حظي الإعلان عن توقيع «إعلان أديس أبابا» بين «قوات الدعم السريع» و«تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)»، بقبول واسع لدى قطاعات شعبية كبيرة، كما أثار ردود فعل أخرى بين القوى السياسية تراوحت بين «التأييد، والترحيب الحذر، والرفض المطلق». وفي حين رحب «الحزب الشيوعي» مبدئياً بالاتفاق، اعتبرته «الحركة الإسلامية» (جماعة الإخوان المسلمين بالسودان) الداعمة للجيش، «اتفاقاً ممهوراً بالدم بين خونة ومرتزقة لا يحقق سلاماً ولا يحل أزمة البلاد».
كما ظهر تغير في اتجاه التفاعل مع الاتفاق في منصات التواصل السودانية، إذ راجت التعليقات «الداعمة»، بعد أن كانت في مجملها سابقاً مناوئة لأي تواصل مع «قوات الدعم السريع».
ووقعت «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)»، بقيادة رئيس الوزراء الأسبق عبد الله حمدوك، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (الشهير بحميدتي)، الثلاثاء في إثيوبيا، اتفاقاً يمهد ويسعى لإنهاء الحرب عبر «التفاوض بين طرفي القتال (الجيش و«قوات الدعم السريع»)» والقوى المدنية أطلقت عليه «إعلان أديس أبابا». وجاء الاجتماع استجابة لطلب من «تقدم» لكل من الجيش و«الدعم السريع» للجلوس والتفاوض، فاستجاب «الدعم السريع»، بيد أن قيادة الجيش لم ترد بالموافقة أو الرفض على الطلب.
وقالت الخبيرة المصرية في الشؤون السودانية د. أماني الطويل، إن «قائد الجيش عبد الفتاح البرهان لم يعد أمامه خيار إلا الانخراط في (مبادرة تقدم)». ووجهت حديثها الذي جاء في منشور عبر صفحتها على موقع «فيسبوك» إلى البرهان: «أن تخسر جزئياً خير من أن تخسر كلياً».
وأرجعت الطويل خسارة الجيش السوداني للمواقع التي كانت تحت سيطرته إلى «رهان قيادته على (الإخوان)». ورأت أن «أساليب الاستنفار التي تعمل عليها الجبهة الإسلامية لن تحدث فرقاً في الموازين العسكرية».
وفي الوقت الذي حذرت فيه الطويل من «حرب أهلية واسعة حال إصرار البرهان عليها (الاعتماد على جبهة الإخوان)، فإنها خاطبته بالقول: (سوف تتحمل وحدك المسؤولية الأخلاقية والسياسية بمفردك عن حرب أهلية واسعة في السودان)».
وللمرة الأولى منذ خروجه عن الحكومة الانتقالية وخلافاته مع تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير» رحب «الحزب الشيوعي السوداني» مبدئياً بـ«إعلان أديس أبابا»، وقال عضو اللجنة المركزية المتحدث باسم الحزب فتحي فضل لراديو «دبنقا» إن حزبه «يرحب مبدئياً بأي جهود ومحاولات لإيقاف الحرب والعمل على إنهائها، وإزالة ورفع معاناة الشعب». وأضاف: «رغم عدم توفر معلومات لدينا حول اللقاء والمباحثات التي تمت بين (تقدم) وقيادة (الدعم السريع)، والنتائج التي توصلت إليها، فإن الحزب الشيوعي يرحب بشكل عام، بأي جهود في هذا المجال».
لكن «الحركة الإسلامية» (الإخوان) رفضت الإعلان جملة وتفصيلاً، ووصفته بأنه «ممهور بدم الشعب السوداني البريء». واعتبرته «عاراً لمن وصفتهم بالخونة والمرتزقة، وأنه لا يريد سلاماً ولا يطلب مخرجاً لأزمة البلاد»، على حد قولها.
وأعادت تكرار اتهاماتها لـ«تقدم» بأنها كانت ظهيراً لـ«الميليشيا» التي افتعلت الحرب (تقصد الدعم السريع). وأضافت: «هم يحاولون جاهدين لتقنين انفصال البلاد، من أجل العودة للحكم ليجلس حمدوك ورهطه من العملاء والمأجورين في مقاعد سلطة متهالكة، تتوسد جماجم الأبرياء ممن اغتالتهم يد الغدر، واستباحت دماءهم قوات آل دقلو».
وتوعدت «الحركة الإسلامية» بالوقوف مع الجيش الذي حثته على رفض الاتفاق، بقولها: «موقع الشرفاء في خندق المقاومة الشعبية المسلحة التي نبارك انطلاقتها، ونقف في صفها كتفاً بكتف مع كل أبناء السودان لأجل استئصال هذا السرطان المنتشر بأورام الميليشيا وبقايا (قوى الحرية والتغيير)».
واعتبر رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان» ياسر سعيد عرمان، وهو قيادي في «تقدم»، في تعليق نشره على صفحته بمنصة «إكس»، أن «اجتماع أديس أبابا خطوة نحو تراجع البندقية وتقدم السياسة».
وقال محذراً من انزلاق البلاد في حرب أهلية: «لم أخش على بلادي منذ التحاقي بالعمل السياسي المنظم... كما أخشى عليها اليوم، فهي تنزلق رويداً رويداً نحو حرب إثنية ومجتمعية شديدة الخطر وعظيمة الأثر».
أما قائد «حركة تحرير السودان» حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، الذي أعلن أخيراً وقوفه إلى جانب الجيش والقتال معه، فقد وصف اجتماعات أديس أبابا بأنها «انتهت بلا جديد»، وقال في تغريدة على منصة «إكس»: فقط تم تحديد لجنة من عدد من «القحاته» - يقصد تحالف التغيير - واثنين من «الدعم السريع» بغرض تفكيك «حركة تحرير السودان» التي يقودها، ولخلق ضغط عليه لينضم للمجموعة.
وعلى مستوى وسائط التواصل الاجتماعي، تصاعدت التريندات المؤيدة لإعلان أديس أبابا، ولرئيس «تقدم» رئيس الوزراء الأسبق عبد الله حمدوك، وتراجعت أصوات دعاة استمرار الحرب، وارتفع تريندات مثل «تقدم تمثلني» و«نعم للسلام»، وكذلك الهتاف القديم المؤيد لرئيس الوزراء السابق لصدارة المنصات وهو: «حمدوك المؤسس يمثلني».