استياء شعبي في تونس بعد قرار رفع أسعار مياه الشرب

وصلت إلى 16 % كإجراء لمواجهة الشح المائي

اختفاء عدة بحيرات خلال السنوات الأخيرة بفعل توالي الجفاف في تونس (رويترز)
اختفاء عدة بحيرات خلال السنوات الأخيرة بفعل توالي الجفاف في تونس (رويترز)
TT

استياء شعبي في تونس بعد قرار رفع أسعار مياه الشرب

اختفاء عدة بحيرات خلال السنوات الأخيرة بفعل توالي الجفاف في تونس (رويترز)
اختفاء عدة بحيرات خلال السنوات الأخيرة بفعل توالي الجفاف في تونس (رويترز)

أعلنت وزارة الزراعة في تونس، مساء أمس (الجمعة)، عن زيادات في أسعار مياه الشرب بنسبة تصل إلى 16 بالمائة، في وقت تعاني فيه البلاد من نقص مواردها المائية. ونشرت الجريدة الرسمية الأسعار الجديدة بتعريفات متفاوتة قياساً إلى حجم الاستهلاك. لكن هذا القرار قوبل باستياء ورفض من عدد كبير من التونسيين، خاصة إثر التحسن الملحوظ الذي شهدته نسبة امتلاء السدود منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، إذ يعد هذا الموسم هو الأفضل منذ نحو 3 سنوات.

وبررت وزارة الفلاحة الرفع في أسعار مياه الشرب بداية من الأول من شهر مارس (آذار) الحالي بمواجهة الشح المائي المسجل طيلة السنوات الخمس الماضية، وقدر خبراء من المرصد التونسي للفلاحة (حكومي) نسبة الزيادة بنحو 16 بالمائة، لمختلف أنواع استهلاك المياه باستثناء الاشتراكات المخصصة لغرض سياحي، ولقطاع الفلاحة والصيد البحري.

صورة توضح حجم الجفاف الذي تعيشه منطقة نابلس (إ.ب.أ)

وتعد تونس من بين الدول المهددة بندرة المياه في حوض المتوسط، بسبب حدة التغيرات المناخية، واستنزاف مواردها. وقد ضرب الجفاف البلاد في 7 مواسم، من بين آخر 8 سنوات، ما تسبب في تقلص كبير لمخزونات المياه وفي تراجع المحاصيل الزراعية، ولا سيما إنتاج الحبوب الذي هبط إلى 60 في المائة في 2023 على أساس سنوي. وكنتيجة لذلك، فرضت السلطات التونسية منذ العام الماضي نظام الحصص في مياه الشرب، وحظر استخدامها في الزراعة وري الحدائق وتنظيف السيارات... كما بدأت في قطع المياه ليلاً منذ الصيف الماضي، وبينما لن يتغير سعر المياه بالنسبة لصغار المستهلكين، سيدفع المستهلكون الكبار رسوماً أكثر. فيما يواجه من يتجاوز استهلاكهم 40 متراً مكعباً زيادة بنحو 12 بالمائة إلى 1.040 دينار تونسي (0.333 دولار) للمتر المكعب. أما من يتراوح استهلاكهم بين 70 و100 متر مكعب فسيدفعون زيادة 13.7 بالمائة إلى 1.490 دينار للمتر المكعب.

وحافظت وزارة الفلاحة على تعريفة الماء الموجه للاستعمال المنزلي، غير المرتبط بالشبكة، التي تطبق على الاشتراكات الخاصة بالجماعات المحلية، وتزود مجامع التنمية في قطاع الفلاحة والصيد البحري، عند مستوى 200 مليم (الدينار التونسي يساوي ألف مليم) للمتر المكعب الواحد، دون اعتبار القيمة المضافة التي لا تقل عن 19 بالمائة، توظف على المبلغ الإجمالي.

وقال قيس البوجبلي (فلاح) إن الزيادات التي أقرتها الدولة في تسعيرة المياه «قد تؤثر على قطاع الفلاحة السقوية، إذ سترفع تكلفة الإنتاج، وتكون تأثيراتها سلبية على مداخيل الفلاحين».

من جهته، قال عبد المجيد بن حسن، وهو مهندس فلاحي، إن الاستبشار بنزول الغيث النافع خلال هذه الفترة، وإن كان مهماً للغاية للقطاع الفلاحي، فإن تونس «ما زالت بحاجة إلى كميات كبيرة من المياه، ذلك فالتربة ما تزال جافة في بعض المواقع، وهي تتطلب مزيداً من التساقطات المطرية».

وغالباً ما يشتكي التونسيون من ارتفاع فاتورة استهلاك المياه. وبسبب نقص مياه الأمطار، وانخفاض منسوب السدود، وارتفاع نسبة الملوحة في المياه، فقد بات استهلاك مياه الصنابير غير ممكن، وهو ما أثر على المقدرة الشرائية للتونسيين، الذين أصبحوا مجبرين على استهلاك المياه المعدنية على مدار السنة.

ودافعت وزارة الفلاحة التونسية، ممثلة في الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه، عن قرار الترفع في الأسعار بتأكيدها على أن الأسعار لم تخضع للمراجعة منذ سنوات، موضحة أن الشركة الحكومية مطالبة بتجديد وصيانة شبكة المياه من سنة إلى أخرى، نتيجة التقادم الذي أصابها.



مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»
TT

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

حمّلت مصر مجدداً «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»، الذي تقيمه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويواجه باعتراضات دولتي المصب (مصر والسودان). وقال وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، الاثنين، إن «التصرفات الأحادية الإثيوبية تتسبب في تخبط كبير في منظومة إدارة المياه بنظام النهر، وارتباك في منظومة إدارة السدود».

واستعرض سويلم، خلال لقائه عدداً من أعضاء دورة التمثيل الدبلوماسي العسكري المصري بالخارج، رؤية مصر للتعامل مع قضية «سد النهضة»، وتاريخ المفاوضات، ونقاط الاختلاف مع إثيوبيا، مع «إبراز أوجه التعنت الإثيوبي خلال العملية التفاوضية، وخطورة التصرفات الإثيوبية الأحادية».

سويلم يلتقي عدداً من أعضاء دورة التمثيل الدبلوماسي العسكري المصري بالخارج (وزارة الري المصرية)

وفشلت آخر جولة مفاوضات بشأن «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا والسودان في ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي دون التوصل لاتفاق.

وقال الوزير المصري إن «دول منابع حوض النيل تتمتع بوفرة في مواردها المائية، إذ يصل حجم الأمطار المتساقطة على حوض نهر النيل إلى حوالى 1600 مليار متر مكعب سنوياً، بينما يصل حجم الأمطار المتساقطة على دول حوض النيل - داخل حوض نهر النيل أو غيره من الأحواض بهذه الدول - إلى حوالي 7000 مليار متر مكعب سنوياً، في وقت تصل حصة مصر من المياه إلى 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، تعتمد عليها مصر بنسبة 98 في المائة لتوفير مواردها المائية».

وحذر خبراء مصريون من عدم التوصل لاتفاق قانوني بشأن «سد النهضة» يضمن حقوق دولتي المصب، وقال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي لـ«الشرق الأوسط»، إن «خطورة عدم التوصل لاتفاق بشأن سد النهضة لا تتوقف عند ما يثيره السد من مخاوف، إذ إنه قد يتحول لسابقة تدفع دولاً أخرى من دول المصب إلى إنشاء سدود دون اتفاقيات ودون التشاور مع دولتي المصب».

وأكد شراقي أن «النهج الإثيوبي في بناء سد النهضة في كل مراحله ينطوي على قدر كبير من التخبط وعدم الوضوح، ففي الوقت الراهن مثلاً لا نعرف متى تعمل توربينات توليد الكهرباء ومتى تتوقف». وحسب شراقي، فإن «الممارسات الإثيوبية بشأن سد النهضة تعمق الخلافات بين دول حوض النيل وتتسبب في توترات».

وتحرص مصر، وفق وزير الري، على دعم جهود التنمية المستدامة في دول حوض النيل بتنفيذ «العديد من المشروعات في مجال المياه لخدمة المواطنين في هذه الدول مثل مشروعات تطهير المجاري المائية من الحشائش، وإنشاء سدود لحصاد مياه الأمطار، وآبار جوفية تعمل بالطاقة الشمسية بالمناطق النائية، وإنشاء مراكز للتنبؤ بالأمطار وقياس نوعية المياه بتكلفة إجمالية 100 مليون دولار لكافة المشروعات».

وزير الموارد المائية والري المصري يلقي كلمة عن التحديات المائية لبلاده (وزارة الري المصرية)

ويرى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر الدكتور أيمن عبد الوهاب أن «استمرار السياسات الإثيوبية الأحادية يزيد مخاطر توتر العلاقات بين دول حوض النيل، ويحول قضية المياه إلى أداة للصراع، خصوصاً مع ازدياد متطلبات التنمية بالعديد من دول الحوض»، وحسب تصريحات عبد الوهاب لـ«الشرق الأوسط»، فإنه «لا يمكن إدارة ملف المياه بين دول حوض النيل دون اتفاق قانوني بشأن سد النهضة».

بدورها، أشارت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتورة أماني الطويل، إلى خلاف آخر بين مصر وإثيوبيا يتعلق بما يعرف بـ«اتفاقية عنتيبي»، وهي الاتفاقية التي أبرمت عام 2010، وتعارضها مصر والسودان، وتسمح لدول المنبع بإنشاء مشروعات مائية دون التوافق مع دولتي المصب.

وقالت الطويل لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتفاقية أحدثت شرخاً في العلاقات بين دول المنابع والمصب، وهو ما سيؤدي إلى عرقلة أي جهود تنموية أو مشروعات مائية بدول حوض النيل، لأن الشرط الأساسي للمؤسسات الدولية المانحة هو وجود توافق وإجماع بين دول الحوض حول هذه المشروعات».

ووفق الطويل، فإن «السياسات الإثيوبية الإقليمية في مجملها تؤثر سلباً على العلاقات بين دول حوض النيل».