القضاء التونسي يتهم 37 موظفاً حكومياً بالفساد

تزامناً مع إصدار أمر بسجن وزير صناعة سابق

الرئيس قيس سعيد اتهم أطرافاً بمحاولة إفلاس مؤسسات حكومية (رويترز)
الرئيس قيس سعيد اتهم أطرافاً بمحاولة إفلاس مؤسسات حكومية (رويترز)
TT

القضاء التونسي يتهم 37 موظفاً حكومياً بالفساد

الرئيس قيس سعيد اتهم أطرافاً بمحاولة إفلاس مؤسسات حكومية (رويترز)
الرئيس قيس سعيد اتهم أطرافاً بمحاولة إفلاس مؤسسات حكومية (رويترز)

أعلن سيف الدين العبيدي، المتحدث باسم المحكمة الابتدائية بولاية (محافظة) بنزرت التونسية، اتهام 37 موظفاً حكومياً يعملون بمصنع الفولاذ الحكومي، بالضلوع في ملفات سوء تصرف في الموارد المالية للشركة، وإصدارها أمراً بسجن وزير صناعة سابق.

وقال العبيدي في تصريح لـ«وكالة الأنباء الرسمية» إن النيابة العامة أمرت باعتقال عشرة موظفين متهمين، والإبقاء على 27 شخصاً آخرين بحال تقديم، لاتهامهم باستغلال موظف عمومي لصفته من أجل استخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه، أو لغيره والإضرار بالإدارة، وتصرف موظف عمومي دون وجه حق في أموال عمومية.

ومنذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فتحت النيابة العامة بحثاً حول وجود شبهة فساد مالي وإداري ارتكبت بمصنع الفولاذ في مدينة منزل بورقيبة (مقر شركة الفولاذ)، ما تسبّب في إلحاق ضرر كبير بالمؤسسة العمومية.

في غضون ذلك، قررت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، اليوم (الثلاثاء)، تأجيل محاكمة وزير بيئة أسبق، ومتهمين آخرين إلى شهر مارس (آذار) المقبل، وذلك في قضية تتعلق بتلقي رشوة مالية. وحضر ممثل المكلف العام بنزاعات الدولة وتمسك بطلباته المدنية، وهي تغريم المتهمين بمبلغ 70 مليون دينار تونسي (نحو 23.3 مليون دولار).

يذكر أن مصنع الفولاذ يعيش منذ عدة عقود وضعية مالية واقتصادية صعبة، علاوة على العديد من الإشكاليات المتعلقة بحوكمة المؤسسة، وكانت هذه المؤسسة محور زيارة الرئيس قيس سعيد خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، جدد فيها حرص الدولة على عدم التفريط بمصنع الفولاذ، وغيره من المؤسسات العمومية التي كانت ولا تزال تلعب دوراً مهماً في بناء الدولة، على حد تعبيره.

وخلال هذه الزيارة كشف الرئيس عن امتلاكه لملفات ووثائق توثق سوء الاستغلال والتصرف بالمصنع، مؤكداً أنه كان يصدر في السنوات الماضية الحديد إلى أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، كما كان يصنع السكك الحديدية والأعمدة الكهربائية، وقطع القطارات، لكن أشخاصاً عملوا على تفويته للقطاع الخاص، ومنذ سنة 2003 تم تسريح أكثر من ألف عامل من المصنع بسب معاناته من صعوبات مالية.

وخلال لقائه مع عدد من المسؤولين بمصنع الفولاذ، الذي يعود تاريخ إنشائه إلى سنة 1965، أشار الرئيس التونسي إلى وجود شخص وشبكة محيطة به مرتبطين بدوائر أجنبية، يسعون لإفلاس هذه المؤسسة، ثم تفويتها للقطاع الخاص، عبر الاستحواذ على قطع الخرداوات والحديد، موضحاً أن المتهم يريد أن يحل محل الدولة في هذا القطاع. وانتقد سعيد النيات التي كانت تتجه نحو تفويت صنع الفولاذ في 2017 لطرف أجنبي، بحجة إرساء شراكة استراتيجية معه، وتم تشكيل لجان من أجل إصلاح المصنع، ولكن الغاية الحقيقية منها هي العمل على إفلاس المصنع وتخريبه ليتم بيعه، على حد تعبيره.



اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
TT

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)

للمرة الثالثة تستضيف مدينة جنيف السويسرية ما عرفت باجتماعات «المائدة المستديرة» بين القوى السياسية والمدنية السودانية، وتهدف لتقريب وجهات النظر بين أطراف الأزمة السودانية، مواصلة للاجتماعين السابقين اللذين نسقتهما منظمة «بروميديشن» الفرنسية، في القاهرة وجنيف، وتهدف الاجتماعات لتحقيق توافق على وقف الحرب عبر التفاوض وإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين.

وتشارك في الاجتماعات، التي بدأت يوم الاثنين وتستمر ليومين، كل من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم»، وتحالف «الكتلة الديمقراطية» الموالية للجيش، وحركات مسلحة تابعة للكتلة، مع إعلان بعض الأطراف مقاطعة هذه الاجتماعات.

وانشقت «الكتلة الديمقراطية» قبل سنوات عن تحالف «قوى الحرية والتغيير» الذي قاد الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بحكومة الرئيس عمر البشير.

وتتكون «الكتلة الديمقراطية» أساساً من حركات مسلحة وقوى سياسية أيدت انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي ناهضه التحالف الرئيس «الحرية والتغيير» الذي تطور بعد الحرب إلى تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم».

وصدرت مواقف متضاربة بين أعضاء تحالف «الكتلة الديمقراطية» تراوحت بين الرفض والقبول للمشاركة في اجتماعات جنيف. وأعلن المتحدث باسم الكتلة، محمد زكريا، الذي ينتمي لـ«حركة العدل والمساواة»، اعتذار كتلته عن المشاركة، بينما

استنكر القيادي في الحزب «الاتحادي الديمقراطي» عمر خلف الله، وهو أيضاً ناطق رسمي باسم «الكتلة الديمقراطية» تصريح زكريا، قائلاً إن الموضوع لم يناقش في قيادة الكتلة، وأكد مشاركتهم في اجتماعات جنيف «من أجل رؤية تعزز المشروع الوطني».

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

تباين مواقف «الكتلة الديمقراطية»

وإزاء مواقف «الكتلة الديمقراطية»، قال قيادي في الكتلة لـ«الشرق الأوسط» إن المشاركة في اجتماعات جنيف كشفت تباينات حادة داخل الكتلة، وأن «حركة العدل والمساواة» بقيادة وزير المالية الحالي جبريل إبراهيم سنت لنفسها خطاً منفرداً يمكن وصفه بـ«الانشقاق» داخل الكتلة، مضيفاً أن «رفض المشاركة يعبر عن موقف الحركة وليس موقف الكتلة».

وقال القيادي في «تقدم» والأمين السياسي لحزب «المؤتمر السوداني» شريف محمد عثمان لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة جنيف السويسرية شهدت صباح يوم الاثنين الاجتماع الرابع لسلسلة الاجتماعات التي تنسقها «بروميديشن»، وينتهي يوم الثلاثاء، ويهدف إلى تقريب المسافات بين القوى المناهضة للحرب وتلك التي انحازت لأحد طرفي القتال، في إشارة إلى الجيش.

ووفقاً للقيادي في «تقدم»، فإن الاجتماعات تعمل على تحقيق توافق على إنهاء الحرب عبر الحلول السلمية التفاوضية، والتي تبدأ بالوصول إلى وقف العدائيات بغرض إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وفتح مسارات آمنة، باعتبارها خطوات تمهيدية لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب سلمياً.

اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)

مشاركة واسعة

وأوضح عثمان أن طيفاً واسعاً من المدنيين يشارك في الاجتماع وعلى رأسهم قيادات تحالف القوى الديمقراطية المدنية الأكبر في البلاد «تقدم»، ويمثلها كل من رئيس حزب «المؤتمر السوداني» عمر الدقير، ورئيس حزب «التجمع الاتحادي» بابكر فيصل، ورئيس «حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي» الهادي إدريس. كما يشارك في الاجتماعات «حزب الأمة القومي»، و«الحزب الاتحادي الأصل» بقيادة جعفر الميرغني، و«التحالف الديمقراطي للعدالة» بقيادة مبارك أردول، و«حركة تحرير السودان - جناح مناوي»، ويمثلها علي ترايو، إضافة لممثلين عن حزب «المؤتمر الشعبي» الإسلامي المنشق عن حزب الرئيس المعزول عمر البشير، و«حزب الأمة – جناح مبارك الفاضل».

وتوقع عثمان توصل المجتمعين لبيان ختامي متوافق عليه بشأن قضيتي إنهاء الحرب سلمياً، ووقف عدائيات إنساني يسهل وصول المساعدات الإنسانية.

وكانت العاصمة المصرية القاهرة قد شهدت في أكتوبر (تشرين الأول) اجتماعاً مماثلاً، توصل إلى بيان ختامي وقعته القوى المشاركة، باستثناء حركة تحرير السودان – مناوي، وحركة العدل والمساواة – جبريل إبراهيم اللتين رفضتا توقيع بيان القاهرة رغم مشاركتهما في الاجتماعات.

و«بروميديشن» منظمة فرنسية مدعومة من الخارجية الفرنسية والخارجية السويسرية، ظلت تلعب أدواراً مستمرة في الشأن السوداني، وعقدت عدداً من اجتماعات المائدة المستديرة بين الفرقاء السودانيين، بدأتها منذ يونيو (حزيران) 2022 بمفاوضات بين حركات مسلحة دارفورية، ثم طورت اجتماعاتها لتشمل القوى السياسية والمدنية السودانية بعد الحرب.