قائد قوات «الدعم السريع» ورئيس الوزراء السوداني السابق (الثلاثاء) يوقعان في إثيوبيا «إعلان أديس أبابا» (الشرق الأوسط)
في إجراء يسعى لوقف الحرب السودانية المشتعلة منذ شهور، وقّع قائد قوات «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ورئيس الهيئة القيادية لـ«تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)» رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، أمس، إعلاناً أُطلق عليه اسم «إعلان أديس أبابا»، في ختام اجتماعات لوفدي الجانبين استضافتها العاصمة الإثيوبية، وأصدرا بياناً مشتركاً تضمن العمل على وقف الحرب.
وأعلنت «الدعم السريع» موافقتها على «إطلاق سراح 451 من أسرى الحرب والمحتجزين كبادرة حسن نية»، في حين حدد «إعلان أديس أبابا» نقاط الاتفاق بين الطرفين، وجاء من بينها: «تشكيل لجنة مشتركة للوصول إلى وقف وإنهاء الحرب وبناء السلام المستدام، ومتابعة تنفيذ ما اتُّفق عليه في الإعلان».
وبدا لافتاً الاتفاق على «القيادة المدنية للعملية السياسية مع الالتزام بمشاركة واسعة لا تستثني إلا (المؤتمر الوطني / الحركة الإسلامية، وواجهاتهما)، وضرورة تمثيل المدنيين في اجتماع جيبوتي المرتقب الذي ترتب له (إيغاد) بين قائدي (الدعم السريع) والجيش».
وقرر الطرفان كذلك أن تتولى «تنسيقية (تقدم)» طرح تفاهمات الإعلان على قيادة الجيش لتكون أساساً للوصول إلى حل سلمي ينهي الحرب. وفي إطار تنفيذ نقاط التفاهم، دشن طرفا الإعلان، 4 لجان كآليات للعمل المشترك.
وعقب اجتماعه مع حمدوك، قال «حميدتي» إنه «مستعد لعقد اتفاق سلام اليوم قبل الغد»، لكنه أضاف أن «الطرف الآخر (يقصد الجيش) ليس مستعداً لذلك».
بدوره، رأى حمدوك أن «(إعلان أديس أبابا) يفتح الطريق ويضع اللبنة الأولى لوقف الحرب، ويجب أن تشارك فيه كل قطاعات الشعب السوداني». وأضاف أن «ما يميز الإعلان أنه اعتمد أشياء عملية ممكنة التنفيذ، وحدد آليات متابعة تنفيذ الأشياء العملية الممكنة التنفيذ».
انخرط مجلس الأمن في نقاشات حول مشروع قرار بريطاني لمطالبة القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» بوقف القتال فوراً والسماح بتسليم المساعدات الإنسانية.
أعرب نشطاء سياسيون في السودان، عن مخاوفهم جراء الظهور العلني المتكرر لرموز من حزب «المؤتمر الوطني» الذي حكم البلاد سابقاً طوال عهد الرئيس السابق عمر البشير.
أحمد يونس (كمبالا)
السودان: معارك الفاشر مستمرة... وطرفا الحرب يزعمان التفوقhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5080994-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D9%83-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%B4%D8%B1-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%85%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%B7%D8%B1%D9%81%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D9%8A%D8%B2%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%81%D9%88%D9%82
السودان: معارك الفاشر مستمرة... وطرفا الحرب يزعمان التفوق
مدينة الفاشر السودانية تعاني وضعاً إنسانياً متدهوراً (أ.ب)
تضاربت الأنباء حول المعارك المستمرة في مدينة الفاشر الاستراتيجية بولاية شمال دارفور بالسودان، في ظل مزاعم طرفي الحرب بالتفوق، وفي حين تحدثت منصات تابعة لـ«قوات الدعم السريع» عن تحقيق تقدم كبير والاستيلاء على أحياء في المدينة، ينفي مسؤولون بالجيش السوداني والقوات المتحالفة معه الأمر، ويقولون إنهم يتصدون لهجمات «المتمردين» ويلحقون بهم «خسائر فادحة».
وحاضرة ولاية شمال دارفور، الفاشر، هي المدينة الكبيرة الوحيدة من إقليم دارفور المتبقية تحت سيطرة القوات المسلحة السودانية والقوات الحليفة لها، وذلك بعدما سيطرت «الدعم السريع» منذ أشهر على المدن والفرق العسكرية التابعة للجيش في ولايات الإقليم الأربع (غرب، جنوب، وسط، شرق دارفور).
ومنذ أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني و«الدعم السريع» حرباً واسعةً بدأت في الخرطوم، وامتدت لتشمل أنحاء البلاد كافة تقريباً، ما تسبب في موجة نزوح غير مسبوقة، وفجّر أزمة إنسانية وتفشياً للأمراض والجوع.
وتقاتل «الدعم» بقوة للاستيلاء على الفاشر التي تعني السيطرة على دارفور، الذي تحده أربع دول غرباً وجنوباً هي: ليبيا، وتشاد، وأفريقيا الوسطى، وجنوب السودان، وولايات كردفان والشمالية من جهة الشرق والشمال.
«الدعم» يفرض حصاراً
وقال شاهد عيان لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الدعم السريع» حققت «اختراقات كبيرة» على حساب الجيش وحلفائه في القوات المشتركة، يوم الجمعة الماضي، وإنها «دخلت إلى سوق المدينة الكبير، وواصلت قصف تمركزات القوات المدافعة وقيادة الفرقة السادسة (التابعة للجيش)، مع اشتباكات متفرقة وعمليات كر وفر لاختراق الدفاعات».
وأكد الشاهد أن «(الدعم السريع) لا تزال تتمركز في المحور الشرقي للمدينة وأطراف سوق المدينة الكبير الشرقية، وتنتشر بكثافة في أحياء الجبل، والمصانع، والصفا، والجامعة، وحجر قد، القريبة من مقر قيادة الفرقة السادسة التابعة للجيش».
وقال شاهد آخر قريب من القتال إن القوات المهاجمة فرضت حصاراً مشدداً على المدينة، ولم تترك سوى منفذ خروج واحد باتجاه معسكر «زمزم للنازحين»، وتابع: «أعداد كبيرة من المستنفرين خرجوا عبره، ومن يخرج لا مجال لعودته».
وأشار الشاهد إلى تفشي حالة من عدم الثقة بين «المستنفرين والقوات المشتركة، وبين القوات المشتركة نفسها، وبين المستنفرين وقيادة الفرقة السادسة»، وسط تبادل لاتهامات «الخيانة» وعدم عدالة توزيع الإمداد العسكري والمؤن والأموال.
«الجيش يدافع»
لكن الناطق الرسمي باسم قوات «حركة العدل والمساواة السودانية» الحليفة للجيش، العميد حامد حجر، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «التمرد (يقصد الدعم السريع) يعتبر الفاشر هدفاً سياسياً مُهماً، لذلك يسعى بإصرار للاستيلاء عليها لتنفيذ مخططه في تقسيم السودان على غرار النموذج الليبي أو اليمني»، وأضاف: «قواتنا أفشلت مخططه (أي الدعم) وحلفائه الإقليميين للاستيلاء على المنطقة الغنية بثرواتها الزراعية والمعدنية والبشرية».
ووفقاً لحجر، فإن «الجيش والقوات المشتركة ظلا يدافعان عن الفاشر بشراسة، وخاضا أكثر من 151 معركة مع قوات (التمرد) منذ اندلاع الحرب، أفلحت في الحيلولة دون بسط سيطرته على المدينة».
وتكونت «القوات المشتركة» من حركات مسلحة وقعت اتفاق جوبا لسلام السودان، وأبرزها «حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي، و«حركة العدل والمساواة السودانية» بقيادة جبريل إبراهيم، التي التزمت الحياد طويلاً، قبل أن تقرر الانحياز للقتال مع الجيش في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.
وتفرض «قوات الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) الماضي حصاراً محكماً على الفاشر من الجهات كافة، وعادة فإن قيادة الجيش في بورتسودان تلجأ لعمليات «الإسقاط الجوي» لتزويد القوات المحاصرة بالذخائر والمؤن والأسلحة.
وأدى الحصار الطويل والقتال المستمر والقصف المدفعي المتبادل لأزمة إنسانية كبيرة، واضطر مئات الآلاف للنزوح من المدينة المقدر عدد سكانها بنحو 1.8 مليون، ومعظمهم نازحون سابقون من حرب دارفور الأولى 2003.
ووفقاً لحجر، فإن «قوةً كبيرةً جداً تدافع عن الفاشر، تتكون من الفرقة السادسة التابعة للجيش، والقوات التي انسحبت من مدن زالنجي، والجنينة، والضعين، ونيالا، إضافة للقوات المشتركة وآلاف المستنفرين»، ويضيف: «هذه القوة الكبيرة صعبت مهمة التمرد، وأفشلت استيلاءه على الفاشر، في أكثر من 151 معركة معه».
وقلل حجر من هجمات «قوات الدعم السريع»، ووصفها بـ«محاولات اقتحام يائسة»، وتابع: «تكتيكات دفاعنا تقوم على فتح ممرات تكتيكية للقوات المهاجمة، خصوصاً من الطريق المار قرب السوق الكبير إلى المناطق الشرقية، حيث حواضنهم الاجتماعية، واستدراجهم إلى مناطق يتم كسر هجومهم فيها».
وفي المحور الجنوبي، قال حجر إن «الجنجويد (تسمية يطلقها مناوئو الدعم عليها) تسللوا، الثلاثاء، من الجهة الجنوبية بحشود كبيرة، ودارت معركة كبيرة استطاعت قواته صد القوات المهاجمة، وكبدتها خسائر فادحة في العتاد والأفراد»، وأضاف: «تكتيكات (الجنجويد) تتمثل في التسلل عبر الأحياء المدنية، وقصف الأعيان المدنية ومنازل المواطنين».