عدّ سعد بن شرادة، عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، أن الاستفتاء الشعبي الذي تعتزم حكومة الوحدة الوطنية الليبية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، إجراءه على رفع الدعم عن المحروقات «هو محاولة للالتفاف على الرفض القاطع»، الذي أبدته حكومة أسامة حماد، مؤكداً أن نتيجة أي استفتاء حقيقي على هذا القرار «ستكون الرفض».
وقال بن شرادة لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، الخميس إن «حكومة الدبيبة تريد تنظيم هذا الاستفتاء لإقناع الحكومة الأخرى، التي تسيطر على ثلثي الأراضي الليبية، وهي الحكومة التي يترأسها السيد أسامة حماد، بعد أن أعلنت رفضها رفع الدعم عن المحروقات جملة وتفصيلاً، بحجة أنه لا يمكن اتخاذ مثل هذا الإجراء في ظل التدهور الاقتصادي والانقسام الحالي»، مضيفاً «نحن موجودون وسط المواطنين، ونجلس معهم ونتكلم معهم، ولو تم تنظيم استفتاء حقيقي ستكون النتيجة الرفض، ولكن ربما نكون تعودنا من هذه الحكومة أنها تدير استفتاءات شكلية، وتعطي نتيجة مفادها أن الحصيلة 70 في المائة».
وتابع بن شرادة موضحاً أنه «لا توجد جهات تمثل أطرافاً ثالثة في هذه الاستفتاءات حتى تكون لها مصداقية، والآن الشعب ليست لديه ثقة في هذه الحكومة، حتى وإن خرج الاستفتاء بطريقة صحيحة». مؤكداً أن الشعب «بات يعي جيداً أن رفع الدعم في ظل هذا الانقسام سيكون كارثة... وأن الحكومة تريد أن ترفع الدعم عن المحروقات بحجة تهريب الوقود، لكن من يهرب الوقود ليس هو المواطن، والمواطنون يعرفون ذلك، ويعرفون أن أشخاصاً في السلطات العليا التي تملك السلاح هي من تهرب الوقود».
وكان رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية قد أعلن، الأربعاء، أنه سيطرح مسألة دعم المحروقات في استفتاء عام للمواطنين لحسم القرار النهائي بشأنه، وقال في كلمة بالعاصمة طرابلس إن ليبيا «تخسر 60 مليار دينار (حوالي 12.4 ميار دولار) سنوياً مقابل دعم المحروقات، أي نصف الميزانية السنوية».
في سياق ذلك، نوه بن شرادة إلى أن «ملف رفع الدعم عن المحروقات ليس بالجديد، ففي عام 2000 حاول النظام السابق رفع هذا الدعم وتعثر، وتكرر في عام 2013 من قبل المؤتمر الوطني العام في ذلك الوقت، عن طريق لجنة الطاقة التي كنت عضواً فيها، وأجرينا عدة دراسات وسيناريوهات لرفع الدعم، وقدمناها للسلطة التنفيذية في ذلك الوقت، وتعثر». وأضاف بن شرادة أنه منذ عام 2014 «حدث انقسام في الدولة الليبية واستمر حتى الآن، غير أن موضوع رفع الدعم ظهر الآن على السطح مرة أخرى من قبل حكومة الوحدة الوطنية، لكن هناك حكومة أخرى في شرق وجنوب ليبيا تسيطر على أكثر من ثلثي الأراضي الليبية ترفض هذا القرار».
وانتقد القرار لعدة أسباب، منها أن «أي إصلاح اقتصادي يجب أن تواكبه حزمة متكاملة للإصلاحات الاقتصادية، وهو الأمر الذي لم تقم به الحكومة... وحتى هذه اللحظة لا توجد دولة كاملة في ليبيا، ولا تقوم المؤسسات الليبية بتطبيق كل ما ينتج عن السلطات سواء كانت تشريعية أو تنفيذية». وقال بهذا الخصوص إن ارتفاع أسعار الوقود «سيؤدي إلى رفع أسعار كل السلع الأخرى، وسيتسبب في غلاء تكلفة تشغيل وسائل المواصلات، مثل السيارات، وذلك في ظل عدم وجود بنية تحتية للمواصلات العامة في ليبيا». وتساءل في هذا السياق «كيف يمكن أن يتم تطبيق هذا القرار في طرابلس وضواحيها فقط، بينما لن يكون ممكناً تطبيقه في مناطق نفوذ حكومة أسامة حماد الرافضة للقرار».