عرض نواب في البرلمان التونسي مقترح قانون لتعديل مرسوم مثير للجدل، أصدره الرئيس قيس سعيد قبل سنتين، وذلك بسبب آثاره في الملاحقات القضائية ضد الصحافيين وحرية التعبير، بحسب ما أوردته «وكالة الأنباء الألمانية». وتقدم 10 نواب رسمياً بطلب تعديل المرسوم 54، الذي أصدره الرئيس سعيد عام 2022، وهو المتعلق بمكافحة الجرائم المرتبطة بأنظمة المعلومات والاتصال. وهذه أول خطوة مضادة في البرلمان الحالي، الذي انتخب في 2022، لمراسيم الرئيس سعيد، التي أصدرها منذ إطاحته بالنظام السياسي في عام 2021.
وقال زهير المغزاوي، رئيس حزب «حركة الشعب»، الممثل في البرلمان، والذي تقدم بمقترح التعديل للمرسوم، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «لقد استخدم المرسوم في المدة الأخيرة ضد الصحافيين والنشطاء وضد حرية التعبير والحريات بشكل عام»، مضيفا أن «هناك فصولاً في المرسوم لا نرى ضرورة لوجودها، وهناك بالفعل قوانين منظمة للعقوبات خارج هذا المرسوم». ويواجه المرسوم بانتقادات واسعة من نقابة الصحافيين ومنظمات حقوقية، وذلك بسبب تهديده لحرية التعبير والعقوبات السجنية التي يتضمنها، لا سيما في الفصل 24، الذي يفرض عقوبات تصل أقصاها إلى السجن خمس سنوات، وغرامات مالية تصل إلى 50 ألف دينار ضد من ينشر أخباراً كاذبة، أو إشاعات بهدف الإضرار بالأمن العام، وقد تضاعف العقوبات إذا كان الشخص المستهدف موظفاً عمومياً أو شبهه. وقد استخدم المرسوم بالفعل لتحريك دعاوى قضائية ضد صحافيين ونشطاء.
وأمس الثلاثاء، أودع النائب محمد علي عن كتلة الخط الوطني السيادي مبادرة تشريعية باسم عشرة نواب، يمثلون مختلف الكتل النيابية، وقع عليها حتى الآن 40 نائباً لتنقيح المرسوم 54 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال.
وقال النائب محمد علي، في تصريح لإذاعة «موزاييك» إن مقترح التنقيح يمس جملة الفصول التي تسببت، وفق تعبيره، في تقييد حرية مواطنين ومفكرين وصحافيين بسبب تدوينات وتصريحات ومقالات، مبرزاً أن مقترح التنقيح يهدف إلى ضمان عدم تحويل وجهة المرسوم من مكافحة جريمة النظم المعلوماتية إلى قمع حرية التفكير والرأي.
ويظهر في نص المبادرة وجود مقترح بحذف الفصل 24 المثير للجدل، ويعد مقترح التنقيح أن قطاع الصحافة لا يعيش فراغاً تشريعياً، باعتبار أنه منظم بمقتضى المرسوم 115. كما يقترح النواب المبادرون بتنقيح الفصلين 9 و10 لإحاطة صلاحيات الضابطة العدلية، ووكيل الجمهورية بشروط تحدد مبررات تطبيق القانون.
يُذكر أن مقترح المبادرة التشريعية كان محل نقاش واسع بين مختلف النواب والكتل منذ مفتتح السنة البرلمانية الحالية.
وسبق أن حذرت نقابة الصحافيين التونسيين من «أزمة هيكلية عميقة» متفاقمة في قطاع الإعلام تهدد مهنة الصحافة في وجودها، بسبب ما عدته «تضييقاً على حرية التعبير». وجاء تحذير النقابة عقب اجتماع عاجل مع هيئات أخرى ممثلة للإعلام، في ظل أزمة مالية وإدارية تضرب أغلب المؤسسات العمومية والخاصة. وذكرت النقابة أن «الأزمة تهدد بحرمان التونسيين من خدمة عامة سيادية، لا يمكن أن تنجح أي تجربة ديمقراطية دونها». ويلقي الصحافيون والنقابة باللائمة على السلطة السياسية في فرض قيود على التعددية في وسائل الإعلام العامة، وانحسار صوت المعارضة وتداول المعلومات.