باريس تجدد «دعمها الواضح والمستمر» للمقترح المغربي حول الصحراء

سيجورنيه: بإمكان الرباط التعويل على الدعم الواضح والمستمر لفرنسا

وزيرا الخارجية المغربي والفرنسي خلال مؤتمرهما المشترك في الرباط (إ.ب.أ)
وزيرا الخارجية المغربي والفرنسي خلال مؤتمرهما المشترك في الرباط (إ.ب.أ)
TT

باريس تجدد «دعمها الواضح والمستمر» للمقترح المغربي حول الصحراء

وزيرا الخارجية المغربي والفرنسي خلال مؤتمرهما المشترك في الرباط (إ.ب.أ)
وزيرا الخارجية المغربي والفرنسي خلال مؤتمرهما المشترك في الرباط (إ.ب.أ)

جدد وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، الاثنين، دعم باريس «الواضح والمستمر» لمقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب لحل النزاع حول الصحراء الغربية، مؤكداً على إرادة التقدم في هذا الملف، وذلك خلال زيارته للرباط.

وقال سيجورنيه في مؤتمر صحافي عقب محادثات مع نظيره المغربي ناصر بوريطة: «نعرف أنه رهان وجودي بالنسبة للمغرب»، معلناً أيضاً عن اقتراح باريس إقامة شراكة للثلاثين عاماً المقبلة مع المغرب.

وأضاف: «بإمكان المغرب أن يعول على الدعم الواضح والمستمر لفرنسا» لخطته للحكم الذاتي... سبق أن قلنا ذلك، وسأكرره اليوم ربما بقوة أكبر، لقد حان الوقت للتقدم، سأسهر على ذلك شخصياً».

وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه (أ.ب)

وأشار إلى أن فرنسا تريد «مواكبة التنمية» في المنطقة التي تسيطر المملكة على غالبيتها؛ «دعماً للجهود المغربية» في هذا الصدد.

ومنذ اعتراف الولايات المتحدة أواخر عام 2020 بسيادة الرباط على هذا الإقليم المتنازع عليه مع جبهة «البوليساريو» منذ عقود عدة مدعومة من الجزائر، تنتظر المملكة موقفاً مماثلاً من باريس. وسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال الفترة الماضية إلى التقارب مع الجزائر، في حين قطعت الأخيرة علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط عام 2021.

ووصل سيجورنيه إلى الرباط، مساء الأحد، قبل أن يستقبله بوريطة، الاثنين، في مسعى لتحسين العلاقات بين البلدين بعد سلسلة من الأزمات الدبلوماسية.

ومن جهته، أكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أن «العلاقات المغربية الفرنسية يجب أن تتجدد وتتطور وفق مبادئ الاحترام المتبادل والطموح والتنسيق، وعلاقات دولة لدولة». وأشار إلى أن الجانبين تطرقا للتحضير لسلسلة من الزيارات الوزارية الثنائية في الفترة المقبلة.

وأعلن سيجورنيه أن فرنسا تقترح على المغرب إقامة شراكة «متقدمة» للثلاثين عاماً المقبلة، تشمل على الخصوص قطاعات الطاقات المتجددة والتكوين و«تطوير فضاءات صناعية حديثة».

من المحادثات في مقر الخارجية المغربية (أ.ف.ب)

وشهدت السنوات الأخيرة توترات قوية للغاية بين المغرب وفرنسا، القوة الاستعمارية السابقة التي تعيش فيها جالية مغربية كبيرة. وكان قرار فرنسا في سبتمبر (أيلول) 2021 بخفض عدد التأشيرات للمغاربة إلى النصف، قد قوبل بانتقادات حادة في المغرب.

وفي الجانب الفرنسي، أبدت السلطات امتعاضها بعدما كشف تحقيق صحافي استقصائي، استهداف المغرب أرقام هواتف ماكرون ووزراء في عام 2019 ببرنامج التجسس الإسرائيلي «بيغاسوس»، وهي اتهامات نفتها الرباط.

وأدت إدانة البرلمان الأوروبي في يناير (كانون الثاني) 2023 تدهور حرية الصحافة في المغرب، إلى زيادة التوترات الدبلوماسية، بعدما رأى مسؤولون مغاربة أن فرنسا تقف وراء القرار... وفي سبتمبر، نشأ جدل جديد بعدما تجاهلت الرباط عرض فرنسا تقديم المساعدة إثر الزلزال المدمر.

ثم بدت العلاقات كأنها وصلت إلى طريق مسدودة، قبل أن يقر السفير الفرنسي لدى المغرب في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بأن قرار تقييد حصول المغاربة على تأشيرات فرنسية كان خطأً، ويجري تعيين سفيرة مغربية في فرنسا بعد أشهر من الشغور.


مقالات ذات صلة

«مرسى المغرب» لتشغيل المواني للاستحواذ على 45 % من «بولودا ماريتايم تيرمينالز» الإسبانية

الاقتصاد مشهد عام لميناء الحاويات في القصر الصغير في طنجة بالمغرب (رويترز)

«مرسى المغرب» لتشغيل المواني للاستحواذ على 45 % من «بولودا ماريتايم تيرمينالز» الإسبانية

قالت شركة «مرسى المغرب» لتشغيل المواني، إنها وقعت صفقة للاستحواذ على حصة 45 في المائة في شركة «بولودا ماريتايم تيرمينالز» الإسبانية، مقابل 94 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا عمال البلدية يرفعون الركام من أحد شوارع بلدة آسفي الساحلية الاثنين (أ.ف.ب)

37 قتيلاً في فيضانات مفاجئة ضربت بلدة ساحلية مغربية

أفادت السلطات المحلية بأن آسفي الواقعة على بعد نحو 300 كيلومتر جنوب الرباط تعرضت لعواصف رعدية شديدة تسببت في تدفقات سيول استثنائية خلال ساعة واحدة.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا جانب من احتجاجات سابقة شهدتها مدينة الدار البيضاء (أرشيفية - أ.ف.ب)

توقيف 14 شخصاً في الدار البيضاء المغربية بعد أعمال شغب رياضي

سجلت الشبكات الاجتماعية انتشار فيديوهات تظهر مشاهد الفوضى التي شهدتها المنطقة قبل أسبوع من انطلاق «كأس أمم أفريقيا».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
رياضة عربية وليد الركراكي المدير الفني لمنتخب المغرب (رويترز)

الركراكي يعلن قائمة المغرب بشريط مصور

أثار وليد الركراكي، المدير الفني لمنتخب المغرب، جدلاً واسعاً بعد تراجعه عن عقد مؤتمر صحافي مخصص للإعلان عن القائمة النهائية المشاركة في كأس أمم أفريقيا 2025.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
يوميات الشرق صورة من حساب القنصلية المغربية بباريس على «إكس»

القفطان المغربي… أناقة عبر القرون تتوجها «اليونيسكو» باعتراف عالمي

اعتراف عالمي بثراء التراث المغربي، وبقدرة هذا القفطان العريق على أن يتحول إلى لغة ثقافية عابرة للحدود، تجمع بين الجمال والهوية وتستمر في الإلهام عبر الزمن.

كوثر وكيل (نيودلهي )

السودان: نزوح من كادوقلي جراء تصاعد العمليات العسكرية

جنود تابعون للجيش السوداني في شوارع مدينة القضارف شرق السودان في 14 أغسطس 2025 احتفالاً بالذكرى الحادية والسبعين لتأسيس الجيش (أ.ف.ب)
جنود تابعون للجيش السوداني في شوارع مدينة القضارف شرق السودان في 14 أغسطس 2025 احتفالاً بالذكرى الحادية والسبعين لتأسيس الجيش (أ.ف.ب)
TT

السودان: نزوح من كادوقلي جراء تصاعد العمليات العسكرية

جنود تابعون للجيش السوداني في شوارع مدينة القضارف شرق السودان في 14 أغسطس 2025 احتفالاً بالذكرى الحادية والسبعين لتأسيس الجيش (أ.ف.ب)
جنود تابعون للجيش السوداني في شوارع مدينة القضارف شرق السودان في 14 أغسطس 2025 احتفالاً بالذكرى الحادية والسبعين لتأسيس الجيش (أ.ف.ب)

نزحت عشرات العائلات السودانية من مدن كادوقلي والدلنج في ولاية جنوب كردفان، مع استمرار تمدد «قوات الدعم السريع» وحلفيتها «الحركة الشعبية لتحرير السودان» في البلدات المجاورة للمدينة التي انسحب منها الجيش السوداني.

وشهدت جبهات القتال في إقليم كردفان الكبرى هدوءاً نسبياً، الأسبوع الماضي، ما عدا عمليات قصف مدفعي وهجمات للطيران المسّير التابع لـ«الدعم السريع» على مواقع داخل كادوقلي.

وأفاد سكان في المدينة بأن تصاعد المواجهات العسكرية في عاصمة الولاية كادوقلي أدى إلى فرار أعداد كبيرة من المدنيين إلى المناطق الآمنة في الأيام القليلة الماضية. وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، إن تدهور الأوضاع الإنسانية زاد من وتيرة موجات النزوح بصورة لافتة، جراء توقف تدفق الإمدادات الغذائية والصحية، بسبب الحصار المفروض على المدينة. وتابعت المصادر أن المنظمات الإنسانية في كادوقلي شرعت فعلياً في إجلاء طواقهما العاملة هناك بسبب تدهور الأوضاع الأمنية، عقب استهداف مقر بعثة الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، أسفر عن مقتل وجرح العشرات من قوات حفظ السلام (يونيسفا).

لقطة من فيديو نشرته «قوات الدعم السريع» في 23 أبريل 2023 أثناء عبورهم أحد شوارع منطقة شرق النيل في الخرطوم الكبرى (أ.ف.ب)

وتجدد القتال بضراوة في مناطق واسعة من ولاية جنوب كردفان خلال الأشهر الماضية بعد انضمام «الحركة الشعبية» بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، إلى جانب «قوات الدعم السريع»، وفصائل عسكرية أخرى في «تحالف السودان التأسيسي» (تأسيس).

ومطلع الأسبوع الحالي سيطرت «قوات تأسيس» على بلدة برنو، التي تبعد نحو 30 كيلومتراً من مدينة كادوقلي، وبدأت تتوغل في المناطق الجبلية المحيطة بها.

من جهة ثانية، أفادت مصادر عسكرية بأن الجيش السوداني شن هجمات بالطائرات المسيّرة الانتحارية والقتالية، على مواقع عدة لتمركزات «قوات الدعم السريع» حول مدينتي كادوقلي والدلنج، في محاولة لإيقاف تقدمها في الولاية.

وكانت منصات «الدعم السريع» قد تحدثت في الأيام الماضية عن تحشيد كبير لقواتها في مناطق بالقرب من كادوقلي بهدف تكثيف الضغط على الجيش والقوات المتحالِفة معه، وتعزيز مواقعها للارتكاز في مناطق استراتيجية بهدف تمهيد الطريق لمهاجمة المدينة.

وأدى الحصار الخانق على حاضرة جنوب كردفان إلى خلق أزمة إنسانية كبيرة جراء النُّدرة الكبيرة في السلع الغذائية والدوائية.

ويستمر، منذ أشهر، خروج الرجال والنساء والأطفال من المدينة المحاصَرة، إلى مناطق تقع بالقرب من معقل سيطرة قوات «الحركة الشعبية» في مدينة كاودا في منطقة جبال النوبة.

وتسيطر «قوات تأسيس» فعلياً على كل المناطق حول مدن جنوب كردفان، وفي الوقت نفسه تفرض رقابة مشددة على حركة التجارة، وتقطع طرق وخطوط الإمداد للجيش السوداني والفصائل المسلحة المتحالفة معه، المحاصرة داخل كادوقلي.

وفي وقت سابق سيطرت «الحركة الشعبية» على مناطق الكرقل والدشول، الواقعة على الطريق الرئيسي المؤدي إلى الدلنج، ثاني أكبر مدن الولاية، التي تعاني من أوضاع مماثلة لما تشهده عاصمة الولاية. ويتهم تحالف «تأسيس» الجيش السوداني والقوات المتحالفة، بعدم السماح للمدنيين بالمغادرة واستخدامهم دروعاً بشرية، على غرار ما حدث في الفاشر.

وحسب المصادر ذاتها، إن «قوات تأسيس» تُرابط على امتداد الطرق لتأمين خروج المدنيين المرضى وكبار السن من كادوقلي الفاشر إلى كل الجهات الآمنة نسبياً، مقارنة بالأوضاع في المدينة.

وذكرت وكالات الإغاثة العاملة في المنطقة أن مئات الأسر الفارّة بسبب القصف المدفعي والمسّيرات في كادوقلي تتجه إلى المناطق الآمنة حولها، لكنها بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة.


قوى المعارضة الجزائرية تقرر العودة للمنافسة الانتخابية

جانب من مظاهرات الحراك الشعبي عام 2019 (أرشيفية)
جانب من مظاهرات الحراك الشعبي عام 2019 (أرشيفية)
TT

قوى المعارضة الجزائرية تقرر العودة للمنافسة الانتخابية

جانب من مظاهرات الحراك الشعبي عام 2019 (أرشيفية)
جانب من مظاهرات الحراك الشعبي عام 2019 (أرشيفية)

تستعدّ قوى المعارضة الجزائرية للعودة إلى المشاركة في المنافسة الانتخابية، في تحوّل لافت عن سياسة المقاطعة والابتعاد التي وًسَمت انتخابات عام 2021 في ظل الحراك الشعبي المعارض آنذاك. ومع اقتراب الاستحقاقات التشريعية والبلدية المرتقبة قبل نهاية عام 2026، أعلنت تشكيلات سياسية عدة عن قرارها رسمياً بالانخراط في السباق، مُنهية بذلك فترة طويلة من الغياب والترقب السياسي.

وفي سياق التحضيرات للانتخابات البرلمانية والبلدية المقبلة، كان آخر حزب أعلن مشاركته هو «جيل جديد»، حيث قررت هيئاته القيادية في اجتماعها يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي المشاركة بشكل «مبدئي» في الاستحقاقات المقبلة. وبرّر الحزب قراره بالاعتقاد أن «العمل السياسي السلمي والمنظم يظل أداة أساسية للتغيير الديمقراطي وبناء دولة القانون»، وفق بيان صادر عنه. كما قدّم تشخيصاً حاداً للوضع الوطني، مشيراً إلى «أزمة ثقة مستمرة بين المواطنين والمؤسسات»، إلى جانب «بطء الإصلاحات الهيكلية وتضييق الفضاءين السياسي والإعلامي».

رئيس حزب «جيل جديد» لخضر أمقران (إعلام حزبي)

وأكد الحزب، الذي تسلم قيادته حديثاً الطبيب لخضر أمقران خلفاً لسفيان جيلالي، أن الدولة شهدت بعض الجوانب الإيجابية المتعلقة باستقرارها، مشدداً على ضرورة إطلاق «حوار وطني شامل» بوصفه السبيل الوحيد لإعادة تأسيس الدولة واسترجاع شرعية المؤسسات.

مشاركة مشروطة

ومع ذلك، تبقى المشاركة في الانتخابات مشروطة بمطالب عدة، وفقه، أبرزها «فتح حقيقي للمجال السياسي، واحترام الحريات العامة، والإفراج عن معتقلي الرأي، وحياد الإدارة، ومراجعة قانون الانتخابات، وتعزيز صلاحيات السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات».

يذكر أن الرئيس عبد المجيد تبون صرّح في مارس (آذار) الماضي بأنه ملتزم إطلاق «حوار وطني شامل مع نهاية عام 2025 أو بداية عام 2026»، مؤكداً أن هذا الموعد يتيح فرصة لمعالجة المشكلات الموروثة وسدّ الثغرات قبل الانطلاق في النقاش السياسي الواسع، دون تحديد القضايا التي سيناقشها الحوار المرتقب.

رئيس حزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» عثمان معزوز (إعلام حزبي)

وفي خطوة وُصفت بـ«المفاجأة السياسية»، قرر «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، الذي يمثل المعارضة الراديكالية، إنهاء سياسة المقاطعة التاريخية، معلناً دخول المعركة الانتخابية. وعدّ رئيس الحزب، عثمان معزوز، خلال اجتماع لـ«المجلس الوطني» للحزب، أن العودة إلى المسار الانتخابي تمثل «مسؤولية تاريخية»، مؤكداً أن قوى المعارضة «لا يمكنها الاكتفاء بالانسحاب الذي قد يترك المجال مفتوحاً أمام التعسف، بل وجب إيصال صوت التغيير إلى مراكز القرار حتى داخل الفضاءات» التي وصفت بأنها «غير مكتملة ومغلقة». وبالنسبة إلى الحزب، فإن الانخراط المؤسساتي لا يعني الصمت، «بل هو استثمار في الميدان لنقل الصراع الديمقراطي إلى الداخل والدفاع عن سيادة المواطن»، محذراً في الوقت ذاته من مخاطر التلاشي السياسي والاستسلام الجماعي.

وعلى غرار «جيل جديد»، ربطت قوى المعارضة مشاركتها بـ«ضمانات» واشتراطات، على رأسها «الفتح الفعلي للمجالين السياسي والإعلامي»، وإطلاق إجراءات تهدئة تشمل الإفراج عن معتقلي الرأي، مع التشديد على ضرورة حياد الإدارة ووقف التدخلات الأمنية في المسار الانتخابي لضمان شفافية الاقتراع.

الأمينة العامة لـ«حزب العمال» لويزة حنون (إعلام حزبي)

تعهدات رئاسية

وتتقاطع هذه التحركات مع تعهدات الرئيس تبون بإطلاق حوار وطني شامل مع نهاية عام 2025 أو بداية عام 2026، وهو الموعد الذي يراه الرئيس فرصة لمعالجة المشكلات الموروثة، وسد الثغرات، قبل الانطلاق في النقاش السياسي الواسع، وفق تصريحات له بهذا الشأن أطلقها في مارس الماضي، بينما تعتزم المعارضة تحويل المجالس المنتخبة المقبلة إلى «منابر للمقاومة الديمقراطية وكشف تجاوزات النظام».

وبهذا التحول، يلتحق حزبا «جيل جديد» و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» بكل من «جبهة القوى الاشتراكية» المعروف اختصاراً بـ«أفافاس»، و«حزب العمال»، اللذين كانا قد استبقا الجميع بإعلان نية العودة إلى صناديق الاقتراع. وقد رسم «أفافاس» موقفه رسمياً خلال دورة «مجلسه الوطني» مطلع الشهر الماضي، واصفاً هذا الخيار بأنه «قرار قناعة ومسؤولية يقع في قلب استراتيجيتنا النضالية».

السكرتير الأول لـ«جبهة القوى الاشتراكية» يوسف أوشيش (إعلام حزبي)

وبالنسبة إلى أقدم حزب معارض في البلاد، فإن الغاية من المشاركة تبدو واضحة في أبعادها، وهي «إعادة الاعتبار للعمل السياسي الجاد، وترميم جسور الثقة المنهارة بين المواطن والمؤسسات»، وصولاً إلى «إفراز مجالس منتخبة تملك صلاحيات فعلية لممارسة الرقابة على السلطة». ومع ذلك، فإن قرار «القوى الاشتراكية» لم يخرج عن قاعدة «المشاركة المشروطة» التي تبنتها بقية أطياف المعارضة؛ إذ رهن الحزب نجاح هذا المسار بتوفر «قواعد لعب عادلة، ومراجعة جذرية لقانون الانتخابات، وتقديم ضمانات سياسية ملموسة تكون كفيلة بكسر حاجز العزوف الشعبي ومواجهة مناخ انعدام الثقة السائد».

وتأتي هذه الديناميكية الجماعية لعودة المعارضة إلى المسار الانتخابي في توقيت سياسي بالغ التعقيد؛ حيث تتقاطع طموحات التغيير من الداخل مع مخاوف قديمة من التزوير أو إعادة إنتاج الممارسات السابقة. ويصطدم هذا الرهان، في تقدير مراقبين، بواقع اقتصادي - اجتماعي ضاغط، يجعل من مهمة تعبئة الشارع وإقناع المواطن بجدوى الصندوق تحدياً مصيرياً أمام أحزاب تجد نفسها اليوم في اختبار صعب: إما إثبات قدرتها على التأثير من داخل المؤسسات، وإما المجازفة بالتلاشي في ظل مناخ سياسي لا يزال يفتقر إلى كثير من مقومات الانفتاح.

Cannot connect to https://api-fallback.languagetool.org/v2/check—please check your internet connection or try again in a minute (#1, code=0)


جدل في ليبيا يستبق تعديلاً وزارياً مرتقباً في «حكومة الوحدة»

رئيس حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة في اجتماع مع مسؤولي المؤسسة الوطنية للنفط - 14 ديسمبر (مكتب الدبيبة)
رئيس حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة في اجتماع مع مسؤولي المؤسسة الوطنية للنفط - 14 ديسمبر (مكتب الدبيبة)
TT

جدل في ليبيا يستبق تعديلاً وزارياً مرتقباً في «حكومة الوحدة»

رئيس حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة في اجتماع مع مسؤولي المؤسسة الوطنية للنفط - 14 ديسمبر (مكتب الدبيبة)
رئيس حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة في اجتماع مع مسؤولي المؤسسة الوطنية للنفط - 14 ديسمبر (مكتب الدبيبة)

استقبلت الأوساط السياسية في ليبيا إعلان رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، عزمه إجراء تعديلات وزارية مرتقبة، بكثير من الجدل والتكهنات، فيما عزا الدبيبة هذا الإجراء المرتقب إلى «سدّ الشواغر ورفع كفاءة الجهاز التنفيذي».

وجاءت التباينات - التي تستبق التعديلات - في اتجاهين؛ حيث يرى الأول في التعديلات مؤشراً على تفاهمات غير معلنة مع خصوم «الوحدة» في الشرق والجنوب، تمهيداً لتشكيل «حكومة موحدة» برعاية قوى غربية منخرطة في الملف الليبي، فيما عدّها الاتجاه الآخر خطوة لإعادة ترتيب وتحصين الجبهة السياسية والأمنية الداعمة للدبيبة.

وبالتوازي مع ذلك، فتح الإعلان باب التكهنات بشأن مصير الوزراء الحاليين، بين من سيحتفظ بمنصبه ومن سيغادره، ما زاد من حدة الجدل حول ملامح التوازنات السياسية والأمنية التي قد تفرزها هذه التعديلات، المتوقع الكشف عنها قبل نهاية العام الحالي.

ووصف عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، علي التكبالي، التعديلات المرتقبة، بأنها «مناورة لكسب الوقت» وتعزيز حضور حكومة «الوحدة» في غرب البلاد، بما يضمن عدم تجاوزها أو تهميشها، في ظل المبادرات المطروحة لحل الأزمة، وفي مقدمتها الخريطة الأممية والمساعي الأميركية.

وتساءل التكبالي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، عن أسباب تأخر الدبيبة في معالجة الشغور القائم منذ فترة طويلة في أكثر من 15 وزارة من أصل 35، من بينها حقائب سيادية وخدمية مهمة؛ كالتعليم والصحة.

وتعيش ليبيا حالة ازدواجية في السلطة بين حكومة «الوحدة» التي تتخذ من العاصمة بالغرب الليبي مقراً لها، وحكومة أسامة حمّاد المكلّفة من البرلمان والمدعومة من قائد «الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر، التي تدير المنطقة الشرقية وأجزاء واسعة من الجنوب.

ومنذ تشكيلها عام 2021، واجهت حكومة «الوحدة» أزمات متلاحقة، تمثلت في اتهام وإدانة 5 وزراء على الأقل، إضافة إلى استقالة عدد من أعضائها دعماً للحكومة التي شكّلها البرلمان مطلع عام 2022، فضلاً عن استقالات أعقبت احتجاجات شعبية على خلفية اشتباكات مسلحة شهدتها العاصمة قبل أشهر.

وأشار التكبالي إلى «فشل محتمل لمساعي الدبيبة لإدماج عناصر مقربة من القوى السياسية والعسكرية في الشرق الليبي»، موضحاً أنه «يسعى إلى قطع الطريق أمام تنفيذ الخريطة الأممية التي تتضمن تشكيل حكومة موحدة جديدة لعموم ليبيا، بما يعني عملياً إزاحة حكومته، ولذلك يحاول ضم وزراء من الشرق لإظهار حكومته بوصفها أمراً واقعاً موحداً».

ومع تجدد الاهتمام الأميركي بالملف الليبي خلال الأشهر الأخيرة، يرى مراقبون أن واشنطن تعمل على بلورة صفقة غير معلنة لتقاسم النفوذ بين القوى الفاعلة على الأرض، تحديداً بين حفتر والدبيبة، قد تفضي إلى تشكيل حكومة مشتركة بين الطرفين.

أما فيما يتعلق بموقف البرلمان من التعديلات، فاكتفى التكبالي بالتذكير بأن مجلس النواب سحب الثقة من حكومة الدبيبة في سبتمبر (أيلول) 2021، ويعدّها منتهية الولاية، مرجحاً «عدم الاكتراث بهذه التعديلات من قبل أطراف عدة، بما في ذلك البعثة الأممية».

وقبل أيام قليلة وخلال إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي، قالت المبعوثة الأممية إلى ليبيا، هانا تيتيه، إنها أُحيطت علماً بإعلان حكومة الوحدة بشأن التعديلات، لكنها «ليست على اطلاع على تفاصيلها».

وانضم التكبالي إلى آراء بعض المراقبين الذين يرون أن «التعديل حال تحققه لن يمس وزير الدولة لشؤون الاتصال وليد اللافي، مقابل رهان واسع على استبعاد وزير الداخلية المكلف عماد الطرابلسي»، لافتاً إلى أن استبعاد الأخير «سيبقى مرهوناً بالتوصل إلى تفاهمات مع مدينة الزنتان، مسقط رأسه، حتى لا تفقد الحكومة دعم هذه المدينة المهمة الواقعة شمال غربي البلاد».

ويرى سياسيون مقرّبون من «الوحدة» أن التعديلات تستهدف تعزيز التحالف الداعم للحكومة، لا سيما في ظل تغير خريطة النفوذ الأمني في طرابلس، ونجاح الدبيبة في تقليص نفوذ بعض المجموعات المسلحة لصالح أخرى أقرب إليه، وهو ما قد ينعكس على التشكيلة الحكومية.

أما الناشط السياسي الليبي أسامة الشحومي، فيذهب إلى أن «هناك بصمات أميركية تقف وراء التعديلات المرتقبة، وقد تمهّد لتشكيل حكومة تضم ممثلي القوى الفاعلة في شرق وغرب البلاد». واستند الشحومي في رؤيته إلى «تكرار زيارات مسؤولين أميركيين عسكريين ودبلوماسيين إلى ليبيا».

وسلط الشحومي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، الضوء على تمكن مسعد بولس، مستشار الرئيس الأميركي، قبل أشهر، من جمع كل من نائب قائد «الجيش الوطني» الفريق أول صدام حفتر، ومستشار رئيس حكومة «الوحدة» إبراهيم الدبيبة، في روما، حيث نوقشت خطوات عملية لتوحيد المؤسسات.

كما أشار إلى «رعاية واشنطن للتوصل إلى اتفاق يحدد قنوات الإنفاق على مشروعات التنمية في شرق وغرب البلاد، التي كانت في مقدمة أسباب الخلاف بين الجانبين»، معتبراً أن ذلك «قد يفتح الباب أمام صيغة جديدة لتقاسم السلطة».

ويتوقع أن «سلطات الشرق ربما لن تتنازل عن ثلثي مقاعد الحكومة الجديدة، بما فيها وزارات سيادية كالمالية والدفاع، مما يمثل شروطاً صعبة على الدبيبة».

وتوسّط المحلل السياسي محمد محفوظ، هذه الآراء، معتبراً أن المفاوضات ستستمر حتى اللحظات الأخيرة قبل إعلان التعديلات، ما يصعّب الجزم بمآلاتها. وقال محفوظ لـ«الشرق الأوسط»، إن صدام حفتر «قد يكون من بين الشخصيات الأكثر قابلية للتوافق في معسكر الشرق، مع طرح تشكيل حكومة موحدة مع الدبيبة، في إطار مساعٍ أميركية لإيجاد صفقة تقاسم جديدة»، وفق اعتقاده، لكنه يرى أن الأمر لا يزال غير محسوم.

وخلص محفوظ إلى أن أي تعديل، سواء أفضى إلى «صفقة تقاسم أم لا، لن يكون سهلاً، وسيخضع لاعتبارات سياسية وأمنية معقدة»، مؤكداً أن «هذه التعديلات لن تدعم بالضرورة تطلعات الليبيين نحو الانتخابات؛ بل قد تؤدي إلى إبعادها أكثر».