هدوء حذر بعد اشتباكات مسلحة في الزاوية غرب ليبيا

قيادات محلية تتوسط بين ميليشيات متقاتلة... وانتقادات لحكومة «الوحدة»

انتشار عناصر أمنية بين ميليشيات الزاوية (الكتيبة 103مشاة)
انتشار عناصر أمنية بين ميليشيات الزاوية (الكتيبة 103مشاة)
TT

هدوء حذر بعد اشتباكات مسلحة في الزاوية غرب ليبيا

انتشار عناصر أمنية بين ميليشيات الزاوية (الكتيبة 103مشاة)
انتشار عناصر أمنية بين ميليشيات الزاوية (الكتيبة 103مشاة)

عاد الهدوء الحذر إلى مدينة الزاوية بالغرب الليبي، بعد توقف الاشتباكات، التي اندلعت بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، مساء السبت، بين الميليشيات المحسوبة على حكومة «الوحدة» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وسط صمت رسمي.

وبينما لم يصدر أي إعلان رسمي، من الحكومة، أو أجهزتها الأمنية والعسكرية، أعلنت مديرية أمن الزاوية، توقّف الاشتباكات المسلحة، وإعادة فتح الطريق الساحلية بين الزاوية والعاصمة طرابلس، وعودة الآليات المسلحة إلى ثكناتها، تزامناً مع تأكيد مصادر محلية بالمدينة توقف الاشتباكات وفتح الطريق الساحلية، بعد توسط الأعيان والهلال الأحمر و«الكتيبة 103 مشاة» لفض النزاع.

ونفى المكتب الإعلامي لـ«الكتيبة 103 مشاة»، تلقيها أي اتصالات من رئاسة أركان أو وزارة الدفاع أو أي مسؤول من الحكومة، لافتاً إلى تواصل عبد الله اللافي العضو بالمجلس الرئاسي، مع عثمان اللهب آمر الكتيبة، للتدخل لوقف إطلاق النار.

وانتشرت عناصر من الكتيبة التابعة لمنطقة الساحل الغربي العسكرية، بالطريق الساحلية، في إطار ما وصفته بـ«مساعي الخيرين» لوقف إطلاق النار، منذ الساعات الأولى لصباح (الأحد).

وأدرجت الكتيبة في بيان لها، هذه الخطوة في إطار ما وصفته بحفظ الأمن والاستقرار، وإيجاد الحلول السريعة بشكل مبدئي، قبل الانتقال إلى الحل الجذري للمشكلة، التي أدت إلى اندلاع هذه الاشتباكات المسلحة، مشيرة إلى مساعيها لإقناع الأطراف المتنازعة لوقف إطلاق النار، دون قيد أو شرط.

وكان قتال عنيف قد اندلع، مساء السبت، بين عناصر تابعة لآمر قوة الإسناد الأولى بالزاوية، محمد بحرون الملقب بـ«الفار»، وميليشيات تابعة لرشيد البكوش. وأظهرت لقطات مصورة، بثتها وسائل إعلام محلية، إطلاق مجموعات مسلحة النار تجاه طيران «مسير» يحوم في أجواء مناطق الاشتباكات.

مناشدات

وأعلنت كليتا هندسة النفط والغاز والطاقة المتجددة والتمريض بجامعة الزاوية، تأجيل امتحانات (الأحد)، حتى إشعار آخر، بينما طلبت مراقبة التعليم ببلدية الزاوية من مديري المدارس، الواقعة بالقرب من مناطق الاشتباكات، تقدير الموقف حول إيقاف الدراسة من عدمه.

وقبل توقف القتال، ناشد الهلال الأحمر بالمدينة، الأطراف المتنازعة بوقف إطلاق النار، وفتح ممر آمن حتى يتسنى إخراج العائلات العالقة في مواقع الاشتباكات، تزامناً مع إعلان جهاز الإسعاف والطوارئ قيام فرق الطوارئ التابعة له بتأمين خط سير المواطنين أثناء العودة لمدينة طرابلس، بدعم من عميد وأعضاء مجلس الزاوية البلدي.

وكان الجهاز قد أعلن إغلاق ضاحية بمنطقة الزاوية الغرب؛ حفاظاً على أرواح المواطنين، لافتاً إلى توجيه العائدين إلى مدينة طرابلس من طريق فرعية، كما نصح مرتادي الطريق الساحلية، بتوخي الحيطة والحذر؛ لتوتر الوضع الأمني بالمدينة، التي تقع على بُعد 45 كيلومتراً غرب العاصمة طرابلس.

ورصدت وسائل إعلام محلية وقوع الاشتباكات في وسط الأحياء السكنية بمنطقة الحرشة في الزاوية، وانتقدت ما وصفته بصمت الحكومة.

وقالت مصادر أمنية وطبية محلية إن الاشتباكات، الأحدث من نوعها بالمدينة، أسفرت عن مقتل 2 وإصابة 6 آخرين من عناصر «جهاز الدعم والاستقرار»، بعد سقوط قذيفة هاون على مقرهم بالقرب من كوبري المصفاة.

وأبلغ أسامة علي، الناطق باسم جهاز الإسعاف والطوارئ «الشرق الأوسط» أن أغلب حصيلة الضحايا عسكرية، ولم يوضح هويتهم أو تبعيتهم، نافياً سقوط مدنيين خلال هذه الاشتباكات، لكن اتحاد طلبة كلية هندسة النفط والغاز بجامعة الزاوية، نعى أحد الخريجين، الذي لقي حتفه بعد إصابته.

غياب الدولة

بدوره، عدّ عبد النبي عبد المولى عضو مجلس النواب عن مدينة الزاوية، أن ما يحدث نتيجة لـ«غياب الدولة ومؤسساتها»، وقال إن «المواطن البسيط هو من يدفع فاتورة هذه الاشتباكات».

ووصف «حراك تصحيح المسار بالزاوية»، الاشتباكات بـ«المهزلة»، وطالب منطقة الساحل الغربي العسكرية بالتدخل، وأن تكون «طرف حياد» بين المتصارعين لوقف ما سمّته «العار»، كما انتقد صمت الأعيان والحكماء وشيوخ القبائل و«عجز» الحكومة.

وكان أسامة حماد رئيس حكومة «الاستقرار»، دعا لحقن دماء الليبيين من جميع الأطراف، وطالب في بيان عبر منصة «إكس»، بالوقف الفوري لإطلاق النار، وتغليب لغة العقل، واللجوء إلى أجهزة الدولة الرسمية الأمنية منها والقضائية، كما دعا شيوخ القبائل والحكماء للتدخل سريعاً للسعي في التهدئة بين الطرفين؛ حفاظاً على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة، معرباً عن أسفه وقلقه للاشتباكات التي استعملت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وخلّفت عدداً من القتلى والجرحى.

وغالباً ما تتوقف الاشتباكات بين المجموعات المسلحة بمدينة الزاوية، إثر وساطة يقودها شيوخ وأعيان المدينة، دون صدور أي تصريح عن الجهات الأمنية في العاصمة طرابلس، وفي مدينة الزاوية بشأنها.

من جهة أخرى، قضت المحكمة العليا ومحكمة استئناف طرابلس، (الأحد)، بصحة تعيين عبد الله قادربوه رئيساً لهيئة الرقابة الإدارية، لمدة 3 سنوات، في حكم نهائي غير قابل للطعن، استناداً إلى قانون تأسيس الهيئة وتبعيتها، واتفاق الصخيرات بشأن المناصب السيادية.


مقالات ذات صلة

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

شمال افريقيا جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

أعلن ممثلون عن مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا، نهاية الأسبوع الماضي، توصلهم إلى اتفاق يستهدف إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من أشغال مؤتمر «قادة دول الاستخبارات العسكرية لدول الجوار» في طرابلس (الوحدة)

الدبيبة: لن نسمح بأن تكون ليبيا ساحة لتصفية الحسابات

الدبيبة يؤكد أن بلاده «لن تكون ساحة لتصفية الصراعات الإقليمية، ولن تستخدم ورقة ضغط في الصراعات الدولية والإقليمية».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في روما الخميس (البعثة الأوروبية)

ليبيا: خوري تسارع لتفعيل مبادرتها وسط صراع على ديوان المحاسبة

تسعى المبعوثة الأممية بالإنابة في ليبيا ستيفاني خوري إلى جمع الأفرقاء السياسيين على «المبادرة» التي أطلقتها أمام مجلس الأمن الدولي منتصف الأسبوع الماضي.

جمال جوهر (القاهرة)
تحليل إخباري بلقاسم حفتر ملتقياً القائم بالأعمال الأميركي (السفارة الأميركية)

تحليل إخباري لماذا تَكثّفَ الحراك الدبلوماسي الأميركي في بنغازي؟

تتخذ مباحثات المبعوث الأميركي الخاص السفير ريتشارد نورلاند، والقائم بالأعمال برنت جيرمي، طابعاً دورياً مع الأفرقاء الليبيين، إلا أن هذه المرة لها وقع مختلف.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي (وسط) مع المدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)

قصة 5 ليبيين حُكم عليهم بالسجن 30 عاماً بإيطاليا

كانت محكمة إيطالية قضت عام 2015 بالسجن 30 عاماً على خمسة لاعبين ليبيين بتهمة «الاتجار بالبشر»، ومنذ ذاك التاريخ وهم قيد الحبس إلى أن تحركت السلطات الليبية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)
البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)
TT

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)
البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)

تشهد العاصمة السودانية المؤقتة بورتسودان حراكاً دبلوماسياً مطرداً لإنهاء الاقتتال ووقف الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، وتوحيد الاتفاقات الدولية ومبادرات السلام.

ووصل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، رمطان لعمامرة، إلى المدينة لعقد سلسلة لقاءات مع المسؤولين السودانيين، وفي الوقت نفسه اجتمع نائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، الذي وصل البلاد في زيارة قصيرة استغرقت عدة ساعات.

لعمامرة الذي تمتد زيارته إلى يومين ينتظر أن يلتقي خلالها نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار، وعضو المجلس إبراهيم جابر، وتختتم بلقاء رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان.

وتأتي الزيارة عقب الاجتماع التشاوري الذي عُقد في العاصمة الموريتانية نواكشوط، الأربعاء الماضي، وشارك فيه ممثلون عن الاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، وجيبوتي (الرئيس الحالي للهيئة الحكومية المعنية بالتنمية «إيغاد»)، والأمم المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والبحرين والولايات المتحدة الأميركية.

البرهان مستقبلاً المبعوث الأممي إلى السودان رمطان لعمامرة في يناير الماضي (وكالة السودان للأنباء)

وتُعد زيارة لعمامرة إلى بورتسودان الثانية له لبورتسودان منذ اتخاذها عاصمة مؤقتة للحكومة السودانية، ويُنتظر أن تتناول مباحثاته هناك تطور الأوضاع واستمرار الحرب والحركات الدولية الهادفة لوقفها، وذلك عقب اجتماع نواكشوط التشاوري بشأن السودان، تحت اسم «المنظمات متعددة الأطراف الراعية لمبادرات السلام في السودان»، وهدفه توحيد مبادرات السلام الإقليمية والدولية.

ويُنتظر أن يبحث لعمامرة مجدداً محاولة «إحياء» استئناف المفاوضات المباشرة بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، على أن يقودها «شخصياً»، والوصول في الحد الأدنى لاتفاق لحماية المدنيين، ما يفتح الباب أمام مباحثات لوقف الأعمال العدائية، وإنهاء الحرب سلمياً.

حرص سعودي على السودان

وفي السياق ذاته، قال إعلام مجلس السيادة الانتقالي إن البرهان التقى ببورتسودان، السبت، نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي الذي وصل البلاد في زيارة قصيرة، لبحث العلاقات السودانية - السعودية وتعزيزها وترقيتها، والتعاون المشترك بين البلدين. ونقل الإعلام السيادي عن الخريجي قوله إن المملكة العربية السعودية حريصة على استتباب الأمن والاستقرار في السودان.

البرهان لدى لقائه الوفد السعودي برئاسة نائب وزير الخارجية وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)

ولم تكشف بورتسودان عما دار في الاجتماع، بيد أن المسؤول السعودي كان قد ذكر إبان مشاركته في اجتماع نواكشوط التشاوري الأسبوع الماضي، وفقاً لما نقلته «الشرق الأوسط»، أن بلاده تبذل جهوداً حثيثة لحل الأزمة السودانية، مشيراً إلى «مباحثات جدة 1» التي تمخضت عن «إعلان جدة الإنساني» و«مباحثات جدة 2» التي استهدفت إيجاد حل سياسي مستدام، يضمن أمن واستقرار السودان وتماسك الدولة ومؤسساتها، ومواصلة التنسيق بين الدول العربية والإسلامية والصديقة من أجل وقف القتال في السودان، ورفع المعاناة عن شعب السودان.الخريجي: وقف القتال أولوية

وأكد الخريجي أن حل الأزمة السودانية يبدأ بوقف القتال وتعزيز الاستجابة الإنسانية، والتمهيد لمستقبل سياسي يضمن أمن واستقرار البلاد ووحدتها وسيادتها ووقف التدخلات الخارجية.

وكان اجتماع نواكشوط قد دعا للتنسيق الإقليمي والدولي، وعقد اجتماعات تشاورية، تتناول الأوضاع في السودان والجهود والمساعي والمبادرات من أجل وضع حد للاقتتال في السودان، وفي الوقت نفسه كانت مجموعة «متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح وتحقيق السلام في السودان»، المعروفة اختصاراً بـ«ALPS» في سويسرا، منتصف الشهر الحالي، قد أجرت مشاورات مع فاعلين في المجتمع المدني والنساء والشباب لبحث تصوراتها بشأن خطط من أجل استئناف المباحثات بين الجيش و«قوات الدعم السريع».

وتأتي الجهود الدبلوماسية التي يقودها مبعوث غوتيريش في بورتسودان، في ظل تصاعد العمليات القتالية بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في عدة محاور بما في ذلك الخرطوم والجزيرة ودارفور.

ولا توجد إحصائيات رسمية عن أعداد الضحايا المدنيين بسبب الحرب التي توشك على إكمال عامها الثاني، وتقدرها منظمات دولية بعشرات الآلاف من القتلى والجرحى، بينما يقدر عدد النازحين داخل البلاد بأكثر من 11 مليوناً، وعدد الذين لجأوا لبلدان الجوار بنحو 3 ملايين، من جملة سكان البلاد البالغ عددهم 45 مليوناً، ويعاني نحو 25 مليوناً منهم كارثة إنسانية غير مسبوقة في التاريخ حسب الأمم المتحدة.