لماذا أصبحت «رأس الحكمة» بالساحل الشمالي «ترنداً» في مصر؟

على مدار الأيام القليلة الماضية شغلت مدينة رأس الحكمة المصرية، الواقعة على شاطئ البحر المتوسط، رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حتى باتت «ترنداً»، الجمعة، إثر «مزاعم» عن بيع المدينة، سرعان ما نفتها القاهرة، مع تأكيد رغبتها في «تنمية المدينة بالشراكة مع كيانات عالمية ذات قدرة تمويلية».

ومع نهاية الأسبوع الماضي تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن بيع المدينة لمستثمرين عرب، متسائلين عن جدوى البيع. وتزامناً مع حالة الجدل المتصاعدة خلال الساعات الماضية، نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، الخميس، عن مصدر مسؤول قوله: إن «الدولة المصرية تعكف حالياً على إنهاء مخطط تنمية مدينة رأس الحكمة من خلال الشراكة مع كيانات عالمية ذات خبرة فنية واسعة وقدرة تمويلية كبيرة، تُمكن الدولة من وضع المدينة على خريطة السياحة العالمية، خلال 5 سنوات على الأكثر كأحد أرقى المقاصد السياحية على البحر المتوسط والعالم».

وأكد المصدر المسؤول، حسب «القاهرة الإخبارية»، أنه «يجري بالفعل التفاوض مع عدد من الشركات وصناديق الاستثمار العالمية الكبرى للوصول إلى اتفاق يُعلن قريباً عن بدء تنمية المنطقة التي تبلغ مساحتها أكثر من 180 كم مربعاً».

يأتي مشروع تنمية مدينة رأس الحكمة في إطار مخطط التنمية العمرانية لمصر 2052، الذي يستهدف منطقة الساحل الشمالي الغربي، بوصفها من «أكثر المناطق القادرة على استيعاب الزيادة السكانية المستقبلية لمصر»، حسب المصدر المسؤول. ويستهدف المخطط تنمية مدن عدة إلى جانب رأس الحكمة هي: النجيلة، وجرجوب، إضافةً لتطوير المدن القائمة مثل مرسى مطروح والسلوم.

الإعلامي المصري أحمد موسى، دخل على خط «الترند»، وبشَّر، في منشور عبر حسابه الرسمي على «إكس»، في ساعة مبكرة، الجمعة، بما عدَّه «خيراً للبلاد» سيسهم في حل أزمة الدولار. وقال: «قريباً 20 مليار دولار دفعة واحدة لإنهاء أزمة سعر الصرف، تنمية وشراكة مصرية وعربية وعالمية في رأس الحكمة. تنمية واستثمار مباشر وتمويل من الخارج».

وأثار منشور موسى تفاعلاً وجدلاً متزايداً على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط انتقادات لما عدّه البعض «بيعاً للأصول المصرية».

وتتْبع رأس الحكمة محافظة مرسى مطروح، وتقع رأس على الساحل الشمالي، وتمتد شواطئها من منطقة الضبعة في الكيلو 170 بطريق الساحل الشمالي الغربي، حتى الكيلو 220 بمدينة مطروح التي تبعد عنها 85 كم. وفي أغسطس (آب) الماضي قررت الحكومة المصرية، ممثلةً في وزارة الإسكان، إنشاء مدينة رأس الحكمة الجديدة على مساحة 55 ألف فدان. وأكد وزير الإسكان المصري د.عاصم الجزار، آنذاك أن «المدينة ستكون ﻣﻘﺻداً ﺳﯾﺎﺣياً ﻋﺎﻟﻣياً، ﯾﺗﻣﺎشى ﻣﻊ اﻟرؤﯾﺔ اﻟﻘوﻣﯾﺔ واﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻟشمالي الغربي».

جاء قرار تنمية المدينة، لاحقاً لقرار رئاسي صدر عام 2020 بإعادة تخصيص قطع أراضٍ في الساحل الشمالي الغربي بإجمالي مساحة تتجاوز707 آلاف فدان لصالح هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لاستخدامها في إقامة مجتمعات عمرانية جديدة.

طموحات تطوير المدينة تعود إلى عام 1975 عندما صدر قرار رئاسي بإخلائها من سكانها لإقامة مشروع سياحي، لكنّ المشروع لم ينفَّذ، حسب موقع خريطة مشروعات مصر.

واشتهرت مدينة رأس الحكمة باستراحة ملكية أنشأها الملك فاروق للاستجمام، تحولت عقب ثورة 23 يوليو (تموز) 1952 إلى استراحة رئاسية، استخدمها رؤساء مصر السابقون منذ عهد الرئيس الأسبق أنور السادات.

وفي الآونة الأخيرة بدأت شركات التطوير العقاري تمد أنشطتها على طول الساحل الشمالي لإنشاء قرى ومنتجعات سياحية، حيث عدَّ خبراء مدينة رأس الحكمة «مستقبل الساحل الشمالي السياحي». وهو ما أكده رئيس قطاع تطوير الأعمال في موقع «عقار ماب» المتخصص في تسويق العقارات بمصر، أحمد عبد الفتاح، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «معدل الطلب على منطقة الساحل الشمالي الغربي ورأس الحكمة تضاعَف الصيف الماضي أربعة مرات مقارنةً بما كان عليه عام 2020».

وأوضح عبد الفتاح أن «مخطط تطوير منطقة الساحل الشمالي يعود للثمانينات من القرن الماضي، وفي كل فترة تشهد إحدى مناطقه رواجاً، حتى وصلت أخيراً إلى مدينة العلمين الجديدة وبعدها رأس الحكمة». وقال إن «مثلث رأس الحكمة يعد سوقاً واعدة سياحياً، حيث تُقبل شركات التطوير العقاري والسياحي العربية والمصرية على الاستثمار فيها، لا سيما مع زيادة عدد الفنادق وتطوير البنية التحتية السياحية».

وعلى المستوى العقاري، أشار عبد الفتاح إلى أن «ثقافة المنزل المصيفي منتشرة في مصر، حيث يحرص كثير من العائلات على توفير وحدة مصيفية، مما يجعل الطلب متزايداً على مدن مثل رأس الحكمة وغيرها على امتداد الساحل الشمالي».