إغلاق المنشآت النفطية يُعمِّق أزمة «الوحدة» الليبية

«ثوار الزنتان» يطالبون بـ«إسقاط حكومة الدبيبة» تزامناً مع حراك مماثل بمصراتة والزاوية

صورة أرشيفية للدبيبة وهو يتلقى تكريما من وفد اتحاد عمال النفط والغاز( حكومة الوحدة)
صورة أرشيفية للدبيبة وهو يتلقى تكريما من وفد اتحاد عمال النفط والغاز( حكومة الوحدة)
TT

إغلاق المنشآت النفطية يُعمِّق أزمة «الوحدة» الليبية

صورة أرشيفية للدبيبة وهو يتلقى تكريما من وفد اتحاد عمال النفط والغاز( حكومة الوحدة)
صورة أرشيفية للدبيبة وهو يتلقى تكريما من وفد اتحاد عمال النفط والغاز( حكومة الوحدة)

بينما جددت فرنسا مساعيها للوساطة بين رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة، لاستئناف محادثاتهما بشأن القوانين المنظمة للانتخابات المؤجلة، عمَّقت عناصر جهاز حرس المنشآت النفطية أزمة حكومة «الوحدة» (المؤقتة)، برئاسة عبد الحميد الدبيبة بعد تهديدها مجدداً بإغلاق مواقع نفطية في جنوب غربي البلاد.

والتزمت حكومة «الوحدة»، اليوم (السبت)، الصمت حيال إعلان عناصر من جهاز حماية المنشآت النفطية إغلاق حقلَي الفيل والبوري بالحمادة، بعد انتهاء المهلة التي منحوها للدبيبة؛ حيث هدد حرس المنشآت بالجنوب الغربي بإغلاق كافة الحقول الواقعة في نطاقهم، في حال عدم تسوية أوضاعهم. واتهموا حكومة «الوحدة» بعدم الالتزام بتنفيذ وعودها بصرف مستحقاتهم.

وحسب مراقبين «فقد تم التهديد أخيراً بإغلاق مصفاة الزاوية، ومجمعي مليتة ومصراتة النفطيين، في إطار مطالبة عناصر جهاز حماية المنشآت لحكومة الوحدة بتحسين أوضاعهم».

حقل بترول في مدينة راس لانوف شمال ليبيا (أ.ف.ب)

ولم تعلِّق حكومة الدبيبة، أو مؤسسة النفط التابعة لها، على هذه التطورات، بينما رصدت وسائل إعلام محلية، شعارات، مساء الجمعة، وسط مدينة الزنتان، طالب فيها «حراك ثوار الزنتان» بـ«إسقاط حكومة الدبيبة» تزامناً مع حراك مماثل في مدينتَي مصراتة والزاوية.

غير أن الدبيبة تجاهل هذه التطورات؛ لكنه أكد في المقابل خلال افتتاحه اليوم (السبت) قاعة جامعية بمدينة مصراتة، ومنتدى العمران في دورته الرابعة، أن الاستثمار العقاري «يعد أحد الركائز الرئيسية للاقتصاد الليبي في وقتنا الحاضر»؛ مشيراً إلى أن «الحكومة تسعى لتقديم دعمها الكامل لملف الاستثمار العقاري، وإتاحة الفرص الاستثمارية وتمويلها بشكل منظم».

في غضون ذلك، نقلت وسائل إعلام محلية، اليوم (السبت)، عن مصدر برئاسة المجلس الأعلى للدولة، قوله إن تكالة تلقى بالفعل دعوة رسمية لزيارة فرنسا التي وجهت في السابق دعوة مشابهة لصالح. في حين أكد مصدر بمجلس النواب الليبي لـ«الشرق الأوسط»، اشترط عدم تعريفه، أن «هناك مساعي فرنسية لعقد اجتماع في العاصمة الفرنسية باريس، بين تكالة وصالح، لاستكمال مشاوراتهما التي تمت سابقاً في القاهرة بشأن الوضع السياسي العام، وقوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة منذ نحو عامين».

في سياق ذلك، قال السفير الفرنسي لدى ليبيا، مصطفى مهراج، إنه ناقش مع مجلس نالوت البلدي، بحضور عميد البلدية عبد الوهاب الحجام، ما وصفه بـ«الإشكاليات المحلية وآفاق التعاون مع المؤسسات الفرنسية».

اجتماع سابق لتكالة مع سفير فرنسا (المجلس الأعلى للدولة)

من جهة ثانية، طلب النائب العام الليبي، الصديق الصور، رسمياً، من مديرية أمن طرابلس، اعتقال المتورطين في مقتل 10 أشخاص، من بينهم عناصر أمنية، في ضاحية أبو سليم بالعاصمة طرابلس أخيراً.

وقال الصور في بيان، اليوم (السبت)، إنه أمر بضبط وإحضار المتهمين بارتكاب هذه الواقعة، لافتاً إلى أن سلطة التحقيق، وبعد إجراءات جمع الأدلة، وضعت يدها على أدلة أسهمت في فهم ظروف ملابسات الحادثة ومعرفة الجناة. وأوضح أن النيابة العامة كانت قد تلقت بلاغاً انطوى على إثبات حادثة القتل التي وقعت في منزل بمنطقة أبو سليم لأسباب مُتباينة؛ مشيراً إلى أن معاينة وفحص أجساد الضحايا أثبتا الإصابات التي لحقت بها؛ وتعرض المجني عليهم لأعيرة نارية.

الصديق الصور النائب العام الليبي (مكتب النائب العام)

وكانت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» قد أعلنت قبل أيام العثور على 10 أشخاص مقتولين في منزل بمنطقة أبو سليم بطرابلس، بينهم عناصر في «جهاز الدعم والاستقرار» التابع للحكومة، فيما باتت تعرف إعلامياً بـ«مذبحة طرابلس»، وسط تنديد محلي وأممي بملابسات الحادثة التي تعيد إلى الأذهان «حالة الفوضى الأمنية وهيمنة الميليشيات المسلحة على مقاليد الأمور في العاصمة»، وفق المراقبين.

ورجحت مديرية أمن طرابلس، في وقت سابق «تورط مجموعة مسلحة، لم تحددها»؛ لكنها تعهدت بضمان عدم إفلات الجناة من العقاب، والقيام بضبطهم، بينما اكتفى «جهاز الدعم والاستقرار» بنعي اثنين من عناصره ضمن ضحايا الحادثة.


مقالات ذات صلة

ليبيون يتساءلون عن أهداف زيارة رئيس «النواب» إلى إيطاليا

شمال افريقيا رئيس مجلس النواب الإيطالي لورينزو فونتانا مستقبلاً عقيلة صالح (مكتب صالح)

ليبيون يتساءلون عن أهداف زيارة رئيس «النواب» إلى إيطاليا

انشغلت الأوساط السياسية في ليبيا بالزيارة الأخيرة التي أجراها رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، إلى العاصمة الإيطالية، الأسبوع الماضي.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي في لقاء سابق مع رئيس «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة (الوحدة)

«الرئاسي» الليبي يتحدى «النواب» بشأن «مفوضية الاستفتاء»

أعلن المجلس الرئاسي الليبي، الأربعاء، اعتزامه «تفعيل عمل (المفوضية الوطنية للاستفتاء والاستعلام الوطني) رغم اعتراضات مجلس النواب».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا رئيس حكومة «الوحدة» خلال زيارة سابقة إلى تاورغاء وبجواره عميد البلدية عبد الرحمن الشكشاك (الوحدة)

ليبيا: عودة الاحتقان إلى تاورغاء بعد 6 أعوام من «المصالحة» مع مصراتة

وسط دعوات لوقفات احتجاجية يرفض سكان مدينة تاورغاء قراراً أصدره رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة بضمها بوصفها فرعاً بلدياً إلى جارتها مصراتة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صورة وزعها مجلس النواب لاجتماع رئيسه صالح مع خوري في القبة

ترقب ليبي بعد إعلان صالح وخوري اتفاقهما على تشكيل «حكومة موحدة»

في ظل الصراع على السلطة في ليبيا، أعلن صالح، رئيس مجلس النواب، اتفاقه مع المبعوثة الأممية بالإنابة على تشكيل حكومة «موحدة»، دون توضيح آلية تشكيل هذه الحكومة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا بلقاسم حفتر مستقبِلاً المبعوثة الأممية بالإنابة إلى ليبيا ستيفاني خوري (صندوق التنمية والإعمار)

خوري تناقش مع بلقاسم حفتر سبل ضمان التنمية العادلة لـ«جميع الليبيين»

قالت المبعوثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني خوري، إنها عقدت اجتماعاً مع مدير «صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا»، ناقشا فيه ضمان التنمية العادلة لجميع مناطق البلاد.

خالد محمود (القاهرة)

مسؤولون مصريون سابقون يدرسون تدشين «حزب جديد» استعداداً للانتخابات البرلمانية

الفعالية التي نظمها «اتحاد القبائل والعائلات المصرية» في القاهرة (الاتحاد)
الفعالية التي نظمها «اتحاد القبائل والعائلات المصرية» في القاهرة (الاتحاد)
TT

مسؤولون مصريون سابقون يدرسون تدشين «حزب جديد» استعداداً للانتخابات البرلمانية

الفعالية التي نظمها «اتحاد القبائل والعائلات المصرية» في القاهرة (الاتحاد)
الفعالية التي نظمها «اتحاد القبائل والعائلات المصرية» في القاهرة (الاتحاد)

من رَحِم «اتحاد القبائل والعائلات المصرية»، يدرس مسؤولون مصريون سابقون، وشخصيات عامة، تدشين حزب «سياسي جديد»، استعداداً للمنافسة في الانتخابات البرلمانية المقرر عقدها العام المقبل، ليكون الحزب الوليد «الصوت السياسي» للاتحاد الذي يرأسه رجل الأعمال السيناوي، إبراهيم العرجاني.

وأثار «اتحاد القبائل والعائلات المصرية» جدلاً في الساحة السياسية المصرية منذ إعلان تأسيسه في مايو (أيار) الماضي، برئاسة العرجاني، الذي سبق أن استعانت به السلطات المصرية في حربها ضد «التنظيمات الإرهابية» بشمال سيناء.

وحسب مصدر برلماني تحدث لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم ذكر اسمه، فإن «اتحاد القبائل الذي تشكّل في الأساس بوصفه جمعية أهلية يرغب في لعب دور سياسي». وقال: «يجري الآن الإعداد لتشكيل حزب جديد يكون الصوت السياسي للاتحاد ويشارك في الانتخابات البرلمانية المقبلة». لافتاً إلى أن «رئيس البرلمان السابق علي عبد العال، ووزير الإسكان السابق عاصم الجزار مرشحان لرئاسته».

ومن المقرر إجراء انتخابات مجلس النواب المصري (البرلمان) في نهاية عام 2025، قبل 60 يوماً من انتهاء مدة المجلس الحالي في يناير (كانون الثاني) 2026؛ وذلك تطبيقاً لنص المادة 106 من الدستور المصري.

وتحدث البرلماني المصري السابق، القيادي في حزب «المصريين الأحرار»، عاطف مخاليف، عن «عقد اجتماع أولي، لدراسة خطوة تأسيس حزب سياسي جديد، من رَحِم اتحاد القبائل المصرية»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «شارك في الاجتماع العرجاني، و10وزراء سابقين، كان من بينهم وزير الإسكان السابق عاصم الجزار، ووزير الزراعة السابق السيد القصير، ووزيرة التضامن السابقة نيفين القباج»، إلى جانب «برلمانيين حاليين وسابقين، كان من بينهم رئيس مجلس النواب السابق، علي عبد العال».

وأوضح مخاليف، الذي حضر الاجتماع، أن «الحزب الجديد، يسعى للمنافسة في الانتخابات البرلمانية وفق برنامج يجري إعداده حالياً»، مشيراً إلى أنه «من المقرر عقد اجتماع آخر قريباً لمناقشة الصيغة القانونية لتأسيس الحزب، وجمع توكيلات من المؤسسين، والاتفاق على اسم الحزب، والهيئة التأسيسية له».

ويشترط قانون الأحزاب المصري، تقديم إخطار للجنة شؤون الأحزاب (لجنة قضائية)، مصحوباً بتوكيلات 5 آلاف عضو من المؤسسين على الأقل، على أن يكونوا من 10 محافظات على الأقل، بما لا يقل عن 300 عضو من كل محافظة، ويعدّ الحزب مقبولاً بمرور 30 يوماً على تقديم إخطار التأسيس دون اعتراض لجنة شؤون الأحزاب عليه.

جانب من حضور فعالية «اتحاد القبائل والعائلات المصرية» بالقاهرة ويظهر في الصورة علي عبد العال وعاصم الجزار (الاتحاد)

ولم يعلن «اتحاد القبائل والعائلات المصرية» رسمياً حتى الآن عن رغبته في تأسيس الحزب، وأشار في بيان نشره عبر صفحته على «فيسبوك»، إلى «تنظيم فعالية كبرى» في القاهرة، مساء الثلاثاء، «في إطار دوره الوطني والمجتمعي، جمعت تحت مظلتها نخبة من القيادات الشعبية وقيادات الاتحاد، إلى جانب ممثلي القبائل والعائلات من مختلف المحافظات؛ بهدف تعزيز الوحدة الوطنية وترسيخ القيم المجتمعية»، ظهر من بينهم الجزار، والقصير، والقباج، وعبد العال.

وقال الاتحاد، إن اللقاء شهد «تسليط الضوء على الجهود الرامية للاتحاد، بما يشمل مجالات سياسية والمساهمة في دعم المشروعات التنموية الكبرى».

وبحسب نائب رئيس «اتحاد القبائل والعائلات المصرية»، أحمد رسلان، فإن «الاجتماع الذي عُقد في القاهرة أخيراً، كان اجتماعاً تنظيمياً للاتحاد، ولم يناقش أمر تأسيس حزب سياسي»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الاجتماع ناقش ترتيبات الاتحاد خلال الفترة المقبلة».

وأثارت الأنباء المتعلقة بعزم «اتحاد القبائل والعائلات المصرية» تأسيس حزب سياسي، تساؤلات بشأن طبيعة الحزب، ودوره في المرحلة المقبلة، لا سيما أن «رؤية الحزب الجديد وبرنامجه لم يتحددا بعد»، وفق مخاليف الذي أشار إلى أن «الحزب سيتبنى فكراً قومياً وسطياً، ولن ينحاز إلى آيديولوجيا سياسية معينة».

وكان «اتحاد القبائل والعائلات المصرية»، أعلن، عند تأسيسه، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رئيساً شرفياً له، وقال إنه يستهدف «دعم عملية البناء والتنمية» في البلاد. وشهد السيسي، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، احتفالية نظمها الاتحاد بمناسبة الذكرى الـ51 لـ«انتصارات أكتوبر» 1973.

تلسكوب برج القاهرة يمنحك رؤية بانورامية للقاهرة (الهيئة العامة للاستعلامات)

ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور مصطفى كامل السيد، أن «فكرة تأسيس الحزب، تخالف القانون المصري، الذي يحظر إقامة أحزاب على أساس طائفي أو طبقي أو ديني»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «الحزب لن يشكل إضافة؛ كون فلسفته قائمة على دعم الرئيس، وهي فكرة تجسدها أحزاب أخرى قائمة بالفعل».

وبينما أكد مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر، الدكتور عمرو الشوبكي، «مشروعية الفكرة من حيث المبدأ»، تساءل في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، عن «مدى الحاجة إلى حزب جديد مؤيد للرئيس، في ظل وجود أحزاب شبيهة»، مشيراً إلى أن «صيغة إنشاء الأحزاب في مصر تحتاج إلى مراجعة حتى تتمكن من إفراز كوادر سياسية حقيقية لها أرضية شعبية».

ويبلغ عدد الأحزاب المشهرة قانوناً في مصر نحو 87 حزباً سياسياً، وفق الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهوري» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

من جانبه، أكد رئيس حزب «المصريين الأحرار»، عصام خليل، لـ«الشرق الأوسط» أن التحدي الأساسي أمام الحزب الجديد، يكمن في «قدرته على التأثير في الشارع»، راهناً نجاح الحزب الوليد بـ«عدد المقاعد التي سيحصدها في البرلمان المقبل».

وعدّ المتحدث باسم حزب «حماة الوطن»، عمرو سليمان، الحزب الجديد «إثراءً للتنافس السياسي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ظهور أحزاب جديدة، أمر طبيعي مع قرب الاستحقاق البرلماني».