«حرب غزة» حاضرة خلال تهنئة الأزهر للمسيحيين بعيد الميلاد

الطيب زار تواضروس في الكنيسة... ودشنا «لجنة» لمتابعة مستجدات القطاع

شيخ الأزهر والبابا تواضروس خلال لقائهما في مقر الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة (مشيخة الأزهر)
شيخ الأزهر والبابا تواضروس خلال لقائهما في مقر الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة (مشيخة الأزهر)
TT

«حرب غزة» حاضرة خلال تهنئة الأزهر للمسيحيين بعيد الميلاد

شيخ الأزهر والبابا تواضروس خلال لقائهما في مقر الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة (مشيخة الأزهر)
شيخ الأزهر والبابا تواضروس خلال لقائهما في مقر الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة (مشيخة الأزهر)

فرضت أحداث الحرب في غزة نفسها خلال تهنئة الأزهر للمسيحيين بعيد الميلاد، الأربعاء، عبر تصريحات، وتدشين «لجنة مشتركة» من الأزهر والكنائس المصرية لمتابعة مستجدات قطاع غزة.

وزار وفد أزهري برئاسة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، الأربعاء، مقر الكاتدرائية المرقسية بضاحية العباسية (شرق القاهرة)، لتقديم التهنئة للبابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

وحسب العادة التي درجت خلال السنوات الماضية، يزور وفد من قيادات الأزهر برئاسة الدكتور الطيب، مقر الكاتدرائية المرقسية الكبرى لتقديم التهنئة بالأعياد إلى البابا تواضروس الثاني، وكذا اعتاد البابا تواضروس زيارة مشيخة الأزهر بضاحية الدراسة (شرق القاهرة) على رأس وفد كنسي، لتقديم التهنئة للدكتور الطيب بمناسبة الأعياد.

وقدم الطيب التهنئة بالعيد إلى تواضروس والمسيحيين. وقال إن «تبادل التهنئة والزيارات يعكس المحبة والمودة بيننا، ويؤكد عمق العلاقات التي تجمع المصريين، مسلمين ومسيحيين، وتماسكهم في نسيج وطني موحد».

ويروج «متشددون» عبر بعض القنوات والصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، كل عام في هذا التوقيت، فتاوى وآراء تتعلق بـ«تحريم تهنئة المسيحيين» بأعيادهم، إلا أن الأزهر، يصف هذه الآراء والفتاوى بأنها «غير صحيحة، وصادرة من أشخاص غير متخصصين ولم يتحصلوا على قدر من العلم يؤهلهم لإصدار الفتاوى المناسبة للواقع».

وقال شيخ الأزهر قبل أيام، إن «من البر الذي دعانا إليه الإسلام، تهنئة غير المسلمين بأعيادهم». وأضاف أن «ما يدعيه المتشددون من تحريم التهنئة، هو جمود وانغلاق، بل افتراء على مقاصد شريعة الإسلام، وهو من باب الفتنة التي هي أشد من القتل، ومن باب الأذى لغير المسلمين».

وفد أزهري يقدم التهنئة بعيد الميلاد للمسيحيين في مقر الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة (مشيخة الأزهر)

ورافق شيخ الأزهر وفد ضم، الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، والدكتور شوقي علام، مفتي مصر، والدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، والدكتور عباس شومان، أمين عام هيئة كبار العلماء بالأزهر، والدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والشيخ أيمن عبد الغني، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية.

وأعرب تواضروس عن سعادته «بتجديد اللقاء وأواصر المحبة بين وفد الأزهر ووفد الكنيسة الأرثوذكسية». وأشار إلى أن هذا اللقاء «يبعث بالفرح لدى كل فئات الشعب المصري».

في السياق ذاته، قال مفتي مصر إن «الأعياد تعدّ فرصة عظيمة للترابط المجتمعي والتلاحم بين أبناء الوطن الواحد».

وخيمت «حرب غزة» على اللقاء في الكنيسة. وأكد شيخ الأزهر، أن «ما يحدث على أرض فلسطين لم يعرفه تاريخ البشاعات ولا الشناعات ولا الجرائم من قبل»، مشدداً على أن «ما يحدث لا يُمكن أن يكون حرباً، إنما إبادة جيش مسلح لمواطنين أبرياء»، لافتاً إلى أن «ما نراه يومياً وطوال أكثر من ثلاثة أشهر هو إرهاب صريح، وقتل وكراهية، وإبادة جماعية، وتطهير عرقي، واستباحة لدماء المواطنين الأبرياء في ظل عجز عالمي مخز». واقترح الطيب إنشاء «لجنة مشتركة» تجمع الأزهر والكنائس المصرية: «لمتابعة ما يحدث في غزة لحظة بلحظة وعلى مدار الساعة، والخروج بصوت واحد مناد بوقف هذا العبث والحقد والقتل والإرهاب».

دبابة إسرائيلية بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)

وشدد شيخ الأزهر، على أن الأمر في فلسطين «جلل وخطير جداً، وخاصة مع ما نراه من محاولات تطبيع واستساغة مشاهد قتل الأطفال والنساء والشيوخ والشباب، حتى وصل أعداد الشهداء إلى ما يزيد على 22 ألفاً، بينهم أكثر من 9 آلاف طفل وستة آلاف امرأة»، مشيراً إلى أن «كل العقائد ترفض وتدين ما يقوم به الكيان الإسرائيلي من مذابح ومجازر، والإسلام حرَّم قتل الأطفال والنساء والشيوخ، ومنع المساس بأي شخص لا يتوقع منه العدوان».

وبحسب إفادة لمشيخة الأزهر، الأربعاء، أشار تواضروس إلى أن «الإنسان يجب أن يكون صانع سلام أينما حلّ، بدءاً من داخله وشعوره بالارتياح والتوازن النفسي، وهو ما يقوده لصناعة السلام ونشره لمن حوله في المجتمعات»، مؤكداً أننا «جميعاً نتألم لما يحدث في أرض فلسطين وغياب الإنسانية بكل صورها، وصم الآذان عن دعوات وقف العدوان وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، رغم ادعاء بعض الدول ريادتها في التقدم الحضاري ورعاية حقوق الإنسان»، مشدداً على أننا «لم نر القسوة التي تمارس ضد الفلسطينيين حتى في عالم الحيوان، تلك القسوة التي انتفت معها كل معاني الرحمة والإنسانية، وأظهرت تعمداً وإصراراً على ارتكاب أبشع الجرائم في حق الأبرياء».

قافلة الأزهر قبل مرورها من معبر رفح لتقديم مساعدات لقطاع غزة (مشيخة الأزهر)

وتطالب مصر من وقت لآخر بـ«تكثيف إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، وضرورة الوصول الآمن من دون عوائق للمساعدات الإنسانية إلى غزة». وأكد الأزهر، الثلاثاء: «عبور قافلته الإغاثية الرابعة من معبر رفح إلى قطاع غزة، وتضم 50 شاحنة تحمل على متنها نحو ألف طن من المستلزمات الطبية والمواد الغذائية والمياه والمستلزمات المعيشية».


مقالات ذات صلة

«حماس»: اتفاق وقف النار «إنجاز كبير» وثمرة صمود 15 شهراً

المشرق العربي فلسطينيون يحتفلون بأنباء التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل في دير البلح وسط قطاع غزة (إ.ب.أ) play-circle 00:57

«حماس»: اتفاق وقف النار «إنجاز كبير» وثمرة صمود 15 شهراً

كشف سامي أبو زهري المسؤول في حركة «حماس» لوكالة «رويترز» اليوم (الأربعاء) إن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة «إنجاز كبير».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي رجل يُلوح بالعلم الفلسطيني وسط أنباء عن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

احتفالات في غزة باتفاق وقف إطلاق النار (صور)

احتفل آلاف الفلسطينين في قطاع غزة اليوم (الأربعاء) بإعلان التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمعتقلين بين اسرائيل و«حماس».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى (أ.ب)

رئيس الوزراء الفلسطيني يدعو العالم لمواصلة الضغط على إسرائيل حتى بعد هدنة غزة

قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، الأربعاء، إن المجتمع الدولي يجب أن يواصل الضغط على إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
المشرق العربي 
فلسطينيون يقفون أمام سيارة مدمرة وسط أنقاض مبنى منهار بعد قصف إسرائيلي في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

«هدنة غزة» تختمر... وتنتظر الإعلان

اختمرت على نحو كبير، حتى مساء أمس، ملامح اتفاق لوقف إطلاق النار بين «حماس» وإسرائيل بعد 15 شهراً من الحرب، وسط ترجيحات كبيرة بقرب إعلانه.

نظير مجلي (تل أبيب) «الشرق الأوسط» (غزة) علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن في واشنطن (أ.ب) play-circle 01:45

بلينكن لتسليم ترمب «خطة متكاملة» لغزة ما بعد الحرب

حض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن المجتمع الدولي على دعم خطته لما بعد الحرب في غزة، كاشفاً أنها ستسلم إلى الإدارة الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترمب.

علي بردى (واشنطن)

جزائريون يشنّون حملة بفرنسا ضد «تمجيد» أحد رموز الاستعمار

مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
TT

جزائريون يشنّون حملة بفرنسا ضد «تمجيد» أحد رموز الاستعمار

مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)

في حين تغرق العلاقات بين الجزائر وباريس في دوامة من التوترات، جدّد جزائريون يعيشون بوسط فرنسا حملة سبق أن أطلقوها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لنزع اسم حاكم عسكري بالجزائر خلال القرن الـ19، اشتهر بالبطش ضد قبائل قادت ثورات عسكرية، بهدف طرد الاستعمار الفرنسي من البلاد.

مبادرة الجالية الجزائرية في فرنسا تأتي في وقت تتفاقم فيه التوترات بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

القصة بدأت قبل عدة أسابيع، عندما بدأت «جمعية فرنسيين من أصول جزائرية» تنشط بمدينة ليون، تضغط على عمدتها غريغوري دوسيه، من أجل استبدال اسم المارشال توماس بيجو (1784-1849) من شارع رئيسي بالدائرة السادسة بالمدينة، بحجة أن «الإبقاء عليه تمجيدٌ لمجرم حرب، وإهانة لنا، ولجميع الفرنسيين الذين يؤمنون بقيم الجمهورية والقيم الإنسانية لبلدنا فرنسا»، وفق ما كتبه ناشطو الجمعية في حساباتهم بالإعلام الاجتماعي.

ونظم مئات الأشخاص، عدد منهم يحمل جنسيتي البلدين، وآخرون هاجروا من الجزائر إلى فرنسا في بداية الألفينات، مظاهرة الأحد الماضي في الشارع، الذي يحمل اسم بيجو، لمطالبة رئيس البلدية دوسيه بإلغاء اسمه من المكان، على أساس أنه «عرف بمجازره التي ارتكبها في الجزائر في القرن التاسع عشر».

ووصف المتظاهرون أنفسهم بأنهم «أبناء مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، الذين تم خنقهم وحرقهم أحياء على يد مارشال فرنسا توماس بيجو»، الذي حكم الجزائر من 1830 إلى 1840.

اسم المارشال بيجو على اللوحة في باريس قبل نزعه (متداولة)

ويناضل المحتجون ليحمل الشارع، الذي يقع بالقرب من القنصلية الجزائرية، اسم «شارع 17 أكتوبر 1961»، تكريماً لـ297 جزائرياً نكّل بهم محافظ شرطة باريس، موريس بابون، عندما خرجوا في مظاهرات في ذلك التاريخ لدعم ثورة التحرير (1954-1962)، التي كانت على وشك الحسم مع الاستعمار.

ووفق الصحافة المحلية في ليون، فقد أعلن غريغوري دوسيه منذ فترة عن دعمه لفكرة تغيير تسمية شارع بيجو، وأكدت أنه «من المتوقع أن تطلق مدينة ليون في الأسابيع المقبلة لجنة من الخبراء لإجراء جرد للشارع والتماثيل، وكذا اللوحات والمواقع التي تُثير الجدل، وتقديم حلول لكل منها».

عمدة مدينة ليون غريغوري دوسيه (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)

من جهته، أعلن «الاتحاد الجزائري»، وهو جمعية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، عزمه رفع دعوى قضائية ضد دوسيه بتهمة «تمجيد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية»، مقترحاً أن يصبح شارع بيجو «شارع كاميل بلان»، عمدة إيفيان-ليه-بان، الذي جرى اغتياله عام 1961 من قِبَل «منظمة الجيش السري»، في حين كان يناضل من أجل السلام في الجزائر.

وقتلت هذه المنظمة المئات من الأشخاص في الجزائر غداة الإعلان عن استقلالها عام 1962، رافضة فكرة خروج فرنسا منها.

عمدة باريس تشرف على إعادة تسمية الشارع بالدائرة 16 (بلدية باريس)

وفي حين يستمر الجدل في ليون، حسمت عمدة باريس، آن هيدالغو، القضية نفسها عندما نزعت في 14 من أكتوبر الماضي، اسم المارشال بيجو من طريق رئيسي بالدائرة رقم 16 «بسبب دوره السيئ في الجزائر؛ حيث ارتكب ما يمكن أن يعد اليوم جرائم حرب»، وفق بيان للعمدة التي تنتمي لليسار، والتي سمّت الطريق نفسه باسم هوبرت جيرمان، أحد رموز تحرير فرنسا من ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية.

وتتزامن هذه التطورات مع اقتراب العلاقات بين البلدين من القطيعة، بعد أن اشتدت الأزمة بين البلدين في يوليو (تموز) الماضي، عندما أعلنت باريس دعمها خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وهو ما أثار سخط الجزائر، التي سحبت سفيرها فوراً، وألغت ترتيبات زيارة كانت ستقود الرئيس عبد المجيد تبون إلى فرنسا في خريف العام الماضي.

جانب من المظاهرة بدعم من الحزب الشيوعي الفرنسي (متداولة)

ومع ذلك ظل هدير الأزمة صامتاً، على الرغم من الحملات التي شنّها اليمين الفرنسي المتطرف بهدف إلغاء «اتفاق الهجرة 1968»، الذي يؤطر مسائل الإقامة والدراسة والعمل والتجارة، و«لمّ الشمل العائلي»، بالنسبة للجزائريين في فرنسا.