مع اقتراب «الرئاسيات»... هل تتفق المعارضة الموريتانية على مرشح موحد؟

استنكرت دعوات الأغلبية لإعادة ترشيح رئيس البلاد الحالي لولاية ثانية

عدد من قادة المعارضة الموريتانية (الشرق الأوسط)
عدد من قادة المعارضة الموريتانية (الشرق الأوسط)
TT

مع اقتراب «الرئاسيات»... هل تتفق المعارضة الموريتانية على مرشح موحد؟

عدد من قادة المعارضة الموريتانية (الشرق الأوسط)
عدد من قادة المعارضة الموريتانية (الشرق الأوسط)

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الموريتانية، المقرر إجراؤها في يونيو (حزيران) المقبل، أعلنت أحزاب معارضة توصُّلها إلى اتفاق على الدخول في مسار مشترك في الانتخابات المقبلة، سواء عبر خيار موحّد، أو خيارات متعددة.

وجاء الإعلان في بيان وقّعه حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، وحزب «التحالف الشعبي التقدمي»، وحزب «الصواب»، وحزب «الجبهة الجمهورية للوحدة والديمقراطية»، وكذا حزب «التحالف من أجل العدالة والديمقراطية/حركة التجديد»، وحزب الإصلاح والعمل الشامل (الرك)، و«القوى الوطنية للتغيير»، ومشروع «إلى الأمام موريتانيا». واستنكرت هذه الأحزاب دعوات أحزاب الأغلبية لإعادة ترشيح رئيس البلاد الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني لولاية ثانية «في ظل ما عرفته مأموريته (ولايته) المنتهية من ضعف في الإنجاز، وتزوير للانتخابات وقمع للحريات».

أنصار المعارضة في تجمع سابق بنواكشوط لرفض نتائج الانتخابات السابقة (الشرق الأوسط)

وكان 13 حزبا سياسيّا تنضوي تحت لواء الأغلبية قد أعلنت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي دعم ترشُّح ولد الشيخ الغزواني لولاية ثانية، داعية القوى السياسية كافة إلى «دعم هذا الخيار من أجل موريتانيا آمنة ومستقرة ومزدهرة». ويعدّ بيان أحزاب المعارضة السبعة مؤشرا على أن هذه الأحزاب ماضية في منافسة مرشح أحزاب الأغلبية، التي تتجه إلى ترشيح ولد الشيخ الغزواني لولاية ثانية، والذي تنتهي ولايته في يونيو المقبل؛ لكن يمكنه الترشح لولاية ثانية، وفقا للدستور الموريتاني.

* صعوبة التوافق

لكن يبقى التحدي الأكبر أمام المعارضة في الانتخابات الرئاسية المقبلة هو توحيد صفوفها، والاتفاق على مرشح موحّد تدفع به لمنافسة ولد الشيخ الغزواني، وهو خيار يستبعده المحللون نظرا لحالة التشرذم والخلافات بين أطيافها. ويرى رئيس «المركز المغاربي للدراسات الاستراتيجية» في نواكشوط، ديدي ولد السالك، أن المعارضة تواجه تحديات حقيقية في إيجاد مرشح موحد، تتمثل في صعوبة التوافق على شخصية تملك تجربة سياسية وقبولا يمكن أن تنافس في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وقال ولد السالك في حوار مع «وكالة أنباء العالم العربي» إن المعارضة تملك تجربة «مريرة» في عدم التوافق على مرشح موحد، وهو ما أثر عليها في الانتخابات الرئاسية السابقة التي جرت في عام 2019. عادا أن التاريخ السياسي في موريتانيا «يؤكد أن أحزاب المعارضة فشلت في كل محطات الانتخابات الرئاسية على التوافق على مرشح موحد، إذ كان لكل حزب مرشحه».

مبنى البرلمان الموريتاني

من جانبه، يرى الصحافي سيدي محمد ولد بلعمش أن الصيغة التي توصلت إليها المعارضة في اجتماعها «هي التفاهم مبدئيا على أنها متحالفة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، سواء على مرشح موحد أو عدة مرشحين». وقال لـ«وكالة أنباء العالم العربي» إن أكبر عائق أمام هذه الأحزاب المعارضة هو إصرار الحقوقي والسياسي بيرام الداه ولد اعبيدي على الترشح في الانتخابات الرئاسية. ويعد ولد اعبيدي من أبرز الوجوه الحقوقية والسياسية في موريتانيا، لأنه يملك قاعدة شعبية كبيرة بفضل عمله الحقوقي، ورئاسته لمبادرة المقاومة من أجل الانعتاق المدافعة عن شريحة (الحراطين) الأرقاء السابقين. وكان ولد اعبيدي قد حلّ في المرتبة الثانية في الانتخابات الرئاسية السابقة عام 2019 بحصوله على 18.58 في المائة من الأصوات. لكن رئيس المركز المغاربي للدراسات يرى أن المعارضة عليها، في حال أرادت منافسة مرشح أحزاب الأغلبية، أن توحّد مرشّحها وجهودها، وأن تكون غير مشتتة في الانتخابات الرئاسية المقبلة. مبرزا أن أهمية وجود مرشح موحد «تكمن في جذب الناخبين، وإعادة الثقة مجددا في المعارضة التي خسرت كثيرا من شعبيتها في السنوات الأخيرة لعدم تفاعلها مع مشكلات المواطنين».

* عمق الخلافات

وغاب عن اجتماع المعارضة حزبا اتحاد قوى التقدم وتكتل القوى الديمقراطية، اللذان يعدان من أبرز الأحزاب السياسية العريقة، التي تملك إرثا طويلا في معارضة الأنظمة المتعاقبة في موريتانيا. ويعكس غياب هذين الحزبين مدى الشرخ، وعمق الخلافات في صفوف أحزاب المعارضة بعدما رفضت هذه الأخيرة التوقيع على الميثاق الجمهوري، ما أدى إلى اتساع الهوة فيما بينها. ووقّع حزبا التكتل واتحاد قوى التقدم، فضلا عن حزب الإنصاف الحاكم، ميثاقا جمهوريا مع الحكومة في سبتمبر (أيلول) الماضي، عدّته أحزاب المعارضة «انقلابا مسبقا على الانتخابات الرئاسية المقبلة». وفي هذا السياق، قال ولد بلعمش إن المعارضة لم تعد كما كانت في الماضي، مع خروج حزبي التكتل واتحاد قوى التقدم عنها، وتوقيع الميثاق الجمهوري مع الحكومة، عادا أنها «خسارة لأحزاب المعارضة، وتفقدها ثقلا سياسيا».

ممثلو بعض الأحزاب المعارضة داخل قبة البرلمان (الشرق الأوسط)

ويؤكد رئيس المركز المغاربي للدراسات، ديدي ولد السالك، أن عامل عدم وحدة الصف أضعف صوت المعارضة، كما أضعفها نفسيا عامل يتمثل في «خيانة الإسلاميين، وحزب التحالف الشعبي التقدمي، وتنصلهم من عهودهم في الاستحقاقات الرئاسية الماضية» بحسب وصفه. ويرى ولد السالك أن المهم ليس تقديم مرشح موحد، وإنما وحدة الرؤية، وتوقيع ميثاق الشرف والوفاء بالتعهدات، سواء جرى التوافق على مرشح واحد أو عدة مرشحين.

أحزاب المعارضة استنكرت دعوات الأغلبية لإعادة ترشيح رئيس البلاد الحالي لولاية ثانية (الشرق الأوسط)

أما الصحافي سيدي محمد ولد بلعمش، فاستبعد نجاح أحزاب المعارضة في التوافق على مرشح موحد، وذلك لاختلاف توجهات ورؤى هذه الأحزاب. وقال إن «تباين مشارب المعارضة، التي تضم أحزابا قومية وآيديولوجية ومعارضين غير مصنفين، بدلا من أن يكون هذا التنوع مصدر قوة للمعارضة فهو مصدر ضعف... وأكاد أجزم بأن هذه الأحزاب المعارضة لا يمكن أن تتوافق على مرشح موحد؛ لكنّ الأهم أنها ماضية في تقديم عدة مرشحين للرئاسيات المقبلة».



دعم مصري للبنان... تحركات سياسية وإنسانية تعزز مسار التهدئة بالمنطقة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)
TT

دعم مصري للبنان... تحركات سياسية وإنسانية تعزز مسار التهدئة بالمنطقة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)

تحركات مصرية مكثفة سياسية وإنسانية لدعم لبنان في إطار علاقات توصف من الجانبين بـ«التاريخية»، وسط اتصالات ومشاورات وزيارات لم تنقطع منذ بدء الحرب مع إسرائيل، ومطالبات بوقف إطلاق النار ضمن جهود القاهرة للعمل على تهدئة الأوضاع بالمنطقة.

الدعم المصري لبيروت، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، نابع من «اهتمام أصيل بأمن وسيادة لبنان، وضمن رؤيتها في عدم توسيع نطاق الحرب، ويأتي استمراراً لوقوفها الدائم بجانب الشعب اللبناني بجميع الأزمات على مر العقود»، وسط توقعات بـ«دور أكبر للقاهرة في إعمار جنوب لبنان بعد الدمار الإسرائيلي».

ومع تفاقم الضربات الإسرائيلية على لبنان رغم محادثات اتفاق الهدنة، واصل الموقف المصري مساره السياسي بخلاف الإنساني في تأكيد دعم بيروت، حيث بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، على هامش أعمال اجتماع وزراء خارجية «مجموعة السبع» في إيطاليا «آخر التطورات بالنسبة لمفاوضات وقف إطلاق النار في لبنان»، وفق بيان صحافي للخارجية المصرية، الثلاثاء.

وتمسك الوزير المصري بـ«ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن (1701) بعناصره كافة، وتمكين المؤسسات اللبنانية، وعلى رأسها الجيش اللبناني، من بسط نفوذها بالجنوب اللبناني»، وهو الموقف الذي أكد عليه أيضاً في اجتماع آخر في روما مع نظيره اللبناني عبد الله بوحبيب «تناول آخر التطورات المتعلقة بالأوضاع في لبنان، والمفاوضات الجارية للتوصل لوقف إطلاق النار»، وفق المصدر ذاته.

وزير الخارجية المصري يلتقي نظيره اللبناني خلال مشاركتهما في فعاليات منتدى «حوارات روما المتوسطية» (الخارجية المصرية)

وأكد الوزير المصري «حرص بلاده على استمرار تقديم الدعم للبنان الشقيق في ظل الظرف الحرج الراهن، الذي كان آخره تسليم شحنة جديدة من المساعدات الإغاثية في 13 نوفمبر (تشرين الثاني)، تضمنت 21 طناً من المواد الغذائية، ومستلزمات الإعاشة اللازمة للتخفيف عن كاهل النازحين».

وفي تلك الزيارة، أجرى عبد العاطي 8 لقاءات ومحادثات، مع مسؤولين لبنانيين، على رأسهم، رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، حيث تم تناول «مجمل الاتصالات التي تقوم بها مصر مع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، وتمكين الجيش اللبناني وعودته إلى الجنوب».

عبد العاطي خلال لقاء سابق مع قائد الجيش اللبناني ضمن زيارته لبيروت (الخارجية المصرية)

ويرى وزير الخارجية المصري الأسبق، محمد العرابي، أن الموقف المصري إزاء لبنان منذ التصعيد الإسرائيلي ومع حرب غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 «قوي ومتقدم ونابع من اهتمام أصيل بأمن وسيادة لبنان، وفكرة عدم توسيع نطاق الحرب في المنطقة بالشكل العنيف الذي تقوم به إسرائيل».

ولم يكن الدعم المصري وفق العرابي على «الصعيد الإنساني فقط، لكن كان قوياً دبلوماسياً وسياسياً، وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كل المحافل يؤكد على موقف منحاز لسيادة وأمن لبنان، بخلاف اتصالات ولقاءات وزير الخارجية وأحدثها لقاء وزير خارجية لبنان في روما، وهذا يعبّر عن اهتمام واضح ومهم يُظهر لإسرائيل أن مصر رافضة توسعها في تهديد أمن المنطقة، ورافضة لأي مساس باستقرار لبنان».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ضمن زيارته الأخيرة لبيروت (الخارجية المصرية)

ويعد الموقف المصري المتواصل، وفق الكاتب السياسي اللبناني بشارة خير الله: «رسالة دعم مهمة في توقيت خطير يمر به لبنان»، مضيفاً: «مصر تلعب دوراً دبلوماسياً وإغاثياً بارزاً في الوقوف بجانب لبنان، ونحن هنا في لبنان نعوّل على الدور المصري ونجاحه في تعزيز جسر المساعدات، والتوصل لوقف إطلاق نار».

ووفق خير الله، فإن «التحرك المصري المتواصل يأتي ضمن جهود عربية كبيرة مع لبنان»، لافتاً إلى أن «هذا الوقوف العربي مهم للغاية في ظل محنة لبنان الذي يدفع ثمناً كبيراً».

دور محوري

يتفق معهما، المحلل السياسي اللبناني طارق أبو زينب، الذي أكد أن «مصر لها دور محوري في لبنان والمنطقة، من حيث دعمها لترسيخ الاستقرار في لبنان والمنطقة، فضلاً عن وقوفها الدائم بجانب الشعب اللبناني بجميع الأزمات على مر العقود، حيث قدمت مساعدات عند حادثة انفجار بيروت (2020) وأيضاً عند انتشار فيروس (كورونا)، ودعمت لبنان ولا تزال، ومستمرة في تقديم الدعم منذ بداية الحرب».

وبالنسبة للموقف السياسي، فإن مصر «تدعم وقف إطلاق النار في لبنان من خلال تنفيذ القرار (1701)، وتضغط بكل ما لديها من قوة في العالم العربي والمجتمع الدولي من أجل إنقاذ لبنان ووقف العدوان»، وفق أبو زينب الذي أكد أن «التعاون والتنسيق بين البلدين تاريخي بحكم العلاقات التاريخية والوطيدة بين مصر ولبنان، والتواصل مستمر، وهناك زيارات دائمة على صعيد المسؤولين لتقديم الدعم للبنان في الظروف الصعبة قبل الحرب، وأثناء العدوان أيضاً».

وسبق أن زار وزير الخارجية المصري لبنان في 16 أغسطس (آب) الماضي، قبل التصعيد الإسرائيلي الأخير، والتقى آنذاك في بيروت عدداً من المسؤولين، بينهم رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، وسط تأكيده على إجراء اتصالات رئاسية ووزارية متواصلة لبحث التوصل لتهدئةٍ، لا سيما منذ تحويل جنوب لبنان إلى جبهة مساندة لغزة.

ووفق وزير الخارجية المصري الأسبق، فإن «تلك الخطوات المصرية تجاه لبنان نتاج علاقات تاريخية ومستقرة، أضيفت لها مساندة سياسية وإنسانية متواصلة، وستكون بعد وقف الحرب محل تقدير من حكومة وشعب لبنان»، متوقعاً أن يكون لمصر دور في إعمار جنوب لبنان بعد التخريب الإسرائيلي له، مع اهتمام بدعم جهود لبنان في حل الفراغ الرئاسي.

وتلك الجهود تأتي «ضمن رؤية الرئيس المصري، كون العمل العربي المشترك مهم من أجل إنقاذ المنطقة من التطرف الصهيوني، سواء في غزة أو حالياً في لبنان، خصوصاً أن الأوضاع الكارثية حالياً في غزة ولبنان تتطلب مزيداً من الجهد والتعاون والعمل، وهو ما نقوم به حالياً مع الأشقاء العرب»، وفق المحلل السياسي اللبناني طارق أبو زينب.

والوصول لاتفاق تهدئة في لبنان «سيشجع جهود الوساطة المصرية على إبرام هدنة في غزة»، وفق تقدير المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب.

عبد العاطي يلتقي رئيس مجلس النواب اللبناني ضمن زيارته الأخيرة لبيروت (الخارجية المصرية)

وكما سعت القاهرة في ملف لبنان، فإنها ستعزز جهودها في ملف غزة، خصوصاً أن «حماس» تؤيد اتفاق لبنان، ولن يرغب أي طرف فلسطيني في لوم «حزب الله» الذي دفع ثمناً كبيراً أبرزه مقتل غالبية قياداته، وفق الرقب.