الجزائر تستخدم «ورقة النفط» في الساحل لإزالة التوتر مع مالي والنيجر

تسعى لإطلاق استثمارات في مجال المحروقات بقيمة 442 مليون دولار

وزير الطاقة الجزائري (يسار) مع وزير النفط الليبي بالجزائر في 30 مايو 2021 (وزارة الطاقة)
وزير الطاقة الجزائري (يسار) مع وزير النفط الليبي بالجزائر في 30 مايو 2021 (وزارة الطاقة)
TT

الجزائر تستخدم «ورقة النفط» في الساحل لإزالة التوتر مع مالي والنيجر

وزير الطاقة الجزائري (يسار) مع وزير النفط الليبي بالجزائر في 30 مايو 2021 (وزارة الطاقة)
وزير الطاقة الجزائري (يسار) مع وزير النفط الليبي بالجزائر في 30 مايو 2021 (وزارة الطاقة)

تسعى الجزائر إلى ترميم علاقاتها بمالي والنيجر، التي تدهورت بشكل لافت خلال الأشهر الأخيرة، وإلى دعم موقعها بوصفها وسيطاً في ليبيا، وذلك من خلال إطلاق استثمارات ومشاريع في مجال المحروقات، علماً بأنها تعول على قمة «منتدى الدول المصدرة للغاز»، التي ستحتضنها نهاية الشهر الجاري، لـ«تعزيز مكانتها باعتبارها مركزاً إقليمياً للطاقة»، حسب تصريحات مسؤوليها.

وزير الطاقة الجزائري أكد أن مجموعة «سوناطراك» «تسعى إلى تدعيم قدراتها الإنتاجية عبر الاستثمار بالخارج (الوزارة)

وأكد وزير الطاقة محمد عرقاب، في مقابلة نشرتها «مجلة الجيش» في عددها الشهري الجديد، أن مجموعة «سوناطراك»، المملوكة للدولة، «تسعى إلى تدعيم قدراتها الإنتاجية عبر الاستثمار بالخارج، في إطار عقود شراكة في مجال البحث وإنتاج المحروقات بدول الجوار، مثل ليبيا ومالي والنيجر»، مشيراً إلى أن الشركة تعتزم استثمار 442 مليون دولار في البلدان الثلاثة، خلال الفترة الممتدة ما بين 2024 - 2028.

أنشطة لسوناطراك في منشأة نفطية بالصحراء (سوناطراك)

ووفق تقديرات مسؤولين حكوميين، ستكون هذه الاستثمارات مدخلاً لتحسين علاقات الجزائر بباماكو ونيامي المجاورتين، خصوصاً مالي التي أثارت حفيظة الجزائر في يناير (كانون الثاني) الماضي، عندما أعلن رئيس السلطة الانتقالية، العقيد أسيمي غويتا، إلغاء «اتفاق السلم والمصالحة»، الذي ترافقه الجزائر وسيطاً منذ التوقيع عليه فوق أراضيها عام 2015. واتهم المسؤول العسكري الجزائر بـ«قيادة أعمال عدائية ضدنا»، وبأنها «تدخلت مراراً في شؤون مالي الداخلية بسبب استقبالها انفصاليين إرهابيين». وكان يقصد بذلك تنظيمات «أزواد» الطرقية، التي تسيطر على شمال البلاد.

الحاكم العسكري في مالي مستقبلاً وفداً دبلوماسياً وأمنياً جزائرياً في أبريل 2023 (الخارجية الجزائرية)

وعبرت الجزائر عن «أسفها» إزاء هذا القرار، الذي عدته «خطيراً على مالي نفسه»، وأشارت إلى «كثافة مشروعات تسليح تمولها بلدان»، مستنكرة «استخدام مرتزقة دوليين». وكانت تقصد بذلك، أساساً، استعانة العقيد غويتا بمجموعات «فاغنر» المدعومة من طرف روسيا، في حملة عسكرية شنها ضد المعارضة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ما أمكنه من السيطرة على أهم معقل لها.

وكانت الجزائر قد فوجئت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بإعلان السلطة في النيجر، التي جاءت إثر انقلاب 26 يوليو (تموز) الماضي، رفضها وساطة بينها وبين الرئيس المعزول محمد بازوم، بعدما كانت أعلنت أن نيامي وافقت عليها، وأن وزير الخارجية أحمد عطاف كان يعتزم السفر إلى الجار الجنوبي لترتيب الوساطة. وحتى وزير الخارجية في حكومة بازوم عبر عن تحفظه على المقترح الجزائري. وتركت هذه الحادثة أثراً سيئاً في علاقات الجزائر بأحد أقرب الجيران من حيث العلاقات الإنسانية بين قبائل الصحراء على الحدود المشتركة، زيادة على علاقات التعاون القوية بين البلدين في مجال محاربة الإرهاب والهجرة السرية.

رئيس سوناطراك السابق (يمين) مع رئيس المؤسسة الليبية للنفط (وزارة النفط الليبية)

ولاحظ مراقبون أن الجزائر تحاشت التصعيد مع مالي والنيجر، على الرغم من أنها تعتبر دوماً أن البلدين يشكلان عمقاً استراتيجياً لأمنها القومي، وأن أي أجندة سياسية تنفذ في أحد منهما، لا تعرف مآلاتها، ستكون هي أول المتأثرين بها بالمنطقة، وذلك بالنظر لطول الحدود المشتركة مع البلدين (تفوق 2200 كلم). كما أن الجزائر أطلقت مشروعات للتنمية كثيرة على مر السنين في البلدين، تخص الزراعة والري وقطاع الصحة والخدمات، زيادة على مساعدات مالية، وذلك لقناعة لديها أن استتباب الوضع في البلدين يعود بالفائدة عليها، ويقطع الطريق أمام محاولات الجماعات المسلحة المتطرفة، بسط سيطرتها عليهما خاصة الحدود.

أما في ليبيا فتبدي الجزائر اهتماماً كبيراً بـ«تصدير رصيدها في مجال الصلح» إلى الليبيين، الذين عرضت عليهم تجربتها بخصوص تنظيم الانتخابات، بوصفه حلاً أمثل، حسبها، لطي أزمتهم السياسية والأمنية. وإن كانت علاقتها جيدة مع حكومة «الوحدة» الوطنية، فإنها سيئة للغاية مع المشير خليفة حفتر، قائد «الجيش الوطني الليبي»، الذي هدد بشن هجوم عليها في 2021. كما تولي الجزائر عناية بدعم مقترحها السياسي بإطلاق استثمارات نفطية في ليبيا. حيث استأنفت شركة «سوناطراك» الجزائرية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أنشطتها في ليبيا، بعد توقف دام 8 سنوات. مع العلم أن الجزائر هي الدولة العربية الوحيدة التي تستثمر في قطاع النفط الليبي.



الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
TT

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

استعادت قوات الجيش السوداني، السبت، مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في جنوب شرقي البلاد، ما يسهل على الجيش السيطرة على كامل الولاية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مئات الأشخاص يخرجون إلى الشوارع احتفالاً باستعادة المدينة التي ظلت لأكثر من 5 أشهر تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دخلت رئاسة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة». ولم يصدر أي تعليق من «قوات الدعم السريع» التي كانت استولت في مطلع يوليو (حزيران) الماضي، على مقر «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض أي معارك. ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر عناصره برتب مختلفة أمام مقر الفرقة العسكرية الرئيسة.

بدوره، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، عودة مدينة سنجة إلى سيطرة الجيش. وقال في منشور على صفحته في «فيسبوك»، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن «العدالة والمحاسبة مقبلتان وستطولان كل من أسهم في جرائم، وستتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم».

وأضاف أن «الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق مزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة».

وفي وقت سابق، تحدث شهود عيان عن تقدم لقوات الجيش خلال الأيام الماضية في أكثر من محور صوب المدينة، بعد أن استعادت مدينتي الدندر والسوكي الشهر الماضي، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع». وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش وعناصر المقاومة الشعبية انتشروا بكثافة في شوارع سنجة، وإنهم فرحون بذلك الانتصار.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (أرشيفية - مواقع التواصل)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض. وبفقدان سنجة تكون «قوات الدعم السريع» قد خسرت أكثر من 80 في المائة من سيطرتها على ولاية سنار الاستراتيجية، حيث تتركز بقية قواتها في بعض البلدات الصغيرة.

يذكر أن ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط البلاد، لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر أيضاً على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولاية كردفان في جنوب البلاد.

ووفقاً للأمم المتحدة نزح أكثر من نحو 200 ألف من سكان ولاية سنار بعد اجتياحها من قبل «قوات الدعم السريع».

واندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى. وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء البلاد.