مصر وقطر تؤكدان حتمية وقف إطلاق النار في غزة

حذرتا من «عواقب» أي عملية عسكرية برفح الفلسطينية

رئيس الوزراء المصري خلال لقاء مدير عام منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري خلال لقاء مدير عام منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر وقطر تؤكدان حتمية وقف إطلاق النار في غزة

رئيس الوزراء المصري خلال لقاء مدير عام منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري خلال لقاء مدير عام منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (مجلس الوزراء المصري)

أكدت مصر وقطر «حتمية وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإنفاذ التهدئة، وتبادل المحتجزين والأسرى في أقرب وقت»، فضلاً عن «ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية بصورة كاملة لتخفيف الكارثة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون يومياً»، و«أهمية تمكين وكالة (الأونروا) من الاستمرار في تقديم مهامها التي لا غنى عنها وفقاً لتكليفها الأممي».

وحذرت القاهرة والدوحة من «عواقب» أي عملية عسكرية برفح الفلسطينية. في حين أكدت مباحثات بين وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ورئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، في الدوحة، السبت، على «الرفض القاطع لمحاولات تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم».

دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على غزة في وقت سابق (رويترز)

إضافة إلى ذلك، قال رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، السبت، إن الحرب في غزة كان لها انعكاسها على الدول المجاورة لمنطقة الصراع ومن بينها مصر، لكن على الرغم من ذلك لا تزال معظم المساعدات التي تصل إلى القطاع مصدرها مصر، إذ «أسهمنا حتى الآن بما يزيد على 80 في المائة من إجمالي المساعدات الإنسانية التي تدخل قطاع غزة». وأكد مدبولي خلال لقاء مدير عام منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، شو دينيو، في القاهرة، السبت، أن «مصر تتطلع إلى دعم منظمة (الفاو) لضمان وصول المساعدات وزيادتها لأهالي قطاع غزة».

ويواصل الوسطاء «قطر، ومصر، والولايات المتحدة الأميركية» منذ أسابيع الجهود للتوصل إلى اتفاق يسمح بوقف «حرب غزة». ويشار إلى أن قطاع غزة لم يشهد سوى هدنة وحيدة جرت بوساطة مصرية وقطرية وأميركية دامت أسبوعاً في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، جرى بموجبها الإفراج عن 80 رهينة إسرائيلياً، مقابل 240 معتقلاً فلسطينياً من السجون الإسرائيلية.

شكري خلال مباحثات مع وزير الخارجية القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)

وتناولت مباحثات شكري ووزير الخارجية القطري في الدوحة، الحرب في قطاع غزة والأزمة الإنسانية التي يعاني منها الفلسطينيون، ووفق إفادة لمتحدث وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، السبت، حذر الوزيران من «عواقب إقدام إسرائيل على أي عملية عسكرية برية في مدينة رفح الفلسطينية»، وما سيترتب عليها من تبعات إنسانية كارثية ستلحق بالفلسطينيين الموجودين في رفح، ومن نزحوا من وسط وشمال القطاع تحت القصف والاستهداف الإسرائيلي لهم.

وتطرق اللقاء للتوترات المتنامية في المنطقة على خلفية الأزمة في غزة، ومنها على الساحة اللبنانية، وتهديدات أمن الملاحة في البحر الأحمر، حيث اتفق الوزيران على «ضرورة تكثيف الجهود المشتركة والتحركات الدولية لاحتواء ومنع توسيع دائرة العنف لأجزاء أخرى في المنطقة».

واستضافت العاصمة الفرنسية باريس، نهاية الأسبوع الماضي، اجتماعات ضمت مسؤولين أمنيين قطريين ومصريين وأميركيين وإسرائيليين، وصفت بـ«الإيجابية»، وتعلقت بالخطوط العريضة لاتفاق جديد قد يؤدي في نهاية المطاف إلى وقف لإطلاق النار وهدنة في قطاع غزة. وكانت مؤشرات عدة قد برزت خلال الأسبوع الماضي بشأن قرب التوصل إلى اتفاق يفضي إلى إقرار هدنة ثانية في القطاع الذي يشهد عمليات عسكرية إسرائيلية مكثفة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وأكدت مصر على لسان وزير خارجيتها، الثلاثاء الماضي، أنها «مستمرة في جهودها للتوصل إلى وقف إطلاق النار، وتعزيز تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة».

في السياق نفسه، تضمنت مباحثات شكري ووزير خارجية قطر الأوضاع في ليبيا، وسوريا، والسودان، ومستجدات «سد النهضة». واتفق الوزيران على «مواصلة تكثيف التنسيق والعمل المشترك لتعميق مسار العلاقات الثنائية في شتى المجالات، وكذلك فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، بما يعود بالخير والنفع على الشعبين الشقيقين، ويدعم من أسس السلم والاستقرار لشعوب المنطقة».

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)

وأكد شكري اعتزاز مصر بقوة العلاقات الأخوية التي تجمعها مع قطر، وما وصلت إليه أطر التعاون الثنائي من مستويات متميزة في إطار حرص قيادتي البلدين على تطويرها وتنميتها على نحو يلبي تطلعات الشعبين. كما أعرب وزير الخارجية القطري عن تقدير بلاده للروابط الوثيقة والممتدة بين البلدين، وما شهدته العلاقات من نقلة نوعية في مختلف المجالات، والزيارات رفيعة المستوى بين الجانبين، لافتاً إلى حرص بلاده على تكثيف التشاور والتنسيق لتعزيز مسار العلاقات الثنائية المتشعبة والوصول بها لآفاق أوسع، وكذلك إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية محل الأولوية.

في غضون ذلك، انعقدت، السبت، أعمال الدورة الخامسة للجنة العليا المشتركة بين مصر وقطر في الدوحة. ووفق بيان «الخارجية المصرية» فقد أكد شكري على ما تتيحه اللجنة من فرص هامة تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون الأعمق والأشمل في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والأمنية والفنية بين البلدين، مشيراً إلى أن انعقاد اللجنة في هذا التوقيت الدقيق «يجعل التنسيق والتعاون أكثر إلحاحاً دفاعاً عن مصالح ومقدرات الشعوب العربية وأمن واستقرار المنطقة». في حين أشار وزير خارجية دولة قطر إلى أن انعقاد اللجنة في مثل هذا التوقيت الهام يؤكد على «الحرص المشترك على ترفيع مجمل أوجه التعاون الثنائي، فضلاً عن تكثيف التنسيق لاحتواء ومواجهة التحديات التي تواجهها شعوب المنطقة العربية».


مقالات ذات صلة

«من الحياة المريحة إلى الخراب»... قصة أسرة فلسطينية وعام من النزوح

المشرق العربي الفلسطيني نعمان أبو جراد وأسرته (أ.ب)

«من الحياة المريحة إلى الخراب»... قصة أسرة فلسطينية وعام من النزوح

قضى الفلسطيني نعمان أبو جراد وزوجته ماجدة وبناتهما الست العام الماضي بأكمله في نزوح على طول قطاع غزة، محاولين البقاء على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون بجوار جثث أقاربهم الذين قتلوا في غارة إسرائيلية بمستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (أرشيفية - رويترز)

24 قتيلاً في قصف إسرائيلي على دير البلح وسط غزة

قال مكتب الإعلام الحكومي في غزة إن 24 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم وأصيب 93 آخرون في ضربات جوية إسرائيلية على مسجد ومدرسة يؤويان مئات النازحين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا فلسطينيون يتفقدون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

«وساطة غزة» في عام... هدنة واحدة وجولات «متعثرة»

تحركات واتصالات واجتماعات على مدار عام، منذ 7 أكتوبر 2023، لإنهاء الحرب في غزة، لم تسفر إلا عن هدنة واحدة لمدة أسبوع.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية البرلمان التركي (أرشيفية)

تركيا: جلسة برلمانية خاصة لحرب غزة وتطورات الشرق الأوسط

يعقد البرلمان التركي جلسة خاصة لمناقشات التطورات في منطقة الشرق الأوسط بعد عام من الحرب في غزة، وتصعيد إسرائيل عدوانها وتوسيعه إلى لبنان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عائلات إسرائيليين محتجزين في غزة ترفع صورهم خلال احتجاج قرب مقر إقامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس يوم 30 سبتمبر (إ.ب.أ)

عائلات إسرائيليين محتجزين في غزة تنفّذ إضراباً عن الطعام

بدأ أفراد في عائلات الإسرائيليين المحتجزين في أنفاق حركة «حماس» بقطاع غزة إضراباً عن الطعام، متهمين حكومة بنيامين نتنياهو بأنها أهملت قضيتهم في ظل حرب لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«وساطة غزة» في عام... هدنة واحدة وجولات «متعثرة»

فلسطينيون يتفقدون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

«وساطة غزة» في عام... هدنة واحدة وجولات «متعثرة»

فلسطينيون يتفقدون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

تحركات واتصالات واجتماعات على مدار عام، منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023؛ لإنهاء الحرب في غزة، لم تسفر إلا عن هدنة واحدة لمدة أسبوع، في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تلاها عديد من الجولات التفاوضية، تعثرت جميعها في وقف إطلاق النار.

دول الوساطة (قطر ومصر والولايات المتحدة) قادت جهوداً، واجهت خلالها «عقبات» لا تنتهي في ظل اتهامات متبادلة بين طرفي الحرب «حماس» وإسرائيل بعرقلة اتفاق هدنة غزة، قبل أن تدخل الوساطة مرحلة الجمود مع إعلان إسرائيلي - أميركي في أغسطس (آب) الماضي، العثور على 6 رهائن قتلى، بينهم شخص يحمل الجنسية الأميركية في قطاع غزة.

جولات التفاوض بشأن الهدنة في غزة كانت في 4 عواصم، هي القاهرة والدوحة وباريس وروما، بحسب رصد «الشرق الأوسط»، وأسفرت بعد أكثر من شهر على اندلاع الحرب عن إبرام هدنة وحيدة تضمنت الإفراج عن 109 رهائن لدى «حماس»، و240 معتقلاً فلسطينياً لدى إسرائيل، بالإضافة إلى السماح بدخول مزيد من المساعدات للقطاع.

4 مقترحات رئيسية

تلاها على مدار نحو 11 شهراً مساعٍ للوسطاء لإبرام هدنة ثانية، عبر تقديم 4 مقترحات رئيسية، غير أن شروطاً متعددة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أبرزها عدم الانسحاب من «محور فيلادلفيا»، والجانب الفلسطيني من معبر رفح المتاخمين مع حدود مصر، كان عقبة رئيسية أمام إبرام الاتفاق.

واستضافت باريس أول محادثات ما بعد الهدنة الأولى، في 28 يناير (كانون الثاني) الماضي، وشهدت تقديم مقترح لإبرام صفقة هدنة على 3 مراحل، دون الوصول إلى نتائج، وبعد أقل من شهر استضافت القاهرة في 13 فبراير (شباط) محادثات ناقشت مسودة مقترح ثانٍ لوقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع، دون تقدم.

وعادت المحادثات إلى باريس في 23 فبراير الماضي دون تحقيق انفراجة، قبل أن تستضيف الدوحة في 18 مارس (آذار) الماضي، مفاوضات جديدة، استكملت في القاهرة في 7 أبريل (نيسان) الماضي، وانتهت دون تقدم مع تمسك «حماس» بوقف إطلاق نار دائم ورفض نتنياهو.

شاب فلسطيني أصيب في غارة إسرائيلية قتلت أقاربه يحتضن ابنة أخته التي أصيبت معه في خان يونس (رويترز)

شهد شهر مايو (أيار) 2024 مرحلة جديدة من جهود الوسطاء، بحديث إعلامي عن مقترح مصري يقوم على 3 مراحل، كل واحدة منها تتراوح بين 40 و42 يوماً، تنتهي بوقف إطلاق نار نهائي وعودة النازحين الفلسطينيين إلى بيوتهم، قبلته «حماس» في 6 من الشهر ذاته، ورفضه نتنياهو الذي شنت قواته هجوماً على مدينة رفح في جنوب القطاع، رغم التحذيرات المصرية والأميركية والغربية.

مقترح بايدن

طرحت واشنطن، 31 مايو الماضي، في إعلان للرئيس جو بايدن، خريطة طريق لوقف تام لإطلاق النار، بناءً على مقترح إسرائيلي، تتضمن 3 مراحل، وتصل في النهاية إلى وقف الحرب وإعادة إعمار غزة، رحبت بها «حماس»، فيما تمسك نتنياهو مجدداً باستمرار الحرب، معللاً ذلك بأن «حماس» أضافت شروطاً جديدة، لم يحددها.

في 2 يوليو (تموز) الماضي، أعلنت «حماس» موافقتها على إطار اتفاق مقدم من الوسطاء يستند إلى خريطة طريق بايدن، وسط محادثات تنقلت بين الدوحة والقاهرة في 10 و11 يوليو، وروما في 27 من الشهر ذاته، دون التوصل إلى حل للعقبات الرئيسية.

وعقب محادثات في الدوحة، أعلن الوسطاء في 16 أغسطس الماضي، تقديم واشنطن مقترحاً جديداً بهدف سد الفجوات المتبقية، مع جولة في القاهرة، انطلقت أواخر الشهر ذاته، دون حلول، قبل أن يقود العثور على 6 رهائن قتلى بينهم أميركي، في أواخر الشهر لـ«جمود بالمفاوضات»، مع تصعيد إسرائيلي في جبهة لبنان، واهتمام أكبر من واشنطن بالانتخابات الرئاسية التي تنطلق الشهر المقبل.