ما خيارات باتيلي لمواجهة «تصلب مواقف» أفرقاء ليبيا؟

سياسيون انتقدوا عدم طرحه مبادرة جديدة... وآخرون يرجحون استفادته من التحركات الإقليمية

باتيلي يقدم إحاطته إلى مجلس الأمن حول الأزمة الليبية الأسبوع الماضي (رويترز)
باتيلي يقدم إحاطته إلى مجلس الأمن حول الأزمة الليبية الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

ما خيارات باتيلي لمواجهة «تصلب مواقف» أفرقاء ليبيا؟

باتيلي يقدم إحاطته إلى مجلس الأمن حول الأزمة الليبية الأسبوع الماضي (رويترز)
باتيلي يقدم إحاطته إلى مجلس الأمن حول الأزمة الليبية الأسبوع الماضي (رويترز)

بسبب استمرار حالة الجمود السياسي في ليبيا، بات عدد من السياسيين يتساءلون حول خيارات المبعوث الأممي، عبد الله باتيلي لمواجهة «تصلب مواقف أفرقاء الأزمة»، الذين انتقدهم وحمّلهم مسؤولية عدم تمهيد الطريق أمام الانتخابات المنتظرة.

بداية، تحدّث عضو مجلس النواب الليبي، عمار الأبلق، عن إمكانية استفادة باتيلي من التحركات الإقليمية، التي جرت أخيراً بخصوص الملف الليبي، ومنها زيارة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح إلى العاصمة القطرية، واجتماع الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان، والمصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة، الأسبوع الماضي.

وقال الأبلق لـ«الشرق الأوسط» إن واشنطن «تراقب عن كثب هذه التحركات واللقاءات، التي تتم بين الحلفاء الإقليميين لأفرقاء ليبيا، وقد تدفع بتسريع جهودهم للتوصل لحكومة جديدة موحدة، لكن تحت غطاء البعثة الأممية»، مشيراً إلى أنه «في حال تعثر مسار الجهود الإقليمية، فإن باتيلي يمكنه العودة لمقترحه الرئيسي بإيجاد لجنة موسعة، على غرار (ملتقى الحوار السياسي)، الذي رعته المبعوثة الأممية السابقة ستيفاني وليامز».

من لقاء سابق بين باتيلي وحفتر وصالح في بنغازي لبحث إجراء الانتخابات (الجيش الوطني)

وأوضح أنه «إلى جانب ممثلي الأطراف الرئيسية الخمسة، فإن باتيلي قد يدعو ممثلين مستقلين من الأحزاب والقوى المدنية، فتكون لهؤلاء الكفة الوازنة في وضع ملامح خريطة المرحلة المقبلة، التي سيتقدمها أيضاً تشكيل حكومة موحدة».

وهذه الأطراف هي القائد العام لـ«الجيش الوطني» خليفة حفتر، ومحمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، وعبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، إلى جانب عقيلة صالح ومحمد تكالة رئيسي مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة».

وفي مقابل الآراء، التي تتهم باتيلي بالانحياز لأحد أفرقاء الصراع على السلطة في البلاد، رأى الأبلق أن «تكرار المبعوث لانزعاجه من مواقف الأفرقاء الليبيين يستهدف مناشدة دعم الدول الغربية الكبرى، المتدخلة بقوة في المشهد الليبي، كونها مَن تملك وحدها مفاتيح حل الأزمة عبر ممارسة ضغط أكبر على هؤلاء الأفرقاء».

وانتهى الأبلق مذكّراً بشكاوى 8 من المبعوثين السابقين لباتيلي من «تعنت القوى الليبية، ووجود فجوة بين تصريحاتهم الداعية للإسراع بالانتخابات، ومواقفهم المعرقلة لها».

من جهته، رأى عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن الأحداث الراهنة، خصوصاً ازدياد القلق الأميركي من توسع نفوذ كل من روسيا والصين «قد توفر أداة جيدة لباتيلي خلال المرحلة الراهنة إذا ما نجح في توظيفها». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن جعبة باتيلي «لم تفرغ بعد؛ وباعتقادي بأنه يمكنه اللعب على وتر إدراك واشنطن لتزايد الغضب تجاهها، بسبب ما آلت إليه أحوال بعض بلدان القارة الأفريقية والمنطقة العربية عموماً، وكيف تحاول إيقاف توسع نفوذ كل من روسيا والصين بتلك القارة السمراء».

رئيس حكومة الوحدة الليبية خلال لقائه الرئيس التركي في دبي الأسبوع الماضي (د.ب.أ)

ووفقاً لرؤية التكبالي «فقد تتحول التخوفات الأميركية لأداة ضغط قوية في يد باتيلي لمواجهة الأفرقاء الليبيين»، موضحاً أنه «رغم انشغال أميركا بالصراع في قطاع غزة، فإنها قد تدعم أي مبادرة جديدة يتقدم بها باتيلي، ويمكنه حينذاك تجاهل الأفرقاء، أو تهميش دورهم عبر الدعوة لعقد مؤتمر جامع لفئات وشرائح عدة بالساحة الليبية».

وخلال مقابلة صحافية أُجريت معه أخيراً، حذّر باتيلي من تهديد «الانقسامات الحالية لوحدة ليبيا واستقرارها»، مشدداً على أنه «لم يعد مقبولاً اليوم أن يشترط أي طرف البقاء في منصبه؛ لأن من شأن ذلك أن يؤجج الصراع، أو يشعل فتيل الحرب، ومن المؤسف القول إن هذا الاحتمال لم يعد مستبعداً في ليبيا اليوم».

غير أن الباحث في مؤسسة «غلوبال أنيشاتيف»، جلال حرشاوي، يختلف مع الطرح السابق، مستبعداً أن يقدم باتيلي على طرح أي مبادرة جديدة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن باتيلي «يأمل فقط في أن تساعده الدول الغربية على إيجاد حد للوضع الراهن... ومن المحتمل أن تنظم فرنسا مؤتمراً حول الوضع في ليبيا، والأهم من ذلك قد تبدأ تركيا في ممارسة الضغط على الدبيبة، كونها الطرف الوحيد القادر على تسهيل التغيير بطرابلس».

الرئيس التركي بحث مع نظيره المصري سبل حل الأزمة الليبية خلال زيارته القاهرة الأسبوع الماضي (د.ب.أ)

بدوره، انتقد رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني» الليبي، أسعد زهيو، «عدم مسارعة باتيلي بطرح مبادرة جديدة مع بداية رصده مؤشرات فشل (الطاولة الخماسية)، جراء تعنت الأطراف المشارِكة بها، بدلاً من استنزاف الوقت الذي استفادت منه بالفعل بعض الأطراف».

ورأى زهيو، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تعنت الأطراف الليبية ليس بالأمر الجديد، وكان على باتيلي الاستعداد للتعاطي معه»، لكنه قال إن البعثة الأممية في النهاية «معبر عن مواقف ورغبات دول كبرى». ورجح أن تدفع بعض التغييرات الراهنة في مواقف تلك الدول باتجاه مشروع معالجة الانسداد الراهن بالأزمة في ليبيا، التي ستحرص على أن يكون متضمناً ما يحفظ مصالحها بالساحة الليبية، التي ظلت مسرحاً لصراعاتها على مدار أكثر من عقد.


مقالات ذات صلة

قتلى وجرحى في «اشتباكات مفاجئة» بالعاصمة الليبية

شمال افريقيا لقاء حفتر مع نائب وزير الدفاع الروسي في بنغازي (الجيش الوطني)

قتلى وجرحى في «اشتباكات مفاجئة» بالعاصمة الليبية

أسفرت اشتباكات مفاجئة، الأربعاء، في العاصمة الليبية طرابلس، عن سقوط قتلى وجرحى.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

يعتقد ليبيون بأن «نفوذاً روسياً يتمدد في جنوب البلاد ليس بمنأى عن توجهات الاستراتيجية الأميركية للمناطق الهشة وزيارة نورلاند الأخيرة إلى سبها».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

الدبيبة يسعى لاستعادة «أكبر مزرعة» ليبية في غينيا

المزرعة الليبية في غينيا تبلغ مساحتها 2150 هكتاراً ومخصصة لإنتاج المانجو والأناناس وملحق بها مصنع للعصائر وسبع بحيرات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع المنفي ولجنة الحدود (المجلس الرئاسي الليبي)

مقتل 3 مواطنين في اشتباكات بالزاوية الليبية

توقفت الاشتباكات التي جرت بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، في جزيرة الركينة، بالقرب من مصفاة الزاوية الليبية مخلفة 3 قتلى و5 جرحى.

خالد محمود (القاهرة)
يوميات الشرق بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

في خطوة عدّها الاتحاد الأوروبي «علامة فارقة في الشراكة الثقافية مع ليبيا»، يواصل مهرجان للأفلام الأوروبية عرض الأعمال المشاركة في العاصمة طرابلس حتى الخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

المغرب يدين بشدة «أي دعم للحركات الانفصالية والإرهابية»

السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الاتحاد الأفريقي محمد عروشي (الشرق الأوسط)
السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الاتحاد الأفريقي محمد عروشي (الشرق الأوسط)
TT

المغرب يدين بشدة «أي دعم للحركات الانفصالية والإرهابية»

السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الاتحاد الأفريقي محمد عروشي (الشرق الأوسط)
السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الاتحاد الأفريقي محمد عروشي (الشرق الأوسط)

دان المغرب بشدة، الثلاثاء بأديس أبابا، أمام مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، أي دعم للحركات الانفصالية والإرهابية. وأكد السفير الممثل الدائم للمملكة لدى الاتحاد الأفريقي واللجنة الاقتصادية لأفريقيا، محمد عروشي، في كلمة خلال اجتماع لمجلس السلم والأمن حول «تعزيز آليات مكافحة استغلال الموارد الطبيعية من قبل الجماعات المسلحة والإرهابية»، العلاقةَ السببية بين استغلال الموارد الطبيعية والديناميات الأمنية في أفريقيا، ودور الأنشطة غير المشروعة المرتبطة بهذه الموارد في تعزيز قدرات الجماعات المسلحة والإجرامية، وتداعياتها الخطيرة على استقرار الدول المتضررة.

وأوضح عروشي أن الجماعات المسلحة والإرهابية تتغذى على غياب سلطة الدولة في المناطق التي تنشط فيها، وتسعى إلى السيطرة على هذه الأخيرة، منتهكة الوحدة الترابية للدول، وذلك في تعدٍّ صارخ على سيادتها، مشدداً على الاتجاه المثير للقلق الذي يتطور «في إطار العلاقة بين الإرهاب والانفصال، والذي لا يؤدي إلا إلى زيادة حجم التهديد الذي يتربص بقارتنا بشكل يومي».

كما أدان الدبلوماسي المغربي تهديد استقرار الدول الناجم، ليس فقط عن الجماعات المسلحة الإرهابية والانفصالية، ولكن أيضاً عن «السياسات العدوانية للأنظمة الاستبدادية التي تسعى إلى خلق وتعبئة ودعم حركات انفصالية، بهدف خدمة أجندات غادرة، ومزعزعة للاستقرار لآيديولوجيات عفا عليها الزمن، وذلك في انتهاك صارخ لمبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة وآليات المنظمة الأفريقية».

وقال في هذا الصدد إنه «إذا كان نجاح أي استراتيجية لمكافحة الاستغلال غير القانوني للموارد الطبيعية من قبل الجماعات المسلحة الانفصالية والإرهابية يرتكز على تعبئة متناسبة لقدراتنا الأمنية، فإنه يظل أيضاً رهيناً بتفعيل رافعات التنمية والمرونة المجتمعية، ومن هنا تبرز أهمية اعتماد مقاربة مندمجة تقوم على الارتباط بين السلم والأمن والتنمية».

كما دعا المسؤول المغربي إلى تعزيز آليات مكافحة استغلال الجماعات المسلحة والإرهابية للموارد الطبيعية في أفريقيا، وتعزيز دورها في الحفاظ على استقرار الدول الأفريقية ووحدتها الوطنية، مبرزاً أهمية المكافحة الفعالة للتعاون والروابط بين الإرهابيين وباقي الجماعات الإجرامية، فضلاً عن الحركات الانفصالية المرتبطة بالجريمة المنظمة العابرة للحدود.