«حرب غزة»: تحركات مصرية لإنضاج اتفاق جديد لتبادل الأسرى

مصادر في القاهرة أكدت دخول المشاورات مع الأطراف «مراحل متقدمة»

صورة تم التقاطها تُظهر الدخان يتصاعد فوق خان يونس في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صورة تم التقاطها تُظهر الدخان يتصاعد فوق خان يونس في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«حرب غزة»: تحركات مصرية لإنضاج اتفاق جديد لتبادل الأسرى

صورة تم التقاطها تُظهر الدخان يتصاعد فوق خان يونس في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صورة تم التقاطها تُظهر الدخان يتصاعد فوق خان يونس في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

تُكثف القاهرة من تحركاتها واتصالاتها مع الأطراف المعنية بالحرب في غزة؛ بهدف «التوصل إلى اتفاق لوقف القتال وتبادل الأسرى بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية». وقالت مصادر مصرية مطلعة على جهود الوساطة المصرية، الجمعة: إن الاتصالات الجارية حالياً «متواصلة مع مختلف الأطراف المعنية»، والمشاورات الراهنة «على وشك التوصل إلى تفاهمات بشأن اتفاق جديد يتضمن هدنة طويلة يتم خلالها تبادل عدد يجري التفاوض عليه من الأسرى في الجانبين».

وأوضحت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم نشر هويتها، أن الطرح الذي يجري التشاور بشأنه «يراعي مصالح مختلف الأطراف، ويضع في الحسبان الصعوبات الحالية والمواقف المعلنة»، لافتة إلى أن الطرح الجديد «لن يكون بديلاً عن المقترح المصري الشامل لوقف الحرب وترتيبات المرحلة المقبلة، بل سيكون جزءاً من المساعي لتهيئة الأجواء لوقف القتال وتخفيف المعاناة الإنسانية لسكان القطاع، ومن ثم الانتقال لمرحلة تالية».

وكانت القاهرة قد قدمت مقترحات قبل اغتيال نائب رئيس حركة «حماس»، صالح العاروري ببيروت في الثاني من الشهر الحالي، تتضمن 3 مراحل متتالية ومترابطة تنتهي بوقف إطلاق النار، إلا أن «عملية الوساطة واجهت حالة من الجمود في أعقاب عملية اغتيال العاروري».

وأضافت المصادر المطلعة، أن مصر تلقت «مؤشرات إيجابية رغم صعوبة الموقف الراهن»، إلا أن البلورة النهائية للاتفاق «لا تزال في مرحلة الإنضاج»، مشددة على أن الرسالة المصرية التي أكدها الوسيط المصري لجميع الأطراف تضمنت أهمية التجاوب مع جهود التهدئة، وأنه «لا بديل عن التفاوض للخروج من الأزمة».

مبانٍ مدمرة بشمال غزة خلال وقت سابق بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

اتفاق قيد البلورة

في السياق ذاته، عززت تقارير أميركية إمكانية حدوث انفراجة على مسار الوساطة من أجل تبادل الأسرى والمحتجزين؛ إذ نقلت شبكة «إن بي سي نيوز» الأميركية، مساء الخميس، عن مسؤولين القول: إن «اتفاقاً جديداً لإطلاق سراح المحتجزين في قطاع غزة ربما يكون قيد البلورة». ونسبت الشبكة إلى مسؤول أميركي كبير، ومسؤولين حكوميين إسرائيليين اثنين، ودبلوماسي عربي، القول: إنه «سيتم إطلاق سراح المحتجزين على مراحل»، لكن أحد المسؤولين ذكر أنه «ليس من الواضح مدى جدية المناقشات حول الاتفاق المقترح».

وبحسب مسؤول إسرائيلي، فإن أحد بنود الاتفاق المقترح سيحدد إطاراً زمنياً مدته 90 يوماً للإفراج عن المحتجزين على مراحل، بما يقود إلى وقف دائم لإطلاق النار. وشدد على أن أي اقتراح لإبقاء حركة «حماس» في السلطة بغزة «بآلتها العسكرية هو أمر غير مقبول على الإطلاق».

من جانبها، ترفض حركة «حماس» إطلاق سراح المحتجزين لديها؛ إلا «بشروطها»، وفق ما أعلنه رئيس مكتبها السياسي، إسماعيل هنية، في مناسبات عدة، والذي شدد على أن إسرائيل لن تستعيد المحتجزين في قطاع غزة؛ إلا إذا تم إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال. وأكدت الفصائل الفلسطينية مراراً رفضها التفاوض على هدن مؤقتة، وإصرارها على وقف كامل لإطلاق النار، وتبادل للأسرى وفق مبدأ «الكل مقابل الكل».

في المقابل، ورغم الرفض الإسرائيلي المتكرر للحديث عن وقف دائم لإطلاق النار؛ فإن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، عضو مجلس الحرب الحالي، غادي إيزنكوت، أبدى موقفاً مختلفاً؛ إذ قال في مقابلة متلفزة: إنه «من المستحيل إعادة المختطفين أحياء في المستقبل القريب دون اتفاق» مع «حماس». ورفض إيزنكوت في مقابلة مع «القناة12» الإسرائيلية، الخميس، تنفيذ عملية عسكرية جديدة لإعادة الأسرى. وقال: «ما زلنا نبذل الجهود ونبحث عن كل فرصة؛ لكن الاحتمال ضئيل». ورداً على سؤال حول ما إذا كان من الضروري تجنب إيذاء الأسرى حتى على حساب «تفويت» فرصة القضاء على قائد «حماس» في غزة، يحيى السنوار. أجاب إيزنكوت بشكل قاطع: «الجواب هو نعم».

مسعفون فلسطينيون مع آخرين يضعون الجثث المغطاة بأغطية بيضاء داخل سيارة إسعاف بعد غارة جوية على مخيم المغازي بغزة (رويترز)

تفكيك الأزمة

من جانبه، أشار أستاذ العلاقات الدولية، مساعد رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، والمتخصص في الشؤون الفلسطينية والإسرائيلية، الدكتور طارق فهمي، إلى أن مسارات الوساطة تجري حالياً على 3 مسارات، أولها «المسار المصري الذي يركز على الرؤية الشاملة لإنهاء الحرب، ومن بينها تبادل الأسرى، والمسار الثاني الذي تنشط فيه الوساطة القطرية، إضافة إلى مسار أممي برز في الأيام الأخيرة ويركز على البعد الإنساني في غزة».

وأوضح فهمي لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة المصرية سعت خلال الآونة الأخيرة إلى تفكيك أبعاد الأزمة، وتحقيق التزامن بين المسارات السياسية والأمنية، لافتاً إلى أن الرؤية المصرية «باتت تحظى بقبول فلسطيني وتجاوب إسرائيلي»، مضيفاً أن الاتصالات المصرية ركزت أخيراً على «المسارين الأميركي والأممي لتوفير إطار أوسع لتبادل الأسرى، بما يحسن الوضع الإنساني في القطاع، ويدفع باتجاه الدخول في مستويات أعمق بشأن مقاربة إقليمية شاملة في مرحلة ما بعد توقف القتال».

وتوقع فهمي حدوث «انفراجة في الموقف» قريباً، لافتاً إلى أن الفصائل الفلسطينية بطريقها إلى القبول. وأوضح، أن السلطة الفلسطينية بدأت في إجراء اتصالات مُكثفة على هذا المسار في أعقاب القمة الثلاثية المصرية - الأردنية - الفلسطينية الأخيرة في العقبة، وأن هناك مؤشرات على إحراز تقدم في هذا الصدد، لافتاً إلى أن «الخطاب المتشدد» من جانب إسرائيل وحركة «حماس» «سياسي وإعلامي بالدرجة الأولى».

أفراد عائلة نازحة يجلسون بجوار خيام في مخيم بالقرب من مستشفى ناصر في خان يونس (إ.ب.أ)

سيناريو قابل للتطوير

ومنذ انقضاء الهدنة الوحيدة إلى الآن في قطاع غزة نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والتي دامت أسبوعاً لوساطة مصرية وقطرية، وبتنسيق مع الولايات المتحدة، وتم خلالها إطلاق سراح أكثر من 100 من المحتجزين بالقطاع، تسعى الدول الثلاث إلى إقرار هدنة جديدة، بعد مضي 105 أيام من القتال.

وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن نحو 130 من الأسرى والمحتجزين لا يزالون تحت سيطرة الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، بينما قُتل 25 منهم على الأقل، بحسب ما أعلنته حركة «حماس» وفصائل أخرى في أكثر من مناسبة جراء القصف الإسرائيلي للقطاع.

ويرى الباحث المساعد في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مهاب عادل حسن، أن التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار، وتمرير صفقة لتبادل الأسرى «يُمثل سيناريو مرحلياً قابلاً للتطوير والبناء عليه للوصول إلى سيناريو مقبول لليوم التالي للحرب فيما يتعلق بمسألة حكم القطاع، وكذلك مسارات حل وتسوية الصراع في صورته الكلية». وأشار حسن، في تحليل منشور على الموقع الإلكتروني للمركز، أخيراً، إلى إمكانية أن تلجأ الفصائل الفلسطينية للقبول بهدنة لإيقاف إطلاق النار، على غرار الهدنة التي تم التوصل إليها في نوفمبر الماضي، وإطلاق سراح الأسرى المدنيين لديها وليس العسكريين، في مقابل إطلاق أعداد من الأسرى الفلسطينيين الأمنيين في السجون الإسرائيلية، مع إمكانية تطوير هذه الهدنة إلى اتفاق لإطلاق سراح باقي الأسرى الإسرائيليين».


مقالات ذات صلة

مقتل 7 فلسطينيين وإصابة العشرات في غارات إسرائيلية جنوب قطاع غزة

المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارات إسرائيلية على منطقة غرب خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

مقتل 7 فلسطينيين وإصابة العشرات في غارات إسرائيلية جنوب قطاع غزة

 قتل سبعة فلسطينيين وأصيب العشرات في غارة إسرائيلية على منطقة المواصي غرب خان يونس جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص مخيم اليرموك... دمار يحاكي غزة وغموض لا تبدده قرارات ظرفية play-circle 06:14

خاص مخيم اليرموك... دمار يحاكي غزة وغموض لا تبدده قرارات ظرفية

«هذه ليست غزة. إنه مخيم اليرموك»... لا تكفي قراءة اللافتة مراراً عند مدخل المخيم الفلسطيني المحاذي لدمشق لترسخ هذه الحقيقة في ذهن الزائر.

بيسان الشيخ (مخيم اليرموك (دمشق))
شؤون إقليمية فلسطينيون يفرون من مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة (أرشيفية)

«هدنة غزة»... مساعٍ إلى «حل وسط» لإبرام الاتفاق

جهود مكثفة للوسطاء لتقريب وجهات النظر خلال مفاوضات الهدنة بقطاع غزة، في ظل حديث إعلامي عن «شروط جديدة» أخرت إعلان الاتفاق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلاً مصاباً في غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط غزة (رويترز)

بينهم 7 أطفال.. مقتل 12 شخصاً من عائلة واحدة في غارة إسرائيلية على غزة

أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة مقتل12 شخصاً من عائلة واحدة، بينهم 7 أطفال، في غارة إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج مندوب فلسطين رياض منصور يتحدث خلال اجتماع لمجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة (أ.ب)

السعودية ترحب بقرار أممي حول التزامات إسرائيل

رحّبت السعودية بقرار للأمم المتحدة يطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل تجاه الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«الدعم السريع» تستعيد السيطرة على قاعدة رئيسية في دارفور

اندلع الصراع بين «الدعم السريع» والجيش في أبريل 2023 (أرشيفية - رويترز)
اندلع الصراع بين «الدعم السريع» والجيش في أبريل 2023 (أرشيفية - رويترز)
TT

«الدعم السريع» تستعيد السيطرة على قاعدة رئيسية في دارفور

اندلع الصراع بين «الدعم السريع» والجيش في أبريل 2023 (أرشيفية - رويترز)
اندلع الصراع بين «الدعم السريع» والجيش في أبريل 2023 (أرشيفية - رويترز)

قالت «قوات الدعم السريع» السودانية إنها استعادت السيطرة على قاعدة لوجيستية رئيسية في شمال دارفور، اليوم (الأحد)، بعد يوم من استيلاء قوات منافسة متحالفة مع الجيش السوداني عليها، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».

اندلع الصراع بين «الدعم السريع» والجيش في أبريل (نيسان) 2023، ووقعت بعض أعنف المعارك في شمال دارفور، حيث يقاتل الجيش والقوات المشتركة المتحالفة، وهي مجموعة من الجماعات المتمردة السابقة، للحفاظ على موطئ قدم أخير في إقليم دارفور الأوسع.

وقال الجيش والقوات المشتركة في بيانين إنهما سيطرا، أمس، على قاعدة «الزرق» التي استخدمتها «الدعم السريع» خلال الحرب المستمرة منذ 20 شهراً قاعدة لوجيستية لنقل الإمدادات من الحدود القريبة مع تشاد وليبيا.

وقالا إن قواتهما قتلت العشرات من جنود «الدعم السريع» ودمرت مركبات واستولت على إمدادات أثناء الاستيلاء على القاعدة.

ويقول محللون إن الحادث قد يؤجج التوتر العرقي بين القبائل العربية التي تشكل قاعدة «الدعم السريع»، وقبيلة الزغاوة التي تشكل معظم القوات المشتركة.

واتهمت «الدعم السريع» مقاتلي القوات المشتركة بقتل المدنيين وحرق المنازل والمرافق العامة القريبة أثناء الغارة.

وقالت في بيان اليوم: «ارتكبت حركات الارتزاق تطهيراً عرقياً بحق المدنيين العزل في منطقة الزُرق، وتعمدت ارتكاب جرائم قتل لعدد من الأطفال والنساء وكبار السن وحرق وتدمير آبار المياه والأسواق ومنازل المدنيين والمركز الصحي والمدارس وجميع المرافق العامة والخاصة».