الجزائر: حقوقيون يطالبون بـ«حوار غير إقصائي» قبل «الرئاسية»

غياب أي مظاهر لذكرى الحراك الشعبي ضد ترشح بوتفليقة

صورة لمظاهرات الحراك الشعبي ضد ترشح الرئيس الرحل عبد العزيز بوتفليقة عام 2019 (حسابات ناشطين)
صورة لمظاهرات الحراك الشعبي ضد ترشح الرئيس الرحل عبد العزيز بوتفليقة عام 2019 (حسابات ناشطين)
TT

الجزائر: حقوقيون يطالبون بـ«حوار غير إقصائي» قبل «الرئاسية»

صورة لمظاهرات الحراك الشعبي ضد ترشح الرئيس الرحل عبد العزيز بوتفليقة عام 2019 (حسابات ناشطين)
صورة لمظاهرات الحراك الشعبي ضد ترشح الرئيس الرحل عبد العزيز بوتفليقة عام 2019 (حسابات ناشطين)

بينما دعا حقوقيون في الجزائر إلى إجراء «حوار وطني لا يقصي أحداً»، يبدأ - حسبهم - بإطلاق سراح معتقلي الرأي وإلغاء القوانين، التي تنص على إجراءات ردعية ضد معارضي النظام، أكدت الحكومة مجدداً أنه «لا يوجد في السجون أشخاص متابعون ولا مدانون بسبب التعبير عن الرأي»، وتنفي عنهم «صفة المعارضين السياسيين».

وصدرت هذه الدعوات عن منظمة «شعاع» الحقوقية، التي أكدت في بيان، مساء أمس (الخميس)، أن الحوار «ينبغي أن يكون بين كل القوى المتمسكة بمطالب الحراك»، الذي مرّ على اندلاعه خمس سنوات (22 فبراير/شباط 2019). كما دعت السياسيين إلى إطلاق «برنامج وطني ديمقراطي تشاركي، يعالج القضايا والمشاكل الحقوقية والسياسية والاقتصادية».

وطالب التنظيم السلطات بـ«وضع حد للتضييق على الحريات، ورفع العراقيل عن ممارسة الحريات الديمقراطية، وتحضير الظروف لتمكين الشعب من التعبير عن إرادته الحرة»، في إشارة، ضمناً، إلى انتخابات الرئاسة المقررة نهاية العام. مبرزاً أن الحراك «طالب بتغيير جذري لمنظومة الحكم، وبانتقال ديمقراطي عبر إصلاحات وبانفتاح سياسي حقيقي».

غياب أي مظاهر لذكرى الحراك الشعبي الذي قام ضد ترشح الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة (الشرق الأوسط)

وما لفت بمناسبة ذكرى الحراك الشعبي، الذي قام ضد ترشح الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، غياب أي مظهر لإحياء المناسبة من جانب السلطة، ومن جانب القوى السياسية المؤيدة والمعارضة لها. كما لم تتطرق الصحافة في غالبيتها للحدث. وباستثناء منشورات وتعليقات لناشطين ومناضلين سياسيين في منصات الإعلام الاجتماعي، الذين تفاعلوا مع ذكرى المظاهرات المليونية، لم يبد أن البلاد كانت على موعد، قبل سنوات قليلة، مع حدث سياسي استثنائي في تاريخها الحديث.

المقرّرة الأممية لأوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان التي زارت الجزائر نهاية 2023 مع قيادي برابطة حقوق الإنسان مقيم بأوروبا (حسابات حقوقيين)

غير أن شوارع العاصمة ومحاورها الرئيسية شهدت تواجداً مكثفاً لقوات الأمن، خاصة في الأماكن التي كانت منطلقاً للمظاهرات كل يوم جمعة عام 2019، مثل «ساحة أول مايو». كما لوحظ وضع نقاط مراقبة لرجال الدرك الوطني في الطرقات السريعة، خصوصاً عند مداخل العاصمة؛ ما أحدث ازدحام سيارات كبيراً. وأوحت هذه الحالة بأن الحكومة كانت تتخوف من قيام الاحتجاجات من جديد، بعد أن أوقفتها بالقوة في 2021 إثر عودتها مع انحسار وباء كورونا.

وتم هذا الانتشار الأمني في اليوم نفسه الذي سافر فيه الرئيس عبد المجيد تبون إلى مدينة تندوف (جنوب غرب)، للقاء الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني؛ الأمر الذي ترك انطباعا بأن هذه التعزيزات تمت من أجل تأمين تنقل تبون إلى مطار العاصمة.

الرئيس تبون مع رئيس «حركة مجتمع السلم» الإسلامية (الرئاسة)

وأطلق الرئيس منذ أشهر «حواراً سياسياً» مع الأحزاب المعارضة والموالية له، وذلك بتنظيم لقاءات مع قادتها في مقرّ الرئاسة. كان آخرها اللقاء الذي جمعه برئيس «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، عبد العالي حساني، الذي دعا الرئيس، حسب قياديين في الحزب، إلى «رفع القيود عن العمل السياسي، والإفراج عن الناشطين السياسيين لتهيئة الظروف المناسبة لإجراء الانتخابات، ووضع حد لتكميم وسائل الإعلام». ونقل القياديون ذاتهم عن تبون أنه «لم يصدر أي أمر بالتضييق على الناشطين السياسيين منذ توليه الحكم نهاية 2019»، وأن الدستور الذي وضعه في 2020، يكفل حسبه، «الحريات والممارسة الديمقراطية وحرية الصحافة».

لقاء بين الرئيس تبون وزعيمة حزب العمال في 11 ديسمبر 2023 (الرئاسة)

وأكد مناضلو أحزاب استقبل الرئيس زعماءها في حديث لهم مع «الشرق الأوسط» أن الرئيس تبون شدد في اجتماعاته بهم على أنه «حقق جزءاً كبيراً من مطالب الحراك، خاصة ما تعلق بإرساء دولة القانون والتصدي للفساد»، الذي تقول السلطات الحالية إنه «بلغ مستويات قياسية» في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة.

في المقابل، ذكرت «اللجنة الوطنية للإفراج مع معتقلي الحراك»، في تقرير حديث، أن عددهم بلغ 250، وأن الكثير منهم يتواجدون في السجن من دون محاكمة منذ أشهر طويلة.

وكانت السلطات استقبلت العام الماضي مقررين حقوقيين أمميين لإجراء معاينة، حول «الحالة الحقوقية» في البلاد. وأوصت تقاريرهم بعد نهاية مهامهم الحكومة بـ«التخلي عن الملاحقات الأمنية والمتابعات القضائية ضد النشطاء السلميين».


مقالات ذات صلة

استئناف الحوار بين الجزائر والنيجر بعد تصاعد الأزمة في 2023

شمال افريقيا سفير النيجر بالجزائر يسلم أوراق اعتماده للرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

استئناف الحوار بين الجزائر والنيجر بعد تصاعد الأزمة في 2023

يسعى وفد من حكومة النيجر يزور الجزائر حالياً، لطي خلاف حاد نشأ في صيف 2023 بسبب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم، واشتدت الأزمة باحتجاج نيامي على …

شمال افريقيا شبان جزائريون في العاصمة (أ.ب)

جزائريون يرحبون بحملة أمنية ضد «مؤثرين» على مواقع التواصل

«الدستور الجزائري ضمن الحريات، سواء على أرض الواقع أو في الفضاء الأزرق، لكن الحرية التي من شأنها أن تمس بفكر الآخر أو بأخلاقه أو بجسده، فهي مرفوضة».

شمال افريقيا الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة «مجموعة السبع» بإيطاليا يوم 13 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

جهود لتخفيف التوتر الحاد في العلاقات بين الجزائر وباريس

رشيد تمال، رئيس «مجموعة الصداقة البرلمانية الفرنسية - الجزائرية» بالغرفة البرلمانية العليا، «قد يلتقي نظراءه من مجلس الأمة الجزائري، لتناول الأزمة السياسية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
رياضة عالمية الجزائري إسماعيل بن ناصر لدى توقيعه لمرسيليا (أ.ف.ب)

مرسيليا يعول على الثنائي الجزائري غويري وبن ناصر لوقف هيمنة سان جيرمان

يعول مرسيليا على لاعبيه الجديدين، الثنائي الجزائري الدولي أمين غويري وإسماعيل بن ناصر، في محاولته الصعبة لمطاردة باريس سان جيرمان.

«الشرق الأوسط» (مرسيليا)
شمال افريقيا جولة حوار سابقة للرئيس تبون مع الأحزاب في 21 مايو 2024 (الرئاسة)

الجزائر: «القوى الاشتراكية» و«العمال» يطالبان بسحب تعديلات «تتعارض مع الديمقراطية»

دعا حزبان كبيران في المعارضة الجزائرية إلى سحب التعديلات، التي تعتزم الحكومة إدخالها على قانون الأحزاب، بدعوى أنها «تتعارض مع المكاسب الديمقراطية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

اتفاقيات جزائرية-نيجيرية-نيجرية لتسريع أنبوب الغاز العابر للصحراء

الجزائر ونيجيريا والنيجر توقع سلسلة اتفاقيات لتسريع إنجاز «مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء» (أ.ف.ب)
الجزائر ونيجيريا والنيجر توقع سلسلة اتفاقيات لتسريع إنجاز «مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء» (أ.ف.ب)
TT

اتفاقيات جزائرية-نيجيرية-نيجرية لتسريع أنبوب الغاز العابر للصحراء

الجزائر ونيجيريا والنيجر توقع سلسلة اتفاقيات لتسريع إنجاز «مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء» (أ.ف.ب)
الجزائر ونيجيريا والنيجر توقع سلسلة اتفاقيات لتسريع إنجاز «مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء» (أ.ف.ب)

وقّعت الجزائر ونيجيريا والنيجر الثلاثاء في الجزائر العاصمة سلسلة اتفاقيات لتسريع إنجاز «مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء» الذي يمتدّ لأكثر من أربعة آلاف كيلومتر لتصدير الغاز النيجيري إلى أوروبا، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.

ومن المفترض أن ينقل هذا الأنبوب عند اكتمال بنائه مليارات الأمتار المكعبة من الغاز النيجيري إلى النيجر ثم إلى الجزائر حيث يمكن بعد ذلك أن يتمّ تصديره إلى الاتحاد الأوروبي سواء عبر أنبوب «ترانسميد» الذي ينقل الغاز من الجزائر إلى إيطاليا عبر تونس، أو عبر تحويله إلى غاز طبيعي مسال ونقله على متن سفن شحن مخصصة لنقل هذا النوع من الوقود.

ووقّعت الدول الثلاث في العاصمة الجزائرية الثلاثاء عقودا بين الشركات النفطية التابعة لها، يتعلّق أحدها بـ«تحديث دراسة الجدوى» والآخر بـ«التعويض» في حين أنّ العقد الثالث هو اتفاق «عدم إفصاح». ونقلت الوكالة عن وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب قوله إنّ «هذا المشروع الطاقوي المهم والاستراتيجي يجسّد التعاون بين الدول الإفريقية للولوج الى الأسواق العالمية في مجال توريد الغاز الطبيعي».

كما أكّد الوزير على «الطابع الاستراتيجي الذي يكتسيه المشروع بالنسبة لإفريقيا ككلّ والذي من شأنه نقل من 20 إلى 30 مليار م3 سنويا من الغاز من نيجيريا مرورا بالنيجر والجزائر نحو الأسواق الدولية، لا سيّما أوروبا».

وفي يوليو (تمّوز) 2022، وقّعت الجزائر وأبوجا ونيامي خلال اجتماع وزاري مذكرة تفاهم لبناء خط أنابيب غاز بطول 4128 كيلومترا عبر الصحراء الكبرى، لكن من دون تحديد تاريخ إنجازه. وعندما تمّ إطلاق المشروع في 2009، قُدِّرت تكلفة بنائه بنحو 10 مليارات دولار. ومن المفترض بهذا الخط أن يزوّد أيضا دول الساحل بالغاز.

وتلقّى المشروع دفعة نحو الأمام في ظلّ الوضع الجيوسياسي الراهن بعد أن زاد الطلب الدولي على الغاز والنفط وارتفعت أسعارهما في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا في نهاية فبراير (شباط) 2022.