الجزائر: رئيس «مجتمع السلم» يعلن خوض «رئاسيات» 2024

في ظل انتعاش الحياة السياسية بعد انحسار شديد منذ انتخابات 2019

رئيس حركة «مجتمع السلم» خلال تصريحاته للصحافة (مجتمع السلم)
رئيس حركة «مجتمع السلم» خلال تصريحاته للصحافة (مجتمع السلم)
TT

الجزائر: رئيس «مجتمع السلم» يعلن خوض «رئاسيات» 2024

رئيس حركة «مجتمع السلم» خلال تصريحاته للصحافة (مجتمع السلم)
رئيس حركة «مجتمع السلم» خلال تصريحاته للصحافة (مجتمع السلم)

أعلن رئيس «حركة مجتمع السلم» الإسلامية الجزائرية، عبد العالي حساني، مشاركة حزبه في الانتخابات الرئاسية المقررة نهاية العام الحالي، لكن من دون تحديد صيغة المشاركة. فقد تكون بمرشح منها، كما قد تكون بدعم مرشح من خارج كوادرها، حسبه، مثلما كان الحال في استحقاق 2004، عندما انضمت إلى أحزاب عدة ساندت مسعى الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة الحصول على ولاية ثانية.

وكان حساني يتحدث، مساء أمس (الاثنين)، بالعاصمة أمام عدد كبير من وسائل الإعلام بمقر صحيفة «المجاهد» الحكومية، حيث أكد أن «الكلمة الأخيرة بخصوص أشكال مشاركتنا في الانتخابات تعود إلى مجلس الشورى»، الذي يتكون من 250 عضواً قيادياً، لهم هامش حرية واسع في فرض الخيارات الخاصة بالحزب. فقبل 2012 كانت الحركة، المعروفة اختصاراً بـ«حمس»، مؤيدة لسياسات السلطة، وكان لها وزراء في الحكومة، لكن مجلس الشورى قرر في غمرة ثورات الربيع العربي، الانتقال إلى المعارضة لاعتقاد ساد يومها بأن «النظام في الجزائر سيسقط»، في سياق غضب الشارع في الجارة تونس، الذي أفضى إلى إطاحة الرئيس زين العابدين بن علي.

وقال حساني إن المشاركة في الاستحقاقات «مبدأ مكرّس في نصوص الحزب؛ إذ لم يسبق أن أدرنا ظهرنا لأي انتخاب، ونحن مشاركون بطريقة أو بأخرى في الانتخابات الرئاسية المقبلة». مبرزاً أن «مجلس شورى» الحزب، الذي هو أعلى هيئة ما بين مؤتمرين، «سيحسم الأمر إما بتقديم مرشحنا، أو بدعم مرشح محل إجماع»، دون توضيح ما يقصد. لكن كلامه يفسر على أن الحزب الإسلامي يمكن أن ينخرط في مسعى أحزاب عدة، تختار شخصية محل قبول لديها. وقد طرحت «قضية مرشح الإجماع» مع الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، عندما طلب ولاية ثانية في 2004، حيث سار في ركب حملته الانتخابية أحزاب عدة من مختلف التيارات، منها «حمس».

عبد الرزاق مقري (الشرق الأوسط)

وسئل حساني عن رغبة سلفه في قيادة الحزب، عبد الرزاق مقري، في الترشح للانتخابات باسم «حمس»، فقال موضحاً: «لا يمكن لأحد أن يقرر مكان مجلس الشورى، وحتى أنا لا يمكنني أن أزعم أنني مرشح». مضيفاً أن الاستحقاق المقبل «سيفتح الطريق لإنعاش الساحة السياسية، وسيسمح للأحزاب بالانطلاق في السباق وفق برامج انتخابية». والمعروف أن مقري مقيد بإجراءات منع السفر اتخذت بحقه، لأسباب قال إنه هو نفسه لا يعلمها.

وواجهت الحياة السياسية في الجزائر انحساراً شديداً منذ انتخابات 2019. ويعود السبب، حسب مراقبين، إلى المتابعات القضائية الكثيرة، التي طالت نشطاء سياسيين، وسجن الكثير منهم بسبب مواقفهم المعارضة للسلطة. كما أن بعض أحزاب المعارضة طالتها ملاحقات الحكومة، وتم سجن أحد قادتها في 2021، هو اليساري فتحي غراس، رئيس «الحركة الديمقراطية والاجتماعية».

رؤساء أحزاب نقلوا عن الرئيس «استعداده لقبول كل الاقتراحات ذات الصلة بالحريات والتداول الديمقراطي» (الرئاسة)

وفي العامين الأخيرين، عقد الرئيس عبد المجيد تبون اجتماعات مع رؤساء أحزاب، نقلوا عنه «استعداداً لقبول كل الاقتراحات ذات الصلة بالحريات والتداول الديمقراطي». في حين تشتكي معظم التشكيلات السياسية، غير المؤيدة للرئيس، بأن وسائل الإعلام مغلقة أمامها «بفعل ضغوط السلطة»؛ الأمر الذي ينفيه المسؤولون الحكوميون بشدَة.

ودعا رئيس «حمس» في تصريحاته للإعلام إلى «شراكة سياسية تقوم على برنامج شامل، يتضمن خطة لبعث الاقتصاد». وقال إن «المبادرة مفتوحة للأحزاب الجادة وفواعل المجتمع المدني والتنظيمات»، مشيراً إلى أن لقاءه بتبون داخل مقر الرئاسة الأسبوع الماضي، «كان فرصة سمحت بالتعبير عن انشغالاتنا وتقديرنا للوضع السياسي والاقتصادي في البلاد... وهدفنا من ذلك ليس تسويد صورة الجزائر، وإنما طرح كل المشاكل بغرض حلَها».

الأحزاب الـ5 المعارضة خلال بحث تقديم مرشح واحد عنها للانتخابات الرئاسية (حسابات ناشطين) عبد الرزاق مقري (الشرق الأوسط)

وأسست 5 أحزاب معارضة صغيرة، الأسبوع الماضي، تكتلاً بقيادة «التحالف الوطني الجمهوري» للوزير السابق بلقاسم ساحلي، وبحثت في أول اجتماع لها مرشحاً يمثلهم في «الرئاسية» المقبلة، في حين كان الرئيس لمّح في خطاب أمام البرلمان نهاية 2023 برغبته في ولاية ثانية قائلاً: «إذا أعطانا الله الصحة».



مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان
TT

مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

انخرط أعضاء مجلس الأمن في مناقشات موسعة حول مشروع قرار أعدته بريطانيا لمطالبة القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» بوقف القتال والسماح بتسليم المساعدات بشكل آمن وسريع ودون عوائق عبر الجبهات والحدود، أملاً في لجم التدهور السريع للأوضاع الإنسانية ووضع حد لأكبر أزمة نزوح في العالم.

وكشف دبلوماسيون في الأمم المتحدة عن أن بريطانيا تريد عرض مشروع القرار للتصويت «في أسرع وقت ممكن» بضمان تبنيه من تسعة أصوات أو أكثر من الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن، وعدم استخدام حق النقض «الفيتو» من أي من الدول الخمس الدائمة العضوية: الولايات المتحدة أو فرنسا أو بريطانيا أو روسيا أو الصين.

ويطالب النص المقترح «قوات الدعم السريع» بـ«وقف هجماتها على الفور» في كل أنحاء السودان. كما يدعو الأطراف المتحاربة إلى «وقف الأعمال العدائية على الفور (...) والسماح وتسهيل الوصول الإنساني الكامل والآمن والسريع وغير المقيد عبر الخطوط والحدود إلى السودان وفي كل أنحائه».

المقترح يشدد أيضاً على «إبقاء معبر أدري الحدودي مع تشاد مفتوحاً لتسليم المساعدات، والحاجة إلى دعم الوصول الإنساني عبر كل المعابر الحدودية، في حين تستمر الحاجات الإنسانية، ومن دون عوائق».

ومن المقرر أن تنتهي صلاحية الموافقة التي مدتها ثلاثة أشهر والتي قدمتها السلطات السودانية للأمم المتحدة وجماعات الإغاثة لاستخدام معبر أدري الحدودي للوصول إلى دارفور في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع في دارفور بأدري في تشاد (رويترز)

وأصدر مجلس الأمن قرارين في شأن السودان، الأول في مارس (آذار) الماضي، ويدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية خلال رمضان المبارك، ثم في يونيو (حزيران) الماضي للمطالبة بوقف حصار مدينة الفاشر التي يبلغ عدد سكانها 1.8 مليون شخص. كما دعا القراران - اللذان تم تبنيهما بأغلبية 14 صوتاً وامتناع روسيا عن التصويت - إلى الوصول الإنساني الكامل والسريع والآمن وغير المقيد.

«أعمال مروعة»

وفي مستهل جلسة هي الثانية لمجلس الأمن خلال أسبوعين حول التطورات في السودان، وصفت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للشؤون السياسية وعمليات السلام، روزماري ديكارلو، السودان بأنه «محاصر في كابوس»، مشيرة إلى الموجة الأخيرة من الهجمات التي شنتها «قوات الدعم السريع» في ولاية الجزيرة الشرقية، والتي وصفتها المنظمات غير الحكومية بأنها «من أشد أعمال العنف تطرفاً في الأشهر الثمانية عشر الأخيرة».

وأضافت: «قُتل عدد كبير من المدنيين. وفقد الكثير منازلهم وأجبروا على الفرار. ونحن نتلقى تقارير عن انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك العنف الجنسي المرتكب في الغالب ضد النساء والفتيات».

وكذلك أشارت ديكارلو إلى استمرار القتال في الفاشر والخرطوم ومناطق أخرى «حيث يتعرض المدنيون لمعاناة مروعة»، مشددة على أن الشعب السوداني «يحتاج إلى وقف فوري لإطلاق النار».

وعدّت أن «الوقت حان منذ فترة طويلة لكي يأتي الأطراف المتحاربة إلى طاولة المفاوضات» لأن «الطريق الوحيد للخروج من هذا الصراع هو الحل السياسي التفاوضي».

ولفتت ديكارلو إلى أن القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب «حميدتي» «كل منهما مقتنعة بقدرتها على الانتصار في ساحة المعركة».

وقالت إنه «مع اقتراب نهاية موسم الأمطار، تواصل الأطراف تصعيد عملياتها العسكرية وتجنيد مقاتلين جدد وتكثيف هجماتها»، عادّة أن «هذا ممكن بفضل الدعم الخارجي الكبير، بما في ذلك التدفق المستمر للأسلحة إلى البلاد».

واتهمت ديكارلو «بعض الحلفاء المزعومين للأطراف» بأنهم «يمكّنون المذابح في السودان». ورحبت بجهود الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد» من أجل استعادة الحوار السياسي السوداني الشامل.

كما أشادت بالتحالف من أجل تعزيز إنقاذ الأرواح والسلام في السودان لتعزيز تنفيذ «إعلان جدة» والقضايا الرئيسية الأخرى.

تنفيذ إعلان جدة

وركزت المسؤولة الأممية على دور المبعوث الشخصي للأمين العام إلى السودان رمطان لعمامرة، الذي أعد التقرير الأخير للأمين العام في شأن حماية المدنيين في السودان، موضحة أنه «يحتوي على توصيات قوية. ولدينا مسؤولية جماعية لتكثيف جهودنا لتفعيلها».

وقالت: «إننا في حاجة ماسة إلى إحراز تقدم عاجل في تنفيذ إعلان جدة. ويتعين على الأطراف في النهاية أن تتحرك وفقاً لالتزاماتها بحماية المدنيين»، مضيفة أن إنشاء آلية الامتثال التي اتفق عليها الأطراف المتحاربة، بدعم من الشركاء الرئيسيين، يعد «خطوة حاسمة لمحاسبة الأطراف على التزاماتها. وفي الوقت نفسه، وفي غياب وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، فإننا في حاجة ماسة إلى إحراز تقدم في مجال وقف إطلاق النار المحلي الذي قد يمنح المدنيين بعض الراحة، ويخلق سبل الحوار، وربما يمهد الطريق لاتفاق أكثر شمولاً».

وزير الخارجية السعودي إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في جدة (رويترز)

وأكدت أن «الدعم المستمر من مجلس الأمن للمبعوث الشخصي لعمامرة أمر بالغ الأهمية».

وكذلك استمع أعضاء المجلس لإحاطة من مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية راميش راجاسينغهام، نيابة عن وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية منسقة المعونة الطارئة جويس مسويا حول مستجدات الوضع الإنساني المتردي في أنحاء السودان.

دارفور

وفي سياق قريب، أنهى فريق من خبراء مجلس الأمن المعني بتنفيذ القرار (1591) الخاص بحظر الأسلحة في إقليم دارفور، الثلاثاء، زيارة استمرت لثلاث أيام، إلى مدينة بورتسودان التي تعد عاصمة مؤقتة للبلاد، لمتابعة تنفيذ القرار.

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي مدد مجلس الأمن قرار حظر تسليح الكيانات المتحاربة في دارفور لمدة عام.

والتقى الفريق في أول زيارة له للسودان منذ اندلاع الحرب، عدداً من المسؤولين السودانيين المدنيين والعسكريين.

وقالت المفوض العام لـ«مفوضية العون الإنساني» (مؤسسة حقوقية سودانية) سلوى آدم بنية، التي التقت فريق خبراء مجلس الأمن، إنها أطلعتهم على «الأوضاع في دارفور ومدن البلاد الأخرى، وتقديم وثائق مصورة» قالت إنها «تُثبت الانتهاكات الفظيعة التي ارتكبتها (ميليشيا الدعم السريع)».

جنود من «قوات الدعم السريع» خلال دورية بمنطقة شرق النيل (أرشيفية - أ.ب)

واتهمت بنية، عناصر «الدعم السريع» بـ«التعدي على فرق المساعدات الإنسانية». وأكدت «استعداد الحكومة السودانية على استمرار العمل بإدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر الحدودي غرب البلاد، بعد الاتفاق على آلية مشتركة تضم الأمم المتحدة والجارة تشاد لتسهيل مراقبة المنقولات الواردة للسودان».

وكذلك ناقش وزير الداخلية خليل باشا سايرين، مع الفريق «الجهود التي تقوم بها الحكومة السودانية لحماية المدنيين»، مؤكداً «التزامها بتسهيل إجراءات منح التأشيرات لدخول موظفي الأمم المتحدة، بجانب تسهيل إجراءات التخليص الجمركي بالمواني والمطارات».

وتتهم الحكومة السودانية دولاً بتقديم أسلحة وعتاد لـ«الدعم السريع».

وتطالب تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» وتمثل أكبر تحالف سياسي مدني مناهض للحرب، بتوسيع حظر الأسلحة في دارفور ليشمل كل السودان، وترى أن وقف تدفق الأسلحة أمر حاسم لتخفيف حدة العنف وإنهاء النزاع.