«خبراء أجانب» يحلّون بزليتن الليبية لفك لغز تدفق المياه الجوفية

وسط شكاوى المواطنين من انهيار منازلهم وظهور أضرار بيئية لا حد لها

لحظة وصول فريق خبراء إنجليز إلى زليتن (من مقطع فيديو نشرته بلدية زليتن)
لحظة وصول فريق خبراء إنجليز إلى زليتن (من مقطع فيديو نشرته بلدية زليتن)
TT

«خبراء أجانب» يحلّون بزليتن الليبية لفك لغز تدفق المياه الجوفية

لحظة وصول فريق خبراء إنجليز إلى زليتن (من مقطع فيديو نشرته بلدية زليتن)
لحظة وصول فريق خبراء إنجليز إلى زليتن (من مقطع فيديو نشرته بلدية زليتن)

وسط تزايد المخاوف بين سكان زليتن بغرب ليبيا من استمرار تدفق المياه الجوفية، وصل فريق من الخبراء الأجانب إلى المدينة بقصد تشخيص أسباب هذه الظاهرة، التي باتت تشكل «كارثة إنسانية وبيئة».

ومنذ نهاية العام الماضي وحتى الآن، تتصاعد شكاوى سكان زليتن، البالغ عددهم 350 ألف نسمة، من تفجّر مياه جوفية بشكل كبير من أسفل منازلهم، وفي ساحات عديدة بالمدينة، الأمر الذي تسبب في تضرر مئات المنازل.

وحرصت الحكومتان المتنازعتان على السلطة على إثبات اهتمامهما بالأزمة التي ضربت المدينة، في ظل اتهامات لهما بأن تحركاتهما لم تتواكب مع حجم الكارثة. لكن حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، سارعت، الجمعة، إلى الإعلان عن وصول فريق مكتب استشاري بريطاني إلى زليتن ومباشرة أعماله، معتبرة أن هذا التحرك يأتي تنفيذاً لتوجيهات الدبيبة، بشأن الاستعانة بالخبرات المحلية والدولية للبحث بشكل طارئ عن المسببات الحقيقية لظاهرة ارتفاع منسوب المياه الجوفية بعدد من المناطق في زليتن.

في المقابل، أعلنت حكومة شرق ليبيا برئاسة أسامة حماد، الجمعة، عن وصول الدفعة الأولى من المعدات والسيارات المتخصصة في رش المبيدات، وسحب المياه لبلدية زليتن في غرب البلاد، معتبرة أيضاً أن هذا يأتي تنفيذاً لتعليمات رئيس الحكومة، بسرعة اتخاذ الإجراءات لمعالجة أزمة ارتفاع منسوب المياه الجوفية في زليتن، عقب لقائه أعضاء مجلس النواب عن المدينة.

وقال رئيس مركز البحوث بالجامعة الأسمرية، مصطفى البحباح، إن الوضع في المدينة «لا يزال على ما هو عليه؛ بل إن الأزمة تتفاقم»، وكشف عن أن بعض المواطنين هناك «تركوا منازلهم، والدولة غائبة، والبلدية لا تملك ميزانيات لتسكينهم أو دعم المضارين منهم».

وأضاف البحباح في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن المنازل تتعرض للانهيار، والمباني تتشقق بفعل المياه الجوفية، واصفاً التحرك الحكومي بأنه «ضعيف، ولا يرتقي لحجم الكارثة». وأوضح أن حكومة حماد، التابعة لمجلس النواب، «خصصت 26 مليوناً لدعم زليتن لكن لم يصل شيء حتى الآن»، في حين «تسعى حكومة طرابلس إلى إبعاد بلدية زليتن عن أي لجنة لها علاقة بالكارثة».

وتعمل السلطات المحلية بشكل متسارع على إزالة المياه، التي حوَّلت الكثير من شوارع زليتن إلى برك ومستنقعات؛ لكنها سرعان ما تتجمع سريعاً، وسط مناشدة المواطنين الحكومة سرعةَ إنقاذ منازلهم، بعدما هبط بعضها عن سطح الأرض.

المياه الجوفية حوّلت ساحات عديدة في زليتن إلى برك (صفحة تابعة لمدينة زليتن على مواقع التواصل)

وعقدت لجنة الخدمات العامة بالمجلس الأعلى للدولة اجتماعاً استثنائياً، الخميس، برئاسة محمد أبو غمجة رئيس اللجنة؛ لمناقشة ظاهرة ارتفاع منسوب المياه، بحضور اللجنة المشكّلة من رئيس المجلس لهذا الشأن، والفريق الفني المشكل من جهاز الإسكان والمرافق، ولجنة الأزمة بالبلدية. وجرى النقاش، بحسب المكتب الإعلامي لمجلس الدولة حول هذه الظاهرة الكارثية وأسبابها، وكيفية معالجتها، والتحذير من التأخير في اتخاد قرارات عاجلة من السلطة التنفيذية لعلاجها.

وأوصى الحاضرون بضرورة تخصيص ميزانية عاجلة تصرف لزليتن لمعالجة الأزمة، والحد من تفاقمها؛ حتى لا تنعكس سلباً على حياة المواطنين، وتؤدي إلى أضرار بيئية لا حد لها، أو ينتج عنها هبوط في مستوى المباني.

ويشتكي مئات المواطنين من تضرر منازلهم، بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية، ويطالبون السلطات في البلاد بالمسارعة لحل الأزمة، قبل انهيار جميع منازلهم.

أسامة حماد رئيس حكومة «الاستقرار» الموازية (الاستقرار)

وبدأت زليتن في تلقي وفود من مناطق أخرى للتضامن مع المواطنين في محنتهم. وزار فريق مكلف من مصراتة، مدينة زوارة، مناشداً حكومة «الوحدة الوطنية» والوزارات والهيئات الحكومية، وكذا المؤسسات والشركات ذات العلاقة لأخذ الأزمة وتداعياتها بـ«جدية»، إلى جانب تسخير الإمكانات المادية اللازمة لمنع وقوع الكارثة.

وسبق أن أصدر رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أسامة حمّاد، قرارات عاجلة بشأن زليتن، من بينها إعلان حالة الطوارئ، وتخصيص 10 ملايين دينار للبلدية، بوصفه مبلغاً يخصص للطوارئ. (الدولار يساوي 4.82 دينار في السوق الرسمية)، بالإضافة إلى عقد إنشاء شبكة رشح وتصريف في المحال المتضررة بقيمة 16 مليون دينار.


مقالات ذات صلة

لماذا تنتهي الاحتجاجات ضد «الوحدة» الليبية إلى «لا شيء»؟

تحليل إخباري جانب من احتجاجات مواطنين في طرابلس ضد حكومة الدبيبة بعد تصريحات المنقوش (أ.ف.ب)

لماذا تنتهي الاحتجاجات ضد «الوحدة» الليبية إلى «لا شيء»؟

شهدت بعض مناطق بغرب ليبيا مظاهرات متكررة بعضها جاء الأسبوع الماضي على خلفية اتهام حكومة «الوحدة» المؤقتة بـ«التطبيع مع إسرائيل».

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا  القائم بأعمال سفارة أميركا خلال لقائه مع مسؤول المنطقة الحرة بمصراتة (القائم بالأعمال)

البعثة الأممية تدعو لـ«تحقيق فوري» في تعذيب محتجزين شرق ليبيا

دعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، اليوم الأربعاء، للتحقيق في «مقاطع فيديو متداولة، تُظهر تعذيب وسوء معاملة لعدد من المحتجزين في سجن قرنادة».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا إردوغان مستقبلاً الدبيبة بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

إردوغان يبحث مستجدات الأزمة الليبية مع رئيس «الوحدة»

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، تناولت المستجدات في ليبيا، والعلاقات التركية - الليبية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

يرجع متابعون أهمية خاصة لهذه الجولة الانتخابية كونها تستهدف «البلديات الأكبر وذات الأوزان السياسية المهمة وفي طليعتها طرابلس وبنغازي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا تدشين أولى رحلات الخطوط التركية بعد غياب دام سنوات (حكومة شرق ليبيا)

تركيا تواصل انفتاحها على شرق ليبيا بتدشين رحلات إلى بنغازي

دشنت وزارة الطيران المدني بحكومة شرق ليبيا وأعضاء بمجلس النواب وعدد من القيادات الأمنية والعسكرية مراسم عودة الرحلات الجوية بين تركيا وبنغازي بعد توقف دام سنوات

خالد محمود (القاهرة )

إردوغان يبحث مستجدات الأزمة الليبية مع رئيس «الوحدة»

إردوغان مستقبلاً الدبيبة بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً الدبيبة بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يبحث مستجدات الأزمة الليبية مع رئيس «الوحدة»

إردوغان مستقبلاً الدبيبة بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً الدبيبة بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

أجرى الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، مباحثات مع رئيس الحكومة الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، الأربعاء، في القصر الرئاسي بالعاصمة أنقرة، تناولت المستجدات في ليبيا، والعلاقات التركية - الليبية، وسبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، فضلاً عن التعاون في المجالات الأمنية والعسكرية. بالإضافة إلى التطورات الإقليمية والدولية.

واستقبل إردوغان الدبيبة بالقصر الرئاسي، بحضور وزير الخارجية، هاكان فيدان، ورئيس المخابرات، إبراهيم كالين. وخلال اللقاء أكد إردوغان دعم تركيا لجهود ليبيا في مختلف الصعد، مشدداً على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

من جهته، شدد الدبيبة على أهمية الزيارة في «تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع تركيا»، مؤكداً أن التعاون الثنائي «سيكون محورياً» في تحقيق التنمية المستدامة في ليبيا، معرباً عن تقدير الحكومة «للدعم التركي في مجالات عدّة، خصوصاً في المجالات السياسية والاقتصادية».

ورافق الدبيبة خلال زيارته إلى تركيا وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي، الذي شارك في المناقشات حول تعزيز قنوات التواصل بين البلدين في إطار الدبلوماسية الفعالة.

وتدعم تركيا حكومة الدبيبة في غرب ليبيا، عسكرياً، وتنشر قوات وقواعد عسكرية هناك منذ عام 2020، وتتعاون معها في مجال الطاقة، وغيرها من المجالات، كما بدأت في الفترة الأخيرة خطوات للتقارب مع شرق ليبيا، وأعلنت دعمها مساعي إجراء الانتخابات، وتوحيد ليبيا تحت قيادة حكومة واحدة.

جانب من مباحثات إردوغان والدبيبة بحضور وزير الخارجية ورئيس المخابرات التركيين (الرئاسة التركية)

وجاءت مباحثات إردوغان والدبيبة، بعد يوم واحد فقط من استئناف الخطوط الجوية التركية، الثلاثاء، رحلاتها بين إسطنبول ومطار بينينا في بنغازي بشرق ليبيا بعد توقف 10 سنوات.

وكان رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، قد أجرى مباحثات مع السفير التركي في طرابلس جوفن بيغتش، الاثنين. وقال بيان لمجلس النواب الليبي إن صالح التقى السفير التركي في مدينة القبة بشرق ليبيا، تناولت العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين.