السنوسي عديل القذافي... «رهينة» في قبضة سجّانيه

«ميليشيا الردع» ترفض مثول رئيس استخبارات النظام السابق للمرة الـ13 أمام القضاء

السنوسي مدير الاستخبارات العسكرية في عهد القذافي (أرشيفية من رويترز)
السنوسي مدير الاستخبارات العسكرية في عهد القذافي (أرشيفية من رويترز)
TT

السنوسي عديل القذافي... «رهينة» في قبضة سجّانيه

السنوسي مدير الاستخبارات العسكرية في عهد القذافي (أرشيفية من رويترز)
السنوسي مدير الاستخبارات العسكرية في عهد القذافي (أرشيفية من رويترز)

بجواز سفر قِيل إنه «مزور» قُبض على عبد الله السنوسي، مدير الاستخبارات العسكرية في عهد الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، وأعيد من موريتانيا إلى بلده، في مارس (آذار) 2012، ومنذاك التاريخ وهو يُنقّل بين سجون تسيطر عليها الميليشيات المسلحة بالعاصمة طرابلس، إلى أن استقر في معيتقة.

والسنوسي، (73 عاماً) هو صهر القذافي، الذي كان يعدّ من أقوى رجال النظام السابق، لا يزال يُحاكم على ذمة القضية المعروفة بـ«مذبحة سجن أبو سليم» بطرابلس، التي قضى فيها قرابة 1200 سجين عام 1996، بجانب اتهامه بـ«قمع» المحتجين خلال «ثورة 17 فبراير» (شباط) عام 2011 التي أسقطت نظام القذافي.

وعلى مدار العام الماضي، أرجأت محكمة استئناف طرابلس محاكمة السنوسي، ومنصور ضو، رئيس الحرس الخاص للقذافي، مرات عدة، إلى موعد آخر بسبب رفض ميليشيا «قوة الردع الخاصة» التي تحجزه في سجن معيتقة بالعاصمة مثوله أمام المحكمة.

ويتهم أنصار السنوسي، آمر «قوة الردع الخاصة» عبد الرؤوف كارة، باحتجازه كـ«رهينة»، ويرجعون ذلك إلى أن سجّانيه «يتخوفون من شعبيته حال إطلاق سراحه».

لقطة من الداخل لسجن مدينة زليتن شرق طرابلس (غيتي)

وحمّل أحمد نشاد، محامي السنوسي، النيابة العامة الليبية مسؤولية تأخير محاكمة موكله، لكنه قال في حديث إلى «الشرق الأوسط» الاثنين: إن منصور ضو، الذي يحاكَم مع السنوسي، «مثُل عبر دائرة تلفزيونية مغلقة أمام هيئة المحكمة، في حين لم تتم مشاركة موكله».

وحُكم على السنوسي، بالإعدام عام 2015 لاتهامه بقمع «ثورة 17 فبراير»، لكن في نهاية عام 2019 برأته محكمة في العاصمة طرابلس مع آخرين من حكم مماثل في قضية «سجن أبو سليم»، ثم نقضت المحكمة العليا بالبلاد الحكم قبل نحو عام، وأعادت المحاكمة بإسنادها لدائرة جنايات جديدة.

وأشار نشاد، إلى أن المحكمة أرجأت نظر القضية للمرة الـ13 إلى جلسة 29 يناير (كانون الثاني) الحالي؛ «على أمل تمكين السنوسي من المثول أمام المحكمة عبر الدائرة المغلقة لسماع قائمة الاتهام ومرافعة الدفاع عنه في القضية».

وغادر السنوسي ليبيا بعد سقوط نظام القذافي، في أعقاب صدور أمر اعتقال له من المحكمة الجنائية الدولية، وعند وصوله مطار نواكشوط، قالت السلطات هناك آنذاك: إنه كان قادماً من الدار البيضاء بالمغرب وهو يحمل جواز سفر مزوراً من مالي، لكن مقربين منه نفوا ذلك في حينه.

وسبق وطالبت «الجنائية الدولية» بتسليم السنوسي إليها لمحاكمته بتهمة «ارتكاب جرائم وحشية» بحق المتظاهرين خلال «ثورة 17 فبراير» 2011، التي أطاحت القذافي، لكن السلطات المحلية ترفض ذلك بداعي أنها صاحبة الولاية القضائية، وتستطيع «إخضاعه لمحاكمة عادلة مثل المحكمة الدولية».

صفية فركاش أرملة الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي (تويتر)

والعقيد السنوسي هو زوج شقيقة صفية فركاش، الزوجة الثانية للقذافي، وكان ضمن الدائرة المقربة جداً منه طوال فترة حكمه، التي انتهت بعد 42 عاماً، ليجد الرجل نفسه في قبضة الميليشيات التي سعى للقضاء عليها.

وقال الشيخ هارون أرحومة، أحد أعيان قبيلة المقارحة، التي ينتمي إليها السنوسي، في حديث سابق مع «الشرق الأوسط»: إن «الحالة الصحية للأخير سيئة للغاية، ويعاني أمراض القلب وسرطان الكبد»، محذراً من تعرضه «لأي مكروه».

ويدافع أنصار السنوسي عنه مجدداً في مواجهة أي اتهامات توجه إليه، ويرون أنه «مستهدف لكونه شخصية مؤثرة في ليبيا سابقاً وراهناً»، في وقت يراه نشطاء محسوبون على «ثورة 17 فبراير»، أنه لعب دوراً في «قمع الثوار».

وعقب جلسة لم تستمر طويلاً، أضاف نشاد: «إذا مثُل السنوسي أمام المحكمة الأسبوع المقبل سنطرح كل شيء بخصوص قضيته. وإذا لم يحدث ذلك، فسيكون هذا إعلان عجز النائب العام والسلطات الليبية، عن توفير محاكمة عادلة له، وتغوّل من يخشون محاكمته، على القرار بمثوله أمام المحكمة».

الشيخ هارون أرحومة أحد أعيان قبيلة المقارحة (الشرق الأوسط)

وكان الشيخ أرحومة، الذي سبق وتحدث مع السلطات التنفيذية والعسكرية في ليبيا بشأن اعتقال السنوسي، حذّر بأن قبيلته «لن تصمت إن أصاب الأخير مكروه، في ظل ما يعانيه من مرض السرطان، وحرمانه من الأطباء والدواء».

وأضاف: «عدد أفرادنا يقدر بأكثر من 500 ألف فرد، متفرقين في جميع أنحاء البلاد... ونحن نمنع شبابنا من أي إجراءات تصاعدية، ونتحكم في غضبهم... ولو قدّر الله وحصل أي مكروه لعبد الله، فإننا لن نضمن وقوع أشياء كثيرة... السنوسي هو رجل (المقارحة) وركيزتهم».

وأرجع أحد أعيان قبيلة القذاذفة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» سبب عدم سماح «قوة الردع» بمثول السنوسي أمام المحكمة، إلى أنه «يعرف التاريخ الحقيقي لسجّانيه، وماذا كانوا وكيف أصبحوا؛ لذا هم يكدرونه رغم مرضه وإجرائه عملية تركيب دعامة في القلب عام 2022، في غياب أسرته».

السنوسي وعدد من مسؤولي النظام السابق في جلسة محاكمة سابقة (رويترز)

وقبل نهاية العام الماضي، خرجت وزيرة العدل بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، حليمة عبد الرحمن، عن صمتها، وتحدثت باقتضاب عن حالة حقوق الإنسان في البلاد، مؤكدة وجود سجون لا تتبع وزارتها، و«تسيطر عليها أطراف أخرى».

وعرفت ليبيا «السجون السرية»، التي تديرها التشكيلات المسلحة المنتشرة في عموم البلاد، خارج الإطار الرسمي، بعد إسقاط نظام القذافي، وانتشار الفوضى الأمنية، لكن السلطات الأمنية والقضائية دائماً ما تتجنب الكشف عن مصير هذه السجون ومن فيها.


مقالات ذات صلة

تعاون حفتر والجيش الباكستاني يثير قلقاً داخل ليبيا

شمال افريقيا من حفل توقيع اتفاق بين «الجيش الوطني» الليبي والجيش الباكستاني (القيادة العامة)

تعاون حفتر والجيش الباكستاني يثير قلقاً داخل ليبيا

أثمرت زيارة قائد الجيش الباكستاني، الفريق أول عاصم منير، إلى بنغازي توقيع اتفاقية تعاون مشترك مع الجيش الوطني بقيادة المشير حفتر، الأمر الذي أثار قلقاً ليبياً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا حفتر مستقبلاً في بنغازي قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير وعلى الجانبين صدام (يمين) وخالد الأربعاء (القيادة العامة)

«خريطة تحالفات جديدة»... حفتر ينفتح عسكرياً على باكستان

قال مكتب القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» الليبي إن زيارة الوفد العسكري الباكستاني تأتي في إطار «تعزيز الروابط الثنائية بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة مجتمعاً في مكتبه بطرابلس مع محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى (مكتب الدبيبة)

«الوحدة» الليبية لمواجهة «غسل الأموال وتمويل الإرهاب»

أكد محافظ المصرف المركزي الليبي ناجي عيسى التزام المصرف «بحل إشكالية السيولة واتخاذ الإجراءات اللازمة بما يضمن انتظامها وتحسين الخدمات المصرفية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل

«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

أظهر تقرير أممي تفضيلاً واسعاً بين الليبيين لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا وقفة احتجاجية بالكراسي المتحركة لمرضى ضمور العضلات في طرابلس (رابطة ضمور العضلات)

مرضى «الضمور» للتظاهر ضد «الوحدة» الليبية

وصل غضب مرضى ضمور العضلات في ليبيا إلى ذروته عقب تسجيل 3 وفيات خلال أسبوعين بينهم طفلان.

علاء حموده (القاهرة )

أبعاد أمنية واقتصادية تعزز التعاون في الصناعات الدفاعية بين مصر وتركيا

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال نظيره التركي رجب طيب إردوغان بالقاهرة في فبراير 2024 (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال نظيره التركي رجب طيب إردوغان بالقاهرة في فبراير 2024 (الرئاسة المصرية)
TT

أبعاد أمنية واقتصادية تعزز التعاون في الصناعات الدفاعية بين مصر وتركيا

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال نظيره التركي رجب طيب إردوغان بالقاهرة في فبراير 2024 (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال نظيره التركي رجب طيب إردوغان بالقاهرة في فبراير 2024 (الرئاسة المصرية)

في وقت تتسارع فيه وتيرة التعاون بين مصر وتركيا في مجال الصناعات الدفاعية والعسكرية، أكد خبراء أن «هناك أبعاداً لهذا التعاون تتعلق بتحقيق توازن في القوى بالمنطقة، ووقف التهديدات التي باتت وجودية على دول الشرق الأوسط خلال العامين الماضيين». وأضافوا: «كما له أبعاد اقتصادية تتعلق بخفض تكلفة التسليح لقوات الدولتين، فضلاً عن السعي لتحقيق تقدم في تلك الصناعة ومنافسة الدول المتقدمة فيها».

وكانت شركة «أسيلسان التركية»، إحدى أبرز شركات الصناعات الدفاعية في العالم، أعلنت أخيراً افتتاح مكتب تمثيلي إقليمي لها في مصر تحت اسم «Aselsan Egypt» لـ«تعزيز التعاون المشترك مع مصر والشركاء»، بحسب ما قال المدير العام للشركة، أحمد أكيول، بعد مشاركة شركة الصناعات الدفاعية في معرض الدفاع المصري «إيديكس 2025» في القاهرة، الذي شارك فيه نحو 80 شركة تركية؛ إذ وصف الخطوة بأنها «فصل جديد» في خدمة الشركاء المصريين مباشرة، مع وجود فيزيائي دائم في البلاد.

ووفق أكيول، يهدف «المكتب» إلى «تسهيل تقديم الخدمات والدعم الفني للقوات المسلحة المصرية والعملاء المحليين، مع التركيز على تطوير وإنتاج أنظمة دفاعية مشتركة تستفيد من خبرات (أسيلسان) في الإلكترونيات العسكرية والقدرات التصنيعية المصرية المتقدمة». وأكد أكيول أن «التعاون يشمل توقيع اتفاقيات أولية مع ثلاث شركات مصرية، بهدف تحولها إلى إنتاج مشترك وأنشطة تعاونية طويلة الأمد، مع الإعلان الرسمي عن المنتجات الدفاعية المشتركة خلال النسخة المقبلة من معرض (إيديكس 2027)».

عضو «معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع»، اللواء السابق في الجيش المصري، ياسر هاشم، قال إن «مسألة تغيير موازين القوى لها معايير واعتبارات معقدة، وتحتاج لوقت، وترتبط أساساً بالتوجه والهدف الاستراتيجي للدولة، وكذا الجبهات والعدائيات المتوقعة والمفترضة. والسياسة المصرية بصفة عامة استقرت على تنويع الشراكات مع دول متعددة، سواء كانت في مجالات تصنيع السلاح أو الصفقات، مثل كوريا الجنوبية وفرنسا وألمانيا والصين وصربيا، وأخيراً تركيا. والهدف ليس سعياً للتأثير في موازين القوى فقط، بل هناك أيضاً بعد اقتصادي مهم سواء لخفض تكاليف التسليح أو لفتح أسواق، فضلاً عن تلبية احتياجات القوات المسلحة المصرية».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «مسار التحديث الجاري في معظم اتجاهات الدفاع المصري، هو مسار ضروري لمواكبة التطور السريع الحادث في التسليح والصناعات الدفاعية بالمنطقة والعالم، كذلك تعميق صناعات الدفاع في مصر وتنويعها والاستفادة من وجود صناعات أساسية وصناعات تكميلية، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص أو المشترك، يمكن أن تدعم هذا الاتجاه».

وشهد التعاون العسكري بين مصر وتركيا تطوراً ملحوظاً منذ 2023 مع عودة العلاقات الدبلوماسية الكاملة وتبادل الزيارات الرئاسية، مما انعكس على مجال الصناعات الدفاعية. ويأتي افتتاح «مكتب أسيلسان» في مصر ضمن مشاركة تركية قوية في معرض الدفاع المصري «إيديكس 2025». وبحسب بيان للشركة أخيراً، فإن «(أسيلسان) تسعى للانتقال من التصدير إلى الإنتاج المشترك، مستفيدة من القدرات التصنيعية المصرية المتقدمة في (الهيئة العربية للتصنيع) وغيرها».

الأكاديمي والباحث المصري في العلاقات الدولية، بشير عبد الفتاح، يرى أن «هذا التعاون في مجال الصناعات الدفاعية، هو تتويج لعملية التقارب الكبيرة والملحوظة التي حدثت بين مصر وتركيا خلال العامين الماضيين، وهناك مشروعات مشتركة لإنتاج منظومات دفاعية متنوعة وصلت لمستوى التعاون من أجل إنتاج طائرة مقاتلة، إلى جانب منظومات دفاع جوي مسيّرات مما يعزز التقارب على المستوى الاستراتيجي».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «من شأن ذلك أن يحدث تأثيراً مهماً في موازين القوى الإقليمية؛ إذ يمكن للبلدين التحول إلى مركز للتصنيع العسكري المشترك والتسليح والتسويق لذلك عربياً وأفريقياً، كما أنه سيزيد الاستقلال الاستراتيجي في مجال إنتاج الأسلحة المتطورة، مما يزيد من قوة واستقلال القرار الاستراتيجي للبلدين بشأن القضايا المثارة على الساحة، ويقلص الفجوة العسكرية والتسليحية بينهما وبين إسرائيل».

وشدد عبد الفتاح على أن «هذا التعاون الدفاعي والعسكري بين القاهرة وأنقرة لا أعتقد أنه يقلق الولايات المتحدة ولا الدول الأوروبية؛ لأنه لا يزال في بداياته، ولا يشكل تهديداً أو خللاً عميقاً في موازين القوى في الوقت الراهن، فهذا التعاون ما زال في مهده، ويتطور بشكل تدريجي وبطيء ومحسوب أيضاً، وبالتالي لا غضاضة فيه بالنسبة للدول الغربية؛ لأن تركيا أيضاً عضو في حلف (الناتو)، كما أن الأمر لا يشكل تهديداً مباشراً لإسرائيل حتى الآن».

العلاقات المصرية - التركية شهدت تطوراً كبيراً خلال العامين الماضيين (الرئاسة المصرية)

وقبل أيام حذر إعلام عبري من «التعاون العسكري بين مصر وتركيا في مجال تصنيع الطائرة الشبحية (KAAN)»، ما يهدد «التفوق الجوي الإسرائيلي مستقبلاً»، بحسب وصف صحيفة «معاريف» الإسرائيلية.

المستشار السابق في رئاسة الوزراء التركية، جهاد توز، قال إنه «لا شك أن مصر وتركيا قوتان مهمتان في المنطقة بالنظر لحجمهما ومقوماتهما وتأثيرهما في محيطهما، وبالنظر أيضاً لموقعيهما وقوتيهما العسكريتين، وغيرها من المقومات الاقتصادية والسياسية، كما أن بين الدولتين تاريخاً مشتركاً لفترة طويلة، وأي قضية أو ملف متعلق بمصر أو تركيا يؤثر سلباً أو إيجاباً على المنطقة». وأوضح: «لا شك أن هناك تغييرات جذرية حدثت الفترة الماضية على مستوى العالم وعلى مستوى الإقليم، وتحديداً بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023»، فالتأثير ليس محدوداً ولا يتعلق فقط بقضية فلسطين أو غزة. لكن حسب تصريحات صُناع القرار في إسرائيل، فقد تحدثوا كثيراً بعد هذا التاريخ عن «تغيير الجغرافيا وتغيير حدود الدول في منطقة الشرق الأوسط، وهذا يشكل تهديداً للأمن القومي في المنطقة ككل».

وتوز، وهو مستشار سابق أيضاً في «الخارجية التركية»، أضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر تحديداً دولة جارة للأراضي المحتلة من طرف الكيان الإسرائيلي، وهذا الكيان من المعروف والمعلن أن له أجندات خاصة تجاه مصر، ويبذل قصارى جهده لتنفيذ هذه الأجندات، ويحاول جاهداً إثارة القلاقل ودفع الأزمات نحو الأراضي المصرية، فضلاً عن قصفه لدول المنطقة من لبنان وسوريا... ومن ثم تبحث دول المنطقة، ومن بينها مصر وتركيا، عن عمل شراكات وكيانات مشتركة لمواجهة هذه التهديدات، وفي مقابل ذلك تغاضت الدولتان عما كان بينهما من توترات سابقة؛ لأن التهديد أصبح وجودياً، وانتقل الأمر من (تطبيع العلاقات) بين القاهرة وأنقرة إلى (تطوير العلاقات)، وأصبحت هناك مشروعات مشتركة بين الجانبين، خاصة في الجانب الدفاعي والعسكري الذي قطعت فيه تركيا شوطاً كبيراً، كما أن مصر لها ثقلها العسكري، وبإمكان الطرفين إحداث طفرة في هذا الملف، فضلاً عن التعاون التجاري والاستثماري، مما يؤثر إيجاباً على المنطقة، ويضع حداً للتهديدات».


تعاون حفتر والجيش الباكستاني يثير قلقاً داخل ليبيا

من حفل توقيع اتفاق بين «الجيش الوطني» الليبي والجيش الباكستاني (القيادة العامة)
من حفل توقيع اتفاق بين «الجيش الوطني» الليبي والجيش الباكستاني (القيادة العامة)
TT

تعاون حفتر والجيش الباكستاني يثير قلقاً داخل ليبيا

من حفل توقيع اتفاق بين «الجيش الوطني» الليبي والجيش الباكستاني (القيادة العامة)
من حفل توقيع اتفاق بين «الجيش الوطني» الليبي والجيش الباكستاني (القيادة العامة)

عزز المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي، قدرات قواته المسلّحة بمزيد من التعاون العسكري مع باكستان، وذلك بعد توقيع اتفاقية تعاون مشترك مع الجيش الباكستاني، وهو ما خلق نوعاً من القلق لدى مُناوئيه في غرب البلاد.

وعقب يومين من زيارة قائد الجيش الباكستاني، الفريق أول عاصم منير، إلى بنغازي، أعلنت القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» أن نائب القائد العام، الفريق أول صدام حفتر، عقد اجتماعاً موسعاً مع منير، جرى خلاله توقيع اتفاقية تعاون مشترك. وأوضحت القيادة العامة أن هذه الاتفاقية «تأتي في إطار تعزيز التعاون في المجالات الأمنية والعسكرية، وفتح آفاق أوسع للتنسيق المشترك، بما يُعزز جهود دعم الاستقرار الإقليمي».

* جدل وتساؤلات

تسببت زيارة قائد الجيش الباكستاني إلى ليبيا في حالة من «الجدل والقلق» والتساؤلات أيضاً، خاصة لدى المناوئين لـ«الجيش الوطني»، في ظل انفتاح قيادته على دول جديدة من أجل التعاون المشترك، ولا سيما في مجال التدريب.

قائد الجيش الباكستاني أثناء وصوله إلى بنغازي الأربعاء (القيادة العامة)

وأكد صدام حفتر «حرص القائد العام على تعزيز العلاقات الثنائية والشراكة بين الأشقاء في باكستان وليبيا»، وعَدَّ زيارة قائد الجيش الباكستاني «تاريخية»، ولا سيما بعد تبادل وجهات النظر حول عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك.

وقال مسؤول عسكري سابق بشرق ليبيا إن هذا التعاون بين الجيشين «سيكون له ما بعده؛ ولا سيما بما تمتلكه باكستان من تطور عسكري، فضلاً عن أن قائد جيشها عاصم منير يوصَف بأنه الرجل الأقوى في البلاد».

ويرى المصدر، الذي رفض ذكر اسمه لأنه غير مخوَّل بالحديث للإعلام، أن «صورة حفتر وهو يقبض بيده على يد منير تشي بحالة من الود بين القيادتين العسكريتين، لكن يبدو أنها أثارت حالة من القلق لدى بعض الأطراف» التي لم يُسمّها.

وأشار المصدر نفسه إلى «الاستفادة التي يمكن أن يحققها الجيش الوطني بعد اتفاقية التعاون مع الجيش الباكستاني، الذي يحتل المرتبة الـ12 عالمياً لعام 2025 من بين 145 دولة».

من جانبها قالت إدارة العلاقات العامة للجيش الباكستاني، في بيان، الخميس، إن الجانبين أكدا أهمية التعاون في مجالات التدريب وبناء القدرات ومكافحة الإرهاب»، ونقلت عن عاصم منير «التزام باكستان بتعزيز العلاقات الدفاعية مع ليبيا، بما يحفظ المصالح المشتركة».

ويرجع سبب القلق إلى ربط البعض في ليبيا بين ما يمتلكه الجيش الباكستاني من إمكانيات وخبرات وتكنولوجيا عسكرية، وحالة التوتر ونزوع «الجيش الوطني» نحو تمديد نفوذه على أنحاء البلاد، لكن المصدر العسكري قال، لـ«الشرق الأوسط»، إن حفتر «يسعى إلى تطوير الجيش عبر مصادر مختلفة».

خلال توقيع اتفاق في بنغازي بين «الجيش الوطني» الليبي والجيش الباكستاني (القيادة العامة)

ومنذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي في عام 2011، بات محظوراً على ليبيا استيراد السلاح. وفي مارس (آذار) 2011، أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 1970 بـ«منع بيع أو توريد الأسلحة، وما يتصل بها من أعتدة إلى ليبيا، ويشمل ذلك الأسلحة والذخيرة والمركبات والمُعدات العسكرية، والمُعدات شبه العسكرية وقِطع الغيار»، وقد جرى تمديد القرار أكثر من مرة.

* مسارات جديدة للتعاون العسكري

نجح حفتر، خلال السنوات الماضية، في فتح مسارات للتعاون العسكري مع دول عدة؛ من بينها روسيا وتركيا، بالإضافة إلى مصر. ومثّلَ حضوره، برفقة نجله صدام، في احتفالات روسيا بـ«عيد النصر» في ذكراه الثمانين، بدعوة رسمية، ثمرة هذا الانفتاح الملحوظ.

من زيارة سابقة لنائب وزير الدفاع الروسي إلى بنغازي في إطار انفتاح الجيش الوطني على روسيا (قيادة الجيش)

وتلوح، من وقت إلى آخر، مخاوفُ لدى أطراف بغرب ليبيا من إمكانية أن يفكر حفتر في الهجوم العسكري على العاصمة طرابلس، في ظل «التطور الذي لحق (الجيش الوطني) في السنوات الأربع الأخيرة».

تأتي هذه المخاوف على الرغم من تأكيد «الجيش الوطني»، غير مرة، الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، الموقَّع بجنيف في 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2020.

وبعد 13 شهراً من الحرب على طرابلس في عام 2019، تراجعت قوات «الجيش الوطني» إلى خط سرت - الجفرة في مطلع يونيو (حزيران) 2020. وغالباً ما كان حفتر يكرر تحذيره ممن سمّاهم «مُعرقلي» المسار السياسي في البلاد، قائلاً إن هذا المسار «أُعطي من الفرص أكثر مما ينبغي»، ملوّحاً باستخدام القوة ضد من يعبث بمصير ليبيا.


الأمم المتحدة: 1000 قتيل في مجزرة لـ«الدعم السريع»

 نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)
نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)
TT

الأمم المتحدة: 1000 قتيل في مجزرة لـ«الدعم السريع»

 نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)
نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)

أفاد تقرير للأمم المتحدة، أمس (الخميس)، بأن أكثر من 1000 مدني قُتلوا في هجوم شنّته «قوات الدعم السريع» في أبريل (نيسان) الماضي، بمخيم زمزم للنازحين شمال دارفور، تعرض نحو ثلثهم لعمليات إعدام خارج نطاق القانون.

وأشارت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تقريرها إلى «مجازر وعمليات اغتصاب وأعمال عنف جنسي أخرى وتعذيب وخطف» ارتُكبت خلال الهجوم الذي نفذته «قوات الدعم السريع» من 11 إلى 13 أبريل. وأكدت المفوضية «مقتل ما لا يقل عن 1013 مدنياً».

وفي سياق آخر، شنت «قوات الدعم السريع»، أمس، هجوماً واسعاً بعشرات الطائرات المسيّرة، طالت عدداً من المدن في ولاية النيل بشمال السودان، مستهدفة محطة رئيسية لتوليد الكهرباء، مما أدى إلى مقتل شخصين وانقطاع التيار الكهربائي في المدن السودانية الكبرى.

وقال مصدر عسكري وشهود إن الهجوم تم بنحو 35 مسيّرة على مدن عطبرة والدامر وبربر في ولاية النيل، وألحق أضراراً بالغة بمحولات كهربائية في محطة المقرن في عطبرة نتج عنها إظلام تام في ولايات الخرطوم ونهر النيل والبحر الأحمر.