حرب السودان تضاعِف أعداد ذوي الاحتياجات الخاصة

المجتمع لا يتقبلهم ولا يتفهم قدراتهم ومعاناتهم

أحد ذوي الاحتياجات الخاصة في السودان (الشرق الأوسط)
أحد ذوي الاحتياجات الخاصة في السودان (الشرق الأوسط)
TT

حرب السودان تضاعِف أعداد ذوي الاحتياجات الخاصة

أحد ذوي الاحتياجات الخاصة في السودان (الشرق الأوسط)
أحد ذوي الاحتياجات الخاصة في السودان (الشرق الأوسط)

زادت الحرب المشتعلة في السودان منذ نحو 11 شهراً أعداد المعاقين في البلاد؛ إذ تقول الأمين العامة لمجلس الأشخاص ذوي الإعاقة في بورتسودان، آمنة عبد القادر لـ«الشرق الأوسط»: إن الحرب زادت أعداد المعاقين في السودان بشكل كبير، في حين قدرت مصادر أن يكون العدد قد تضاعف.

قالت آمنة عبد القادر: «لا توجد إحصائيات دقيقة بعدد المعاقين في البلاد بشكل عام، ناهيك عن الإعاقات التي تسببت بها الحرب، لكن المعاقين في ولاية البحر الأحمر وحدها، كانوا وفقاً لإحصائيات عام 2020 في حدود 7 آلف شخص».

ووفقاً للأمين العام للمجلس، فإن بورتسودان استقبلت حتى الآن 200 معاق نزحوا من الخرطوم بسبب الحرب، فضلاً عن آخرين نزحوا من ولاية الجزيرة، قائلة: «تم إعداد ملف خاص بهم لتقديم مساعدات لهم مع الشركاء، ونقوم بمجهودات كبيرة لتوفير دار خاصة لإيواء المعاقين النازحين، وتوفير مشروعات خاصة بهم بالتعاون مع ديون الزكاة، لكن مع تزايد أعدادهم سواء بالنزوح أو إصابات الحرب، تظل هذه الجهود محدودة ودون الطموح».

أمينة مجلس الإعاقة في بورتسودان فاطمة عبد القادر (الشرق الأوسط)

لعبة «كرة الجرس»

وفي ساحة بمقر مجلس الأشخاص ذوي الإعاقة في العاصمة السودانية المؤقتة بمدينة بورتسودان، يمارس محمد موسي وأمين عمر هوايتهما المفضلة في لعب كرة القدم للمعاقين المعروفة بـ«كرة الجرس»، فهما يعانيان إعاقة بصرية منذ طفولتهما، لكن الإعاقة لم تمنعهما من ممارسة الرياضة، بل وإحراز جوائز باسم السودان في المشاركات الخارجية والمحلية.

وتوضح عبد القادر، أن الرياضة واحدة من وسائل إدماج المعاقين في المجتمع وتخفيف وطأة الآثار النفسية والاجتماعية والاقتصادية وحالة النزوح الناتجة من الحرب عليهم، لا سيما أن تأثيرات الحرب تكون مضاعفة عليهم، وتتابع: «رغم ظروفهم الخاصة، فإن الأشخاص ذوي الإعاقة أحرزوا جوائز عالمية باسم السودان».

وناشدت عبد القادر وزارة الشباب والرياضة والشركاء دعم أنشطة المعاقين الرياضية، قائلة: «المجلس يقوم بالتشبيك والمناصرة، وخلق شراكات بين منظمات المجتمع المدني لخدمة المعاقين. نحن نواجه صعوبات توفير الاحتياجات الخاصة للمعاقين، مثل العصي البيضاء وسماعات الأذن والدرّاجات والعجلات الخاصة، إضافة إلى حافلات نقل وترحيل ذوي الإعاقات الذهنية إلى المدرسة، فتكلفة ترحيلهم مرتفعة جداً؛ ما يدفع بعض الأسر للعزوف عن إلحاق أبنائها بالمدرسة».

المجتمع لا يتفهم معاناة وقدرات ذوي الاحتياجات الخاصة (الشرق الأوسط)

عدم تقبُّل المجتمع

من جانبه، قال أمين عمر الشاب ذو الثلاثين عاماً لـ«الشرق الأوسط»، إنه معلم تربية خاصة، إلى جانب هواياته الأخرى في الكتابة للدراما والأطفال وغيرها، لكن رغم أنه كان يمارس رياضته المحببة «كرة الجرس»، فإن الحزن كان يطل من عينيه وهو يقول: «نعاني مشكلات كثيرة، أولها عدم تقبُّل المجتمع لنا، بل أن أسراً تحبس أبناءها المعاقين داخل المنازل، وتبعدهم عن الناس، وتراهم وصمة».

أما عمر البشير يوسف المشهور بـ«شلاقة»، ويُعدّ أحد رموز ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018 رغم إعاقته، فيقول إنه يرفع شعار «تحدي الإعاقة»، وهو أحد أبطال التجديف، فضلاً عن كونه مغني راب شهيراً، لم تمنعه إعاقته الحركية ولا ظروف الحرب من ممارسة رياضته المفضلة. وأضاف: «شريحة المعاقين شريحة منتجة، لكنها تحتاج إلى تذليل العقبات التي تواجهها، وقد قدمت نماذج مشرقة للسودان والعالم».

ويقول الناشط في مجال الإعاقة أحمد محمود الذي نذر نفسه لخدمة ذوي الإعاقة وبث التوعية من أجل أن يستفيد المجتمع والدولة من قدراتهم: «هؤلاء شريحة كبيرة، وزادت الحرب من أعدادها بكثرة؛ لذا لا يمكن تجاوزهم». ويشكو بعض المعاقين من صعوبة ارتباطهم بالزواج وتكوين أسر.

فكثير من المجتمعات ترفض تزويج أبنائها للمعاقات أو بناتها للمعاقين حتى لو كانوا من الإعاقة نفسها؛ وذلك تحت ذريعة أن المعاق لا يستطيع تحمل مسؤوليات الأسرة.


مقالات ذات صلة

«حميدتي» يُصدر أوامر مشدّدة لقواته بحماية السودانيين

شمال افريقيا الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)

«حميدتي» يُصدر أوامر مشدّدة لقواته بحماية السودانيين

أصدر قائد «قوات الدعم السريع» في السودان، محمد حمدان دقلو، الشهير بـ(حميدتي)، السبت، أوامر مشدّدة لقواته بحماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم العربي صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف

«متحالفون» تدعو الأطراف السودانية لضمان مرور المساعدات

جدّدت مجموعة «متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام بالسودان» دعوتها الأطراف السودانية إلى ضمان المرور الآمن للمساعدات الإنسانية المنقذة لحياة ملايين المحتاجين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

حرب السودان الكارثية... مشكلة كبرى أمام العالم الصامت

يلقى النزاع في السودان جزءاً ضئيلاً من الاهتمام الذي حظيت به الحرب في غزة وأوكرانيا، ومع ذلك فهو يهدد بأن يكون أكثر فتكاً من أي صراع آخر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو خلال مؤتمر صحافي في جنيف 12 أغسطس (إ.ب.أ)

المبعوث الأميركي يحذر من تمديد الحرب في السودان إقليمياً

حذر المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو من احتمالات اتساع رقعة الحرب في السودان لتهدد دول الإقليم، وحمّل استمرار الحرب لـ«قوى سياسية سلبية» في السودان.

أحمد يونس (كمبالا)
أفريقيا وزير الصحة السوداني يبحث تنفيذ الاشتراطات الصحية لدخول مصر (الصحة السودانية)

تجاوب سوداني مع اشتراطات مصرية جديدة لدخول البلاد

أعلنت وزارة الصحة السودانية «ترتيبات الخدمات الخاصة بتوفير الاشتراطات الصحية لتصاريح السفر، من بينها توفير لقاحات شلل الأطفال لجميع الأعمار».

أحمد إمبابي (القاهرة )

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
TT

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)

حذّر تقرير للأمم المتحدة من أن غياب المساءلة، والسنوات الطويلة من إفلات المتسببين في انتهاكات حقوق الإنسان، والتجاوزات المرتكبة في مدينة ترهونة الليبية بين عامي 2013 و2022 من العقاب، تهدد بالمزيد من حالة عدم الاستقرار والانقسام في البلاد.

واتهم التقرير، الذي وزعته بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، مساء الجمعة، فصيل الكانيات، وهو مجموعة مسلّحة نشأت في 2011، مارَس سيطرة وحشية على ترهونة، المدينة التي يقطنها 150.000 نسمة تقريباً وتقع على بعد 90 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس، مشيراً إلى أن إدماج الكانيات في حكومة الوفاق السابقة، ثم لاحقاً في الجيش الوطني، وشكّل حاجزاً كبيراً أعاق تحقيق المساءلة والعدالة. ونتيجة لذلك، تردّد بعض السكان في المشاركة في التحقيقات والإبلاغ عن الجرائم خوفاً من الانتقام.

ونقل التقرير عن ستيفاني خوري، القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة، عدّها عدم معالجة الأسباب الجذرية الكامنة وراء النزاع ودوافعه لن يؤدّي سوى إلى تأجيج دوامات العنف والانتقام السامة بين المجتمعات.

اجتماع عميد بلدية ترهونة مع المسؤولة الأممية (بلدية ترهونة)

وأوصى التقرير بتنفيذ عملية شاملة للعدالة الانتقالية والمصالحة، مع اتخاذ تدابير مجدية لتقصّي الحقائق، وتقديم تعويضات فعالة إلى الضحايا، بما في ذلك المساعدة القانونية ودعم الصحة النفسية، وضمانات عدم التكرار، التي ينبغي وضعها بالتشاور مع المتضررين مباشرة. كما دعا لاتخاذ تدابير صارمة لتحقيق المساءلة، من خلال التحقيقات ومحاسبة الجناة المزعومين، بما يتماشى مع المعايير الدولية.

وكان عميد بلدية ترهونة، محمد الكشر، وعدد من أعضاء رابطة ضحايا ترهونة، قد زاروا مع المسؤولة الأممية جورجيت غانيون، عدداً من مواقع المقابر الجماعية والسجون في ترهونة، بمناسبة اليوم العالمي للإخفاء القسري، ومتابعة ملف ضحايا العنف والقتل والمقابر التي ارتكبت بحق أهالي ترهونة وبعض المدن المجاورة.

في سياق غير متصل، تحدثت وسائل إعلام محلية عن نجاة ليبيين بأعجوبة، بعد أن جرفت مياه الفيضانات سيارتهم في ترهونة، بينما تعرضت مدينة الكفرة لإطفاء تام بسبب فصل محطة كهربائية، للحفاظ على معدات الشبكة العامة بتأثير الرياح والأمطار.

حكومة الوحدة خلال اجتماع متابعة تقلبات الطقس (حكومة الوحدة)

وأعلن الهلال الأحمر، مساء الجمعة، في ترهونة فتح الطريق الرابط بين بني وليد وترهونة، عقب إغلاقه لعدة ساعات، بسبب تزايد ارتفاع منسوب المياه في الطريق، فيما أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ في بني وليد، خروج السيل في وادي وشتاتة إلى الطريق، مع وجود ارتفاع في المياه في الوادي.

وكانت حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، قد طمأنت المواطنين بما وصفته بالجاهزية العالية للوزارات والأجهزة والمراكز في جميع مناطق ليبيا العالية لمواجهة أي ظروف جوية، أو تقلبات مناخية، وتوفير الإمكانيات اللازمة، مشيرة إلى أن اجتماعاً عُقد، مساء الجمعة بطرابلس، ضم كل الجهات المعنية، استهدف توحيد الجهود لضمان نجاح العمل وحماية المواطنين والممتلكات، في إطار تحديث الخطة الوطنية لمواجهة الطوارئ والكوارث الطبيعية.