مصر تؤكد على ضرورة احترام سيادة الصومال على أراضيه

مسيرات رافضة لاتفاق أديس أبابا فى مقديشو اليوم (رويترز)
مسيرات رافضة لاتفاق أديس أبابا فى مقديشو اليوم (رويترز)
TT

مصر تؤكد على ضرورة احترام سيادة الصومال على أراضيه

مسيرات رافضة لاتفاق أديس أبابا فى مقديشو اليوم (رويترز)
مسيرات رافضة لاتفاق أديس أبابا فى مقديشو اليوم (رويترز)

‏أكدت مصر اليوم الأربعاء على ضرورة الاحترام الكامل لوحدة وسيادة الصومال على كامل أراضيه، ومعارضتها لأي إجراءات من شأنها الافتئات على السيادة الصومالية، مشددةً على حق الصومال وشعبه دون غيره في الانتفاع بموارده.

وقالت الخارجية المصرية، في بيان لها عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «قدرت مصر خطورة تزايد التحركات والإجراءات والتصريحات الرسمية الصادرة عن دول في المنطقة وخارجها، التي تقوض من عوامل الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، وتزيد من حدة التوترات بين دولها، في الوقت الذي تشهد فيه القارة الأفريقية زيادةً في الصراعات والنزاعات التي تقتضي تكاتف الجهود من أجل احتوائها والتعامل مع تداعياتها، بدلاً من تأجيجها على نحو غير مسئول».

‏وأضاف البيان أن مصر شددت على ضرورة احترام أهداف القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، ومنها الدفاع عن سيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها واستقلالها، ومبادئ الاتحاد التي تنص على ضرورة احترام الحدود القائمة عند نيل الاستقلال وعدم تدخل أي دولة عضو في الشؤون الداخلية لدولة أخرى. وطالبت مصر بإعلاء قيم ومبادئ التعاون والعمل المشترك من أجل تحقيق مصالح شعوب المنطقة، والامتناع عن الانخراط في إجراءات أحادية تزيد من حدة التوتر وتعرض مصالح دول المنطقة وأمنها القومي للمخاطر والتهديدات. وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد تلقى أمس اتصالاً من نظيره الصومالي حسن شيخ محمود، تناول فيه العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تطوير التعاون المشترك، واستمرار التنسيق وتعميقه في مختلف المجالات، بما يتفق والطبيعة التاريخية للعلاقات بين البلدين، وفقاً لما ذكره المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية المصرية، كما تطرق الاتصال للأوضاع الإقليمية، حيث أكد السيسي على موقف مصر الثابت بالوقوف بجانب الصومال، ودعم أمنه واستقراره.

ويذكر أن الصومال قد أكدت أمس عزمها على الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها «بشتى الوسائل القانونية الممكنة» غداة الإعلان عن توقيع أديس أبابا اتفاق وصف بأنه «عدوان» مع منطقة أرض الصومال الانفصالية يمنحها منفذاً إلى البحر الأحمر من خلال مرفأ في الجمهورية المعلنة من طرف واحد. وينص الاتفاق على منح إثيوبيا منفذاً على البحر الأحمر على طول 20 كلم، لا سيما في ميناء بربرة، لمدة 50 عاماً. في المقابل «ستعترف إثيوبيا رسمياً بجمهورية أرض الصومال»، كما أعلن موسى بيهي عبدي، زعيم هذه المنطقة التي لم تعترف بها الأسرة الدولية منذ إعلان استقلالها أحادياً عن الصومال في عام 1991. ووُقّع الاتفاق بصورة مفاجئة بعدما وافقت الصومال وأرض الصومال الأسبوع الماضي على استئناف المفاوضات بينهما لتسوية المسائل العالقة، هي الأولى منذ 2020. وردت الحكومة الصومالية في بيان أن «أرض الصومال جزء من الصومال بموجب الدستور الصومالي، وبالتالي تعدُّ الصومال هذا الإجراء انتهاكاً فاضحاً لسيادتها ووحدتها». كما طلب من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي العمل معاً في مواجهة هذا «العدوان من إثيوبيا والتدخل في السيادة الصومالية» واستدعى سفيره لدى إثيوبيا «للتشاور». كما أكد رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري أمام البرلمان، الذي عقد جلسة طارئة: «إننا مصممون على الدفاع عن البلد، ولن نسمح بانتهاك أي شبر من أرضه وبحره وسمائه». وقال الرئيس حسن شيخ محمود أمام النواب: «لن أقبل أن تؤخذ منا قطعة من أرضنا» مندداً بنص «ينتهك القوانين الدولية». تمثل هذه الحادثة تجدد التوتر بين الجارتين اللتين تراجعت إلى حد ما في السنوات الأخيرة حدة التوتر التي سادت علاقاتهما المضطربة تاريخياً، وتخللتها حربان حول منطقة أوجادين المتنازع عليها (1963-1964، 1977-1978). ويتيح الاتفاق الذي وصفه الطرفان بـ«التاريخي»، لإثيوبيا ثاني أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان، الحصول على منفذ بحري كانت تطالب به منذ سنوات.


مقالات ذات صلة

تحركات مصرية رسمية لـ«تحسين مناخ» الحريات قبيل «مراجعة جنيف»

شمال افريقيا اجتماع «اللجنة العليا لحقوق الإنسان» بمصر (الخارجية المصرية)

تحركات مصرية رسمية لـ«تحسين مناخ» الحريات قبيل «مراجعة جنيف»

ناقشت «العليا الدائمة لحقوق الإنسان» (لجنة يرأسها وزير الخارجية المصري، وتشارك فيها وزارات وهيئات حكومية) إجراءات تنفيذ «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا مقر دار الإفتاء المصرية (دار الإفتاء)

مؤتمر لـ«الإفتاء المصرية» يناقش مكافحة التطرف عالمياً

يناقش مؤتمر دولي لدار الإفتاء المصرية «مكافحة التطرف وخطاب الكراهية» وينطلق الاثنين لمدة يومين بأحد فنادق القاهرة

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

تُسرّع الحكومة المصرية من «إجراءات تعويض أهالي منطقة (رأس الحكمة) في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

يراجع «مجلس أمناء الحوار الوطني» في مصر مقترحات القوى السياسية وتوصياتها على تعديلات بشأن ملف «الحبس الاحتياطي»، عقب مناقشات موسعة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)

مسؤولون مصريون يواجهون «الغلاء» بجولات مفاجئة على الأسواق

يواصل مسؤولون مصريون جولاتهم المفاجئة على الأسواق للتأكد من توافر السلع بـ«أسعار مناسبة»، عقب زيادة أسعار الوقود.

أحمد عدلي (القاهرة)

هل يستمر الجيش السوداني برفض التفاوض إرضاءً لحلفائه دُعاة الحرب؟

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارة لقواته شرق البلاد (أرشيفية - سونا)
قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارة لقواته شرق البلاد (أرشيفية - سونا)
TT

هل يستمر الجيش السوداني برفض التفاوض إرضاءً لحلفائه دُعاة الحرب؟

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارة لقواته شرق البلاد (أرشيفية - سونا)
قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارة لقواته شرق البلاد (أرشيفية - سونا)

دأب الجيش السوداني على رفض العودة للتفاوض مع «قوات الدعم السريع»، تحت ذريعة عدم التزامها بنص المادة (1/ج) من «إعلان جدة الإنساني» في 11 مايو (أيار) 2023، التي نصت على إخلاء المراكز الحضرية بما في ذلك «مساكن» المدنيين، واشترط تنفيذها قبل العودة لأي تفاوض، متجاهلاً جلوسه مع «الدعم» فيما عُرف بـ«جدّة 2» وتوقيعه معها بيان التزامات. فهل بالفعل ينطلق الجيش من موقف مبدئي أو يتخذ تلك المسألة ذريعة للتنصل من التفاوض إرضاء لأنصار استمرار الحرب؟

فمنذ بادرت وزارة الخارجية الأميركية في 23 يوليو (تموز) الجاري إلى دعوة الطرفين للعودة للتفاوض، في 14 أغسطس (آب) المقبل في جنيف، استعاد أنصار الجيش وتنظيمات الإسلاميين وحزب «المؤتمر الوطني»، نغمة الضغط على الجيش لرفض المشاركة في المفاوضات المزمعة.

ممثلون لطرفَي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق جدة في مايو 2023 (رويترز)

جرت مياه كثيرة تحت الجسر منذ توقيع إعلان جدة الإنساني، ووقتها كانت الحرب تدور في العاصمة الخرطوم فقط، أما لحظة إعلان المبادرة الأميركية فقد اتسع نطاقها ليشمل معظم ولايات البلاد ما عدا خمساً من ثماني عشرة ولاية، وسيطرت «الدعم السريع» على عدد كبير من قواعد الجيش ووحداته العسكرية، وألحقت به خسائر بشرية ومادية فادحة.

ظل الجيش يماطل في العودة للتفاوض لوقف الحرب، متجاهلاً المأساة الإنسانية الكبيرة التي تسببت فيها الحرب، واتساع نطاقها وخسائره الفادحة، مستخدماً «الالتزام» ببند واحد من «إعلان جدة» يلوح به كلما عادت سيرة التفاوض للتداول.

نصت المادة (1/ج)، على «اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة، لتجنب وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين، مما يهدف إلى إخلاء المراكز الحضرية بما فيها مساكن المدنيين، فعلى سبيل المثال، لا ينبغي استخدام المدنيين كدروع بشرية».

«قوات الدعم السريع» السودانية (أ.ف.ب)

وهو ما يعتبره المحلل السياسي محمد لطيف «عقبة» تجب إزالتها، منطلقاً من أن قضية منازل المدنيين هي نتيجة من تداعيات الحرب وليست سبباً فيها، ويقول: «لا يمكن تجاهل السبب والاتجاه لمعالجة النتيجة... الخطوة الأولى هي إيقاف الحرب».

ويرى لطيف أن «التمسك باستمرار الحرب لا علاقة له بمصالح الشعب، بل إن دعاة الحرب والمتمسكين باستمرارها يتخذون من هذا النص في (إعلان جدة)، ذريعة للحفاظ على مصالحهم». ويتابع: «أكرر، وكررتها أكثر من مرة، لا يوجد في (إعلان جدة) نص يلزم (الدعم السريع) بالخروج من منازل المواطنين».

وكان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان أصدر مرسوماً بحل «قوات الدعم السريع» وإلغاء قانونها، وإعلانها «قوة متمردة على الدولة يتم التعامل معها على هذا الأساس»، الأمر الذي اعتبره لطيف «إنهاء لوجود تلك القوات القانوني والأمني والسياسي الذي نص عليه (إعلان جدة) في ديباجته».

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (يسار) ومساعده ياسر العطا (أرشيفية - الجيش السوداني)

ويتابع لطيف: «الالتزام بالإعلان يجب ألّا يؤثر على أي وضع قانوني أو أمني أو سياسي لأطرافه، ولا يرتبط بأي عملية سياسية»، ويستطرد: «التذرع بالنص الوارد في الإعلان هو مجرد محاولات تشويش وتضليل للرأي العام»، ويقول: «هذه الذريعة أصبحت مثل (قميص عثمان) والفتنة الكبرى، ونحن في فتنة كبرى أيضاً وجد دعاتها ما يتاجرون ويزايدون به على الناس».

ويرى لطيف أن «النصّ الذي وقعه الجيش أكد شرعية (قوات الدعم السريع)، والتمسك به يقتضي الاعتراف بما ورد في النص»، ويتابع: «إذا كنت تتمسك بـ(إعلان جدة)، فهذا هو (إعلان جدة) والبند الأول منه يفترض أن تلتزم به».

ويضيف: «الجيش وقع على شرعية (الدعم السريع)، في (إعلان جدّة)، كمؤسسة منشأة بقانون صادر من البرلمان، وأمن على وضعها السياسي بوصف رئيسها نائباً لرئيس السلطة الانتقالية، وعلى شرعية وجودها الأمني في المعسكرات أو مواقع عسكرية».

ويسخر لطيف من ذريعة الجيش وأنصاره بالقول: «ليس هناك استسلام أكثر من هذا، هم يتحدثون أن (إعلان جدة) ألزم (الدعم السريع) بالخروج من مساكن المدنيين، ويتجاهلون أنه اعترف بشرعية (الدعم السريع)».

سودانيون فارون من بلدة سنجة جنوب شرقي السودان يستريحون في مخيم بعد وصولهم إلى القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

وتتذرع «الدعم السريع» من جهتها، بما عُرف بـ«بيان التزامات بناء الثقة» الموقع بين الطرفين في «جدة 2» بتاريخ 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، والذي نصت المادة (3) منه على آلية تواصل بين قادة الطرفين وإعادة احتجاز الهاربين من السجون، بما فيهم قادة النظام السابق، «وتحسين المحتوى الإعلامي وتخفيف حدة اللغة الإعلامية، واتخاذ إجراءات حيال الأطراف المثيرة للتصعيد والمؤججة للصراع»، وهو ما لم يلتزم أي من الطرفين به.

فهل يذهب الجيش إلى جنيف أو يخضع لابتزاز، وربما تهديد، دعاة استمرار الحرب من الإسلاميين الذين يرون في استمرارها استمراراً لوجودهم وسيطرتهم على الجيش والدولة، ويرون في وقفها هزيمة عسكرية وسياسية قد تخرجهم من الملعب نهائياً؟!