«مراسلون بلا حدود» تناشد الجزائر الإفراج عن صحافي معتقل

قالت إن العفو الرئاسي «بات ملاذه الأخير» بعد استنفاده كل الطعون

الصحافي السجين إحسان القاضي (الشرق الأوسط)
الصحافي السجين إحسان القاضي (الشرق الأوسط)
TT

«مراسلون بلا حدود» تناشد الجزائر الإفراج عن صحافي معتقل

الصحافي السجين إحسان القاضي (الشرق الأوسط)
الصحافي السجين إحسان القاضي (الشرق الأوسط)

ناشدت منظمة «مراسلون بلا حدود» السلطات الجزائرية، ضمنا، تمكين الصحافي السجين إحسان القاضي من إجراءات عفو رئاسي، بعد ثلاثة أشهر من تثبيت قرار حكم السجن سبع سنوات، منها خمس نافذة بتهمة «تلقي أموال من الخارج». علما بأن الصحافي الكبير عرف بلمسة نقدية شديدة في تعاطيه الشأن الحكومي طوال 40 سنة من عمله بالصحافة.

وكتب كريستوف دولوار، أمين عام المنظمة، التي ترصد الانتهاكات ضد الصحافيين عبر العالم، بحسابه بمنصة «إكس» أمس الأربعاء: «بعد استنفاد كل الطعون القضائية، بقي العفو الرئاسي»، وأرفق كلامه بفيديو لممثل المنظمة بشمال أفريقيا، الصحافي الجزائري خالد درارني، يخص مرور عام (29 ديسمبر/ كانون الأول) على سجن إحسان القاضي.

كريستوف دولوار أمين عام منظمة «مراسلون بلا حدود» (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

وذكر دولوار في تغريدته أن «مراسلون بلا حدود» دعت الأمم المتحدة في مراسلة قبل عام إلى المطالبة بالإفراج عن الصحافي الستيني، مدير منصة إخبارية تضم صحيفة إلكترونية تدعى «ماغرب إيمرجنت»، وإذاعة تبث برامجها على النت تسمى «راديو إم».

وجاء في الكلمة المصورة لدرارني أن القاضي «يقبع وراء القضبان منذ سنة. إنه صحافي معروف منذ 40 سنة في الجزائر والخارج. إحسان أعطى دائما الفرصة للجميع للتعبير عن مواقفهم السياسية، مهما كانت اختلافاتهم، بماغرب إيمرجنت وراديو إم». مشيرا إلى أنه «مع مرور السنين، وفي بداية الحراك (فبراير/ شباط 2019) أصبحت مقالاته ومقابلاته تزعج الكثيرين، مما أدى إلى استجوابه واعتقاله في العديد من المرات.

وفي 18 يونيو (حزيران) 2023 تمت إدانته بالسجن 7 سنوات، منها سنتان موقوفتا التنفيذ، وذلك بتهمة تلقي أموال من الخارج... وهي تهمة لم يدعمها أي دليل خلال المحاكمة». مضيفا أن «مراسلون بلا حدود» «ستواصل بذل جهودها من أجل إطلاق سراحه، لأن مكان إحسان القاضي ليس السجن، مكانه في بيته مع عائلته وأصدقائه وزملائه في المهنة».

خالد درارني ممثل «مراسلون بلا حدود» بشمال أفريقيا (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

يشار إلى أن القاضي واجه عقوبة سجن أخرى، مدتها ستة أشهر مع التنفيذ، بسبب مقال نقدي كتبه في مارس (آذار) 2020، بشأن حصيلة الأشهر الثلاثة الأولى لحكم الرئيس تبون. كما يشار إلى أن خالد درارني قضى 11 شهرا في السجن بين 2020 و2021، بناء على تهمتي «التحريض على التجمهر غير المسلح»، و«المس بالوحدة الوطنية»، وهما تهمتان مرتبطتان بنشاطه الصحافي في تغطية الحراك الشعبي.

وفي 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وبينما كانت عائلة القاضي وزملاؤه يترقبون انفراجة في أزمته بمناسبة معالجة الملف بـ«المحكمة العليا»، تم تثبيت العقوبة التي أصدرتها محكمة الاستئناف في 23 يونيو الماضي، وهي السجن لسبع سنوات منها خمس سنوات نافذة. بعد أن تابعته النيابة بتهمة «تلقي مبالغ مالية وامتيازات من أشخاص ومنظمات في البلاد وخارجها، من أجل الانخراط في أنشطة من شأنها تقويض أمن الدولة واستقرارها». وجاء ذلك في إطار تحقيق حول تمويل شركته الإعلامية، التي كانت تنشر مقالات وتبث برامج شديدة النقد لأعمال السلطة، وسياسات الحكومة بشكل عام.

وأكد محامو إحسان أن الأموال التي تحدثت عنها النيابة عبارة عن مبلغ لا يتعدى 27 ألف جنيه إسترليني، حوَلته ابنته من بريطانيا حيث تقيم، إلى حسابه البنكي، وذلك لحل مشاكل مالية واجهت المؤسسة الإعلامية، التي كانت تشغل عددا محدودا من الصحافيين والفنيين.

مبنى المحكمة العليا بأعالي العاصمة الجزائرية (الشرق الأوسط)

وصادر جهاز الأمن بعد يومين من توقيف القاضي أجهزة الكومبيوتر وكاميرات من مقر المنصة الإخبارية بوسط العاصمة، بحجة «ممارسة نشاط في مجال الإعلام السمعي البصري دون ترخيص»، بعد أن تأسست «سلطة ضبط السمعي البصري»، وهي هيئة رسمية تراقب عمل القنوات التلفزيونية والإذاعية، كطرف مدني في القضية.

وفي الثالث من مايو (أيار) الماضي، ظهرت بوادر إيجابية، حينما أبلغ الرئيس عبد المجيد تبون، درارني خلال حفل استقبال صحافيين بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة أنه «توجد إجراءات أخرى» قد تكون مفيدة، حسبه، في ملف القاضي. وفهم من كلامه أنه يعتزم استعمال صلاحيته الدستورية للإفراج عن مساجين أو تخفيف عقوباتهم، بموجب عفو رئاسي.

غير أن تبون شدد في عدة مناسبات على أنه «لا توجد أي علاقة بين سجن إحسان القاضي وحرية الصحافة». كما حمل عدة مرات على «مراسلون بلا حدود»، قائلا إنها «ليست أهلا لتعطي الجزائر دروسا في احترام الحريات». معتبرا أن «الزعم بأن الجزائر ليست بلد الحريات في الصحافة وغيرها يعدّ افتراء على البلاد، وظلما لأبنائها».


مقالات ذات صلة

الجزائر: رئيس حزب مؤيد لتبون يؤكد «رغبته في ولاية ثانية»

شمال افريقيا رئيس حزب «صوت الشعب» مع الرئيس تبون (الرئاسة)

الجزائر: رئيس حزب مؤيد لتبون يؤكد «رغبته في ولاية ثانية»

يعد «صوت الشعب» حزباً صغيراً قياساً بوزن الأحزاب التي تملك مقاعد كثيرة في البرلمان على رأسها «جبهة التحرير الوطني» (100 نائب).

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا ترقب مستمر في الجزائر لإعلان الرئيس تبون ترشحه لولاية ثانية (د.ب.أ)

تبون يحصل على دعم جديد في طريقه لولاية رئاسية ثانية

دعا حزبا «التجمع الوطني الديمقراطي» و«جبهة المستقبل» في الجزائر يوم السبت رئيس البلاد عبد المجيد تبون إلى الترشح لعهدة ثانية خلال الانتخابات الرئاسية

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا جانب من المظاهرات ضد انقطاع المياه في بداية الأزمة الشهر الماضي (حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي)

خطة بـ200 مليون دولار لمواجهة «أزمة العطش» بالجزائر

تبحث الحكومة الجزائرية خطة عاجلة لمواجهة شح مياه الشرب في عدد من مناطق البلاد؛ لتفادي احتجاجات شعبية أخرى، بعد تلك التي شهدتها محافظة تيارت يوميْ عيد الأضحى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الصحافي إحسان القاضي (الشرق الأوسط)

إغلاق موقع إذاعة جزائرية خاصة بناءً على قرار قضائي

أعلنت الإذاعة الجزائرية الخاصة «راديو ماغراب» الأربعاء توقف نشر الأخبار على موقعها الإلكتروني إثر صدور حكم من القضاء بحل الشركة التي تتبع لها

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا جانب من المظاهرات التي اندلعت ضد انقطاع المياه في بداية الأزمة الشهر الماضي (حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي)

عودة الهدوء إلى منطقة غرب الجزائر بعد احتجاجات على انقطاع المياه

عاد الهدوء، الثلاثاء، نسبياً إلى محافظة تيارت، الواقعة غرب الجزائر، وذلك بعد يومين من الاحتجاجات بسبب انقطاع مياه الشرب عن المنطقة لأكثر من 35 يوماً.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

فيديو يُظهر إعدام عشرات المدنيين السودانيين... الجيش ينفي علاقته ويتهم «الدعم» بـ«فبركته»

البرهان يصافح جنوده في الجيش السوداني في مناسبة سابقة (وكالة أنباء العالم العربي)
البرهان يصافح جنوده في الجيش السوداني في مناسبة سابقة (وكالة أنباء العالم العربي)
TT

فيديو يُظهر إعدام عشرات المدنيين السودانيين... الجيش ينفي علاقته ويتهم «الدعم» بـ«فبركته»

البرهان يصافح جنوده في الجيش السوداني في مناسبة سابقة (وكالة أنباء العالم العربي)
البرهان يصافح جنوده في الجيش السوداني في مناسبة سابقة (وكالة أنباء العالم العربي)

نشرت مواقع تابعة لـ«قوات الدعم السريع»، الأحد، مقطع فيديو قالت إنه يُظهر «أفراداً من الجيش السوداني يقومون بعمليات إعدام جماعية» لعدد كبير من المدنيين... في حين نفى الجيش علاقته، واتهم «الدعم السريع» بـ«فبركة الفيديو»، ولم يتسنّ لــ«الشرق الأوسط» التأكد من صحة المقاطع من مصادر مستقلة.

لكن هذه المقاطع تأتي بعد أيام قليلة من مقتل أكثر من 50 مدنياً في بلدة ريفية صغيرة بولاية الجزيرة (وسط البلاد)، اتهمت فيها «الدعم السريع»، قوات الجيش، و«ميليشيا كتائب الإسلاميين المتطرفة»، التي تقاتل في صفوفه بارتكابها، واستهداف مجموعات عرقية محددة تتحدّر أصولها من غرب البلاد.

عناصر من وحدة «المهام الخاصة» بالجيش السوداني (أ.ف.ب)

وتداول قادة من «الدعم»، من بينهم المستشار السياسي لقائدها، الباشا طبيق، تسجيلاً مصوّراً، زعم فيه أن الجيش السوداني و«كتائب البراء الإرهابية» يُصَفّون مواطنين تم اعتقالهم «رمياً بالرصاص» على أساس عِرقي وجهَوي، من بينهم عناصر يتبعون للجيش نفسه.

ووفق طبيق، جرت الإعدامات لمواطنين لا علاقة لهم بـ«الدعم السريع» خلال الأيام الماضية.

ووصف الجيش السوداني، في تعميم صحافي، الفيديو، بـ«المفبرك من قِبل الخلايا الإعلامية لمليشيا آل دقلو الإرهابية وأعوانهم».

وأوضح مكتب المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، نبيل عبد الله، «أن هذه الممارسات لا يمكن أن تصدر من أفراد القوات المسلحة التي تلتزم بالقانون الدولي الإنساني، وعلى النقيض تماماً لما تقوم به ميليشيا آل دقلو الإرهابية التي يشهد العالم انتهاكاتها الممنهجة والهمجية غير المسبوقة في تاريخ الحروب».

دبابة مُدمَّرة في أم درمان (رويترز)

وأعادت حسابات تابعة لـ«الدعم» على منصة «إكس» تداول مقطع فيديو من الأشهُر الأولى للحرب، يُظهر عناصر من الجيش تقوم بخطف وإعدام أشخاص معصوبي الأعين بالذخيرة الحية، ودفنهم في حفرة كبيرة بمدينة أم درمان.

ولم تسلَم «الدعم السريع» التي يقودها محمد حمدان دقلو، الشهير باسم «حميدتي»، أيضاً من اتهامات مماثلة بقتل عشرات الأسرى من الجيش بعد سيطرتها على مدينة الفولة عاصمة غرب كردفان نهاية الأسبوع الماضي.

وأدان «المرصد الوطني لحقوق الإنسان»، بأشد العبارات، «المجزرة البشعة»، وقال في بيان على منصة «إكس»: «إن هذه الجريمة النكراء ترقى لمستوى جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية».

«قوات الدعم السريع» السودانية (أ.ف.ب)

ودعا «قيادة القوات المسلحة السودانية إلى القبض على مرتكبي الجريمة، والتحقيق الفوري معهم، وتقديمهم للقضاء، وحال ثبوت أنهم كانوا ينفّذون أوامر صادرة من قياداتهم العسكرية يجب على المنظمات المعنية وأُسر الضحايا ملاحقة تلك القيادات».

من جهة ثانية، أعلنت «قوات الدعم السريع»، الأحد، انشقاق الآلاف من قوات «حركة العدل والمساواة» بقيادة جبريل إبراهيم، ومجموعات أخرى من فصيل «الجبهة الثالثة».

وتُعد «حركة العدل والمساواة» ضمن القوة المشتركة المكوّنة للحركات المسلحة التي تقاتل إلى جانب الجيش في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.

بدوره قال والي ولاية شمال دارفور «المكلّف»، الحافظ بخيت محمد، إن «الوضع كارثي»، وإن أغلب سكان المدينة في العراء بسبب القصف المدفعي الممنهج، ومن دون مأوى أو غذاء.

وأضاف أن الفاشر محاصَرة من كل الاتجاهات لمدة ثلاثة أشهر، ولا يوجد طريق لوصول السلع الرئيسية، ما أدى لارتفاع كبير في أسعار السلع والمواد الغذائية بصفة عامة.

منازل مدمّرة وسيارات محترقة في مدينة أم درمان بالسودان (وكالة أنباء العالم العربي)

وناشد بخيت، رئيس «مجلس السيادة»، القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، التدخل المباشر في الفاشر، مشيراً إلى أن «ميليشيا الدعم السريع» في الولاية تعيش أضعف حالاتها، ودعاه إلى فتح الطرق الرئيسية عبر مدينة مليط، وضمان وصول القوافل التجارية والمساعدات الإنسانية إلى الفاشر.

وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، إن الفاشر شهدت، الأحد، قصفاً مدفعياً عنيفاً باتجاه الأحياء السكنية الواقعة بالقرب من حامية الجيش (الفرقة السادسة مشاة) والسوق الرئيسي بوسط المدينة.

ودمّر القصف المدفعي العشوائي الذي شنته «الدعم السريع»، السبت، بالكامل، الصيدلية الرئيسية لـ«المستشفى السعودي»، الذي أصبح المرفق الطبي الوحيد العامل في مدينة الفاشر بعد خروج المستشفى الجنوبي من العمل تماماً.