مَن هو «الداعشي» أبو سدرة الذي أوقفته سلطات طرابلس؟

مصدر أمني قال إن اعتقاله «ضربة قاصمة للتنظيم الإرهابي»

«الداعشي» أبو سدرة المقبوض عليه من قبل سلطات طرابلس (قوة الردع)
«الداعشي» أبو سدرة المقبوض عليه من قبل سلطات طرابلس (قوة الردع)
TT

مَن هو «الداعشي» أبو سدرة الذي أوقفته سلطات طرابلس؟

«الداعشي» أبو سدرة المقبوض عليه من قبل سلطات طرابلس (قوة الردع)
«الداعشي» أبو سدرة المقبوض عليه من قبل سلطات طرابلس (قوة الردع)

أعاد توقيف القيادي في تنظيم «داعش» الإرهابي، هاشم أبو سدرة، من قبل السلطات في العاصمة الليبية طرابلس، مأساة المصريين الأقباط العشرين، الذين ذبحهم التنظيم في مدينة سرت الساحلية عام 2015 إلى واجهة الأحداث.

وأعلن «جهاز الرّدع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة»، التابع لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، مساء الخميس، توقيف «أبو سدرة»، والي تنظيم «داعش» في ليبيا، وقال إنه تكتم على كشف تاريخ اعتقاله في حينه لأن اقتلاع جذور التشدد والإرهاب كافة، ومكافحة كل منابعه في ليبيا، والظروف المعقدة التي واجهتهم في العمل لاصطياد الذئاب المنفردة... «تحتاج الحذر والهدوء». كما رحب رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، عبد الحميد الدبيبة، الجمعة، باعتقال أبو سدرة، مؤكداً العزم على ملاحقة كل المتورطين في أعمال «الإرهاب». وقال الدبيبة في صفحته على «فيسبوك» إن «محاسبة المتغولين في دماء أبنائنا وملاحقة ناشري الإرهاب في أرضنا واجب وطني لن نحيد عنه».

و«أبو سدرة» الملقب بـ«خبيب»، ليبي الجنسية، عُيّنَ مسؤولاً في التنظيم أميراً للحدود، كما يتولى بشكل مباشر بحسب «جهاز الردع» تسهيل دخول الإرهابيين إلى ليبيا وتنقلهم بين المدن، قبل أن يُكلّف أميراً للتنظيم على ما يُعرف بولاية ليبيا.

وقال مصدر أمني بغرب ليبيا إن توقيف «أبو سدرة» يعد «ضربة قاصمة للتنظيم الإرهابي»، الذي تحدث عن «انحصاره في البلاد»، باستثناء «بعض الجيوب على أطراف جنوب ليبيا». وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه لأنه غير مخول له التحدث إلى وسائل الإعلام، أن عمليات تمشيط واسعة تجري على الحدود لتعقب أي من عناصر التنظيم.

وسبق أن أعلنت السلطات الليبية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2017 العثور على رفات 20 مصرياً من الأقباط الذين ذبحهم «داعش». وروى شاهد عيان تفاصيل «تصوير وإخراج» عملية ذبحهم ودفنهم جنوب المدينة، تحت إشراف ما يسمى بـ«والي شمال أفريقيا» أبو معاذ التكريتي.

بطاقة أعدتها عمليات «البنيان المرصوص» لقيادات في «داعش» عام 2017 من بينهم «أبو سدرة»

ووفق ما نقله المركز الإعلامي لعملية «البنيان المرصوص»، التابعة لسلطات طرابلس، فإن التحقيقات حينها مع عناصر «داعش»، الذين قُبض عليهم، دلت على المقبرة الجماعية التي دُفنت فيها جثامين المصريين الأقباط. وقد روى أحد عناصر «داعش» للمركز أنه كان شاهد عيان على الجريمة المروعة؛ إذ كان جالساً خلف كاميرات التصوير ساعة الذبح، كما كان حاضراً ساعة دفنهم بجنوب سرت، وقال إنه في أواخر ديسمبر (كانون الأول) عام 2014 «كنت نائماً بمقر ديوان الهجرة والحدود بمنطقة السبعة بسرت، فأيقظني أمير الديوان هاشم أبو سدرة، وطلب مني تجهيز سيارته وتوفير معدّات حفر».

وتابع «الداعشي» لقوات «البنيان المرصوص»: «توجه كلانا إلى شاطئ البحر خلف فندق (المهاري) بسرت، وعند وصولنا للمكان شاهدت عدداً من أفراد التنظيم يرتدون زياً أسود موحداً، و21 شخصاً آخرين بزي برتقالي، اتضح أنهم من الجنسية المصرية، ما عدا واحداً منهم أفريقياً».

سرت... أحد معاقل تنظيم «داعش» الذي طُرد منها نهاية عام 2017

وفي نهاية عام 2016 أعلن رئيس حكومة «الوفاق» السابقة، فائز السراج، «تحرير» مدينة سرت من تنظيم «داعش»، لكنه أكد أن «الحرب على الإرهاب في ليبيا لم تنتهِ بعد». وفي أعقاب ذلك كشف النائب العام الليبي عن أسماء قادة تنظيم «داعش»، وفق التقسيمات الإدارية التي اعتمدوها آنذاك. وقال إن «التنظيم حدد أربعة دواوين مركزية للتنظيم في ليبيا؛ من بينها ديوان الهجرة والحدود، بإمرة هاشم حسين أبو سدرة، وهو ليبي الجنسية ومطلوب للعدالة».

وأوضح «جهاز الرّدع» أنه «اكتشف نية أبو سدرة التوجّه من الجنوب نحو طرابلس؛ إذ بدأت عملية استجلاء الأماكن، التي قد يُشتبه بوجوده بها، وما إن حُدد مكانه بالضبط حتى تحرك عناصر الجهاز ليتم القبض عليه في عملية دقيقة ودون أي خسائر».

وذهب الجهاز، وهو ميليشيا تابعة للدبيبة، إلى أن «كل قيادات التنظيم الإرهابي في ليبيا ممن أفسدوا الحرث والنسل، وطال أذاهم شتّى أصقاع الأرض، أُردوا اليوم بين قتيل وسجينٍ لينطق القضاء بحكمه، وارتاحت الخلائق من شره»، منوهاً بأنه «سينشر اعترافات المتهم خلال المدة القريبة المقبلة».

مهدي دنقو الذي أعلن «الجيش الوطني» مقتله وقال إنه «العقل المدبر» لمذبحة الأقباط المصريين (الجيش الوطني)

وكان تنظيم «داعش» قد أعلن خطف المصريين الأقباط من مدينة سرت، ونشر في أعقاب ذلك صوراً لهم، وهدد بإعدامهم ذبحاً. وأظهرت الصور العمال وهم يرتدون ملابس برتقالية ويقفون مكتوفي الأيدي، في حين يتم اقتيادهم نحو شاطئ البحر، ثم يظهرون في صور أخرى وقد وُضعت أسلحة بيضاء على رقابهم في وضعية الذبح. وفي السابع من سبتمبر (أيلول) 2022 أعلن «الجيش الوطني» عن مقتل قيادي في «داعش» يدعى مهدي دنقو، عدّه «العقل المدبر» لعدد من العمليات الإرهابية في ليبيا، أبرزها قتل المصريين الأقباط في سرت. وقال الجيش في بيان حينها إن «قوة من عمليات اللواء طارق بن زياد تمكنت من القضاء على دنقو في الجنوب الليبي، بعد سلسلة من التحريات والمتابعة والتدقيق».


مقالات ذات صلة

الانقسامات تطال ديوان المحاسبة الليبي

شمال افريقيا الدبيبة وشكشك في لقاء سابق (حكومة الوحدة)

الانقسامات تطال ديوان المحاسبة الليبي

وسط صمت رسمي من السلطة التنفيذية بطرابلس، دخل ديوان المحاسبة في ليبيا دائرة الصراع على رئاسته بين رئيسه خالد شكشك، ووكيله الموقوف عطية الله السعيطي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا جلسة في مجلس النواب الليبي (المجلس)

تباين ليبي حول استدعاء البرلمان حكومة حماد للمساءلة

فتح قرار رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، استدعاء حكومة أسامة حماد، المكلفة من مجلسه، للمساءلة، نقاشاً واسعاً بين النخب السياسية والمراقبين للشأن الليبي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا عمليات شفط مياه الأمطار في بنغازي (وسائل إعلام ليبية)

سوء الأحوال الجوية يعطل الدراسة في شرق ليبيا

أدّت التقلبات الجوية العنيفة التي شهدتها معظم مناطق شرق ليبيا إلى تعليق الدراسة في مدن عدة، بناءً على توجيه من السلطات المحلية.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا الدبيبة خلال احتفال «عيد الاستقلال» بطرابلس (حكومة الوحدة)

ليبيا: الدبيبة يدعو إلى اعتماد دستور «ينهي المراحل الانتقالية»

هاجم رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة، مجدداً «خصومه السياسيين»، ودعا إلى اعتماد دستور ينهي المراحل الانتقالية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا صالح وحماد وبالقاسم حفتر خلال افتتاح عدد من المشروعات في درنة (الحكومة الليبية)

درنة الليبية لتجاوز أحزان «الإعصار» واستعادة بريقها

على مقربة من ساحل البحر المتوسط الذي ذابت فيه بعض أجساد غرقى المدينة الجبلية، شهدت درنة الليبية افتتاح عدد من المشروعات، في خطوة لاستعادة بريقها المفقود.

جمال جوهر (القاهرة)

إحالة سياسيين متهمين بـ«التآمر على أمن تونس» إلى الجنايات

المتهمون بالتآمر ضد أمن الدولة (الموقع الرسمي لغازي الشواشي)
المتهمون بالتآمر ضد أمن الدولة (الموقع الرسمي لغازي الشواشي)
TT

إحالة سياسيين متهمين بـ«التآمر على أمن تونس» إلى الجنايات

المتهمون بالتآمر ضد أمن الدولة (الموقع الرسمي لغازي الشواشي)
المتهمون بالتآمر ضد أمن الدولة (الموقع الرسمي لغازي الشواشي)

كشفت المحامية اليسارية، دليلة مصدق، أن محكمة النقض في تونس العاصمة رفضت الطعون التي تقدمت بها هيئة الدفاع عن عشرات القادة السياسيين الموقوفين منذ نحو عامين بتهم خطيرة عديدة، أبرزها «التآمر على أمن الدولة»، و«الضلوع في الإرهاب والفساد»، و«الخيانة الوطنية».

المحامية دليلة مصدق خلال لقاء بالصحافيين أمام محكمة التعقيب بتونس (الشرق الأوسط)

وأوضحت مصدق أن رفض جميع مطالب التعقيب فيما يعرف بقضية «التآمر على أمن الدولة»، يعني «إحالة الملف على أنظار الدائرة الجنائية» التي من المقرر أن تطلب بدء جلسات الاستنطاق، والبت في قضايا عشرات المتهمين، بينهم محامون ورجال أعمال وسياسيون من عدة تيارات، ومسؤولون سابقون في الحكومة والبرلمان والأحزاب.

من جهته، قال المحامي اليساري، زعيم «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة، أحمد نجيب الشابي، خلال تجمع نظمه حقوقيون أمام محكمة العاصمة، إن عشرات القياديين والنشطاء السياسيين «موقوفون منذ نحو عامين، دون أن تقدم المحكمة لفريق الدفاع وللمتهمين أدلة تبرر قرارات اعتقالهم، ورفضت مطالب الإفراج عنهم وإحالتهم في حالة سراح».

من مظاهرة سابقة لأنصار «النهضة» للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين (إ.ب.أ)

بدوره، تحدث الحقوقي اليساري، عز الدين الحزقي، عن «سلسلة مضايقات» تعرض لها منذ عامين ابنه الأستاذ الجامعي جوهر بن مبارك الحزقي، وعشرات السياسيين والحقوقيين والإعلاميين الذين وُجهت إليهم اتهامات خطيرة، بينها «الضلوع في الإرهاب والتآمر على أمن الدولة».

ومن جهتها، كشفت الناشطة الحقوقية، شيماء عيسى، للصحافيين خلال تجمع لعائلات المساجين أمام محكمة التعقيب التونسية، أن قضايا التآمر على أمن الدولة «تزايدت؛ إذ وُجهت تهم خطيرة لعشرات السياسيين والشخصيات العمومية منذ انطلاق مسلسل الاعتقالات خلال عامي 2022 و2023».

رئيس حركة «النهضة» راشد الغنوشي (إ.ب.أ)

لكن تبقى «أبرز قضية» ضمن ملف الاتهامات، تلك التي تشمل قياديين في حركة «النهضة»، وأحزاب المعارضة الخمسة المنتمية إلى «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة، بينهم رئيس البرلمان السابق راشد الغنوشي، ورئيس الحكومة الأسبق علي العريض، والوزراء السابقون رضا بالحاج، وغازي الشواشي، ونور الدين البحيري، ورياض بالطيب، والأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، والأمين العام لحزب «النهضة» العجمي الوريمي، وبعض رفاقه السابقين في قيادة الحزب، بينهم نائبا رئيس الحركة سابقاً عبد الحميد الجلاصي، والطبيب منذر الونيسي، إلى جانب عدد من كبار الكوادر في وزارات العدل والداخلية والمالية، بينهم من تولى مسؤوليات عليا على رأس إدارات المخابرات والأمن السياسي والنيابة العامة ومحاكم الجنايات.

علي العريض (إ.ب.أ)

وانطلقت أهم حملة اعتقالات في قضايا «التآمر على أمن الدولة» في فبراير (شباط) 2023، عندما داهمت قوات الأمن مساكن عشرات السياسيين ورجال الأعمال، وبعض المسؤولين السابقين في الدولة، ومسؤولين في مؤسسات إعلامية، من أجل تهم تتعلق بالخصوص بـ«تكوين وفاق بغاية التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي»، ثم تفرعت بعد ذلك الاتهامات لتشمل قضايا عديدة معروضة على «قطب الإرهاب» ودوائر

«مكافحة الفساد».

وكانت دائرة الاتهام المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بمحكمة الاستئناف بتونس قد قررت في الثاني من مايو (أيار) الماضي، إحالة 40 متهماً في قضية «التآمر على أمن الدولة» على الدائرة الجنائية المختصّة بالنظر في قضايا الإرهاب، ورفضت جميع مطالب الإفراج عن الموقوفين. وقال عضو هيئة الدفاع في هذه القضية، المحامي مختار الجماعي، إن مدة الإيقاف في هذه القضية «فاقت 22 شهراً»، مؤكداً أنها «تجاوزت الحد الأقصى لمدة الإيقاف التحفظي الذي يسمح به القانون؛ أي 14 شهراً».

نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص» المعارضة (إ.ب.أ)

من جهة أخرى، قضت الدائرة الجنائية المختصة بقضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، بالإعدام شنقاً، والسجن المؤبد مرتين، بحق إرهابيين مصنّفين «خطيراً»، ينتميان لتنظيم «أجناد الخلافة» المصنف «إرهابياً»، وهما متهمان منذ عشرة أعوام في جريمة ذبح عسكريين، وتصنيع مواد متفجرة في المحافظات الحدودية التونسية - الجزائرية.

ويتعلق ملف القضية بـ«إرهابيين خطيرين»، بينهم رائد التواتي، المتورط أيضاً في قضية الفرار من سجن المرناقية. أما المتهمان الآخران فهما أسامة الخزري وياسين القنوني، المتهمان بالمشاركة في عملية إرهابية عام 2013، جرى خلالها قتل 8 عسكريين تونسيين، و«إعداد متفجرات لاستهداف السيارات الأمنية والعسكرية».