محكمة ليبية تقضي بإلغاء مذكرة للتفاهم بين «الوحدة» وتركيا

مطالبة محلية وأممية بالتحقيق في مجزرة طرابلس

صورة وزعتها السفارة الأميركية في ليبيا لاجتماع القائم بأعمالها مع «محافظ المصرف المركزي»
صورة وزعتها السفارة الأميركية في ليبيا لاجتماع القائم بأعمالها مع «محافظ المصرف المركزي»
TT

محكمة ليبية تقضي بإلغاء مذكرة للتفاهم بين «الوحدة» وتركيا

صورة وزعتها السفارة الأميركية في ليبيا لاجتماع القائم بأعمالها مع «محافظ المصرف المركزي»
صورة وزعتها السفارة الأميركية في ليبيا لاجتماع القائم بأعمالها مع «محافظ المصرف المركزي»

تصاعدت حدة الرفض الشعبي لحكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، فيما ألغت محكمة ليبية، مذكرة التفاهم المثيرة للجدل التي أبرمتها هذه الحكومة قبل نحو عامين مع تركيا بشأن التعاون في مجال الهيدروكربونات.

والتزمت حكومة الدبيبة، الصمت حيال الحكم المفاجئ، الذي أصدرته، الاثنين، دائرة القضاء الإداري، بمحكمة استئناف طرابلس، ويقضي بإلغاء مذكرة التفاهم التي وقعتها مع تركيا بشأن التعاون في مجال الهيدروكربونات، خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2022.

في موازاة ذلك، دعا «حراك 17 فبراير» و«الفعاليات الوطنية» بمدينة مصراتة في غرب البلاد، إلى الانخراط في «حوار وطني»، وتشكيل «حكومة موحدة» جديدة تشرف على الانتخابات.

وأكد بيان مشترك مساء الأحد، على «مدنية الدولة، وأنه لا بديل عن الانتخابات الديمقراطية الشفافة والنزيهة بقوانين عادلة، لضمان حق التداول السلمي للسلطة»، وأعلن «رفض الحكم العسكري، والاستقواء بالميليشيات، وحكم القبيلة والعائلة».

إردوغان مستقبلاً الدبيبة في آخر لقاء لهما بأنقرة (حكومة الوحدة)

كما طالب الأمم المتحدة وبعثتها، «والدول المنخرطة في الشأن الليبي، باحترام السيادة الوطنية من خلال دعم التوافق الليبي والملكية الليبية لأي حل سياسي»، لافتاً إلى أن إحاطة المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، الأخيرة لمجلس الأمن الدولي، «أكدت أن الأطراف السياسية المسيطرة على المشهد، تهدد كيان الوطن، وتعمل من أجل استمرارها في السلطة، وفشلت في مهامها الموكلة إليها، وعلى رأسها الانتخابات».

وعلى الجانب الآخر، دعا 39 من عمداء بلديات الساحل الغربي والجبل، مجلس الأمن الدولي، بـ«إيقاف باتيلي، وفتح تحقيق معه، لتورطه في زيادة الانقسام في ليبيا».

كما طالبوا، في بيان مساء الأحد، الجامعة العربية بتكليف مندوب ليبيا بتولي ملف الأزمة، بعدما عدوا أن الأمم المتحدة «فشلت»، وأعلنوا ️تأييدهم لحكومة «الاستقرار» برئاسة أسامة حماد، المنبثقة من البرلمان، «كونه الجسم الشرعي الوحيد في البلاد».

ونقلت وسائل إعلام محلية، عن شهود عيان، تظاهر مجموعة من شباب الزنتان؛ تنديداً بـ«فساد» حكومة الدبيبة، وللمطالبة بإسقاطها، مشيرة إلى قيام المتظاهرين بحرق الإطارات وإغلاق الطرق، مُهددين بالتصعيد وإعلان العصيان المدني.

في غضون ذلك، قال «مجلس الدولة»، إن مسعود عبيد النائب الأول لرئيسه، بحث مع سفير إيطاليا جانلوكا ألبيروني في طرابلس، العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيزها، ومستجدات الأزمة السياسية، لافتاً إلى تأكيد الطرفين على دعمهما لمجهودات باتيلي.

صورة نشرها سفير الاتحاد الأوروبي للقائه مع سفير قطر لدى ليبيا

كما تطرق اللقاء إلى ملف «المصالحة الوطنية» وضرورتها لتحقيق الاستقرار في البلاد، إضافة إلى ضرورة إيجاد قوانين انتخابية متفق عليها للوصول إلى الاستحقاق الانتخابي تحت مظلة حكومة موحدة.

وأكد مسعود أهمية الدور الإيطالي في دعم الحل السلمي في ليبيا، مثنياً على المساعدات المقدمة من إيطاليا للمؤسسات المحلية، ونقل عن السفير الإيطالي إشادته بجهود المجلس ودعمه مساعي التوافق بين الأطراف السياسية.

بدوره، قال نيكولاورلاندو سفير الاتحاد الأوروبي، إنه ناقش، الاثنين، مع سفير قطر خالد الدوسري، «الهدف المشترك المتمثل في دعم جهود باتيلي، نحو إجراء انتخابات شاملة، تمهد الطريق للاستقرار ووحدة ليبيا».

من جانبه، قال القائم بأعمال السفارة الأميركية جريمي برنت، إنه بحث، الاثنين، مع الصديق الكبير محافظ «مصرف ليبيا المركزي»، الخطوات التالية في الشراكة بين الحكومة الأميركية والمصرف، من خلال الدعم الفني للوكالة الأميركية للتنمية الدولية، مشيراً إلى أنهما ناقشا التحديات التي تواجه الاستقرار الاقتصادي في ليبيا، والحاجة إلى الشفافية وتنسيق السياسات الاقتصادية في جميع أنحاء البلاد، وكذلك التدابير الفعالة لمنع الاحتيال، وسوء الإدارة، وغسل الأموال.

من جهة أخرى، أعلن خليل وهيبة مدير أمن طرابلس، مساء الأحد في بيان متلفز، مباشرة النيابة التحقيق في مجزرة أبو سليم، التي راح ضحيتها 10 أشخاص، تعود تبعية بعضهم إلى «جهاز دعم الاستقرار» داخل منزل بمنطقة المشروع الزراعي بالعاصمة طرابلس، على يد مجموعة مجهولة الهوية.

باتيلي في لقاء سابق مع عبد الله اللافي نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي (البعثة الأممية)

وأدانت بعثة الأمم المتحدة، في بيان لها «حادثة القتل العنيفة، التي تشكل تذكيرا آخر بالتحذيرات التي ما فتئ رئيسها عبد الله باتيلي، يطلقها مراراً وتكراراً من كون التنافس بين الجهات الأمنية ينطوي على مخاطر جسيمة، بالنسبة للوضع الأمني الهش في العاصمة طرابلس».

وحضّت البعثة السلطات الليبية المعنية على «ضمان إجراء تحقيق مستقل وسريع وشامل في الواقعة، والعمل على منع أي أعمال قد تؤدي إلى التصعيد والمزيد من العنف».

بدوره، عدّ رئيس حكومة «الاستقرار» أن «هذه الجريمة تؤكد استمرار سيناريو الفوضى والعبث جراء سيطرة المجموعات المسلحة على مقاليد الأمور في العاصمة». ودعا النائب العام إلى فتح «تحقيق فوري لمعرفة ملابسات الواقعة»، وأكد استعداد حكومته «لمد يد العون لبسط الأمن والسيطرة على الأوضاع الأمنية في مناطق غرب البلاد وتأمينها».


مقالات ذات صلة

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

شمال افريقيا جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

أعلن ممثلون عن مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا، نهاية الأسبوع الماضي، توصلهم إلى اتفاق يستهدف إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من أشغال مؤتمر «قادة دول الاستخبارات العسكرية لدول الجوار» في طرابلس (الوحدة)

الدبيبة: لن نسمح بأن تكون ليبيا ساحة لتصفية الحسابات

الدبيبة يؤكد أن بلاده «لن تكون ساحة لتصفية الصراعات الإقليمية، ولن تستخدم ورقة ضغط في الصراعات الدولية والإقليمية».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في روما الخميس (البعثة الأوروبية)

ليبيا: خوري تسارع لتفعيل مبادرتها وسط صراع على ديوان المحاسبة

تسعى المبعوثة الأممية بالإنابة في ليبيا ستيفاني خوري إلى جمع الأفرقاء السياسيين على «المبادرة» التي أطلقتها أمام مجلس الأمن الدولي منتصف الأسبوع الماضي.

جمال جوهر (القاهرة)
تحليل إخباري بلقاسم حفتر ملتقياً القائم بالأعمال الأميركي (السفارة الأميركية)

تحليل إخباري لماذا تَكثّفَ الحراك الدبلوماسي الأميركي في بنغازي؟

تتخذ مباحثات المبعوث الأميركي الخاص السفير ريتشارد نورلاند، والقائم بالأعمال برنت جيرمي، طابعاً دورياً مع الأفرقاء الليبيين، إلا أن هذه المرة لها وقع مختلف.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي (وسط) مع المدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)

قصة 5 ليبيين حُكم عليهم بالسجن 30 عاماً بإيطاليا

كانت محكمة إيطالية قضت عام 2015 بالسجن 30 عاماً على خمسة لاعبين ليبيين بتهمة «الاتجار بالبشر»، ومنذ ذاك التاريخ وهم قيد الحبس إلى أن تحركت السلطات الليبية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)
جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)
TT

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)
جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)

أعلن ممثلون عن مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا، نهاية الأسبوع الماضي، توصلهم إلى اتفاق يستهدف إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في البلاد، بما يضمن التمهيد لإجراء الانتخابات العامة بالبلاد.

وجاء الاتفاق، الذي توصّل له المجتمعون في مدينة بوزنيقة المغربية، بعد أيام قليلة من طرح المبعوثة الأممية بالإنابة، ستيفاني خوري، «مبادرة جديدة»، تستهدف كسر الجمود الراهن بالأزمة السياسية، والمضي قدماً نحو إجراء الاستحقاق الانتخابي المنتظر.

من جلسة سابقة لأعضاء المجلس الأعلى للدولة (المجلس)

ووسط تباين ردود الفعل حول مخرجات اجتماع المجلسين، بين مرحّب بها، بوصفها «خطوةً لتجاوز الأزمة السياسية»، ومَن عدّها تدشيناً لمسار مضاد لمبادرة خوري، ومحاولة مكررة من البرلمان لإزاحة حكومة «الوحدة الوطنية»، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، في ضوء تصاعد الخصومة بينهما، تركزت التساؤلات حول مدى إمكانية تفعيل مخرجات هذا الاتفاق، خصوصاً في ظل افتقاره لأي دعم دولي أو إقليمي.

بداية، يرى رئيس لجنة الشؤون السياسية بالمجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، أن اجتماع بوزنيقة التشاوري هو «امتداد لسلسلة اجتماعات سابقة، عقدها أعضاء بالبرلمان مع كتلة من أعضاء (الأعلى للدولة) في كل من تونس والقاهرة خلال الأشهر الماضية»، مشيراً إلى أنها «لم تسفر عن أي جديد، ولم يتم تنفيذ أي من مخرجاتها، التي تَقدَّمها أيضاً مقترح تشكيل حكومة جديدة، ودعوة البرلمان لفتح باب الترشح لرئاستها».

ويعتقد معزب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «الهدف الرئيسي لهؤلاء المجتمعين، الذين تجاوز عددهم 50 شخصاً، هو تغيير الحكومة القائمة بطرابلس، وليس العمل على الوصول للانتخابات»، لافتاً إلى أن بنود الاتفاق «تجاهلت الاعتراضات على القانونَين المنظِّمَين للاستحقاق الانتخابي». كما تم «التغافل عن سعي خوري لتشكيل لجنة استشارية لحلحلة المسائل العالقة بالقانونَين».

عدد من أعضاء مجلس النواب الليبي (مجلس النواب)

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي «الوحدة» ومقرها طرابلس، والأخرى مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب.

ويعدّ ملف تشكيل «حكومة جديدة» من القضايا الخلافية بين القوى والأطراف الرئيسية في ليبيا، حيث يتمسّك البرلمان بضرورة تشكيلها بهدف إجراء الانتخابات، لكن في المقابل يرفض الدبيبة القوانين الانتخابية التي أقرّها البرلمان، ويصفها بأنها «غير عادلة»، ويطالب بقوانين تُجرى على أساسها الانتخابات، وبعدها يُسلِّم السلطة.

وانتقدت بعض الأوساط السياسية تغافل المجتمعين في بوزنيقة وجود نزاع منظور أمام القضاء، منذ 4 أشهر على رئاسة «الأعلى للدولة»، بين كل من خالد المشري ومحمد تكالة، ومعارضة الأخير لأي تقارب مع البرلمان قبل تعديل القوانين الانتخابية.

خالد المشري (المكتب الإعلامي للمجلس)

من جانبه، ذهب الناشط السياسي الليبي، أحمد التواتي، إلى أن ما ورد في بنود اتفاق المجلسين في بوزنيقة من «تشكيل لجان مختلفة لوضع تقارير خلال شهر حول كيفية معالجة قضايا متجذرة، منها محاربة الفساد، وإعادة تكليف المناصب السيادية، يثير كثيراً من التساؤلات حول أهداف ونوايا المجلسين، قبل قدرتهما على تفعيل تلك المخرجات».

وقال التواتي لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كان المجلسان لا يهدفان للتشويش على مبادرة خوري، بالعمل على استنزاف الوقت لحين انتهاء مهمة البعثة في نهاية يناير (كانون الثاني) المقبل، فهذا يعني أنهما عرقلا طيلة السنوات السابقة التوافق بينهما بشأن معالجة الملفات المصيرية، التي كانت سبباً في معاناة الليبيين». واستبعد التواتي أن يؤدي هذا الاتفاق «لتحقيق هدف المجتمعين، المتمثل في إزاحة حكومة الدبيبة؛ التي جاءت باتفاق سياسي برعاية أممية، وفي الأغلب لن تغادر دون اتفاق مماثل».

ليبيون عدّوا مخرجات اجتماع بوزنيقة تدشيناً لمسار مضاد لمبادرة خوري (البعثة)

بالمقابل، دافع عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، عن الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه في المغرب، عادّاً أنه «سيقود البلاد نحو إجراء الانتخابات».

وقال الزرقاء لـ«الشرق الأوسط» إن «اللجان التي انتهى إليها الاتفاق بدأت عملها؛ وبعد شهر ستضع رؤيتها لمعالجة كثير من القضايا التي سبق أن عرقلت إجراء الانتخابات»، ومن بينها توفير الموارد لمشروع التعداد الوطني.

وانتقد الزرقاء ما يتردد حول أن مخرجات بوزنيقة «هي خطوة لعرقلة مبادرة خوري»، وقال موضحاً: «بالعكس من ذلك... الاتفاق بمثابة خطة داعمة للمبادرة. واجتماع ممثلي المجلسين يرسخ استعادة القوى الوطنية زمام المبادرة لحل الأزمة السياسية، بعيداً عن أي تدخلات دولية».

ورغم إقراره بوجود خصومة بين البرلمان وحكومة الدبيبة، فقد شدَّد الزرقاء على أن «الهدف الرئيسي للاجتماع هو إيجاد حكومة موحدة تمهِّد للانتخابات، ومن ثم ستزيح الدبيبة وأيضاً حكومة أسامة حماد».

وانضم الزرقاء إلى آراء كثيرين من أعضاء البرلمان، الذين اعترضوا على دعوة خوري لتشكيل لجنة استشارية لحلحلة القضايا العالقة بقانونَي الانتخابات، موضحاً أن القوانين التي أقرّها البرلمان «هي نتاج لجنة مؤلفة من أعضاء المجلسين، ومعظمهم شارك في اجتماع بوزنيقة، وتوافقوا حول مخرجاته، وهو ما يفنِّد الاحتياج للجنة جديدة».

وأوضح: «نفضِّل أن تركز البعثة في مساعدة الليبيين على الوصول للاستحقاق، عبر دعم حلول وطنية، لا المساس بقوانين تم إقرارها من سلطة تشريعية منتخبة، وصرَّحت المفوضية الوطنية للانتخابات بأنها قابلة للتنفيذ».