ليبيا تتجه لإنشاء «سكة حديد» من بنغازي إلى الحدود المصرية

المستعمر شيّد خطوطاً قصيرة... ومشروع القذافي تعطّل

من حفل توقيع وزارة الاستثمار بحكومة حمّاد اتفاقية لتشييد سكة حديد من بنغازي إلى الحدود المصرية (وزارة الاستثمار)
من حفل توقيع وزارة الاستثمار بحكومة حمّاد اتفاقية لتشييد سكة حديد من بنغازي إلى الحدود المصرية (وزارة الاستثمار)
TT

ليبيا تتجه لإنشاء «سكة حديد» من بنغازي إلى الحدود المصرية

من حفل توقيع وزارة الاستثمار بحكومة حمّاد اتفاقية لتشييد سكة حديد من بنغازي إلى الحدود المصرية (وزارة الاستثمار)
من حفل توقيع وزارة الاستثمار بحكومة حمّاد اتفاقية لتشييد سكة حديد من بنغازي إلى الحدود المصرية (وزارة الاستثمار)

استقبل ليبيون تحرك الحكومة المكلفة من مجلس النواب لجهة إنشاء خط سكة حديد، بترحاب شديد، متذكرين تجربةً سابقةً لم تكتمل منذ سقوط عهد الرئيس الراحل معمر القذافي.

وأعلنت وزارة الاستثمار بحكومة «الاستقرار» بشرق ليبيا أن الوزير علي السعيدي وقع اتفاقية مع جهاز تنفيذ وإدارة مشروع الطرق الحديدية، وائتلاف شركات «BFI» الصينية، لتنفيذ سكة حديدية تنطلق من مدينة بنغازي (شرق)، وصولاً إلى بلدية أمساعد الحدودية ومدينة مرسى مطروح المصرية.

تجدر الإشارة إلى أنه لا توجد في ليبيا سكةٌ حديديةٌ، كما سبق أن تحدثت الحكومات المتعاقبة عن إعادة تفعيل تدشين المشروع المعطّل منذ رحيل القذافي.

وجاء توقيع السعيدي للاتفاقية، مساء أمس (الخميس)، «ضمن خطة وزارته لتطوير البنية التحتية للدولة الليبية»، وفق بيانها.

وتم الاتفاق في مدينة بنغازي بحضور كل من ممثل ائتلاف شركات «BFI»، صالح عطية رئيس الائتلاف، وسعيد سالم الكيلاني رئيس مجلس إدارة الطرق الحديدية، وابريك عبد الله نائب رئيس مجلس إدارة جهاز تنفيذ مشروع الطرق الحديدية، «على أن يتم العمل بشكل فعلي ومباشر في هذا المسار، فور تسلم الخرائط المعتمدة من قبل جهاز تنفيذ وإدارة مشروع الطرق الحديدية».

من مراسيم توقيع وزارة الاستثمار بحكومة حمّاد اتفاقية لتشييد سكة حديد من بنغازي إلى الحدود المصرية (وزارة الاستثمار)

وفيما يتعلق بميزانية المشروع، قال السعيدي لـ«الشرق الأوسط» إن المستثمر الصيني سيتكفل بها، فيما قالت الوزارة إنها «ستحقق قفزات كبيرة في قطاعات النقل بتوقيع هذه الاتفاقية، حيث تقبع الدولة الليبية في مراكز متأخرة بين دول العالم في النقل البري والسكك الحديدية».

ونوهت الوزارة بأن خطتها «تشمل أيضاً مناطق وبلديات أخرى ستصل إليها السكك إلى أن تغطي الدولة الليبية بشكل كامل».

ورحب ليبيون عديدون بالمشروع، وفي هذا السياق، قال المحامي علي امليمدي، المنتمي إلى مدينة سبها (جنوب)، إن إنشاء سكة حديدية في ليبيا «سيحل الازدحام بشكل كبير، ويقلل الحوادث على الطرق العامة»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن مساحة بلاده «كبيرة جداً، وتحتاج للسكة الحديدية من أجل تسهيل نقل البضائع والأشخاص بشكل سلس».

ولم تعرف ليبيا السكة الحديدية بالمعنى المتعارف عليه، لكنها شهدت تشييد خطوط قصيرة قبل اندثارها في بداية القرن الماضي، بناها العثمانيون بقصد النقل بين المحاجر والموانئ، إلى جانب نقل بعض الموظفين. كما تنقل كتب التاريخ شيئاً مماثلاً عن خطوط قصيرة أيضاً شيدها الإيطاليون الغزاة بين عامي 1914-1927 في بنغازي وطرابلس، وتشير إلى أن شبكة السكك الحديدية الليبية أصيبت بأضرار خلال الحرب العالمية الثانية.

وفي تصريح سابق نقلته وكالة الأنباء الليبية (وال) عن رئيس مجلس إدارة مشروع السكك الحديدية، سعيد الكيلاني، فإن مشروع السكك الحديدية الاستراتيجي والمهم في ليبيا واجه ولا يزال يواجه الكثير من العقبات والعوائق على المستويات المالية والفنية واللوجستية والأمنية، إلى جانب التعديات من قبل المواطنين على مسارات الخطوط والمسارات، والمحطات الخاصة بهذا المشروع بعد عام 2011.

وقال الكيلاني إن عدم تخصيص ميزانية للمشروع منذ 2011 في إطار ميزانية التحول فاقم من حجم المشكلات، التي يعاني منها المشروع على مستوى التنفيذ إلى جانب تعرض الخطوط للتلف، مبرزاً أن «كل شيء توقف في المشروع بعد عمليات التنفيذ، التي وصلت إلى 30 في المائة منه»، وأرجع ذلك إلى الأحداث التي شهدتها البلاد عام 2011، حيث تم إغلاق المواقع وغادرت الشركات، وتعرضت مقارها ومعداتها للسرقة والنهب ما ألقى بهذا المشروع في المجهول، حسب تعبيره.


مقالات ذات صلة

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

شمال افريقيا وزير الخارجية التركي مستقبلاً بلقاسم نجل حفتر في أنقرة (صندوق تنمية وإعادة إعمار ليبيا)

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

خلَّفت زيارة بلقاسم، نجل المشير خليفة حفتر، إلى تركيا، نهاية الأسبوع الماضي، التي التقى خلالها وزير الخارجية، هاكان فيدان، قدراً من التساؤلات.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا صورة نشرتها سلطات جنوب أفريقيا لعدد من الليبيين الذين اعتقلتهم (أ.ب)

تباين بين «الوحدة» و«الاستقرار» حول الليبيين المعتقلين في جنوب أفريقيا

أكدت حكومة الوحدة، في بيان مساء الجمعة، أنه «لا صلة لها بإجراءات إرسال 95 شخصاً من حملة الجنسية الليبية»

خالد محمود (القاهرة )
المشرق العربي 
من مخلفات اشتباكات عنيفة بين ميليشيات مسلحة وسط طرابلس (أ.ف.ب)

ليبيا: انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن

هزّت انفجارات ضخمة مدينة زليتن الساحلية، الواقعة غرب ليبيا، إثر انفجار مخزن للذخيرة، تملكه ميليشيا «كتيبة العيان»، وسط تضارب الروايات حول أسباب الحادث، الذي.

شمال افريقيا عملية ترحيل مهاجرين أفارقة من ليبيا إلى النيجر (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)

ما حقيقة طرد ليبيا مئات المهاجرين النيجريين إلى الصحراء؟

اشتكى مصدر ليبي مسؤول من أن «منطقة أغاديز بوسط النيجر أصبحت نقطة انطلاق ومحطة عبور لتهريب المهاجرين الراغبين في الوصول إلى الشواطئ الأوروبية عبر بلده».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا انفجارات زليتن أعادت مطالبة الليبيين بإخلاء المناطق السكنية من التشكيلات المسلحة (أ.ف.ب)

انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن الساحلية الليبية

هزّت انفجارات ضخمة متتالية مدينة زليتن الساحلية بغرب ليبيا إثر انفجار مخزن للذخيرة تمتلكه ميليشيا «كتيبة العيان» بمنطقة كادوش، وسط تضارب الروايات.

جمال جوهر (القاهرة)

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)
مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)
TT

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)
مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)

يراجع «مجلس أمناء الحوار الوطني» في مصر مقترحات القوى السياسية وتوصيات على تعديلات بشأن ملف «الحبس الاحتياطي»، عقب مناقشات موسعة؛ وذلك لعرضها على الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لاتخاذ ما يلزم بشأنها.

وتوقّع خبراء شاركوا في جلسات «الحوار الوطني» تحقيق «انفراجة في ملف الحبس الاحتياطي، بالإفراج عن أعداد من المحبوسين منذ مدة طويلة»، مشيرين إلى توافق المشاركين حول «عدم استخدام تدابير الحبس الاحتياطي؛ إلا في أضيق الحدود، والتوسع في تدابير بديلة أخرى ضد المتهمين».

وانتهى «الحوار الوطني» أخيراً من مناقشة قضية «الحبس الاحتياطي»، بمشاركة قانونيين وحقوقيين وممثلي القوى والتيارات السياسية، وأشخاص تعرّضوا للحبس الاحتياطي. وتناولت المناقشات سبل «الحفاظ على طبيعة الحبس الاحتياطي بصفته أحد إجراءات التحقيق، وليس عقوبة ضد المتهمين».

مشاركون في جلسات ملف «الحبس الاحتياطي» بمصر (الحوار الوطني)

وأشار «مجلس أمناء الحوار الوطني»، في إفادة مساء الجمعة، إلى «تلقيه أوراق عمل من القوى السياسية، ثم تعقبه صياغة تقرير نهائي بالتوصيات، يجري رفعه إلى الرئيس». ولفت بيان المجلس إلى أنه «تم الاستماع خلال جلسات الحوار إلى كل وجهات النظر بشأن الحبس الاحتياطي، والوضع القانوني القائم حالياً، ومقترحات التطوير المختلفة، كما تم استعراض تجارب الدول الأخرى، دون مصادرة لرأي أو حجر على فكرة».

المحامي الحقوقي عضو «مجلس أمناء الحوار الوطني»، نجاد البرعي، قال إن «لجنة حقوق الإنسان والحريات بالحوار الوطني ستُصيغ تقريراً بالتوصيات والمقترحات، التي تم التوافق عليها، والأخرى التي كانت محل خلاف لرفعها إلى الرئيس»، مشيراً إلى أن «هناك أملاً في تحقيق انفراجة بملف الحبس الاحتياطي، مثل الإفراج عن المحبوسين احتياطياً، منذ مدة طويلة».

وأشار البرعي إلى توصيات حظيت بتوافق داخل مناقشات «الحوار الوطني»، منها: «الإفراج عن جميع المحبوسين احتياطياً في السجون حالياً، ووقف الحبس في قضايا الرأي والنشر، مع وضع حد أقصى (مدة زمنية) لإنهاء تحقيقات النيابة المصرية، وإلا يجري إلغاء الدعوى القضائية بعدها»، لافتاً إلى مقترحات جديدة، مثل «تعويض من حُبسوا عن طريق الخطأ بمبلغ يساوي الحد الأدنى للأجور في البلاد (6 آلاف جنيه مصري)، عن كل شهر بمدة الحبس». (الدولار الأميركي يساوي 48.30 جنيه في البنوك المصرية).

وتوقف البرعي مع مقترحات لم تحظ بتوافق المشاركين في «الحوار الوطني»، منها: «حالات الحبس الاحتياطي المكرر، لصعوبة علاجه قانوناً»، إلى جانب «بدائل الحبس الاحتياطي، المطبقة في دول أخرى»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أن المشاركين في الجلسات «تداولوا مقترحات تتعلق باستخدام أسورة تتبع ممغنطة، أو تحديد إقامة المتهم، أو تطبيق نظام المراقبة الشرطية»، مبرزاً أنه «لا يستطيع أحد وقف إجراء الحبس الاحتياطي، بصفته (احترازاً قانونياً) في أثناء التحقيقات في القضايا».

وأخلت السلطات المصرية، الأسبوع الماضي، سبيل 79 متهماً من المحبوسين على ذمة قضايا، في خطوة قُوبلت بترحيب قوى سياسية وحزبية.

ورأى رئيس «كتلة الحوار» (كيان سياسي دُشّن من فعاليات الحوار الوطني)، باسل عادل، أن «هناك إرادة سياسية لحلحلة أزمة الحبس الاحتياطي»، متوقعاً «إجراء تعديلات تشريعية على قانون الإجراءات الجنائية، استجابة إلى توصيات مناقشات الحوار الوطني». ولفت لـ«الشرق الأوسط» إلى «وجود إجماع من القوى السياسية، ومنظمات المجتمع المدني على الفصل بين إجراء الحبس الاحتياطي ضد (المتهمين الجنائيين)، والسياسيين». وقال إن هناك مطالب بعدم استخدام الحبس الاحتياطي في «قضايا الرأي وحرية التعبير والتظاهر».

جانب من جلسات ملف «الحبس الاحتياطي» في مصر (الحوار الوطني)

ولفت رئيس «المنظمة العربية لحقوق الإنسان»، علاء شلبي، إلى أن مناقشة قضية الحبس الاحتياطي «عبّرت عن إرادة سياسية تتجه إلى الإفراج عن كل المحبوسين احتياطياً في قضايا عامة خلال الأيام المقبلة». وأشار إلى إجماع المشاركين في مناقشات «الحوار الوطني» حول «رد تدابير الحبس الاحتياطي إلى أصلها بصفتها إجراء احترازياً، يجري استخدامها في أضيق الحدود، والإجماع على استبعاد التوسع في تطبيقها كمّاً وكيفاً، وتكثيف استخدام بدائل للحبس».

وأوضح شلبي لـ«الشرق الأوسط»، أن «مناقشة إشكاليات الحبس الاحتياطي في جلسة خاصة من الحوار الوطني ليست بديلاً عن إصدار قانون الإجراءات الجنائية الجديد»، لافتاً إلى أن مجلس الوزراء المصري «أقر في ديسمبر (كانون الأول) 2022 تعديلات على القانون، وانتهت اللجنة النيابية الفنية من مراجعته في أبريل (نيسان) الماضي، وتعهّد رئيس مجلس النواب المصري (البرلمان) في يوليو (تموز) الحالي بمناقشة القانون في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل».

وناقش مجلس النواب المصري، في مارس (آذار) الماضي، مشروع قانون بتعديلات تشريعية لتقليص مدد «الحبس الاحتياطي». وتضمّنت التعديلات المقترحة وضع حد أقصى لمدة الحبس الاحتياطي، وتنظيم التعويض عنه، وتقليص مدة الحبس، لتصبح في «قضايا الجنح» 4 أشهر بدلاً من 6 أشهر، وفي «الجنايات» 12 شهراً بدلاً من 18 شهراً، و18 شهراً بدلاً من عامين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة السجن المؤبد أو الإعدام».