لماذا قرر سكان مُرزق الليبية العودة إلى مدينتهم المدمرة؟

بعد 5 سنوات من مغادرتهم إثر اشتباكات دموية

جانب من اجتماع الجمعية العمومية لأهل مرزق (صورة من مقطع فيديو)
جانب من اجتماع الجمعية العمومية لأهل مرزق (صورة من مقطع فيديو)
TT

لماذا قرر سكان مُرزق الليبية العودة إلى مدينتهم المدمرة؟

جانب من اجتماع الجمعية العمومية لأهل مرزق (صورة من مقطع فيديو)
جانب من اجتماع الجمعية العمومية لأهل مرزق (صورة من مقطع فيديو)

اتخذ «مجلس حكماء وأعيان» مدينة مُرزق بجنوب ليبيا قراراً بعودة المواطنين المُهجّرين إلى ديارهم المُدمّرة، ما يطرح تساؤلاً حول الأسباب التي دعت إلى ذلك.

وفاجأ المجلس السلطات في البلاد، واتخذ قراراً بعودة المواطنين المُهجّرين إلى ديارهم، رغم أن غالبيتها لحقها الضرر قبل نحو 5 أعوام إثر اشتباكات دامية خلفت قتلى ومصابين.

وأرجع المتحدث باسم «مجلس حكماء وأعيان» مُرزق، محمد عبد النبي، قرار عودة المواطنين المُهّجرين إلى ما سماه بـ«تجاهل السلطات في ليبيا لمطالبهم»، بينما قالت «الجمعية العمومية لعائلات مُرزق»، إن المواطنين «عانوا خلال السنوات الخمس الماضية، من (ويلات التهجير)، ورأوا ضرورة العودة لحماية ديارهم التي هجروها، لكونهم لا يثقون بالأجهزة الأمنية والشرطية ولا يعترفون بالسلطات المحلية»، وفق قولهم.

وكان سكان مُرزق، تعرّضوا للتهجير عام 2019 إثر اشتباكات قبلية دامية، أدت إلى مقتل 90 شخصاً، وجرح أكثر من 200 آخرين، وتدمير أعداد كبيرة من ديارهم، وإضرام النيران في مزارعهم.

وطالب عبد النبي، في تصريح صحافي، مساء السبت، السلطات الليبية «بتوفير الحماية اللازمة للمواطنين، وتذليل الصعاب التي تواجههم»، وقال إن «قرابة 4 آلاف أسرة تتهيأ للعودة إلى مرزق، وهذا يتطلب توفير الحماية وإعادة تأهيل المدينة».

وسبق وتظاهر عدد من سكان مرزق أمام مقر وزارة الشؤون الاجتماعية بالعاصمة طرابلس، للتنديد بتأخر صرف المنحة المالية، التي أمرت حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، بصرفها لهم نتيجة تهدم منازلهم.

الدبيبة في لقاء سابق بـ«المجلس التسييري» بمرزق وعدد من «حكماء المدينة»... (حكومة الوحدة المؤقتة)

وكانت الحكومة التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، قد أمرت في أغسطس (آب) 2021 بصرف تعويضات للمواطنين، الذين نزحوا عن ديارهم بعد تدميرها، لكنهم اشتكوا بأنهم لم يتلقوا أي تعويضات مالية لجبر ضررهم حتى الآن، «ما تسبب في تفاقم أزماتهم».

ويأتي قرار عودة المهجرين رغم تقرير النائب العام الصديق الصور «بعدم صلاحية مدينة مرزق لعودة السكان راهناً»، لكن «الجمعية العمومية لعائلات مُرزق»، بعثت برسائل شفوية للحكومتين المتصارعتين على السلطة في البلاد، بالإضافة إلى المؤسسات المدنية والأمنية، تطالب بعودة المواطنين، وما يستدعيه ذلك من حماية وحقوق.

وسبق ووجه الدبيبة حكومته، بضرورة مباشرة الشركة العامة للكهرباء تنفيذ الأعمال المستهدفة بمدينة مُرزق، ودعم «المجلس التسييري» في المشروعات العاجلة التي جرى حصرها، مؤكدا أهمية التعاون مع منظمتي «USAID» و«UNDP» في تنفيذ البرامج المشتركة، وضمان رجوع الأهالي إلى منازلهم وفق إطار زمني محدد.

حمّاد في لقاء سابق مع رئيس المجلس البلدي بمرزق محمد عثمان (حكومة الاستقرار)

كما سبق وبحث أسامة حمّاد، رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، في اجتماع حضره رئيس المجلس البلدي بمرزق محمد عثمان، ورئيس «لجنة إعادة الإعمار والاستقرار» حاتم العريبي، احتياجات مُرزق، وسبل عودة مظاهر الحياة إليها.

وشدد حمّاد على «ضرورة العمل من داخل مُرزق، وحصر الاحتياجات العاجلة، والبدء بإعادة إعمار المدينة». كما بحث عودة المهجرين من كل التركيبات الاجتماعية بالمدينة إلى ديارهم، وتفعيل المصالحة الوطنية، وجبر الضرر.

وشكّك أحد نشطاء مرزق، في إمكانية عودة جميع المواطنين إلى مدينتهم، التي لا تزال بيوتها مُدمّرة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك قطاع واسع من المواطنين يتمسكون بالتحقيق فيما لحق بممتلكاتهم من ضرر، ويطالبون بتعويضهم بشكل مناسب»، لافتاً إلى أن الراغبين في العودة «فضلوا البقاء بجوار منازلهم، ووضع السلطة في البلاد أمام الأمر الواقع».

إن «الراغبين في العودة فضلوا البقاء بجوار منازلهم، ووضع السلطة في البلاد أمام الأمر الواقع».

احد ناشطي مرزق

وكان محمد المهدي، وهو ناشط مدني من مُرزق، اتهم في تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط» جماعة تبو «أوزو» التشادية، التي قال إنها تقيم في مُرزق، بتدمير المدينة، و«تعاونت مع أبناء عمومتهم من تبو ليبيا وتشاد والنيجر، مدعومة بعصابات إرهابية».

وأشار، إلى اندلاع اشتباكات عنيفة في عام 2019 دامت ثمانية أشهر بين سكان المدينة، و(هم عرب مُرزق)، وبين العصابات المتحالفة مع قبائل «التبو» من المقيمين في المدينة، أدت إلى إجبار المواطنين على النزوح بالكامل عن أرضهم.

ورغم أن قبائل «التبو» ترفض هذه الاتهامات، فإن الإحصاءات التي يقدمها سكان المدينة تفيد بأن قرابة 4 آلاف أسرة، تضم 34 ألف نسمة، «خرجوا من مُرزق بعد حرقها بالكامل، للإقامة في أكثر من مدينة بأنحاء البلاد».

وقالت «الجمعية العمومية لعائلات مُرزق»، نهاية الأسبوع الماضي: «إننا عائدون إلى أرضنا ومدينتنا رغم التحديات والصعوبات والعراقيل، فقد قررنا العودة ومنازلنا مدمرة محترقة»، لافتين إلى أنهم «قرروا العودة ولا يثقون في أجهزة شرطية وأمنية هي الخصم والحكم».


مقالات ذات صلة

ليبيا: اجتماع مرتقب لأعضاء مجلسي النواب و«الدولة» في درنة

شمال افريقيا صورة وزعها مجلس النواب لوصول أعضائه إلى مدينة درنة

ليبيا: اجتماع مرتقب لأعضاء مجلسي النواب و«الدولة» في درنة

أعلن عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب الليبي، وصول عدد من أعضائه إلى درنة التي ستستضيف، الاثنين، جلسة رسمية هي الأولى للمجلس بالمدينة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

احتشد مئات المتظاهرين في مدينة بني وليد، شمال غربي ليبيا، الموالية لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي للتظاهر، منددين بـ«المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

أعلن ممثلون عن مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا، نهاية الأسبوع الماضي، توصلهم إلى اتفاق يستهدف إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من أشغال مؤتمر «قادة دول الاستخبارات العسكرية لدول الجوار» في طرابلس (الوحدة)

الدبيبة: لن نسمح بأن تكون ليبيا ساحة لتصفية الحسابات

الدبيبة يؤكد أن بلاده «لن تكون ساحة لتصفية الصراعات الإقليمية، ولن تستخدم ورقة ضغط في الصراعات الدولية والإقليمية».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في روما الخميس (البعثة الأوروبية)

ليبيا: خوري تسارع لتفعيل مبادرتها وسط صراع على ديوان المحاسبة

تسعى المبعوثة الأممية بالإنابة في ليبيا ستيفاني خوري إلى جمع الأفرقاء السياسيين على «المبادرة» التي أطلقتها أمام مجلس الأمن الدولي منتصف الأسبوع الماضي.

جمال جوهر (القاهرة)

 مؤسس إمبراطوريتها المالية... وفاة القيادي «الإخواني» يوسف ندا

يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
TT

 مؤسس إمبراطوريتها المالية... وفاة القيادي «الإخواني» يوسف ندا

يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)

أعلنت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، صباح اليوم (الأحد)، وفاة أحد قادتها، يوسف ندا، الذي يعد مؤسس إمبراطوريتها المالية، والمدرج على قوائم الإرهاب بالبلاد، عن عمر ناهز 94 عاماً.

وندا، الذي وُلد في الإسكندرية (شمال مصر) عام 1931، شغل منصب رئيس مجلس إدارة «بنك التقوى» ومفوض العلاقات السياسية الدولية في الجماعة.

 

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه.

 

وانضم ندا لجماعة «الإخوان» عام 1947، وتخرَّج في كلية الزراع، بجامعة الإسكندرية، في بداية الخمسينات، واعتُقل مع كثير من عناصر وقادة الجماعة بعد اتهامهم بمحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1954، وفقاً لما ذكرت وسائل إعلام محلية.

و بدأ ندا نشاطه الاقتصادي لحساب الجماعة عام 1956 بعد أن أُفرج عنه، وفي عام 1960 قرَّر نقل نشاطه المالي من مصر، حيث توجَّه إلى ليبيا ومنها إلى النمسا، وتوسَّع نشاطه بين البلدين، حتى لُقِّب نهاية الستينات بأنه «ملك الإسمنت في منطقة البحر المتوسط».

 

داخل منزله في إيطاليا (وسائل إعلام سويسرية)

وبعد ثورة سبتمبر (أيلول) عام 1969 في ليبيا، فرَّ ندا إلى اليونان ومنها إلى سويسرا، وأسَّس شركات اقتصادية عدة تعمل لحساب الجماعة، كما كان له دور بارز في تمويل أنشطتها، واتُّهم في مصر ودول عدة بأنه أحد داعمي الإرهاب.

أسس ندا «بنك التقوى» في جزر البهاما مع القيادي بالإخوان غالب همت في عام 1988، وكان أول بنك إسلامي يعمل خارج الدول الإسلامية، واستطاع البنك تحقيق مكاسب كبيرة في سنواته الأولى، ما دفع يوسف ندا إلى أن يكون شخصية بارزة في عالم الاقتصاد والمال في أوروبا.

 

قوائم الإرهاب

في نوفمبر (تشرين الثاني) 2001 اتهمه الرئيس الأميركي جورج بوش بضلوع شركاته في دعم الإرهاب وتمويل هجمات 11 سبتمبر، وأعدت الإدارة الأميركية تقريراً أدرجت فيه اسم يوسف ندا في «القائمة السوداء للداعمين للإرهاب»، ورغم أن مجلس الأمن شطب اسمه من الداعمين للإرهاب بناءً على طلب سويسري، فإن الإدارة الأميركية رفضت شطبه من «القوائم السوداء».

وفي أبريل (نيسان) 2008 أحاله الرئيس المصري الراحل حسني مبارك إلى المحاكمة العسكرية، وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات غيابياً، وذلك قبل أن يصدر الرئيس الراحل محمد مرسي عفواً عاماً عنه في 26 يوليو (تموز) 2012.

وفي منتصف الشهر الحالي، أُدرج ندا على قائمة الكيانات الإرهابية في مصر لمدة 5 سنوات، وكانت الجريدة الرسمية المصرية قد نشرت في عددها الصادر 15 ديسمبر (كانون الأول)، حكم محكمة الجنايات الدائرة الثانية «جنائي بدر»، بإدراج 76 متهماً على قائمة الكيانات الإرهابية، لمدة 5 سنوات.

أصدرت المحكمة القرار في طلب الإدراج رقم 8 لسنة 2024 قرارات إدراج إرهابيين، و3 لسنة 2024 قرارات إدراج كيانات إرهابية، والمقيدة برقم 1983 لسنة 2021 حصر أمن الدولة العليا، حيث قررت المحكمة إدراج 76 متهماً، على قائمة الكيانات الإرهابية لمدة 5 سنوات، بينهم يوسف مصطفى علي ندا.