انتقد عبد الرّحمن الهذيلي، رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصاديّة والاجتماعية (منظمة حقوقية مستقلة)، السياسة التي تنتهجها السلطات التونسية تجاه المهاجرين غير الشرعيين الحاملين لجنسيات من دول أفريقيا جنوب الصّحراء، واصفاً إياها بأنها «سياسة قاصرة».
وكشف الهذيلي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن المعاناة اليوميّة التي يعيشها هؤلاء المهاجرون، في ظلّ عدم وجود أي رؤية أو تصوّر للدّولة التونسية في تعاملها مع هذا الملف، مؤكداً استمرار طرد مجموعات كبيرة من المهاجرين في اتجاه الحدود الليبيّة أو الحدود الجزائريّة، كرد فعل على ما وقع في جهة صفاقس (وسط). في إشارة إلى المواجهات التي اندلعت بين عدد من المهاجرين وقوات الأمن التونسي، ما أدى إلى حرق سيارة أمنية، وجرح عدد من المهاجرين.
ودعا الهذيلي السلطات التونسية إلى انتهاج تعامل ومعالجة مختلفة لملف المهاجرين، وأكد تمسك المنظمة بحلول إنسانية بدل الاعتماد على الحلول الأمنية، سواء في التعامل مع موضوع الهجرة، أو تعامل الدول الأوروبية، وخصوصاً إيطاليا وفرنسا، مع المهاجرين، باستحضار الجانب الإنساني في المقام الأول، على حد تعبيره.
يذكر أن عدداً من المستشفيات التونسية سبق أن كشف عن امتلاء غرف الموتى بعدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين الذين لفظ البحر جثثهم، وبلوغ طاقتها القصوى، وذلك إثر الموجات المتتالية للمهاجرين غير الشرعية إلى تونس، بهدف الانطلاق منها نحو السواحل الإيطالية بشكل خاص، وهو ما جعل هذه المستشفيات تطلق صيحات استغاثة، من بينها مستشفى «جرجيس» (جنوب شرق)، و«صفاقس» (وسط)، باعتبار هذه المناطق من أكثر النقاط المعروفة بتدفقات الهجرة غير الشرعية، إضافة إلى مستشفى «الرابطة» بالعاصمة التونسية.
على صعيد متصل، أصدرت المحكمة الابتدائية بتونس، مساء أمس (الاثنين)، أحكاماً بالسجن في حق 18 شاباً من المهاجرين غير النظاميين من دول جنوب الصحراء، وذلك إثر اتهامهم بالإقامة غير الشرعية في تونس. وقالت مصادر حقوقية تونسية إن عناصر الأمن الوطني بباب بحر (العاصمة) كثفت نهاية الأسبوع الماضي حملات أمنية، للحد من ظاهرة الهجرة غير النظامية، ما أسفر عن اعتقال 18 شاباً دخلوا التراب التونسي بطرق غير شرعية.
في سياق قريب، كشف نزار لعوج، المتحدث باسم محكمة ولاية (محافظة) أريانة، القريبة من العاصمة التونسية، عن اعتقال 10 أطر طبية وشبه طبية وإدارية تعمل في أحد المستشفيات، لمدة 48 ساعة إضافية، وذلك على خلفية دفن مهاجر أجنبي بعد تعفن جثته داخل المؤسسة الصحية، مؤكداً أن من بينهم مدير المستشفى وصاحب شركة مختصة في الدفن.
ووجهت السلطات القضائية للمتهمين عدة تهم، أبرزها: التدليس، وسوء التصرف، والإضرار بالإدارة، ومخالفة قوانين العمل.
وكانت النيابة العامة قد أذنت بمباشرة الأبحاث المطلوبة بعد دفن مهاجر أجنبي توفي بالمستشفى، وتعرض جثته لتعفن بسبب عدم إدخاله غرفة الأموات التابعة للمستشفى، ليتم لاحقاً تكليف شركة خاصة بدفنه، دون الحصول على إذن قانوني بالدفن.