قال الاتحاد العام التونسي للشغل، الجمعة، إنه تم الإفراج عن مسؤول كبير بأكبر نقابة عمالية في البلاد بعد أن قضى الليلة الماضية رهن التحفظ. وجاء الإفراج بعد أن ندد الاتحاد، الخميس، بقوة بقرار اعتقال المسؤول، وقال إن القرار له «دوافع سياسية محضة، ويهدف إلى ضرب الحق النقابي». ويأتي التحفظ على الطاهر المزي البرباري، الأمين العام المساعد والمسؤول عن القطاع الخاص في الاتحاد، قبل يومين من احتجاجات عارمة دعا إليها الاتحاد، ضد ما سماه «انتهاك الحقوق النقابية وتعطل الحوار الاجتماعي».
وذكر متحدث قضائي أن القاضي قرر الإفراج عن المزي لكنه أمر بمنعه من السفر. ومنذ العام الماضي، ألقت الشرطة القبض على أربعة مسؤولين نقابيين على الأقل. ودعت النقابة، التي قالت إنها لن تقبل الاعتداء على الحريات والحقوق النقابية، إلى احتجاج كبير في ساحة القصبة أمام مقر رئيس الوزراء، السبت، وهو أول احتجاج منذ شهور.
وخلف اعتقال المزي حالة غضب كبرى في صفوف القيادات النقابية، التي تستعد لتنظيم تجمع عمالي ضخم السبت بساحة الحكومة بالقصبة (وسط العاصمة)، للمطالبة بفتح حوار اجتماعي، والحفاظ على الحق النقابي، وتنفيذ الاتفاقيات الموقعة مع الحكومات المتتالية، عادّة أنها محاولة للتأثير على نسبة المشاركة في هذه الوقفة الاحتجاجية.
وندد الاتحاد بشدة بالاعتقال، إثر عقد اجتماع طارئ لمكتبه التنفيذي، وتضمن بيان صدر عن المركزية النقابية، ووقعه نور الدين الطبوبي، رئيس الاتحاد، دعوة فورية لحفظ «هذا الملف المفتعل الذي يهدف إلى ضرب الحق النقابي»، مؤكداً أن القرار «سياسيّ صرف، وهو يأتي ضمن سلسلة المحاكمات الجائرة التي استهدفت عدداً من النقابيين»، عادّاً الاعتقال «تصعيداً يهدف إلى محاولة الإرباك، وبث الرعب لضرب التحركات النقابية».
كما دعا المكتب التنفيذي النقابيين إلى المشاركة المكثفة في الاحتجاج المقرر السبت، دفاعاً عن الحوار الاجتماعي، وتطبيق الاتفاقيات الموقعة مع الحكومة، وتحسين المقدرة الشرائية، ورداً على المحاكمات الجائرة في حق النقابيين، وقدر عدد من المراقبين أن نسبة المشاركة في هذا التجمع العمالي ستكون «بمثابة مقياس لمدى شعبية الاتحاد، ولعلاقته المستقبلية مع السلطات التونسية».
وتوترت علاقة الرئيس سعيد مع الاتحاد العام للشغل بعد اعتقال قياديين نقابيين العام الماضي، بسبب إضرابات عن العمل، وقال سعيد وقتها إن «الحق النقابي مضمون بالدستور، لكنه لا يمكن أن يتحول إلى مآرب سياسية لم تعد تخفى على أحد».
في السياق ذاته، كشفت قيادات حركة «النهضة» عن مساندتها للتحركات النقابية التي تعد لها المركزية النقابية، وحملت السلطة التونسية الحالية المسؤولية عما سمته «تصاعد التوتر بين الاتحاد والحكومة، بسبب غياب الحوار، وتباعد وجهات النظر والاختلاف حول الأولويات الوطنية»، مستهجنة في الوقت ذاته ما عدّته «غلبة الهاجس الانتخابي على خطاب السلطة التي لم تعد ترى في المطالب الاجتماعية والسياسية المشروعة للمواطنين إلّا تآمُراً وتواطُؤاً، في اتهامات تتكرر وتستعمل للهروب من تحمل المسؤولية، ومعالجة الأزمة العميقة التي يعيشها التونسيون سياسياً وحقوقياً واقتصادياً واجتماعياً، وخاصة معيشياً».