البرهان في أم درمان لطمس آثار محاولة الانقلاب ورفع المعنويات

خبير عسكري يؤكد أن الضباط المعتقلين إسلاميون

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال تفقد عدد من قواته مطلع يناير الماضي (إعلام مجلس السيادة الانتقالي)
قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال تفقد عدد من قواته مطلع يناير الماضي (إعلام مجلس السيادة الانتقالي)
TT

البرهان في أم درمان لطمس آثار محاولة الانقلاب ورفع المعنويات

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال تفقد عدد من قواته مطلع يناير الماضي (إعلام مجلس السيادة الانتقالي)
قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال تفقد عدد من قواته مطلع يناير الماضي (إعلام مجلس السيادة الانتقالي)

​أعلن الجيش السوداني أن قائده العام، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، تفقد الخطوط الأمامية بمنطقة «أم درمان العسكرية» ومواقع عسكرية ومدنية شمال أم درمان، في زيارة تلت ذيوع معلومات عن محاولة انقلابية واعتقال ضباط مؤثرين، يرجح أنهم تابعون لتنظيم الإسلاميين داخل الجيش.

خلال الزيارة تلقى البرهان وعضو مجلس السيادة الفريق ياسر العطا، الذي كان في استقباله، شرحاً من قادة المتحركات عن سير العمليات، فيما أشارت تقارير صحافية إلى أن هدف الزيارة «غير المعلن» هو إزالة الأثر الذي ترتب على ذيوع المعلومات عن «انقلاب عسكري» واعتقال عدد من الضباط المتورطين.

وقال إعلام مجلس السيادة الانتقالي في نشرة صحافية، الخميس، إن البرهان تلقى «تنويراً» عن سير العمليات من قيادة المتحركات، وإنه تفقد مواقع عسكرية ومدنية، وإن تدافعاً «عفوياً» من قبل مواطنين التفوا حوله شهدته المواقع التي زارها.

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وسط قواته شرق البلاد (أرشيفية - سونا)

وتأتي زيارة البرهان للمنطقة العسكرية التي يسيطر عليها الجيش، وتعد من أهم المناطق التي ينطلق منها الجيش في عملياته ضد «قوات الدعم السريع» بعد يوم واحد من تداول وكالات الأنباء والفضائيات لمعلومات عن محاولة انقلابية تنطلق من منطقة «كرري» العسكرية، واعتقل على أثرها ثلاثة ضباط برتب وسيطة.

لكن الجيش نفى حدوث المحاولة الانقلابية، بيد أنه لم ينف «اعتقال الضباط»، وقلل بعض مناصريه من العملية، وعدّوا اعتقال الضباط نتيجة لـ«تذمر» القادة الميدانيين من الخطط العسكرية لقيادة الجيش، بينما تناقلت وسائل إعلام أن هناك مخططاً يهدف للقبض على «ضابط كبير» في المنطقة العسكرية.

ونشر إعلام السيادة «فيديو» يبدو أن تصويره تم ليلاً للبرهان بكامل زيه العسكري، وهو يتجول في «منطقة تبدو مؤمنة جيداً»، وحوله عدد من الجنود وحراسة مشددة، بجانب أشخاص بثياب مدنية، يحاولون تحيته، وهم يهللون ويكبرون، ويهتفون: «جيش واحد، شعب واحد».

ووفقاً لإعلام السيادة، فإن البرهان «شدد على التزام القوات المسلحة برعاية أسر الشهداء والمفقودين وعلاج الجرحى والمصابين من القوات النظامية والمستنفرين»، وأكد على استئصال «سرطان الميليشيا المتمردة ومرتزقتها»، وأن الشعب والقوات المسلحة في خندق واحد للقضاء على التمرد.

وعلى الرغم من أن إعلام مجلس السيادة أكد على أن الزيارة أتت ضمن «جولات تفقدية»، يقوم بها القائد العام للقوات «التي تخوض معركة الكرامة في عدة جبهات»، فإن مصادر عسكرية أخرى ذكرت أن هدفها، استعادة تماسك القوات في القاعدة العسكرية المهمة، والتقليل من آثار المحاولة الانقلابية، أو على الأقل تأثير الضباط المعتقلين، وإطفاء نيران التذمر بين الضباط والعسكريين من خطط القيادة العسكرية.

قوة للجيش السوداني في أحد شوارع الخرطوم يوم 6 مايو 2023 (أ.ف.ب)

وقال المقدم معاش الطيب المالكابي لـ«الشرق الأوسط»، إن أي محاولة انقلابية في ظل أوضاع الجيش الحالية، لا يمكن أن يقوم بها إلا «تنظيم ضباط الحركة الإسلامية» في الجيش، لأنهم الوحيدون الذين يملكون «شبكة اتصالات موثوقة»، مضيفاً: «الأسماء التي رشحت عن الضباط المعتقلين تؤكد أنهم ضباط إسلاميون».

وأوضح المقدم مالكابي أن قيام ضباط محسوبين على الحركة الإسلامية (الإخوان) داخل الجيش بمحاولة انقلابية، يعني عدم رضا التنظيم عن سير العمليات العسكرية، ويؤكد أنه حراك مضاد للحكم المدني وعودة الديمقراطية.

وقال مالكابي إن تكتم قيادة الجيش عن الانقلاب رغم إجهاضه، والتعتيم على العملية، يكشف عن أنها كانت تتوقع مسبقاً التخطيط للانقلاب، وحالة التذمر داخل القوات المسلحة.

ونقلت صحيفة «دارفور 24» عن ضابط رفيع الرتبة بالجيش، أن الاستخبارات العسكرية كشفت ليل 1 فبراير (شباط) الحالي عن خطة المجموعة ضد قيادة الجيش، وأن العملية كان مقرراً لها فجر الجمعة الماضي، بالتنسيق مع مجموعات أخرى في «القيادة العامة، الخرطوم بحري، وبورتسودان»، وتكون قيادتها في منطقة وادي سيدنا العسكرية.

ووفقاً لمصدر الصحيفة ذات الموثوقية، كانت الخطة أن تتحرك المجموعات الثلاث بالتزامن فجر الجمعة، لتعتقل قيادات هذه المناطق بمن فيهم القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان.

وأكدت «دارفور 24» أن الاستخبارات العسكرية استبقت التحرك، وألقت القبض على ثلاثة ضباط ميدانيين مهمين في منطقة كرري العسكرية، كانوا على تواصل مع ضابط برتبة لواء في القيادة العامة.

واتفقت مصادر متطابقة على أن الجيش يشهد حالة تذمر علنية ضد القيادة، وأن كثيراً من الضباط غير راضين عن سير العمليات العسكرية وخطط قيادة الجيش، ولا يُعرف ما إن كانت «زيارة البرهان» قد أفلحت في إزالة هذا التوتر، أم فاقمته، فالانتقادات الموجهة له شخصياً هي الأعلى صوتاً بين مناصري الجيش.


مقالات ذات صلة

محاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين

أفريقيا صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)

محاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين

أعلنت السلطات في دولة بنين اعتقال قائد الحرس الجمهوري ورجل أعمال مُقرّب من رئيس البلاد ووزير سابق في الحكومة، إثر تورّطهم في مخطط لقلب نظام الحكم بالقوة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا المواطن الأميركي بنجامين ريوبين زالمان بولن خلال محاكمته في قضية «محاولة الانقلاب» بالكونغو (إ.ب.أ)

حكم بإعدام 37 شخصاً بينهم 3 أميركيين في «محاولة الانقلاب» بالكونغو الديمقراطية

أصدرت محكمة عسكرية بكينشاسا حكماً بإعدام 37 متهماً، بينهم 3 أميركيين، في قضية «محاولة الانقلاب» التي شهدتها جمهورية الكونغو الديمقراطية.

«الشرق الأوسط» (كينشاسا)
آسيا الشيخة حسينة (رويترز)

بنغلاديش تلغي حظراً مفروضاً على حزب إسلامي بعد رحيل الشيخة حسينة

ألغت الحكومة المؤقتة في بنغلاديش حظراً على أكبر حزب إسلامي في البلاد، وهو حزب الجماعة الإسلامية، ملغية بذلك قراراً اتخذه نظام رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة

«الشرق الأوسط» (دكا)
آسيا متظاهرون يحتفلون بالقرب من صورة مشوهة لرئيسة وزراء بنغلاديش السابقة الشيخة حسينة بعد أنباء استقالتها في دكا يوم 5 أغسطس 2024 (أسوشييتد برس)

قضاء بنغلاديش يفتح تحقيقاً بتهمة القتل في حق الشيخة حسينة

فتحت محكمة في بنغلاديش تحقيقاً في جريمة قتل، يطول رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة و6 شخصيات بارزة في إدارتها، على خلفية قتل الشرطة رجلاً خلال الاضطرابات.

«الشرق الأوسط» (دكا)
أوروبا أوكرانيات مدنيات لدى حضورهن تدريباً على استخدام الأسلحة القتالية والمعدات الطبية في كييف (أ.ف.ب)

أوكرانيا تحبط مخططاً لانقلاب مزعوم

أعلنت السلطات الأوكرانية عن إحباط مخطط لانقلاب مزعوم كان يستهدف الاستيلاء على السلطة في العاصمة كييف.

«الشرق الأوسط» (كييف)

الجيش السوداني يحقق انتصاراً في «جبل موية»

البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يحقق انتصاراً في «جبل موية»

البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)

أعلن الجيش السوداني تحقيق انتصارات في منطقة «جبل موية» الاستراتيجية، بعدما كان قد فقد السيطرة عليها لصالح «قوات الدعم السريع» في أواخر يونيو (حزيران) الماضي. كما التحم الجيش مع قواته في ولاية سنار وولاية النيل الأبيض، منهياً بذلك عزلة هاتين الولايتين التي كانت مفروضة عليهما لنحو 3 أشهر. وقال مؤيدون للجيش ومواطنون إن قوات الجيش استعادت المنطقة، وسيروا مواكب احتفالية لإنهاء الحصار الذي كان مفروضاً عليهم.

وسيطرت «قوات الدعم السريع» على منطقة «جبل موية» في 25 يونيو الماضي، بعد معارك شرسة دارت بينها وبين الجيش، ما مكنها من قطع الطرق الرابطة بين ثلاث ولايات، وعزل قواعد الجيش هناك.

وتقع منطقة «جبل موية» على بعد 250 كيلومتراً جنوب العاصمة الخرطوم، وتعد موقعاً استراتيجياً تتداخل فيه ثلاث ولايات هي: الجزيرة، وسنار، والنيل الأبيض.

و«جبل موية» عبارة عن ثلاثة تلال جبلية هي «جبل موية، وجبل دود، وجبل بيوت»، وتتحكم المنطقة في الطريق البري الرابط بين مدينتي ربك حاضرة ولاية النيل الأبيض، وسنار أكبر مدن ولاية سنار، كما تتحكم في الطريق الذي يربط منطقة المناقل بمدينة سنار. وتحيط بجبل موية عدة مناطق عسكرية تابعة للجيش هي «الفرقة 17 سنجة» بولاية سنار، و«الفرقة 18 مشاة» بولاية النيل الأبيض، و«اللواء جوي 265 سنار»، وقاعدة «كنانة الجوية».

وحولت سيطرة «قوات الدعم السريع» على جبل موية تلك المناطق العسكرية إلى جزر معزولة عن بعضها، وعزلت الولايات الثلاث عن بقية أنحاء البلاد.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (مواقع التواصل)

وقال إعلام مجلس السيادة الانتقالي في نشرة إن نائب القائد العام للجيش الفريق شمس الدين الكباشي قدم التهاني للجيش بانتصاراته، وتعهد بـ«مواصلة الزحف حتى تطهير آخر شبر من هذا البلد، من دنس الميليشيا الإرهابية المتمردة» في إشارة إلى «قوات الدعم السريع». ونقلت صفحة الجيش على مواقع التواصل الاجتماعي أن مدينة كوستى في ولاية النيل الأبيض شهدت مسيرات جماهيرية عفوية، احتفالاً بانتصارات الجيش في محور جبل موية ومحور طريق ربك - سنار، والتقاء «قوات الفرقة ١٨ مشاة» مع قوات متقدمة ولاية سنار.

ولا تزال «قوات الدعم السريع» تسيطر على معظم ولايتي سنار والجزيرة وأجزاء من شمال ولاية النيل الأبيض، التي سيطرت عليها بعد إحكام السيطرة على «جبل موية»، بالتفاف على قوات الجيش الموجودة في مدينة سنار، وسيطرت على مقر الفرقة في مدينة سنجة بجانب مدينتي الدندر، والسوكي وعدد آخر من البلدات المهمة في الولاية.

وفيما يشبه الاعتراف بفقدان المنطقة الاستراتيجية تساءل مستشار قائد «قوات الدعم السريع» الباشا طبيق، في تغريدة ساخرة على صفحته بمنصة (إكس)، من جيش عمره أكثر من 100 عام، ويملك مشاة وطيراناً ومهندسين وبحرية ومظلات واستراتيجية وسلاح أسلحة وغيرها، وتسانده في القتال «كتائب الإسلاميين الإرهابية، وأكثر من 15 حركة مسلحة مرتزقة... وأصبح حُلمه كله عبور جسر وفتح شارع فقط»، وذلك في إشارة لخسارته لمنطقة جبل موية وفتح الطريق الرابط بين سنار وكوستى، وعبور قوات الجيش جسر «الحلفايا» في شمال الخرطوم الأسبوع الماضي.