أعرب مسؤول رفيع يشرف على مكافحة الفساد في المغرب عن اعتقاده أن واقع البلاد في مكافحة الفساد «غير مُرض»، مشيراً إلى وجود انفصال بين التشريع وتفعيل القوانين، التي تُسن على أرض الواقع، ومؤكداً أن «التنفيذ لا يواكب التشريع».
وقال بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، اليوم الخميس، إنه وفقاً لدراسة حديثة أجرتها الهيئة، فإن الرشوة «تأتي على رأس قائمة أشكال الفساد الأكثر انتشاراً في المغرب»، مشيراً إلى ضرورة تكثيف التوعية حول الفساد بجميع أنواعه.
وأضاف الراشدي أن الهيئة أجرت دراسة معمقة للفساد وتطوره على مدى أكثر من 20 عاماً، معرباً عن عدم رضاه عن واقع المغرب في هذا الشأن. وقال بهذا الخصوص: «على الرغم من كل ما تم القيام به من مخططات حكومية، واستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، فإن المغرب لم يستطع تحسين رتبته أو تنقيطه في مؤشر الفساد خلال العشرين سنة بكاملها، ولم يتحسن سوى بنقطة واحدة».
وأردف الراشدي موضحاً أن «الطابع التشريعي يطغى على توجهات السياسات العمومية بالمغرب... فنحن لا نواكب الإجراءات اللازمة للتفعيل من أجل تحقيق الأهداف، لأنه لا يوجد التقاء بين الفاعلين، بل هناك عمل قطاعي وغير مبني على البرمجة وتحديد الأولويات، وهذا راجع لضعف الحوكمة ومستوى التنسيق».
وأصدرت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها تقريراً عن عام 2022، كشف عن أن رئاسة النيابة العامة سجلت تلقي الخط المباشر للإبلاغ عن الرشوة أكثر من ثمانية آلاف مكالمة في 2021، أي بمعدل يتجاوز 60 مكالمة يومياً، وقد مكن هذا الخط من ضبط 205 حالات تلبس بجريمة الرشوة، صدرت بشأنها أحكام قضائية. وفيما يتعلق بمستويات انتشار الفساد في مختلف القطاعات، كشف التقرير عن أن القطاع الأكثر تضرراً من الفساد هو الصحة بواقع 68 في المائة، متقدماً على الأحزاب السياسية التي سجل الفساد فيها 56 في المائة.
مؤشر الحرية
وفقاً للتقرير، فقد سجل المغرب على مؤشر الحرية الصادر عن منظمة (فريدم هاوس) في مارس (آذار) 2023 مجموع نقاط لا يتجاوز 37 نقطة من 100: «ما جعله مندرجاً ضمن خانة الدول التي منحها هذا المؤشر تقديراً بوجود حرية نسبية». مشيراً إلى تراجع المغرب في مؤشر مدركات الفساد، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، ومؤشر الحرية «يرتبط بتراجعه في مؤشر الفعالية القضائية ومؤشر نزاهة الحكومة المتفرعين عن مؤشر الحرية الاقتصادية».
وقال أحمد البرنوصي، نائب الكاتب العام للجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، وهي منظمة أهلية، إن المغرب حصل في مؤشر الفساد لعام 2022 الصادر عن منظمة الشفافية على 38 نقطة من 100، واحتل المركز 94 من بين 180 دولة.
وأضاف البرنوصي في حديثه لـ«وكالة أنباء العالم العربي» أن هذه الوضعية «تجعله في تراجع منذ 2018 حيث حصل على الرتبة 71، وكانت لديه 43 نقطة على 100، وهذا يبين أن المغرب مع الأسف في تراجع منذ 2018، نظراً لعدم وجود مجهودات لمحاربة الفساد في البلاد». مبرزاً أن منظمة الشفافية الدولية «أعطت مؤشرات لإدراك الرشوة، فكان معدل المغرب خلال هذه السنوات (منذ 1999) يتراوح ما بين 36 على 100 إلى 43 على 100، أي أنه دائماً يوجد ضمن الدول التي لا تصل حتى إلى 50 نقطة على 100».
وذكر البرنوصي أنه على الرغم من أن الحكومة الحالية أكدت أنها ستضع محاربة الفساد ضمن أولوياتها، فإنها لم ترد حتى الآن على مذكرة كانت جمعيته قد أرسلتها إلى رئيس الوزراء في يونيو (حزيران) 2022، تطلب منه توضيح موقف حكومته وسياستها في مجال محاربة الفساد، وتحديد الأولويات والإجراءات المزمع اتخاذها لتفعيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.