الرباط وباريس تحضّران لزيارة وزير خارجية فرنسا إلى المغرب

بينما يحاول البلدان الخروج من الجمود الذي طغى على العلاقات الثنائية

وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه (أ.ف.ب)
TT

الرباط وباريس تحضّران لزيارة وزير خارجية فرنسا إلى المغرب

وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه (أ.ف.ب)

تُعِدّ باريس والرباط لزيارة يقوم بها وزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورنيه، إلى المغرب «في الأيام المقبلة»، بينما يحاول البلدان الخروج من الجمود الذي طغى على العلاقات الثنائية في السنوات الأخيرة.

وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية كريستوف لوموان، في تصريحات نقلتها «وكالة الصحافة الفرنسية»، اليوم (الخميس)، إن «هناك رغبة واضحة للغاية من جانب الوزارة في الاستثمار في العلاقات الفرنسية - المغربية»، مضيفاً أنّ «الفكرة تتمثّل في كتابة فصل جديد، وتبنّي أجندة سياسية جديدة»، مشيراً إلى أنّه من الضروري «إعادة العلاقات إلى حركة ديناميكية إيجابية».

وشهدت السنوات الأخيرة توترات قوية للغاية بين المغرب وفرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، حيث تقيم جالية مغربية كبيرة. ويتمثل السبب وراء ذلك في سياسة التقارب مع الجزائر، التي سعى إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بينما قطعت الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط في عام 2021. كما أدّى تصويت البرلمان الأوروبي في يناير (كانون الثاني) 2023 على قانون أدان تدهور حرية الصحافة في المغرب، إلى إثارة غضب الرباط. وكان ستيفان سيجورنيه حينها يرأس مجموعة «تجديد أوروبا» في هذا البرلمان.

وفي ذلك الوقت، ندّد المغاربة بحملة مناهضة للمغرب «نظّمها» حزب الرئيس الفرنسي في بروكسل. وقال سيجورنيه، الأسبوع الماضي، إنّ العلاقات الثنائية «ضرورية». وأضاف: «لقد استأنفت الاتصال مع المغرب. كان هناك سوء تفاهم أدّى إلى صعوبات».

وتحت عنوان «العلاقات بين فرنسا والمغرب تخرج من العهد الجليدي»، قالت صحيفة «لوموند» الفرنسية، في تقرير سابق لها: «هناك عديد من الإشارات توحي بفترة من الدفء في العلاقات الفرنسية - المغربية، التي شهدت خلال العامين الأخيرين توتراً كبيراً... فما يبدو أنه ذوبان للجليد حالياً بين البلدين، تصاحبه (مُقاربة) جديدة على الجانب الفرنسي». لكن انتظارات الرباط كثيرة، وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية.

وعدّت «لوموند» أن اختيار سميرة سياطل، أخيراً، سفيرةً للرباط في باريس، بعد شغور في المنصب استمرّ لنحو عام، يعيد التمثيل الدبلوماسي للمملكة في فرنسا.

وقبل ذلك قام العاهل المغربي محمد السادس باعتماد السفير الفرنسي في الرباط، كريستوف لوكورتييه، الذي قدّم له أوراق اعتماده بعد تعيينه قبل عام تقريباً.



هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)
مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)
TT

هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)
مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)

تباينت آراء برلمانيين وأكاديميين ليبيين بشأن إمكانية تحريك عملية «المصالحة الوطنية» مرة ثانية، في ظل دخول مجلس النواب الذي يرأسه عقيلة صالح، مجدداً على خط الملف في مواجهة المجلس الرئاسي، الذي كان يرعاه قبل تعثره.

وكان صالح قد دعا إلى ضرورة تحقيق المصالحة «لتشمل جميع المؤسسات والجماعات»، بما يضمن «إنهاء الخلافات والاستفادة من حركة التاريخ».

وأوضح عضو مجلس النواب الليبي، عصام الجهاني، أن «النواب» يضطلع بملف المصالحة منذ شهور طويلة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع قانون المصالحة الوطنية الذي يدرسه المجلس حالياً «يأتي في إطار اهتمامه بهذا الملف». مشدداً على أن أعضاء لجنة العدل والمصالحة بالبرلمان، المعنية بدراسة المشروع، تعمل كي يرى القانون النور خلال الأشهر المقبلة، وهم منفتحون على استطلاع آراء الشرائح والتيارات السياسية والمجتمعية كافة بالبلاد، سواء من أنصار النظام السابق، أو المؤيدين للملكية الدستورية، أو زعامات قبلية.

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب (رويترز)

وكان مجلس النواب قد ألغى قانون العزل السياسي عام 2015، الذي كان يحرم شخصيات عملت مع نظام الرئيس الراحل معمر القذافي من تولي مناصب عامة، كما أقر قانون العفو العام.

في المقابل، استبعد عضو مجلس النواب، علي التكبالي، «حدوث أي تقدم بهذا الملف الوطني مع تغير الجهات الراعية له».

وكان المجلس الرئاسي يرعى عملية المصالحة الوطنية، وظل يمهد لعقد مؤتمر جامع في سرت، نهاية أبريل (نيسان) الماضي، لكن المؤتمر تعثر قبل أن يعقد متأثراً بتعقيدات الأزمة السياسية.

وقال التكبالي لـ«الشرق الأوسط» إن هناك وجوهاً معروفة منذ سنوات، من شيوخ وزعماء عشائر ونشطاء وسياسيين، «يتصدرون ملف المصالحة، ويدعون أنهم يمثلون قبائل ومناطق بالبلاد»، موضحاً أن هؤلاء «لا يمثلون إلا أنفسهم، وأنهم يتاجرون بالقضية لتحقيق مكاسب ومصالح خاصة».

ويرى التكبالي أن مَن وصفهم بـ«المتاجرين» يتصلون بالأفرقاء المتصارعين في ذات التوقيت، أي مع المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة» والبرلمان، والقيادة العامة للجيش الوطني، «أملاً في أن ترعى أي جهة مؤتمراتهم وجلساتهم العرفية، التي ينشدون بها الخطب والأشعار». وقال إنه «لم تحدث أي مصالحة حقيقة حتى الآن؛ وكل ما تم كان عبارة عن معالجات ضعيفة»، مطالباً بـ«وجود شفافية بالخطط والبرامج، التي تطرحها أي جهة تدعي رعاية المصالحة، ككيفية توفير الموارد المالية المطلوبة لتقديم التعويضات للمتضررين، ومن قِبَلها إقرار المذنب بخطئه».

وحذر التكبالي من أن غياب هذه الشفافية «كفيل بأن يرسخ بعقول الليبيين أن ما يحدث ليس سوى صراع بين الأجسام والمؤسسات على اقتناص الأموال، التي تخصص سنوياً لهذا الملف، فضلاً عن التباهي برعايته أمام الرأي العام الدولي».

وكان المجلس الرئاسي قد أعلن تشكيل مفوضية تعني بملف المصالحة الوطنية، أعقبها بالإفراج عن بعض رموز نظام معمر القذافي، وفي مقدمتهم نجله الساعدي.

المنفي أرجع بطء وتيرة مشروع المصالحة إلى التطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد (رويترز)

وفي كلمته أمام الدورة 79 لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، قبل أسبوعين، أرجع رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، بطء وتيرة مشروع المصالحة للتطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد. كما قال إن «بعض الأطراف السياسية تحاول عرقلة هذا الملف بكل السبل».

من جهته، قال أستاذ القانون العام بالأكاديمية الليبية للدراسات العليا، الدكتور مجدي الشبعاني، لـ«الشرق الأوسط» إن تعثر ملف المصالحة هو جراء «تنازع أطراف عدة على إدارته وإقحامه في صراعاتهم السياسية».

وذهب الشبعاني إلى أنه «أمام عدم سيطرة أي من أفرقاء الأزمة وافتقاد الثقة بينهم، واختلاف مشاريعهم السياسية، لا يمكن لأي منهم امتلاك برنامج أو قانون قابل للتطبيق بشأن المصالحة»، مقترحاً أن يتم رعاية هذا الملف من قِبَل البعثة الأممية، وهيئة مدنية يتم اختيار أعضائها من أصحاب الخبرة. كما انتقد مؤتمرات المصالحة التي عقدت خلال العامين الماضيين داخل وخارج البلاد، عاداً أنها افتقدت إلى مشاركة «القوى الفاعلة على الأرض من قيادات الأجهزة المختلفة والكيانات المسلحة بعموم البلاد، وهو ما أدى إلى عدم تنفيذ الكثير من توصياتها».