تونس: برلمانيون يطالبون بتعديل مرسوم رئاسي لـ«خطورته على حرية التعبير»

بسبب آثاره في الملاحقات القضائية ضد الصحافيين

مظاهرة نظمها صحافيون في تونس العاصمة الصيف الماضي احتجاجاً على «التضييق على حرية التعبير» (إ.ب.أ)
مظاهرة نظمها صحافيون في تونس العاصمة الصيف الماضي احتجاجاً على «التضييق على حرية التعبير» (إ.ب.أ)
TT

تونس: برلمانيون يطالبون بتعديل مرسوم رئاسي لـ«خطورته على حرية التعبير»

مظاهرة نظمها صحافيون في تونس العاصمة الصيف الماضي احتجاجاً على «التضييق على حرية التعبير» (إ.ب.أ)
مظاهرة نظمها صحافيون في تونس العاصمة الصيف الماضي احتجاجاً على «التضييق على حرية التعبير» (إ.ب.أ)

عرض نواب في البرلمان التونسي مقترح قانون لتعديل مرسوم مثير للجدل، أصدره الرئيس قيس سعيد قبل سنتين، وذلك بسبب آثاره في الملاحقات القضائية ضد الصحافيين وحرية التعبير، بحسب ما أوردته «وكالة الأنباء الألمانية». وتقدم 10 نواب رسمياً بطلب تعديل المرسوم 54، الذي أصدره الرئيس سعيد عام 2022، وهو المتعلق بمكافحة الجرائم المرتبطة بأنظمة المعلومات والاتصال. وهذه أول خطوة مضادة في البرلمان الحالي، الذي انتخب في 2022، لمراسيم الرئيس سعيد، التي أصدرها منذ إطاحته بالنظام السياسي في عام 2021.

جانب من أشغال الجلسة البرلمانية (موقع البرلمان التونسي)

وقال زهير المغزاوي، رئيس حزب «حركة الشعب»، الممثل في البرلمان، والذي تقدم بمقترح التعديل للمرسوم، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «لقد استخدم المرسوم في المدة الأخيرة ضد الصحافيين والنشطاء وضد حرية التعبير والحريات بشكل عام»، مضيفا أن «هناك فصولاً في المرسوم لا نرى ضرورة لوجودها، وهناك بالفعل قوانين منظمة للعقوبات خارج هذا المرسوم». ويواجه المرسوم بانتقادات واسعة من نقابة الصحافيين ومنظمات حقوقية، وذلك بسبب تهديده لحرية التعبير والعقوبات السجنية التي يتضمنها، لا سيما في الفصل 24، الذي يفرض عقوبات تصل أقصاها إلى السجن خمس سنوات، وغرامات مالية تصل إلى 50 ألف دينار ضد من ينشر أخباراً كاذبة، أو إشاعات بهدف الإضرار بالأمن العام، وقد تضاعف العقوبات إذا كان الشخص المستهدف موظفاً عمومياً أو شبهه. وقد استخدم المرسوم بالفعل لتحريك دعاوى قضائية ضد صحافيين ونشطاء.

صورة أرشيفية لمظاهرة رجال الإعلام بسبب «فرض قيود على التعددية في وسائل الإعلام» (إ.ب.أ)

وأمس الثلاثاء، أودع النائب محمد علي عن كتلة الخط الوطني السيادي مبادرة تشريعية باسم عشرة نواب، يمثلون مختلف الكتل النيابية، وقع عليها حتى الآن 40 نائباً لتنقيح المرسوم 54 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال.

وقال النائب محمد علي، في تصريح لإذاعة «موزاييك» إن مقترح التنقيح يمس جملة الفصول التي تسببت، وفق تعبيره، في تقييد حرية مواطنين ومفكرين وصحافيين بسبب تدوينات وتصريحات ومقالات، مبرزاً أن مقترح التنقيح يهدف إلى ضمان عدم تحويل وجهة المرسوم من مكافحة جريمة النظم المعلوماتية إلى قمع حرية التفكير والرأي.

ويظهر في نص المبادرة وجود مقترح بحذف الفصل 24 المثير للجدل، ويعد مقترح التنقيح أن قطاع الصحافة لا يعيش فراغاً تشريعياً، باعتبار أنه منظم بمقتضى المرسوم 115. كما يقترح النواب المبادرون بتنقيح الفصلين 9 و10 لإحاطة صلاحيات الضابطة العدلية، ووكيل الجمهورية بشروط تحدد مبررات تطبيق القانون.

يُذكر أن مقترح المبادرة التشريعية كان محل نقاش واسع بين مختلف النواب والكتل منذ مفتتح السنة البرلمانية الحالية.

وسبق أن حذرت نقابة الصحافيين التونسيين من «أزمة هيكلية عميقة» متفاقمة في قطاع الإعلام تهدد مهنة الصحافة في وجودها، بسبب ما عدته «تضييقاً على حرية التعبير». وجاء تحذير النقابة عقب اجتماع عاجل مع هيئات أخرى ممثلة للإعلام، في ظل أزمة مالية وإدارية تضرب أغلب المؤسسات العمومية والخاصة. وذكرت النقابة أن «الأزمة تهدد بحرمان التونسيين من خدمة عامة سيادية، لا يمكن أن تنجح أي تجربة ديمقراطية دونها». ويلقي الصحافيون والنقابة باللائمة على السلطة السياسية في فرض قيود على التعددية في وسائل الإعلام العامة، وانحسار صوت المعارضة وتداول المعلومات.



الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

شدّدت الحكومة المصرية إجراءات مواجهة «سرقة الكهرباء» باتخاذ قرارات بـ«إلغاء الدعم التمويني عن المخالفين»، ضمن حزمة من الإجراءات الأخرى.

وعدّ خبراء الإجراءات الحكومية «مطلوبة ضمن تدابير انتظام خدمة الكهرباء»؛ لكن قالوا «إن الإشكالية ليست في تشديد العقوبات، لكن في كشف وقائع السرقة وضبطها لمعاقبة المخالفين».

وكثّفت وزارة الكهرباء المصرية من حملات التوعية الإعلامية أخيراً لترشيد استهلاك الكهرباء، والتصدي لوقائع سرقة التيار. ودعت المواطنين «بالإبلاغ عن وقائع سرقة التيار الكهربائي حفاظاً على المال العام». وأعدت شركات الكهرباء المصرية، قوائم بأسماء مواطنين جرى تحرير محاضر سرقة التيار الكهربائي بحقهم، لتقديمها لوزارة التموين المصرية، لتنفيذ قرار مجلس الوزراء المصري بـ«رفع الدعم التمويني عنهم». ووفقاً لوسائل إعلام محلية، السبت، نقلاً عن مصادر مسؤولة بوزارة الكهرباء، فإن قائمة المخالفين «ضمت نحو 500 ألف مواطن، بوصفها مرحلة أولى، وتتبعها كشوف أخرى بمن يتم ضبطهم».

وأعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال اجتماع بمجلس المحافظين، الأسبوع الماضي «اتخاذ إجراءات حاسمة ضد كل من يُحرر له محضر سرقة كهرباء، ومن أهمها إيقاف صور الدعم التي يحصل عليها من الدولة المصرية». وقال مدبولي« إن هذا بخلاف الإجراءات القانونية المتبعة للتعامل مع السرقات، بما يسهم في القضاء على هذا السلوك السلبي».

وتواصل الحكومة المصرية حملات التفتيش والضبطية القضائية لمواجهة سرقات الكهرباء. وأعلنت وزارة الداخلية المصرية، السبت، عن حملات قامت بها شرطة الكهرباء، أسفرت عن ضبط 13159 قضية سرقة تيار كهربائي، ومخالفات شروط التعاقد، وفق إفادة لـ«الداخلية المصرية».

من جانبه، طالب رئيس «جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك السابق» في مصر، حافظ سلماوي، بضرورة «تطبيق إجراءات رفع الدعم عن المتهمين بسرقة التيار الكهربائي وفقاً للقانون، حتى لا يتم الطعن عليها»، مشيراً إلى أن «قانون الكهرباء الحالي وضع إجراءات رادعة مع المخالفين، ما بين فرض غرامات وإلغاء تعاقد».

وأوضح سلماوي لـ«الشرق الأوسط» أن «مواجهة سرقات الكهرباء، ليست بحاجة لعقوبات جديدة رادعة». وأرجع ذلك إلى أن العقوبات المنصوص عليها في قانون الكهرباء الحالي «كافية لمواجهة حالات هدر التيار الكهربائي». وقال «إن الأهم من تغليظ عقوبات السرقات، هو اكتشافها وضبط المخالفين وفقاً لإجراءات قانونية سليمة تثبت واقعة السرقة»، مطالباً بتطوير آليات الرقابة على المستهلكين من خلال «التوسع في تركيب العدادات الذكية والكودية، وتكثيف حملات (كشافي) الكهرباء، وحملات الرقابة والضبطية القضائية، خصوصاً في المناطق الشعبية».

ونص قانون الكهرباء لعام 2015، على «معاقبة من استولى بغير حق على التيار الكهربائي، بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين». وفي حال تكرار السرقة تكون العقوبة «الحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين». (الدولار يساوي 48.56 جنيه في البنوك المصرية).

وزير الكهرباء المصري يبحث مع مسؤولي شركة «سيمنس» الألمانية التعاون في مواجهة سرقة الكهرباء (الكهرباء المصرية)

وتعتمد وزارة الكهرباء المصرية على إجراءات جديدة لكشف سرقات الكهرباء باستخدام تكنولوجيا حديثة في الرقابة. وناقش وزير الكهرباء المصري، محمود عصمت، مع مسؤولين بشركة «سيمنس» الألمانية، أخيراً، التعاون في «برامج إدارة الطاقة بالشبكة الكهربية (EMS) باستخدام أحدث أساليب التكنولوجيا، والمقترحات الخاصة بكيفية الحد من الفاقد وسرقات التيار الكهربائي في كل الاستخدامات، خصوصاً المنزلي والصناعي».

ومع ارتفاع شكاوى المواطنين من انقطاع الكهرباء في بداية شهور الصيف هذا العام، بدأت الحكومة المصرية من الأسبوع الثالث من يوليو (تموز) الماضي وقف خطة قطع الكهرباء. وتعهدت بوقف تخفيف الأحمال باقي شهور الصيف، كما تعهدت بوقف خطة «انقطاع الكهرباء» نهائياً مع نهاية العام الحالي.

وعدّ رئيس«جهاز تنظيم مرفق الكهرباء السابق بمصر، تلك الإجراءات «مطلوبة لتقليل الهدر في استهلاك الكهرباء»، مشيراً إلى أن «الحكومة تتخذ مجموعة من المسارات لضمان استدامة وانتظام خدمة الكهرباء، وحتى لا تتكرر خطط تخفيف الأحمال (قطع الكهرباء)».

في المقابل، رفض عضو «اللجنة الاقتصادية» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب محمد بدراوي، اتخاذ الحكومة المصرية إجراءات برفع الدعم عن المخالفين في سرقة الكهرباء. وأرجع ذلك إلى أن «غالبية وقائع سرقة الكهرباء تأتي من المناطق الشعبية، ومعظم سكانها مستحقون للدعم»، مشيراً إلى أنه «على المستوى الاقتصادي لن يحقق فائدة، خصوصاً أن تكلفة سرقة الكهرباء قد تفوق قيمة الدعم الذي يحصل عليه المخالفون».

في حين أكد بدراوي لـ«الشرق الأوسط»، «أهمية الإجراءات المشددة لمواجهة الهدر في الكهرباء». وقال إنه مع «تطبيق عقوبات حاسمة تتعلق برفع قيمة الغرامات على المخالفين»، مطالباً بضرورة «إصلاح منظومة الكهرباء بشكل شامل، بحيث تشمل أيضاً تخطيط أماكن البناء في المحافظات، وتسهيل إجراءات حصول المواطنين على التراخيص اللازمة للبناء ولخدمة الكهرباء».