الجزائر: عودة «قضية العسكريين المنشقين» إلى المحاكم

بعد استئناف أحكام ثقيلة بالسجن بجرم «الارتباط بتنظيم إرهابي في الخارج»

قائد الجيش سعيد شنقريحة خلال زيارته إحدى المدارس العسكرية (الجيش الجزائري)
قائد الجيش سعيد شنقريحة خلال زيارته إحدى المدارس العسكرية (الجيش الجزائري)
TT

الجزائر: عودة «قضية العسكريين المنشقين» إلى المحاكم

قائد الجيش سعيد شنقريحة خلال زيارته إحدى المدارس العسكرية (الجيش الجزائري)
قائد الجيش سعيد شنقريحة خلال زيارته إحدى المدارس العسكرية (الجيش الجزائري)

سينظر القضاء الجزائري من جديد، بمناسبة انطلاق دورة الجنايات في مايو (أيار) المقبل، في «قضية العسكريين المنشقين»؛ عبد الله بن حليمة ومحمد عبد الله، اللذين أدانتهما المحاكم الابتدائية بأحكام ثقيلة بتهم «الإرهاب» و«مخالفة أوامر عسكرية» و«المشاركة في مؤامرة بالخارج بغرض تقويض الأمن في البلاد»، و«تحريض مواطنين ضد السلطة».

وأعلنت فطة سادات، المحامية المعروفة بدفاعها عن معتقلي الرأي، بحسابها على وسائط الإعلام الاجتماعي، أن القضاء أحال العسكريين إلى محكمة الاستئناف، مع 11 ناشطاً، بعضهم ينتمي لـ«الحراك الشعبي» الذي أطاح في 2019 بالرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة.

العسكري محمد بن حليمة (الشرق الأوسط)

وتتابع النيابة المدنية والعسكرية، في آن واحد، العسكريين الاثنين في قضايا عدّة، تم الفصل في بعض منها بإدانتهما بالسجن خمس سنوات مع التنفيذ، في محاكمتين منفصلتين، نهاية 2022.

واستأنف المتهمان الحكم، بينما أبدى محاموهما، في تصريحات سابقة للإعلام، تشاؤماً بخصوص ما ينتظرهما عندما يواجهان القضاء العسكري والتهم المرتبطة بـ«الانشقاق عن صفوف الجيش، والحملة التي أطلقوها ضد مسؤولين عسكريين»، انطلاقاً من إسبانيا، حيث كانا يقيمان بطريقة غير نظامية، الأمر الذي سهّل على السلطات الإسبانية ترحيلهما.

المدون اللاجئ في فرنسا أمير بوخرص (الشرق الأوسط)

وكان بن حليمة (30 سنة) قد اتُّهم في شريط فيديو تم بثه في 2022، بينما كان في الحبس الاحتياطي، الدبلوماسي السابق اللاجئ في بريطانيا محمد العرب زيتوت، بـ«محاولة شراء ذمته لدفعه إلى إطلاق تصريحات مسيئة لمسؤولين بالجيش». وأكد أنه هو من أقنعه بالسفر إلى أوروبا، على أن يساعده في الحصول على صفة لاجئ سياسي، وفق تصريحات بن حليمة، الذي قال إنه «تعرض للاستغلال على يديه لتنفيذ خطته»، وفي النهاية «أخلف وعده» بشأن اللجوء السياسي.

العسكري محمد عبد الله لحظة تقديمه للمحاكمة (الشرق الأوسط)

وانتسب بن حليمة إلى الجيش قبل 10 سنوات، وكان برتبة عريف عندما فرّ إلى إسبانيا في سبتمبر (أيلول) 2019، إثر إبلاغه بأن اسمه مدرج في قائمة العسكريين المطلوبين، بسبب مشاركته في مظاهرات «الحراك الشعبي» المعارض التي اندلعت في العام نفسه.

والمعروف أن زيتوت يقود تنظيماً إسلامياً يسمى «حركة رشاد»، وضعته السلطات عام 2021 على لائحة «التنظيمات الإرهابية». وأطلقت مذكرة توقيف دولية ضده، بعد إدانته غيابياً بالسجن 20 سنة. يشار إلى أن اللائحة ذاتها تضم تنظيماً آخر، هو «حركة الحكم الذاتي بمنطقة القبائل»، وزعيمها فرحات مهني اللاجئ بفرنسا، وأدانه القضاء غيابياً بالسجن بتهمة «الإرهاب».

محمد العربي زيتوت مسؤول تنظيم «رشاد» (الشرق الأوسط)

وعلى عكس بن حليمة، رفض محمد عبد الله (32 سنة)، حسب محاميه، تصوير فيديو حول علاقته بزيتوت. وهو أيضاً كان مقيماً بإسبانيا من دون وثائق رسمية؛ حيث حطَّ بطائرة مروحية تابعة للجيش الجزائري في 2018، انطلق بها خلسة من مطار عسكري جزائري، وكان يبحث عن اللجوء السياسي في الخارج، بذريعة أنه «ملاحق داخل البلاد بسبب الإبلاغ عن وقائع فساد».

ويبرز في «ملف العسكريين المنشقين»، أمير بوخرص المدون المعارض اللاجئ في فرنسا والشهير بكنية «أمير دي زاد». وأفادت تحقيقات جهاز الأمن في القضية بأن بن حليمة وعبد الله كانا على صلة به، وأنه كان «يبحث عن استغلال صفتيهما العسكرية للتحامل على قيادة الجيش». وأدان القضاء بوخرص غيابياً بالسجن 20 سنة، وطلب ترحيله، غير أن محكمة فرنسية رفضت، العام الماضي، التعاطي إيجابياً مع دعوى لوزارة الداخلية الفرنسية تخص تسليمه للجزائر.


مقالات ذات صلة

تركيا: مصرع وإصابة 18 شخصاً في انفجار بمصنع للذخيرة

شؤون إقليمية دمار أحدثه الانفجار بمصنع المتفجرات في باليكسير غرب تركيا الثلاثاء (رويترز)

تركيا: مصرع وإصابة 18 شخصاً في انفجار بمصنع للذخيرة

لقي 11 شخصاً مصرعهم وأصيب 7 آخرون، الثلاثاء، جراء انفجار وانهيار جزئي في مصنع لإنتاج الذخيرة والمتفجرات في ولاية باليكسير، غرب تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا شجوفتا طاهر والدة محمد شاهير خان أحد الطلاب الذين قُتلوا في هجوم مسلح على مدرسة في ديسمبر 2014 في بيشاور (أ.ب.أ)

الإرهاب يعود بقوة إلى باكستان... بعد عقد من حملة للقضاء عليه

مرَّت عشر سنوات منذ أن سقط ابن أجون خان قتيلاً، جراء هجوم مروّع شنَّته حركة «طالبان»، والذي أسفر عن مقتل نحو 150 شخصاً، معظمهم من الأطفال، داخل مدرسة في بيشاور.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد )
أوروبا عناصر من الشرطة الإيطالية في روما (أ.ف.ب)

تفكيك خلية للدعاية الإرهابية في إيطاليا

أعلنت الشرطة الإيطالية، الثلاثاء، تفكيكَ خلية للدعاية الإرهابية تديرها باكستانية، ومؤلفة من 5 شبان أجانب، منهم 4 مقيمون في إيطاليا.

«الشرق الأوسط» (روما)
أوروبا أشخاص يمرون أمام سيارات شرطة متوقفة بمنطقة للمشاة بدورتموند الثلاثاء عقب الهجوم على سوق الكريسماس في ماغديبورغ (د.ب.أ)

ألمانيا تحقق في ثغرات أمنية محتملة بعد هجوم سوق عيد الميلاد

بعد هجوم دهس في سوق لهدايا عيد الميلاد، أسفر عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل، أعاد تسليط الضوء على الأمن والهجرة قبل انتخابات مبكرة.

«الشرق الأوسط» (برلين )
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)

إسرائيل تسعى دبلوماسياً لتصنيف الحوثيين تنظيماً إرهابياً في أوروبا

أصدرت إسرائيل تعليمات إلى بعثاتها الدبلوماسية في أوروبا بالسعي لتصنيف جماعة الحوثيين المتحالفة مع إيران في اليمن تنظيماً إرهابياً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

عائلات سجناء المعارضة في تونس يتظاهرون للإفراج عنهم

من مظاهرة سابقة لمساندة المعتقلين السياسيين (موقع حركة النهضة)
من مظاهرة سابقة لمساندة المعتقلين السياسيين (موقع حركة النهضة)
TT

عائلات سجناء المعارضة في تونس يتظاهرون للإفراج عنهم

من مظاهرة سابقة لمساندة المعتقلين السياسيين (موقع حركة النهضة)
من مظاهرة سابقة لمساندة المعتقلين السياسيين (موقع حركة النهضة)

تجمع نشطاء وأفراد من عائلات السجناء من السياسيين المعارضين لسياسة الرئيس التونسي قيس سعيد، صباح اليوم الثلاثاء، أمام محكمة التعقيب في العاصمة تونس؛ للمطالبة بالإفراج عنهم، بحسب ما أورده تقرير لـ«وكالة الصحافة الألمانية».

وتحتج العائلات ضد الإيقافات المطولة لأغلب السجناء من المعارضة منذ أكثر من 20 شهراً للتحقيق، دون توجيه تهم نهائية أو صدور أحكام ضدهم. ويواجه الموقوفون، وأغلبهم من جبهة «الخلاص الوطني» وحركة «النهضة» الإسلامية، إلى جانب سياسيين مستقلين، تهمة «التآمر على أمن الدولة» والاشتباه بتورطهم في «قضايا إرهاب وفساد مالي».

وقالت المحامية دليلة بن مبارك مصدق، شقيقة الناشط السياسي الموقوف جوهر بن مبارك، القيادي في جبهة «الخلاص الوطني»: «ماذا فعلوا حتى يتم إبقاؤهم حتى اليوم في السجن. السجن للمجرمين وليس للمعارضين أو المفكرين، أو من يمارس حرياته».

وتابعت المحامية بمكبر الصوت وسط المحتجين قائلة: «السجون مكتظة اليوم، حيث يتم الزج بالناس في السجون على أبسط الأمور... تدوينات، كتابات، نقد... والقضاء يحمي النظام وليس المواطنين... إلى متى سنصمت؟».

من جانبها، قالت زوجة السياسي عبد الحميد الجلاصي، القابع في السجن، إن عقوبة تهمة التآمر على أمن الدولة «هي الإعدام. لكن لا يوجد أي دليل مادي للتهمة، والملف فارغ».

في المقابل، يقول الرئيس الحالي قيس سعيد، الذي أطاح بالنظام السياسي في 2021، إن القضاء مستقل وملزم بتطبيق القانون، بينما تقول المعارضة إن التهم ضد السجناء «سياسية وملفقة».