السودان يُجمد التعامل مع «إيغاد» عشية قمة كمبالا

«تنسيقية تقدم» تعلن موافقة البرهان على لقاء حمدوك

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان يلتقي مسؤولي «إيغاد» في نوفمبر الماضي بجيبوتي (إعلام مجلس السيادة)
رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان يلتقي مسؤولي «إيغاد» في نوفمبر الماضي بجيبوتي (إعلام مجلس السيادة)
TT

السودان يُجمد التعامل مع «إيغاد» عشية قمة كمبالا

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان يلتقي مسؤولي «إيغاد» في نوفمبر الماضي بجيبوتي (إعلام مجلس السيادة)
رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان يلتقي مسؤولي «إيغاد» في نوفمبر الماضي بجيبوتي (إعلام مجلس السيادة)

قبل يومين من قمة منتظرة دعت الهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد» إلى انعقادها في العاصمة الأوغندية كمبالا، الخميس، لمناقشة التطورات في السودان والصومال، أعلنت وزارة الخارجية السودانية، الثلاثاء، عن وقف الانخراط وتجميد التعامل مع «إيغاد» بشأن ملف الأزمة الراهنة في السودان. ومن شأن الخطوة السودانية أن تُعمق أزمة عزلة السودان في المحيط، وتزيد التوتر مع المؤسسات الإقليمية والدولية.

وأبلغ وزير الخارجية المكلف، علي الصادق، عبر رسالة مكتوبة، وزير شؤون الخارجية والتعاون الدولي في جيبوتي، بصفتها رئيسة الدورة الحالية لـ«إيغاد» بالقرار. وذكر بيان عن الخارجية أن قرار الحكومة السودانية «جاء نتيجة للتجاوزات التي ارتكبتها (إيغاد) بإقحام الوضع في السودان ضمن جدول أعمال القمة الاستثنائية الثانية والأربعين لرؤساء الدول والحكومات المقرر عقدها في أوغندا، الخميس المقبل، دون التشاور معها». وعدّت الخارجية دعوة قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى القمة «سابقة خطيرة في تاريخ (إيغاد) والمنظمات الإقليمية والدولية، وانتهاكاً لسيادة السودان، ومخالفة جسيمة لمواثيق (إيغاد) والقواعد التي تحكم عمل المنظمات الدولية والإقليمية»، وفق البيان.

وكان «مجلس السيادة السوداني» شدد، قبل يومين على ضرورة تنفيذ مخرجات القمة السابقة لـ«إيغاد» والتي عقدت في جيبوتي في ديسمبر (كانون الأول)، حيث كان من المقرر عقد لقاء بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وقائد «الدعم السريع» حميدتي، غير أن الأخير اعتذر عن عدم الحضور بسبب ما قال إنها «أسباب فنية»، لكنه أجرى جولة زار خلالها عدداً من الدول الأفريقية. على صعيد آخر، قالت المتحدثة باسم «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)» في السودان، الثلاثاء، رشا عوض، إن «رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان وافق على لقاء (تقدم)» التي يقودها رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، دون تحديد زمان ومكان اللقاء.

وكتبت عوض على حسابها الشخصي في «فيسبوك»: «رسمياً تلقت (تقدم) موافقة من البرهان على لقائها، وجار التشاور حول تفاصيل ترتيب اللقاء وزمانه». وذكرت أن «(تقدم) سعت للقاء قيادة (الدعم السريع)، ودفعت برؤيتها للحل، ممثلة في خارطة الطريق التي ستضعها أمام قيادة القوات المسلحة السودانية في اللقاء المرتقب»، معربة عن تمنيات التنسيقية في نجاح اللقاء.

وأوضحت أن التنسيقية «تسعى لتقوية وتوسيع تحالف (لا للحرب) لوقف القتل والتدمير الذي يتعرض له الشعب السوداني، وإنجاح خيار الحل السلمي التفاوضي». وجاءت تصريحات المسؤولة في «تقدم» عقب تصريحات أدلى بها نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، تحدث فيها عن موافقة البرهان على «لقاء تنسيقية (تقدم) ضمن لقاءاته بالقوى السياسية الأخرى في البلاد».

وقالت مصادر سياسية سودانية من القوى المكونة لتنسيقية «تقدم» لـ«الشرق الأوسط»، إن «اتصالات هاتفية عدة جرت بين البرهان وحمدوك في الأيام الماضية، وركزت على أهمية عقد اللقاء، والإسراع بعقده خلال الأيام المقبلة، للمساهمة بشكل رئيسي في إيقاف الحرب الدائرة في البلاد».

وفي الثاني من يناير (كانون الثاني) الحالي، التقى رئيس الهيئة القيادية لـ«تقدم» رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي). ووقع الطرفان على «إعلان أديس أبابا»، وأعلنت «الدعم السريع» استعدادها للوقف الفوري غير المشروط للعدائيات «عبر تفاوض مباشر مع القوات المسلحة السودانية». وكان حمدوك، خاطب البرهان، وطلب منه اجتماعاً مباشراً مع تنسيقية «تقدم»، وفي الوقت ذاته حثه على «اغتنام الفرصة التي وفرها (إعلان أديس أبابا) مع قائد (الدعم السريع) لإيقاف الحرب في البلاد».

واتفقت «تقدم» و«الدعم السريع» في «إعلان أديس أبابا» على مشروع «خريطة طريق» تشكل أساساً لعملية سياسية تُنهي الحرب، وتؤسس لدولة ديمقراطية، بتمثيلٍ من كل القوى السياسية باستثناء النظام المعزول (يقصد به نظام الرئيس السابق عمر البشير) وواجهاته. واتفق الطرفان على أن «التفاهمات الواردة في الإعلان ستطرح بواسطة (تقدم) على قيادة القوات المسلحة لتكون أساساً للوصول لحل سلمي ينهي الحرب».


مقالات ذات صلة

ترحيب أممي بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات سودانية

شمال افريقيا عقار وفليتشر خلال لقائهما في الخرطوم أمس (إكس)

ترحيب أممي بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات سودانية

رحب المسؤول الأممي توم فليتشر الثلاثاء بإعلان قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان بالسماح لمنظمات الأمم المتحدة بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات بالبلاد

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته بالجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا (واس)

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

شددت السعودية، الاثنين، خلال الجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (G7)، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (فيوجي)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يؤدي التحية العسكرية خلال فعالية في بورتسودان 25 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

البرهان يسمح للمنظمات الإغاثية باستخدام 3 مطارات لتخزين مواد الإغاثة

وجه رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان، بالسماح لمنظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة باستخدام 3 مطارات بوصفها مراكز لتخزين مواد الإغاثة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

توعدت «الدعم السريع» بمواصلة «العمليات الخاصة النوعية»، لتشمل «جميع المواقع العسكرية لميليشيات البرهان والحركة الإسلامية الإرهابية»، واعتبارها أهدافاً بمتناولها

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )

انتخابات «جوبالاند» تعمق الخلاف مع حكومة الصومال

رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

انتخابات «جوبالاند» تعمق الخلاف مع حكومة الصومال

رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)

إجراء الانتخابات الرئاسية في ولاية جوبالاند جنوب الصومال، رغم رفض مقديشو، حرّك تساؤلات بشأن مسار العلاقات مع الحكومة الفيدرالية الصومالية، مع حديث عن إعادة انتخاب الرئيس الحالي أحمد محمد مدوبي، الرافض لقانون الاقتراع المباشر الموحد للبلاد.

اقتراع جوبالاند، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، سيعمق الخلاف مع حكومة الصومال غير المعترفة بالانتخابات، والمتمسكة بإجراء انتخابات بنظام الاقتراع المباشر، مرجحين احتمال وصول الأمر «إلى «مواجهات أو اقتتال أهلي» بين الحكومتين، وقد يستدعي «انفصال» ولاية جوبالاند ما لم يتم حدوث توافقات وحلول سريعة.

وجاءت انتخابات «جوبالاند» بعد يومين من مصادقة نواب مجلسي البرلمان الفيدرالي (الشعب والشيوخ) في جلسة مشتركة، السبت، على مشروع قانون الانتخابات الوطنية المَعنيّ بإجراء انتخابات بنظام «الصوت الواحد» في البلاد، وهو القانون الذي يرفضه مدوبي، الذي يعد رئيساً لجوبالاند منذ إنشائها عام 2013، ويعد الأطول بقاءً في كرسي الرئاسة بالمقارنة مع نظرائه في الولايات الإقليمية.

وأفادت وسائل إعلام صومالية محلية، الاثنين، بأن «أعضاء برلمان ولاية جوبالاند في جنوب الصومال، أعادوا الاثنين، انتخاب مدوبي رئيساً للولاية في فترة رئاسية ثالثة» على الرغم من معارضة الحكومة الصومالية للانتخابات التي جرت في الولاية.

رئيس ولاية جوبالاند يتفقد عدداً من المناطق المحررة من الإرهاب (وكالة الأنباء الصومالية)

وحصل مدوبي على 55 صوتاً مقابل 16 لأقرب منافسيه فيصل محمد متان، في حين حصل المرشح الثالث، أبو بكر عبدي حسن على 4 أصوات فقط، وفق المصادر نفسها التي كشفت أن مرشحين آخرين في مدينة «كسمايو» مقاطعون لهذه الانتخابات، أعلنوا إجراء انتخابات موازية.

وأجريت تلك الانتخابات بحسب المحلل والأكاديمي المتخصص في شؤون منطقة القرن الأفريقي، الدكتور على محمود كولاني، «بسرعة، وأسفرت عن فوز مدوبي كما كان متوقعاً».

بينما رأى الخبير في الشؤون الأفريقية، مدير مركز دراسات شرق أفريقيا في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، أن «انتهاء انتخابات جوبالاند بانتخاب مدوبي للمرة الثالثة مع تسمية المعارضة رئيساً آخر (يتحدث السيناتور إلياس غابوس، عضو مجلس الشيوخ، أنه تم انتخابه رئيساً)، وهذا يعني أن الولاية فيها رئيسان، وربما تندلع مواجهات بينهما».

وكان أحمد مدوبي قد انسحب من اجتماعات «المجلس الاستشاري الوطني» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي التي ترعاها الحكومة الفيدرالية، ورفض نتائجها التي أقرت إجراء انتخابات مباشرة موحدة للولايات الإقليمية الصومالية، وصدر بشأنها قانون نهائي من البرلمان، السبت، رفضته ولايتا جوبالاند وبونتلاند، وقوى سياسية أخرى.

وفي خطاب قبل نحو أسبوع، كشف رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري، أن «رئيس جوبالاند المنتهية ولايته، أحمد مدوبي، وقّع جميع الاتفاقيات لتوجيه الانتخابات المباشرة في البلاد»، مؤكداً أن «العملية الانتخابية التي في جوبالاند غير قانونية، وما يتمخض عنها غير مقبول»، في تصريحات سبقها بيان أصدرته وزارة الداخلية الصومالية في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) كرر عدم الاعتراف بالاقتراع أيضاً.

وأجريت آخر انتخابات مباشرة في البلاد عام 1968، تلتها انقلابات وحروب أهلية ليبدأ الصومال العمل بنظام الانتخابات غير المباشرة في عام 2000، إذ ينتخب بناءً على المحاصصة القبلية، في ولاياته الخمس أعضاء المجالس التشريعية المحلية ومندوبو العشائر نواب البرلمان الفيدرالي، الذين ينتخبون بدورهم رئيس البلاد، إلا أنه في الآونة الأخيرة ازدادت المطالبة لإجراء انتخابات مباشرة، وفق إعلام محلي.

وسبق يوم الاقتراع في ولاية جوبالاند، نفي بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (أتميس) في بيان صحافي، الأحد، التقارير التي تزعم أن عناصر الشرطة التابعة لها متورطة في تنظيم الانتخابات في ولاية جوبالاند، مجددة التزامها بالحياد والدعوة إلى حوار بنَّاء بين الحكومة الفيدرالية الصومالية وسلطات جوبالاند لحل النزاعات الانتخابية سلمياً.

وبرأي كولاني فإن «تلك الانتخابات التي جرت في حكومة إقليم جوبالاند الصومالية تتعارض مع قانون الانتخابات الذي أقره البرلمان قبل أيام، كما أنها خطوة خطيرة على نزاهة الانتخابات التي من المتوقع إجراؤها في مناطق إقليمية عدة قريباً في الصومال، وسبق أن حذرت الحكومة المركزية من هذا الأمر، وأكدت عدم الاعتراف بانتخابات مدوبي».

ويعد انتخاب أحمد محمد إسلام (أحمد مدوبي) وفق كولاني «انتكاسة قوية للمفاوضات البطيئة بالفعل بين الحكومة الفيدرالية وحكومة جوبالاند الإقليمية»، متوقعاً أن يزيد فوز مدوبي من «تصعيد الصراع القوي بين الطرفين».

ويرى أن «هذا الصراع سينتهي إلى فوضى بالبلاد في حال وجود حل فوري ينهي هذا الأمر، وكذلك التدخل الأجنبي الذي سيؤثر في نهاية المطاف في كل الانتخابات الأخرى التي من المتوقع إجراؤها قريباً في البلاد».

وبحسب تقدير مدير مركز دراسات شرق أفريقيا في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم فإن «أحمد مدوبي يريد أن يفشل الحكومة الفيدرالية ونظامها الانتخابي، ويبدو في ظل الأجواء الحالية أن انتخاب مدوبي وقانون الانتخابات المدعوم من الحكومة سينتهيان بالفشل».

وسيؤدي ذلك بحسب إبراهيم إلى «تعميق الخلافات مع حكومة الصومال، وقد يحدث اقتتال مسلح بين الحكومة الفيدرالية وحكومة مدوبي»، مرجحاً حال تطور الخلافات أن تؤدي إلى انقسام وانفصال ولاية جوبالاند عن الصومال.