رفض مصري متكرر لنقل معبر رفح وسط «تصعيد» إسرائيلي

أفراد عائلة نازحة يجلسون بجوار خيام في مخيم بالقرب من مستشفى «ناصر» في خان يونس (إ.ب.أ)
أفراد عائلة نازحة يجلسون بجوار خيام في مخيم بالقرب من مستشفى «ناصر» في خان يونس (إ.ب.أ)
TT

رفض مصري متكرر لنقل معبر رفح وسط «تصعيد» إسرائيلي

أفراد عائلة نازحة يجلسون بجوار خيام في مخيم بالقرب من مستشفى «ناصر» في خان يونس (إ.ب.أ)
أفراد عائلة نازحة يجلسون بجوار خيام في مخيم بالقرب من مستشفى «ناصر» في خان يونس (إ.ب.أ)

تحولت منطقة الحدود المصرية مع قطاع غزة، وخصوصاً عند معبر رفح البري، إلى بؤرة تنشط حولها أحاديث متصاعدة إنسانياً وأمنياً، فعلى الجانب الإنساني تحولت المنطقة إلى «قِبلة» لوفود وشخصيات سياسية، إقليمية ودولية، تسعى إلى إدخال المساعدات بكميات أكبر ووتيرة أسرع إلى سكان القطاع الذي يعاني «كارثة إنسانية» وفق تقارير أممية.

وعلى الصعيد الأمني، تسعى إسرائيل إلى تحويل المنطقة إلى «بؤرة توتر» جديدة، تارة عبر الزعم بأنها تحوي أنفاقاً لتهريب الأسلحة إلى داخل القطاع، وأخرى بالإصرار على فرض «سيطرة أمنية» على محور صلاح الدين (فيلادلفيا) المحاذي للحدود المصرية، رغم الرفض القوي الذي أبدته القاهرة للمسعى الإسرائيلي.

ونفت القاهرة تقارير إسرائيلية زعمت وجود رغبة لدى حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو «في نقل موقع معبر رفح ليكون قريباً من معبر كرم أبو سالم»، إذ نقل تلفزيون «القاهرة الإخبارية»، الثلاثاء، عن مصدر مصري وصفه بالمسؤول نفيه تقارير إعلامية إسرائيلية عن خطة تدرسها تل أبيب، أو مباحثات بين مصر وأميركا وإسرائيل لنقل معبر رفح في مثلث الحدود، ليصبح معبر كرم أبو سالم المعبر البديل.

وكانت «القناة 13» في هيئة البث الإسرائيلية قد ذكرت، قبل يومين، أن هناك رغبة لدى حكومة نتنياهو «في نقل موقع معبر رفح ليكون قريباً من معبر كرم أبو سالم»، ومن ثم تستعيد إسرائيل سيطرتها الأمنية على المعبر، والتي كانت قد تخلت عنها عام 2005 بموجب الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة.

وقالت القناة إن إسرائيل تبحث حالياً مع مصر إمكانية نقل معبر رفح إلى منطقة معبر كرم أبو سالم المخصص للنقل التجاري، اعتقاداً بأن هذا الأمر سيتفادى حدوث نزاع بين إسرائيل ومصر حول قضية المعبر ومحور فيلادلفيا، بينما ستتمكن إسرائيل من إجراء تفتيش أمني وفرض رقابة على حركة المرور من المعبر الذي تسيطر عليه حالياً حركة «حماس».

الرفض المصري للتقارير الإسرائيلية لم يكن الأول من نوعه، فقد بات أمراً متكرراً في ظل إصرار إسرائيل على وضع المنطقة الحدودية، وتحديداً منطقة معبر رفح، في سياق التصعيد بالمنطقة؛ إذ سبق أن نفى مصدر أمني رفيع المستوى في مصر الأسبوع الماضي، وجود أي ترتيبات أمنية جديدة بشأن محور صلاح الدين (فيلادلفيا).

وفي وقت سابق، حذر رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» في مصر، ضياء رشوان، من أن إعادة احتلال «محور فيلادلفيا» سيؤدي إلى «تهديد خطير وجدِّي للعلاقات المصرية – الإسرائيلية»، معتبراً ذلك «خطاً أحمر يضاف إلى الخط المعلن سابقاً بخصوص تهجير الفلسطينيين من غزة»، وشدد على أن مصر قادرة على الدفاع عن مصالحها والسيادة على أرضها وحدودها، ولن ترهنها في أيدي مجموعة من القادة الإسرائيليين المتطرفين، ممن يسعون لجر المنطقة إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار.

لكن تلك التصريحات لم تكن كافية لإقناع القيادات الإسرائيلية بالتراجع عن مساعي التصعيد؛ سواء على مستوى التصريحات أو فيما يتعلق بالتحركات الميدانية؛ إذ أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الخميس الماضي، خلال اجتماع مع جنود شاركوا في العمليات العسكرية في خان يونس، أن القوات الإسرائيلية ستصل إلى مدينة رفح «للقضاء على نشطاء حركة (حماس) هناك».

مبانٍ مدمرة بشمال غزة بعد قصف إسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)

هذه المواقف يراها المستشار بمركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة المصرية، الدكتور خالد فهمي: «محاولة إسرائيلية للضغط على مصر، كي تتراجع عن دعمها للفلسطينيين في قطاع غزة، بعدما تحول معبر رفح إلى الرئة التي تبقي القطاع على قيد الحياة، في ظل كل محاولات الحصار والتجويع والقتل العشوائي التي تمارسها قوات الاحتلال». وأضاف فهمي لـ«الشرق الأوسط» أن التصريحات الإسرائيلية المتكررة تسعى إلى «استفزاز مصر»، فضلاً عن ترويج «دعاية زائفة» بشأن عدم دخول المساعدات، والتي تجسدت خلال نظر دعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، إلا أنه أشار إلى أن تلك التصريحات «تكشف حجم الارتباك في الداخل الإسرائيلي»، ومساعي قيادات الحكومة في تل أبيب إلى تأجيج الصراع والأزمات في المنطقة، مؤكداً أن تمسك مصر بضبط النفس والهدوء في الرد على الاستفزازات الإسرائيلية «يزيد من ذلك الارتباك الإسرائيلي».

وانسحبت إسرائيل من تلك المنطقة في عام 2005، بموجب خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، أريئيل شارون، التي غادرت بها القوات الإسرائيلية كل قطاع غزة، وتم تفكيك المستوطنات في القطاع. ووقَّعت إسرائيل مع مصر في ذلك العام «اتفاق فيلادلفيا»، بوصفه ملحقاً لاتفاقية السلام؛ إلا أنها تتحدث منذ بداية عملياتها العسكرية الحالية في غزة عن ضرورة إقامة مناطق عازلة بالقطاع، ومن بينها منطقة على الحدود مع مصر.

الدخان يتصاعد فوق خان يونس خلال قصف إسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)

في غضون ذلك، ذكرت صحيفة «إسرائيل هيوم» الإسرائيلية، أن «التهديد المصري لتل أبيب بلغ تعليق اتفاقية السلام بحال أصرت إسرائيل على موقفها في احتلال (محور فيلادلفيا) المحاذي للحدود المصرية». وقالت مصادر للصحيفة العبرية، إن السلطات المصرية تصر على التأكيد على موقفها الرافض للمس بمحور صلاح الدين، فضلاً عن الموقف المصري الرسمي من نزوح سكان غزة إلى سيناء، بوصفه خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه.

ويتركز حالياً نحو 1.4 مليون من سكان قطاع غزة البالغ عددهم نحو 2.2 مليون نسمة في رفح، ويُخشى من أن تؤدي عملية إسرائيلية في المدينة إلى هروب جماعي إلى سيناء.

وأوصت وزيرة الاستخبارات الإسرائيلية، جيلا غامليل، في ورقة رسمية نشرتها، بإخراج الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، وصدرت في الأسابيع الأخيرة عدة تصريحات مماثلة لوزراء وأعضاء في «الكنيست»، وعلى رأسهم وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، الذي كرر الأمر نفسه في عدة مناسبات. وقال أمين عام المبادرة الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن إسرائيل «تحاول إغلاق معبر رفح الذي من المفترض أنه تحت السيطرة المصرية والفلسطينية والإسرائيلية، ونقل الحركة إلى معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل بالكامل». وأوضح أن «معبر كرم أبو سالم هو معبر بين إسرائيل وغزة، باتجاه واحد، ومعبر رفح هو بين غزة ومصر في الاتجاهين»؛ مشيراً إلى أن هذه الخطوة «من الممكن أن تكون في إطار تنفيذ خطة طرد سكان قطاع غزة من خلال معبر أبو سالم» الحدودي أيضاً مع مصر.


مقالات ذات صلة

مصر ترفض وجود قوات أجنبية في غزة... ما البدائل؟

تحليل إخباري جنود إسرائيليون داخل قطاع غزة في وقت سابق (رويترز)

مصر ترفض وجود قوات أجنبية في غزة... ما البدائل؟

وسط حديث يتصاعد عن خطط «لليوم التالي» في غزة، جددت مصر رفضها وجود قوات أجنبية في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)

عائلات جنود إسرائيليين تناشد نتنياهو إنهاء الحرب في غزة

دعت مجموعة من عائلات الجنود الإسرائيليين الخميس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب في قطاع غزة حفاظاً على حياة أبنائهم متّهمين إياه بإطالة أمد هذا النزاع

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري أشخاص يبحثون عن ممتلكاتهم وسط أنقاض مبانٍ مدمرة وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: حديث عن «تقدم» و«ضغوط» لتسريع الاتفاق

تحدثت واشنطن عن «تقدم» في المفاوضات وإمكانية أن يتم الاتفاق «قريباً جداً».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي أكد لازاريني أن «الأونروا» تحظى بدعم مالي وسياسي قوي من السعودية (صور الأمم المتحدة) play-circle 01:02

لازاريني: متمسكون بالأمل ونتطلع لاستئناف الدعم الأميركي لـ«الأونروا»

تواجه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تحديات غير مسبوقة، مع اقتراب موعد تنفيذ قرار الاحتلال الإسرائيلي منع عملها في الأراضي…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
شمال افريقيا فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات «اليوم التالي» في غزة... مساعٍ مصرية للتوافق بين «فتح» و«حماس»

مشاورات «اليوم التالي» لحرب غزة عادت للقاهرة مجدداً، عقب تباين في وجهات النظر بين حركتي «حماس» و«فتح» التي تتولى السلطة، بشأن تشكيل «لجنة إدارة القطاع».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

السيسي يطمئن المصريين بشأن القدرة على تجاوز «الظروف الصعبة»

السيسي خلال تفقده الأكاديمية العسكرية المصرية (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال تفقده الأكاديمية العسكرية المصرية (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي يطمئن المصريين بشأن القدرة على تجاوز «الظروف الصعبة»

السيسي خلال تفقده الأكاديمية العسكرية المصرية (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال تفقده الأكاديمية العسكرية المصرية (الرئاسة المصرية)

للمرة الثانية خلال أقل من أسبوع، يعمد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى طمأنة المصريين بشأن قدرة بلاده على تجاوز «الظروف الصعبة»، مؤكداً خلال تفقده الأكاديمية العسكرية، الجمعة، على «أهمية الوعي بالأحداث الإقليمية والدولية».

ووفق إفادة رسمية للمتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير محمد الشناوي، فإن «السيسي تفقد، الجمعة، الأكاديمية العسكرية المصرية، وتابع طابور اللياقة الصباحي، كما ألقى كلمة للطلبة حثهم خلالها على التفاني في التدريب وتحصيل العلم، وأن يكونوا على وعي بما يدور من أحداث محلية وإقليمية ودولية».

وفي كلمته أمام طلاب الأكاديمية العسكرية، قال السيسي: «اطمئنوا، الأمور تسير بخير، الحمد لله؛ فنحن نواجه ظروفاً قاسية منذ 4 سنوات، اعتباراً من أزمة (كورونا)، والحرب الروسية وحرب غزة والظروف الصعبة التي تمر بحدودنا المختلفة»، مؤكداً قدرة بلاده على تجاوز تلك الظروف بـ«الجهد والصبر والعمل»، حسب وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية في مصر.

الرئيس المصري أكد قدرة بلاده على تجاوز التحديات (الرئاسة المصرية)

وشدد السيسي، في كلمته، على «أهمية الوصول إلى أعلى درجات الفهم والوعي والاستعداد إزاء ما يحدث في المنطقة؛ سواء أحداث الحرب في غزة أو التطورات الموجودة على الحدود المصرية المختلفة»؛ وهو «أمر في منتهى الأهمية ولن يتم اكتسابه إلا بالعمل الشاق الحقيقي».

وكان السيسي قد وجّه رسائل طمأنة خلال مشاركته في احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، مساء الاثنين الماضي، وقال إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وتتكرر رسائل السيسي لطمأنة المصريين بين الحين والآخر، لا سيما في ظل الأوضاع الاقتصادية أو التحديات الإقليمية. والعام الماضي، خلال احتفال الكنيسة المصرية بـ«عيد الميلاد» أيضاً، قال الرئيس المصري إن بلاده «ستجتاز أي أزمة أو مشاكل أو ظروف صعبة، ما دام بقي المصريون على قلب رجل واحد، في حالة من الوحدة».

وأكد السيسي، في كلمته أمام الطابور الصباحي لطلاب الأكاديمية العسكرية، الجمعة، أن «البرامج التي يجرى تصميمها في الأكاديمية، تتم بناء على دراسات في كليات الاجتماع وعلم النفس، لإخراج ضابط ناجح؛ يمتلك شخصية متوازنة ومتعلمة وقادرة على أداء المهارات المختلفة». وقال مخاطباً الطلاب الجدد: «ما سترونه سيكون مختلفاً عما اعتدتم عليه، لكن تأكدوا أن هذا جرى تصميمه وإعداده لمساعدتكم في مهمتكم الجديدة».

السيسي حث طلبة الأكاديمية العسكرية على التفاني في التدريب (الرئاسة المصرية)

وجدد السيسي تأكيده أن «أشرف مهمة لأي إنسان هي حماية وطنه وبلده، وحماية عرضه وناسه»، وقال، في حديثه لطلاب الأكاديمية العسكرية، إنها «تلك المهمة التي كُلفنا بها، والتحقنا من أجلها بالقوات المسلحة؛ فهي أشرف دور يمكن لأي إنسان أن يتولاه».

وأضاف الرئيس المصري: «نتحدث عن بلد يسكنه تقريباً 120 مليوناً ما بين عدد سكانه، والضيوف الموجودين فيه»، مشيداً، في الوقت ذاته، بما «تقوم به القوات المسلحة الساهرة على تحقيق أمن وسلامة 120 مليوناً».

ولفت السيسي إلى ضرورة أن تتجرد الشخصية المتوازنة من أي شكل من أشكال «الاستعلاء، لا سيما الاستعلاء بالدين». وربط بين «الشخصية المتوازنة المتسامحة والمعتدلة، والمقدرة». وقال: «كلما زادت قدرتك، زاد معها توازنك... وكلما زادت معرفتك، زاد تواضعك».

ويتجاوز عدد سكان مصر 107 ملايين نسمة، وفقاً للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء. وتطلق مصر لفظ «ضيوف» على اللاجئين والمقيمين والمهاجرين الأجانب في البلاد، ووفق تقديرات حكومية، فإن أعدادهم على الأراضي المصرية تتعدى 9 ملايين أجنبي، من نحو 133 دولة. وقدّرت الحكومة المصرية التكلفة المباشرة لاستضافتهم في أبريل (نيسان) الماضي، بأكثر من 10 مليارات دولار سنوياً. (الدولار الأميركي يساوي 50.56 في البنوك المصرية).