«ارتياح حذر» في ليبيا بعد تراجع الدبيبة عن رفع دعم المحروقات

سياسيون عبروا عن تخوفهم مما هو آتٍ بالنظر إلى أن القرار ما زال قيد الدرس

الدبيبة لدى اجتماعه مع عدد من عمداء البلديات (المكتب الإعلامي لحكومة «الوحدة»)
الدبيبة لدى اجتماعه مع عدد من عمداء البلديات (المكتب الإعلامي لحكومة «الوحدة»)
TT

«ارتياح حذر» في ليبيا بعد تراجع الدبيبة عن رفع دعم المحروقات

الدبيبة لدى اجتماعه مع عدد من عمداء البلديات (المكتب الإعلامي لحكومة «الوحدة»)
الدبيبة لدى اجتماعه مع عدد من عمداء البلديات (المكتب الإعلامي لحكومة «الوحدة»)

​سادت حالة من الارتياح والترقب في ليبيا عقب تراجع عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عن قرار رفع الدعم عن المحروقات، الذي اتخذه خلال اجتماعي حكومي، وقال إنه «لا رجعة فيه»، وهو ما خلف موجة عارمة من الرفض والغضب في أنحاء مختلفة من البلاد.

وأمام تصاعد الرفض المجتمعي لقرار الدبيبة، الذي لم يدخل حيز التنفيذ، قرر الأخير تشكيل لجنة عليا دائمة تسمى «اللجنة العليا للاستطلاع الوطني»، برئاسة مدير مركز الاتصال الحكومي، وتُعنى بالاستعلام الوطني وتوثيق البيانات حيال الملفات، والقضايا التي تهم المواطن والحكومة بكل أشكالها.

الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة في ليبيا (مكتب الدبيبة)

وفيما اعتبر البعض أن حديث الدبيبة يعد تراجعاً ملحوظاً تحت الضغط الشعبي، قال خلال اجتماعه بعدد من عمداء البلديات إن «الحكومة لن تتخذ أي خطوة في ملف رفع الدعم عن المحروقات، إلا بعد الاستعلام الوطني وحتى يقول الليبيون رأيهم». ورأى أن «إثارة الفتن من خلال ادعاء أطراف كثيرة حول رفع الدعم عن المحروقات من قبل الحكومة بأنه كلام غير صحيح؛ ولكن اتخذنا قرارنا بدراسة هذا الملف من كل جوانبه، وطرحه مجتمعياً؛ لأنه أصبح عبئاً على الميزانية العامة». وتعهد بأن أي خطوة في هذا الملف «لن تتم إلا بعد الاستعلام الوطني، وحتى يقول كل الليبيين رأيهم في هذا الملف الذي أرهق الدولة والمواطن، وأصبح مصدر استرزاق للمهربين والسماسرة».

ورأى الدبيبة أنه «من الجيد حالة النقاش والتفاعل في المجتمع تجاه القضايا التي تمس قوتهم وحياتهم، ولا سيما تهريب الوقود الذي نتحمّل تكلفته جميعاً». وقال عبر حسابه على «إكس»: «حتى تكون الأمور واضحة، هناك شرطان لأي خطوة قبل أن نقدم عليها؛ الأول قبول الناس بها ودعمها، والثاني أن يكون مردودها المالي مباشراً في جيب المواطن دون وسيط».

وعبرت أطراف سياسية واجتماعية عديدة في ليبيا عن ارتياحها، بعد توضيح حكومة الدبيبة موقفها من رفع الدعم، وإن كانت لم تخف ترقبها لما هو قادم، بالنظر إلى أن القرار ما زال قيد الدراسة كما قال الدبيبة وحكومته.

الدبيبة مستقبلاً الأمين العام لمنظمة الدول الأفريقية المنتجة للنفط (الأبو) (حكومة «الوحدة»)

وكان أسامة حماد، رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، قد حذر من تداعيات قرار رفع الدعم عن المحروقات، ورأى أنه «لا يمكن اتخاذ قرارات كهذه من أي جهة بهذا الشكل المتسرّع، ودون دراسة تبعاتها والأبعاد والأضرار الناتجة عنها، ودون خلق آليات تضمن نجاحها ولا تتأثر حاجات المواطن».

ونقلت وسائل إعلام محلية عن محمد حمود، المتحدث باسم حكومة «الوحدة»، أن «سياسة الدعم الحالية على المحروقات غير مُجدية؛ ولذلك نعمل على استبدالها لضمان حقوق المواطنين في الحصول على السلعة بسعر مدعوم، وقطع الطريق أمام التهريب».

بموازاة ذلك، أعرب النائب يوسف العقوري، رئيس لجنة متابعة أداء مؤسسة الوطنية للنفط بمجلس النواب، عن اهتمام اللجنة بمتابعة تطورات قضية رفع الدعم عن المحروقات، وأهمية معالجتها، خاصة في ضوء تزايد المخصصات المالية لبند الدعم من الموازنة العامة للدولة.

وشدد العقوري في بيان نشره مجلس النواب، مساء الخميس، على أن «اتخاذ القرار الصحيح يكون وفقاً لدراسات علمية شاملة ودقيقة، تأخذ في الاعتبار جميع المتغيرات الاقتصادية ذات العلاقة، وكذلك الأوضاع السياسية وفرص تنفيذ الحكومة لتعهداتها». كما أوضح العقوري أن لجنته كلفت منذ عدة أشهر خبيراً اقتصادياً «بإجراء دراسة شاملة حول الآثار المحتملة لرفع الدعم، والخيارات الممكنة ونتائج كل خيار»، مشيراً إلى أن «الدراسة اعتمدت على الأدوات الاقتصادية القياسية لقياس أثر هذا القرار على المتغيرات الاقتصادية الكلية لتوضيح النتائج المختلفة، والتوقعات المحتملة... وقد تم إنجاز هذه الدراسة، وسيتم عرضها للرأي العام، من خلال ندوة ستنظم قريباً بمجلس النواب؛ وسيتم فتح باب الحوار حول هذه القضية، وإتاحة الفرصة لعرض جميع وجهات النظر على أسس علمية تراعي الجوانب المختلفة، قصد الوصول لأفضل الحلول الممكنة للصالح العام وللمواطن الليبي».

عون وزير النفط بحكومة الدبيبة مستقبلاً الأمين العام لمنظمة الدول الأفريقية المنتجة للنفط (الأبو) (الوزارة)

في شأن مختلف، بحث الدبيبة مع الأمين العام لمنظمة الدول الأفريقية المنتجة للنفط (الأبو)، عمر الفاروق، سبل تطوير التعاون بين الدول الأعضاء للاستفادة من الخبرات التقنية، التي تؤكد ضرورة مناقشة ودراسة إنشاء خط غاز من نيجيريا إلى أوروبا، مروراً بالنيجر وليبيا. وتأتي زيارة الفاروق في إطار المشاركة في قمة الطاقة والاقتصاد 2024، التي تستضيفها ليبيا ما بين 13 إلى 14 يناير (كانون الثاني) الجاري.

واستبق الأمين العام لـ(الأبو) لقاءه بالدبيبة بالتباحث مع محمد عون، وزير النفط والغاز بالحكومة، حيث تم مناقشة إنشاء البنك الأفريقي للطاقة، لدعم مشاريع الصناعة النفطية بأفريقيا، والاستفادة منها في إنتاج الطاقات المتجددة، وتنمية البلدان الأفريقية الأعضاء، بالإضافة إلى إنجاز دراسة اقتصادية لإنشاء خط غاز من نيجيريا إلى أوروبا يمر بالنيجر وليبيا.


مقالات ذات صلة

واشنطن تدعو إلى «توحيد الجيش الليبي والشفافية في إدارة الموارد»

شمال افريقيا المشري في احتفال أقامته السفارة الألمانية في طرابلس نهاية الأسبوع الماضي (المجلس الأعلى للدولة)

واشنطن تدعو إلى «توحيد الجيش الليبي والشفافية في إدارة الموارد»

تحدث خالد المشري الرئيس الحالي للمجلس الأعلى للدولة الليبي، عن فشل غريمه محمد تكالة، للمرة الثانية، في عقد جلسة رسمية في العاصمة طرابلس بنصاب قانوني.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي الصديق الصور (ديوان المحاسبة بطرابلس)

​ليبيا: السجن 10 سنوات لسفير سابق بعد إدانته بتهمة الفساد

أعلن مكتب النائب العام الليبي أن محكمة الجنايات في طرابلس أنزلت عقوبة السجن 10 سنوات برئيس سابق لبعثة ليبيا في إيطاليا «بعد التحقيق في وقائع فساد».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صورة أرشيفية للحوار السياسي الليبي في جنيف (البعثة الأممية)

برلمانيون ليبيون يطالبون بالتحقيق في «شبهات فساد» بملتقى «حوار جنيف»

طالب برلمانيون ليبيون النائب العام والجهات القضائية والرقابية بالإفصاح عن «شبهات الفساد والرشاوى» في «لجنة الحوار السياسي» التي أنتجت وثيقة «جنيف» عام 2021.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا اللجنة التسييرية لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» في طرابلس (المكتب الإعلامي للجمعية)

جدل في ليبيا بعد تشكيل الدبيبة إدارة جديدة لـ«الدعوة الإسلامية»

وسط مخاوف من «نهب أرصدتها»، أقدم رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة على تشكيل مجلس إدارة جديد لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)

هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

عقيلة صالح دعا إلى ضرورة تحقيق المصالحة «لتشمل جميع المؤسسات والجماعات»، بما يضمن «إنهاء الخلافات والاستفادة من حركة التاريخ».

جاكلين زاهر (القاهرة )

مصر: إرجاء محاكمة المتهمين في جريمة «الدارك ويب»

مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

مصر: إرجاء محاكمة المتهمين في جريمة «الدارك ويب»

مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

قرَّرت محكمة جنايات شبرا، الاثنين، إرجاء محاكمة المتهمين في قضية طفل شبرا، الذي تعرض للقتل و«انتُزعت أحشاؤه»، في جريمة «ارتُكبت بغرض بثها على مواقع (الدارك ويب)»، بحسب تحقيقات الحادث الأولية، وذلك إلى جلسة الأربعاء 9 أكتوبر (تشرين الأول)؛ لاستكمال التجهيزات الفنية اللازمة من أجل فض أحراز القضية.

بدأت جلسات المتهمين وسط إجراءات أمنية مشددة، مع منع الإعلاميين من حضور الجلسة، التي كان يفترض أن تتضمن مشاهدة للفيديوهات التي وثَّقت الجريمة التي حدثت في منتصف أبريل (نيسان) الماضي؛ بناءً على قرار تأجيل المحاكمة من الشهر الماضي، قبل أن يتعذر مشاهدة الفيديوهات لغياب التجهيزات الفنية اللازمة.

ووجهت النيابة المصرية للمتهمَين: طارق (29 عاماً) وعلي الدين (15 عاماً)، تهمة «القتل العمد مع سبق الإصرار للمجني عليه الطفل أحمد محمد، بعدما حرّض المتهم الثاني المتهم الأول على قتل الطفل مقابل الحصول على 5 ملايين جنيه (الدولار يساوي 48.30 جنيه في البنوك)».

وطعن محامي المتهم الثاني (علي الدين)، على التقرير الصادر عن اللجنة الثلاثية التي أقرَّت عدم معاناة موكله أي «أمراض نفسية» ومسؤوليته عن تصرفاته، مطالباً بعرض المتهم على لجنة نفسية أخرى من خارج مستشفى العباسية.

وأكد المحامي أن «موكله يعاني مرضاً نفسياً ولم يكن في حالته الطبيعية أثناء ارتكاب الجريمة التي يحاكم على أساسها»، في حين طالب المدعي بالحق المدني عن الطفل الضحية بـ«تعويض مالي قدره 5 ملايين جنيه على سبيل التعويض من المتهمين».

كانت المحكمة أمرت الشهر الماضي بوضع المتهم الثاني (علي الدين) لمدة شهر تحت الملاحظة في مستشفى الصحة النفسية المختصة لتحرير تقرير طبي تفصيلي مع استمرار حبس المتهمين. وطلب ممثل النيابة في جلسة سابقة بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين، مناشداً المحكمة إصدار حكم بالإعدام للمتهم الأول، والسجن المشدد للمتهم الثاني الذي لم يبلغ السن القانونية.

ومن المقرر أن تستمع المحكمة في الجلسة المقبلة لدفاع المتهمين، بالإضافة إلى مشاهدة الفيديوهات الموجودة في الأحراز المرفقة بالقضية والتي تتضمن مشاهد ارتكاب الجريمة وتوثيقها. وبحسب التحقيقات، فإن المتهم الثاني عرض على المتهم الأول أثناء تواجده في الكويت برفقة والده صورة الطفل الضحية قبل تنفيذ جريمته؛ أملاً في الحصول على المال الذي وعد به.

وذكرت التحقيقات أن المتهم علي الدين طلب من الشاب الموجود في مصر إزهاق روح الضحية تمهيداً لسرقة أعضائه البشرية، على أن يتم نقل عملية انتزاع الأعضاء عن طريق تقنية «الفيديو كول»، وأخبره بأنه سيتم إبلاغه بالخطوات التالية عقب قيامه بذلك، إلا أنه بعد أن نفَّذ ما طلب منه، كلفه تكرار الأمر مع طفل آخر ليحصل على المبلغ المتفق عليه، لكن تم ضبط المتهم قبل قيامه بذلك.

وبعدما تمكنت النيابة العامة المصرية من الوصول إلى المتهم المقيم بالكويت بعد استخدامه شريحة هاتف جوال باسم والده، أقرّ علي الدين – وفق التحقيقات - بأنه من «أوعز لمرتكب الجريمة بارتكابها، قاصداً من ذلك الاحتفاظ بالمقاطع المرئية لواقعة قتل الطفل المجني عليه والتمثيل بجثمانه، حتى تسنح له فرصة بيعها ونشرها عبر المواقع الإلكترونية التي تبثها مقابل مبالغ مالية طائلة»، كما قرَّر أنه «سبق أن قام بهذا الفعل في مرات سابقة» وفق بيان النيابة العامة الصادر عن نتائج التحقيقات».