رئيس «الاستقرار» الليبية يتهم حكومة الدبيبة بـ«إهدار أموال الشعب»

«الوحدة» تتحرك لحماية ممتلكات مواطنين تمت مصادرتها في بريطانيا

الدبيبة خلال اجتماعه مع أعيان وعمداء بلديات الأمازيغ بمناطق الجبل والساحل الغربي (حكومة «الوحدة»)
الدبيبة خلال اجتماعه مع أعيان وعمداء بلديات الأمازيغ بمناطق الجبل والساحل الغربي (حكومة «الوحدة»)
TT

رئيس «الاستقرار» الليبية يتهم حكومة الدبيبة بـ«إهدار أموال الشعب»

الدبيبة خلال اجتماعه مع أعيان وعمداء بلديات الأمازيغ بمناطق الجبل والساحل الغربي (حكومة «الوحدة»)
الدبيبة خلال اجتماعه مع أعيان وعمداء بلديات الأمازيغ بمناطق الجبل والساحل الغربي (حكومة «الوحدة»)

بينما صعّد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي، أسامة حمّاد، ضد حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، واتهمها بـ«إهدارها أموال الشعب»؛ وجّهت الأخيرة بالتحرك حيال أموال الليبيين المحجوز عليها في بريطانيا.

وكان رئيس الحكومة، التي تتخذ من بنغازي مقراً لها، يتحدث عبر «الأقمار الاصطناعية» أمام ملتقى ضخم، ضم أعضاء من مجلسي النواب و«الدولة» وعمداء بلديات، وأعياناً ومشايخ وأحزاباً سياسية، وأعضاء بمؤسسات المجتمع المدني، وقال إن حكومته هي «لكل الليبيين»، مشدداً على ضرورة «جمع الشمل، والعمل على طريق التنمية، وإعادة الإعمار في كل المدن بدعم من القيادة العامة والبرلمان».

كما انتقد حمّاد حكومة الدبيبة، التي وصفها بأنها «منتهية الولاية»، وقال إنها «تهدر أموال الشعب، كما أن تصرفاتها لجهة خصخصة بعض الشركات ستؤدي إلى إفلاس الدولة الليبية بشكل غير مسبوق».

حمّاد خلال مشاركته عن بُعد في ملتقى ضم عمداء وممثلي أحزاب ومنظمات المجتمع المدني بالمنطقة الغربية (حكومة «الاستقرار»)

في المقابل، دافع حماد عن حكومته، ورأى أنها «تتخذ إجراءات وتصدر قوانين، من شأنها الحد من العبث بأرزاق الليبيين»، مشيراً إلى تعاملها مع أزمة ارتفاع منسوب المياه الجوفية بمدينة زليتن، لجهة «توفير الميزانية والتخفيف من آثارها، وتكليف لجنة من الخبراء لدراسة أسبابها وأبعادها، والآثار المترتبة عليها».

وفيما يتعلق بأزمة زليتن، فإن الشركة المكلفة من حكومة «الوحدة» بدأت تنفيذ مسار لصرف المياه من المناطق المتضررة عبر الطريق الساحلي إلى البحر.

وكان هذا المقترح من بين الحلول، التي اقترحتها اللجنة الاستشارية المكونة من البلدية والحكومة «كحل استعجالي لتدارك منسوب المياه وتخفيضه جزئياً». ويمتد خط نقل المياه الجوفية إلى البحر على طول 5 كيلومترات عبر الطريق الساحلي، ويمر بالمناطق المتضررة حسب الدراسات والحلول السريعة، التي وضعها الفريق الهندسي والاستشاري.

في غضون ذلك، اجتمع الدبيبة مع أعيان وعمداء بلديات الأمازيغ بمناطق الجبل والساحل الغربي، مساء (الخميس)، وبحث معهم عدداً من الملفات المحلية والسياسية، والمشاكل والصعوبات التي تواجه البلديات في تقديم خدماتها. وخلال هذا اللقاء استعرض عميد بلدية جادو، عمر طابونة، الصعوبات التي تواجه البلديات، وأهمها تنظيم عمل مديريات الأمن، والاستماع لعدد من الملحوظات بشأن الحدود الإدارية لها، إلى جانب الاحتياجات العاجلة للبلديات في الجانب الخدمي. وفي هذا السياق، أكد الدبيبة، بحسب مكتبه، «ضرورة استمرار التنسيق بين البلديات ووزارة الداخلية للمحافظة على الأمن، والاستماع إلى كافة النقاط التي تساهم في تنظيم المديريات للقيام بمهامها».

في شأن مختلف، أهابت السفارة الليبية في لندن بـ«المواطنين الليبيين كافة، المقيمين هناك، ممن تمت مصادرة أموالهم، أو تم الحجز على ممتلكاتهم من قبل حكومة المملكة المتحدة، التقدم إلى الشؤون القنصلية بالسفارة بطلب كتابي يوضح حالاتهم».

ويشمل الطلب الكتابي، بحسب السفارة، الجمعة: «توضيح كل حيثيات وملابسات مصادرة أموالهم، أو الحجز على ممتلكاتهم، مشفوعاً بالمستندات الدالة على ذلك». وأوضحت أن ذلك يندرج تحت قرار رئيس حكومة «الوحدة» بشأن تشكيل لجنة لمتابعة رفع القيود عن أموال وممتلكات المواطنين في الخارج.

جانب من ملتقى ضم عمداء وممثلي أحزاب ومنظمات المجتمع المدني بالمنطقة الغربية (حكومة «الاستقرار»)

وتدفع الأموال والأصول الليبية المجمدة في الخارج ضريبة الأوضاع المضطربة والانقسام السياسي في البلاد. فمنذ عام 2017 لم تتوافق السلطة المنقسمة في ليبيا على مطالبة مجلس الأمن الدولي برفع الحظر عن هذه الأموال، في ظل محاولات من شركات دولية للاستيلاء على بعضها، بداعي «تعويض خسائرها عما لحق بها في ليبيا بعد عام 2011»، بالإضافة إلى الحجز ومصادرة أموال لليبيين لأسباب مختلفة.

وتقدر الأموال الليبية في الخارج بنحو 200 مليار دولار، وهي عبارة عن استثمارات في شركات أجنبية وأرصدة، وودائع وأسهم وسندات، تم تجميدها بقرار من مجلس الأمن الدولي في مارس (آذار) عام 2011، لكن الأرصدة النقدية تناقصت على مدار السنوات الماضية إلى 67 مليار دولار، وفق فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق الوطني» السابقة.

يأتي ذلك في حين لوحظ استعداد السلطات في العاصمة طرابلس المبكر لتأمين الاحتفال بالذكرى الثالثة عشرة لـ«ثورة» 17 فبراير (شباط). وقال «جهاز دعم الاستقرار» إنه شارك في الاجتماع التحضيري الأول للمؤسسات الأمنية لبلورة الخطة الأمنية، بهدف تأمين احتفالية «17 فبراير»، والذي عُقد بديوان وزارة الداخلية بالعاصمة، وترأسه وكيل الوزارة لشؤون المديريات، بمشاركة مندوبين عن الأجهزة الأمنية والعسكرية، التابعة للمجلس الرئاسي، ومجلس الوزراء، ومدير أمن طرابلس.

في شأن مختلف، طالب المجلس الأعلى للتصوف الإسلامي في ليبيا، بالإفراج عن الشيخ مفتاح لامين البيجو، الذي قال إنه خُطف على يد مجموعة مسلحة من زاويته بمنطقة بوعطني بمدينة بنغازي.

وحمّل المجلس الأعلى في بيان أصدره، مساء (الخميس) السلطات في بنغازي، والبعثة الأممية للدعم في ليبيا، «مسؤولية سلامته، بعدما طالبها بسرعة التدخل للإفراج عنه».


مقالات ذات صلة

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

شمال افريقيا عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

حذّر تقرير للأمم المتحدة من أن غياب المساءلة، والسنوات الطويلة من إفلات المتسببين في انتهاكات حقوق الإنسان، والتجاوزات المرتكبة في مدينة ترهونة الليبية

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)

«النواب» الليبي يُصر على رفض محافظ «المركزي»... ويدعو للتهدئة

دخلت أزمة المصرف المركزي الليبي، مرحلة جديدة، السبت، وسط محاولة من حكومة الوحدة المؤقتة في العاصمة طرابلس، لاحتواء لانتقادات أميركية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا لقاء سابق يجمع صالح والمشري وستيفان ويليامز المبعوثة الأممية بالإنابة (المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي)

ليبيون يعلّقون آمالهم على تقارُب صالح والمشري لإحياء المسار الانتخابي

تدفع أزمة المصرف المركزي الليبي بإمكانية العودة إلى بحث العملية السياسية، في ظل عقد البعض آمالاً على عودة التقارب بين مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة».

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا لقاء سابق يجمع صالح وسفير الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا (حساب السفير على «إكس»)

«الأوروبي» يدعو قادة ليبيا إلى «خفض التوترات»... وتشغيل النفط

أطلقت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا عدداً من التحذيرات لقادة البلاد ودعتهم للتحاور والاستجابة لمبادرة الأمم المتحدة، كما شددت على ضرورة إعادة إنتاج وضخ النفط.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا طالبت لجنة الأزمات والطوارئ ببلدية زليتن المواطنين بالابتعاد عن مجرى الوادي (مديرية أمن طرابلس)

سيول جارفة تضرب مناطق متفرقة في ليبيا... وتنشر المخاوف

ضربت أمطار غزيرة وصلت إلى حد السيول مناطق عدة في شمال غربي ليبيا، وأعلن جهاز الإسعاف والطوارئ رفع درجة الاستعدادات وسط إنقاذ عائلات عالقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

شدّدت الحكومة المصرية إجراءات مواجهة «سرقة الكهرباء» باتخاذ قرارات بـ«إلغاء الدعم التمويني عن المخالفين»، ضمن حزمة من الإجراءات الأخرى.

وعدّ خبراء الإجراءات الحكومية «مطلوبة ضمن تدابير انتظام خدمة الكهرباء»؛ لكن قالوا «إن الإشكالية ليست في تشديد العقوبات، لكن في كشف وقائع السرقة وضبطها لمعاقبة المخالفين».

وكثّفت وزارة الكهرباء المصرية من حملات التوعية الإعلامية أخيراً لترشيد استهلاك الكهرباء، والتصدي لوقائع سرقة التيار. ودعت المواطنين «بالإبلاغ عن وقائع سرقة التيار الكهربائي حفاظاً على المال العام». وأعدت شركات الكهرباء المصرية، قوائم بأسماء مواطنين جرى تحرير محاضر سرقة التيار الكهربائي بحقهم، لتقديمها لوزارة التموين المصرية، لتنفيذ قرار مجلس الوزراء المصري بـ«رفع الدعم التمويني عنهم». ووفقاً لوسائل إعلام محلية، السبت، نقلاً عن مصادر مسؤولة بوزارة الكهرباء، فإن قائمة المخالفين «ضمت نحو 500 ألف مواطن، بوصفها مرحلة أولى، وتتبعها كشوف أخرى بمن يتم ضبطهم».

وأعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال اجتماع بمجلس المحافظين، الأسبوع الماضي «اتخاذ إجراءات حاسمة ضد كل من يُحرر له محضر سرقة كهرباء، ومن أهمها إيقاف صور الدعم التي يحصل عليها من الدولة المصرية». وقال مدبولي« إن هذا بخلاف الإجراءات القانونية المتبعة للتعامل مع السرقات، بما يسهم في القضاء على هذا السلوك السلبي».

وتواصل الحكومة المصرية حملات التفتيش والضبطية القضائية لمواجهة سرقات الكهرباء. وأعلنت وزارة الداخلية المصرية، السبت، عن حملات قامت بها شرطة الكهرباء، أسفرت عن ضبط 13159 قضية سرقة تيار كهربائي، ومخالفات شروط التعاقد، وفق إفادة لـ«الداخلية المصرية».

من جانبه، طالب رئيس «جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك السابق» في مصر، حافظ سلماوي، بضرورة «تطبيق إجراءات رفع الدعم عن المتهمين بسرقة التيار الكهربائي وفقاً للقانون، حتى لا يتم الطعن عليها»، مشيراً إلى أن «قانون الكهرباء الحالي وضع إجراءات رادعة مع المخالفين، ما بين فرض غرامات وإلغاء تعاقد».

وأوضح سلماوي لـ«الشرق الأوسط» أن «مواجهة سرقات الكهرباء، ليست بحاجة لعقوبات جديدة رادعة». وأرجع ذلك إلى أن العقوبات المنصوص عليها في قانون الكهرباء الحالي «كافية لمواجهة حالات هدر التيار الكهربائي». وقال «إن الأهم من تغليظ عقوبات السرقات، هو اكتشافها وضبط المخالفين وفقاً لإجراءات قانونية سليمة تثبت واقعة السرقة»، مطالباً بتطوير آليات الرقابة على المستهلكين من خلال «التوسع في تركيب العدادات الذكية والكودية، وتكثيف حملات (كشافي) الكهرباء، وحملات الرقابة والضبطية القضائية، خصوصاً في المناطق الشعبية».

ونص قانون الكهرباء لعام 2015، على «معاقبة من استولى بغير حق على التيار الكهربائي، بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين». وفي حال تكرار السرقة تكون العقوبة «الحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين». (الدولار يساوي 48.56 جنيه في البنوك المصرية).

وزير الكهرباء المصري يبحث مع مسؤولي شركة «سيمنس» الألمانية التعاون في مواجهة سرقة الكهرباء (الكهرباء المصرية)

وتعتمد وزارة الكهرباء المصرية على إجراءات جديدة لكشف سرقات الكهرباء باستخدام تكنولوجيا حديثة في الرقابة. وناقش وزير الكهرباء المصري، محمود عصمت، مع مسؤولين بشركة «سيمنس» الألمانية، أخيراً، التعاون في «برامج إدارة الطاقة بالشبكة الكهربية (EMS) باستخدام أحدث أساليب التكنولوجيا، والمقترحات الخاصة بكيفية الحد من الفاقد وسرقات التيار الكهربائي في كل الاستخدامات، خصوصاً المنزلي والصناعي».

ومع ارتفاع شكاوى المواطنين من انقطاع الكهرباء في بداية شهور الصيف هذا العام، بدأت الحكومة المصرية من الأسبوع الثالث من يوليو (تموز) الماضي وقف خطة قطع الكهرباء. وتعهدت بوقف تخفيف الأحمال باقي شهور الصيف، كما تعهدت بوقف خطة «انقطاع الكهرباء» نهائياً مع نهاية العام الحالي.

وعدّ رئيس«جهاز تنظيم مرفق الكهرباء السابق بمصر، تلك الإجراءات «مطلوبة لتقليل الهدر في استهلاك الكهرباء»، مشيراً إلى أن «الحكومة تتخذ مجموعة من المسارات لضمان استدامة وانتظام خدمة الكهرباء، وحتى لا تتكرر خطط تخفيف الأحمال (قطع الكهرباء)».

في المقابل، رفض عضو «اللجنة الاقتصادية» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب محمد بدراوي، اتخاذ الحكومة المصرية إجراءات برفع الدعم عن المخالفين في سرقة الكهرباء. وأرجع ذلك إلى أن «غالبية وقائع سرقة الكهرباء تأتي من المناطق الشعبية، ومعظم سكانها مستحقون للدعم»، مشيراً إلى أنه «على المستوى الاقتصادي لن يحقق فائدة، خصوصاً أن تكلفة سرقة الكهرباء قد تفوق قيمة الدعم الذي يحصل عليه المخالفون».

في حين أكد بدراوي لـ«الشرق الأوسط»، «أهمية الإجراءات المشددة لمواجهة الهدر في الكهرباء». وقال إنه مع «تطبيق عقوبات حاسمة تتعلق برفع قيمة الغرامات على المخالفين»، مطالباً بضرورة «إصلاح منظومة الكهرباء بشكل شامل، بحيث تشمل أيضاً تخطيط أماكن البناء في المحافظات، وتسهيل إجراءات حصول المواطنين على التراخيص اللازمة للبناء ولخدمة الكهرباء».