشهر، يكون الأول في تونس عقب شهر رمضان المبارك.

جانب من تدريبات البحرية التركية قبالة سواحل ليبيا (وزارة الدفاع التركية)

من جهة أخرى، نعى اللواء «طارق بن زياد المعزز» التابع للجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، مجموعة من عناصره، لم يحدد عددهم، قال إنهم قضوا نحبهم أثناء تأديتهم لواجبهم في التدريب، في إشارة إلى المناورات العسكرية التي يجريها الجيش في مدينة سرت، علماً بأن وسائل إعلام محلية تحدثت عن غرق 6 أفراد من عناصر الجيش.

بدورها، أعلنت وزارة الدفاع التركية، في بيان عبر منصة «إكس»، تنفيذ سفينة تابعة لمجموعة المهام البحرية التركية الأحد، تدريباً على إطلاق النار من الأسلحة الرشاشة، ضد ما وصفته بالتهديدات غير المتماثلة، قبالة سواحل ليبيا.


مقالات ذات صلة

ليبيا: «الرئاسي» يصعّد ضد «النواب» بشأن «المصالحة الوطنية»

شمال افريقيا المجلس الرئاسي الليبي في لقاء سابق (المجلس الرئاسي)

ليبيا: «الرئاسي» يصعّد ضد «النواب» بشأن «المصالحة الوطنية»

طالب المجلس الرئاسي الليبي البرلمان بتجنب «القرارات الأحادية» التي قال إنها «تقوض الشراكة الوطنية وتؤثر سلباً على أمن واستقرار البلاد».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع الدبيبة مع سفير تركيا وملحقها العسكري (حكومة الوحدة)

ليبيا: مطالب بالتحقيق مع الدبيبة والمنقوش بسبب «لقاء كوهين»

وصول آليات عسكرية مفاجئة إلى طرابلس وقوات «الوحدة» تعزز مواقعها في الزاوية

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جل الليبيين عبّروا عن مخاوفهم من عودة الاقتتال إلى البلد (أ.ف.ب)

ليبيون يتخوفون من احتمال انهيار «اتفاق وقف النار» بين الحكومتين المتنازعتين

عوامل عديدة دفعت الليبيين خلال الأيام القليلة الماضية للقلق والخوف من احتمالية من عودة الاقتتال بين السلطتين المتنازعتين على السلطة في شرق البلاد وغربها.

جاكلين زاهر (القاهرة )
تحليل إخباري وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)

تحليل إخباري بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة بحوض البحر الأبيض المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

تعذيب «مهاجرين» طلباً للفدية يذكّر مجدداً بـ«تجارة الرقيق» في ليبيا

يتداول حقوقيون ليبيون صوراً ومقاطع فيديو تظهر أشخاصاً من ذوي البشرة السمراء يتعرضون للضرب بخراطيم وأعواد خشبية وآخرين على أجسادهم آثار تعذيب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر تعوّل على الدعم الأوروبي لتعويض تكلفة استضافة اللاجئين

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تعوّل على الدعم الأوروبي لتعويض تكلفة استضافة اللاجئين

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)

تعوّل الحكومة المصرية على تعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، لتعويض فاتورة استضافة ملايين اللاجئين على أراضيها، إلى جانب تكلفة التوترات التي تشهدها المنطقة، خصوصاً التصعيد في البحر الأحمر، وتأثيره على تراجع إيرادات قناة السويس.

ووصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بلاده بـ«خط الدفاع الأول عن أوروبا، لمنع الهجرة غير الشرعية»، خلال استقباله، الخميس، في القاهرة، رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا، مؤكداً أهمية «مواصلة التعاون مع أوروبا في قضايا الهجرة ومكافحة الإرهاب»، حسب «الرئاسة المصرية».

الموقف ذاته أكده السيسي، أيضاً في اتصال هاتفي مع رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، الخميس، مشيراً إلى أن بلاده «تستضيف أكثر من 9 ملايين أجنبي، نتيجة الأزمات التي تشهدها المنطقة».

ويرى خبراء مصريون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن «استضافة القاهرة ملايين اللاجئين وفَّرت حماية لأوروبا من الهجرة غير الشرعية، مما يستلزم ضرورة توفير دعم مناسب للحكومة المصرية، في ضوء الأعباء التي تمثلها استضافة أعداد كبيرة من المهاجرين، على الاقتصاد المصري».

وسبق أن قدّر رئيس الوزراء المصري تكلفة استضافة الأجانب في مصر، بنحو 10 مليارات دولار سنوياً.

ووفق بيان الرئاسة المصرية، فإن السيسي خلال لقائه ميتسولا، أكد «ضرورة دعم الجهود الحثيثة التي تبذلها بلاده لمنع الهجرة غير الشرعية».

كما أشار إلى آثار التوترات التي تشهدها المنطقة على الاقتصاد المصري، وقال إن «بلاده تكبَّدت خسارة، تُقدر بنحو 7 مليارات دولار، من إيرادات قناة السويس، في عام 2024، بسبب الهجمات التي قام بها الحوثيون على السفن التجارية، في باب المندب»، كما تناول «آليات تفعيل الشراكة الاستراتيجية والشاملة مع الاتحاد الأوروبي، في محاورها كافة».

وفي مارس (آذار) الماضي، توافقت مصر والاتحاد الأوروبي على ترفيع العلاقات إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية الشاملة»، ووقّع الجانبان في ختام قمة عُقدت بالقاهرة شارك فيها السيسي، ورئيسة المفوضية الأوروبية، ورؤساء دول وحكومات قبرص وإيطاليا والنمسا واليونان، «إعلاناً مشتركاً» بشأن شراكة استراتيجية شاملة.

وثمَّنت رئيسة البرلمان الأوروبي الدور المصري في حماية استقرار وأمن المنطقة وشعوبها، كما أكدت «حرص الاتحاد الأوروبي على تعزيز التنسيق المستمر مع مصر، في جميع القضايا»، وفق الرئاسة المصرية.

ويقدم الاتحاد الأوروبي حزمة تمويل لمصر، في صورة مساعدات مالية، وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، مطلع يناير (كانون الثاني) الحالي، إن بلاده «تلقَّت شريحة أولى قيمتها مليار يورو، من حزمة تمويل، من الاتحاد الأوروبي، حجمها 7.4 مليار يورو».

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي، أن «الجانب الأوروبي يقدم مساعدات للقاهرة في صورة منح وليست قروضاً، تقديراً للسياسة المصرية تجاه المهاجرين واللاجئين»، وقال إن «مصر تستضيف ملايين اللاجئين، ولم تكن معبراً لنقل المهاجرين إلى أوروبا، كما فعلت بعض الدول الإقليمية»، عاداً ذلك «محل تقدير أوروبي».

ووفق الحكومة المصرية فإنه «لم تبحر من مصر أي مراكب غير شرعية منذ عام 2016، بفضل إجراءات حاسمة، تقوم بها، لمواجهة الهجرة غير المشروعة».

وأشار بيومي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الاتحاد الأوروبي يقدم تسهيلات كثيرة للحكومة المصرية، غير المنح، من بينها سياسة مبادلة الديون باستثمارات مباشرة»، إلى جانب «تعزيز التبادل التجاري، والتوسع في استثمارات الطاقة والغاز»، وقال إن «مصر تستهدف أن تكون مصدراً أساسياً للطاقة في أوروبا».

ويرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إكرام بدر الدين، أن «مصر تقوم بدور مزدوج في ملف المهاجرين واللاجئين»، وقال إن «استضافة القاهرة ملايين الفارين من الصراعات والنزاعات في المنطقة، يوفر ملاذاً آمناً لهم، ويوفر الحماية لأوروبا في الوقت نفسه، أمام أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين»، وإن «استمرار الدعم الأوروبي لمصر ضروري لتحقيق المصالح الأوروبية».

ويتوقف بدر الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مع التقارب السياسي بين مصر والاتحاد الأوروبي تجاه معظم التطورات الإقليمية، مشيراً إلى أن «هناك مصلحة مصرية وأوروبية مشتركة للتهدئة في البحر الأحمر، وتأمين حركة الملاحة».

وخلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي، ناقش السيسي جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وضرورة تطبيق «حل الدولتين»، بوصف ذلك خياراً وحيداً لتحقيق السلام المستدام في المنطقة، إلى جانب الأوضاع في ليبيا والسودان والصومال، وضرورة الحفاظ على وحدة تلك الدول وأمنها.