انتعاش الآمال بتراجع حدة مخاطر الملاحة في البحر الأحمر

3 شركات دولية أعلنت العودة إلى قناة السويس

حاويات شحن خلال مرورها في وقت سابق عبر قناة السويس (رويترز)
حاويات شحن خلال مرورها في وقت سابق عبر قناة السويس (رويترز)
TT

انتعاش الآمال بتراجع حدة مخاطر الملاحة في البحر الأحمر

حاويات شحن خلال مرورها في وقت سابق عبر قناة السويس (رويترز)
حاويات شحن خلال مرورها في وقت سابق عبر قناة السويس (رويترز)

انتعشت الآمال باستعادة الملاحة الدولية في البحر الأحمر مستوياتها المعتادة، في أعقاب إخطار عدة خطوط ملاحية دولية هيئة قناة السويس وشركات لوجيستية عاملة في المنطقة، باستئناف عملياتها في الممر الملاحي خلال الأيام المقبلة.

وانضمت شركة «إيفرغرين» التايوانية إلى شركتي «سي إم إيه - سي جي إم» الفرنسية و«ميرسك» الدنماركية في إعلان استئناف تسيير سفنها عبر البحر الأحمر، بعد تعليق حركة الشحن بسبب هجمات جماعة الحوثيين على خلفية الحرب في غزة.

وكشفت مصادر ملاحية، حسبما نقلت وكالة أنباء العالم العربي، أن شركتي «إيفرغرين» التايوانية و« سي إم إيه - سي جي إم» الفرنسية للشحن البحري، أرسلتا إخطارات إلى قناة السويس وشركات لوجيستية بعودتها للملاحة في البحر الأحمر والممر الملاحي خلال الأيام المقبلة. وقالت المصادر، ومن بينها مسؤول ملاحي بقناة السويس، إن القناة ستستقبل أولى ناقلات «إيفرغرين» الأسبوع المقبل بعد الإخطار الذي أرسلته (الأربعاء) بعودتها للملاحة، مشيرةً إلى أن الناقلة تحمل اسم «زيوس» وموجودة حالياً في المياه الإقليمية السعودية.

وذكر مصدر أن السفينة «سي.إم.إيه واشنطن» التابعة لعملاق النقل البحري الفرنسي، والتي كانت تقف في خليج عدن الأسبوع الماضي، استأنفت رحلاتها بالبحر الأحمر، مرجحاً أن تدخل، الخميس، ميناء السخنة المصري لتفريغ شحنتها، حسبما نقلت وكالة أنباء العالم العربي.

وقالت الشركة الفرنسية في رسالة لعملائها، إن «بعض السفن عبرت البحر الأحمر»، وإنها تعتزم «زيادة تسيير سفنها عبر قناة السويس بشكل تدريجي».

من جهتها، أكدت شركة «ميرسك» أنها تعتزم «استئناف الملاحة في البحر الأحمر»، مشيرة إلى أن السفن ستعاود استخدام هذا الممر البحري «في أسرع وقت ممكن».

ورأت شركة «ميرسك» أن تشكيل تحالف «حارس الازدهار» لتأمين الملاحة الدولية في منطقة مضيق باب المندب «نبأ جيد لكامل قطاع» النقل البحري لأنه يتيح استئناف حركة الملاحة، إلا أنها رأت أن «الخطر عموماً في هذه المنطقة ما زال قائماً».

تعطيل التجارة العالمية

وتوقفت كبرى شركات الشحن في العالم عن استخدام طرق البحر الأحمر بعد أن بدأت جماعة الحوثي المسلحة في اليمن، استهداف السفن في وقت سابق من هذا الشهر الماضي، مما أدى إلى تعطيل التجارة العالمية.

كانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، قد أعلنت الأسبوع الماضي، أن أكثر من 20 دولة وافقت على المشاركة في التحالف البحري متعدد الجنسيات للمساعدة في حماية حركة الملاحة التجارية عبر البحر الأحمر. ومن أبرز الدول التي انضمت إلى التحالف؛ كندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشل والمملكة المتحدة والبحرين.

وأشار الخبير البحري اللواء محفوظ مرزوق، مدير الكلية البحرية المصرية السابق، إلى أن استئناف عمل الخطوط الملاحية الدولية لأنشطتها في البحر الأحمر «كان متوقَّعاً»، لافتاً إلى أن هذا المسار الحيوي «لا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة إلى الملاحة التجارية الدولية»، ورأى أن «العودة السريعة» لتلك الخطوط إلى العمل على مسار البحر الأحمر وقناة السويس دليلٌ على أن الأزمة التي تشهدها المنطقة «مؤقتة ومرتبطة بالأزمة في قطاع غزة، ولا تمثل خطراً دائماً على الملاحة الدولية».

وأوضح مرزوق في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن تغيير مسار الملاحة الدولية «مسألة معقدة وتتطلب ترتيبات لوجيستية كبيرة سواء فيما يتعلق بعمليات التموين للسفن وتخزين الحاويات»، لافتاً إلى أن النشاط المكثف لتأمين الملاحة والتصدي للتهديدات، سواء من خلال أدوار دول المنطقة أو عقب تشكيل التحالف البحري لتأمين الملاحة بقيادة الولايات المتحدة «أسهم في إقناع خطوط الملاحة الدولية بجدوى إجراءات التأمين»، ومن ثم جاءت تلك العودة السريعة من جانب الخطوط الدولية إلى استئناف عملياتها.

كان الجيش الأميركي قد أعلن، الأسبوع الماضي، أنه أسقط أكثر من 10 طائرات مسيّرة هجومية وصواريخ أطلقها الحوثيون من اليمن باتجاه سفن شحن في البحر الأحمر من دون أن تسفر عن إصابات أو أضرار، وتواصلت عمليات إحباط استهداف سفن تجارية في المنطقة بشكل شبه يومي.

بدورهم، شدد الحوثيون على ما قالوا إنه «استمرار دعم وإسناد الشعب الفلسطيني»، مجددين موقفهم بـ«شأن منع مرور السفن الإسرائيلية كافة».

أزمة عابرة

في السياق ذاته، أعرب اللواء إيهاب البنان المستشار السابق لرئيس هيئة قناة السويس، عن اعتقاده بأن جميع الخطوط الملاحية الدولية ستستأنف نشاطها ومساراتها المعتادة من وإلى قناة السويس خلال الأيام القليلة المقبلة، مشيراً إلى أن الأمر يرجع في جانب كبير منه إلى الحسابات الاقتصادية لتلك الخطوط، إذ يعد المسار الملاحي عبر القناة والبحر الأحمر أقل تكلفة بالنسبة إلى عميات الشحن، فضلاً عن توافر عوامل الأمن الملاحي والخدمات اللوجيستية بمعايير عالية الكفاءة.

وأضاف أن ما جرى في المنطقة من هجمات استهدفت سفن مرتبطة بإسرائيل لا يمثل سوى «أزمة عابرة»، وأن عمليات التأمين الجارية «أثبتت فاعليتها»، مشدداً على أن الوضع الاقتصادي العالمي «لا يحتمل حالياً مزيداً من الأزمات».

ويمرّ عبر قناة السويس نحو 12 في المائة من حجم التجارة العالمية، ويفرض تفادي المرور عبر البحر الأحمر تكاليف ووقتاً إضافيين على شركات النقل، إذ تضطر إلى الاستدارة حول قارة أفريقيا للانتقال من آسيا إلى أوروبا، عوضاً عن عبور البحر الأحمر وقناة السويس وصولاً إلى المتوسط، إضافةً إلى ما أشارت إليه عدة تقارير دولية مؤخراً بشأن عدم جاهزية معظم الموانئ الأفريقية لوجيستياً لاستقبال المزيد من السفن، وبخاصة سفن الحاويات العملاقة.

استمرار القلق

وحول ما إذا كانت عودة خطوط الشحن الدولية إلى مسارها المعتاد عبر البحر الأحمر وقناة السويس يمكن عدّها بمثابة انتهاء للأزمة، أكد اللواء بحري محفوظ مرزوق أنه «من الصعب الحديث عن نهاية كاملة للتهديدات»، مشيراً إلى أن استمرار القلق «أمر موجود ومشروع»، وأضاف أن «تأمين أي مسار بحري يستلزم تأمين الوضع على البر، وهو ما يعني أن استمرار الأزمة في قطاع غزة، ومساعي بعض الأطراف لاستغلال الأزمة أداةً ضمن حسابات إقليمية معقدة، وتسخين جبهات جديدة للصراع، من شأنه أن يُبقي التهديدات والمخاطر قائمة».

وأشار مرزوق في الوقت ذاته إلى قدرة الأطراف الإقليمية المعنية بإدارة اتصالات فاعلة لتأمين الملاحة في المنطقة، فضلاً عمّا وصفها بـ«احترافية» إدارة قناة السويس والتواصل المستمر مع خطوط الملاحة الدولية وطمأنتها لضمان عدم تأثر الحركة، وعودة الملاحة إلى طبيعتها سريعاً.

وتمثل قناة السويس مورداً حيوياً للاقتصاد المصري، إذ تقدَّر إيرادات القناة وفق آخر إحصاءات معلنة بـ10 مليارات دولار خلال العام المالي الماضي، وأعلنت هيئة قناة السويس زيادة رسوم العبور في القناة بنسب تصل إلى 15 في المائة اعتباراً من 15 يناير (كانون الثاني) 2024.

ومطلع الشهر الحالي أعلنت هيئة قناة السويس أن حركة الملاحة بالقناة «منتظمة»، وقال رئيس الهيئة الفريق أسامة ربيع، في بيان، إن هيئة القناة تتابع عن كثب التوترات الجارية في البحر الأحمر وتدرس مدى تأثيرها في حركة الملاحة بالقناة في ظل إعلان بعض الخطوط الملاحية عن تحويل رحلاتها بشكل مؤقت إلى طريق رأس الرجاء الصالح.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية المصري: قد نكون الأكثر تضرراً من التصعيد في البحر الأحمر

المشرق العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يوقع في دفتر الشرف بمقر وزارة الخارجية الكويتية (صفحة الخارجية المصرية عبر «فيسبوك»)

وزير الخارجية المصري: قد نكون الأكثر تضرراً من التصعيد في البحر الأحمر

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اليوم الأحد، إن مصر قد تكون الأكثر تضرراً بالتصعيد الحالي في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
العالم العربي عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)

مصر: تعويض خسائر قناة السويس عبر تنويع خدماتها

تتّجه قناة السويس المصرية إلى «تنويع مصادر دخلها»، عبر التوسع في تقديم الخدمات الملاحية والبحرية للسفن المارّة بالمجرى الملاحي، في محاولة لتعويض خسائرها.

أحمد إمبابي (القاهرة)
الاقتصاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وكريستالينا غورغييفا مديرة صندوق النقد (أرشيفية - رويترز)

السيسي يدعو مديرة صندوق النقد إلى «مراعاة التحديات»

أعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن تطلع بلاده لاستكمال التعاون مع صندوق النقد الدولي، والبناء على ما تَحقَّق «بهدف تعزيز استقرار الأوضاع الاقتصادية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سفينة شحن تابعة لـ«ميرسك» تمر عبر قناة السويس المصرية العام قبل الماضي (رويترز)

«ميرسك» تستبعد عودتها قريباً لقناة السويس بسبب تهديدات البحر الأحمر

قالت «ميرسك»، الخميس، إنها لا تتوقع استئناف الإبحار عبر قناة السويس حتى عام 2025.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
الاقتصاد رئيس المنطقة الاقتصادية بقناة السويس وليد جمال الدين يشهد توقيع عقد مع مجموعة «بيرل» لإنتاج البولي يوريثان (حساب مجلس الوزراء على فيسبوك)

مصر: «اقتصادية قناة السويس» توقّع عقد مشروع لإنتاج البولي يوريثان مع «بيرل»

أعلنت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس في مصر، توقيع عقد مع مجموعة «بيرل» بشأن مشروع لإنتاج البولي يوريثان في المنطقة الصناعية بالعين السخنة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
TT

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)

في انفراجة لأزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر، أعلنت السفارة السودانية بالقاهرة، إعادة فتح مدرسة «الصداقة»، التابعة لها، فيما ستقوم لجنة من وزارة التعليم المصرية، بزيارة لبعض المدارس الأخرى المغلقة، للتأكد من «توافر اشتراطات ممارسة النشاط التعليمي».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، أغلقت السلطات المصرية المدارس السودانية العاملة في البلاد، لحين توفر اشتراطات قانونية لممارسة النشاط التعليمي، تشمل موافقات من وزارات التعليم والخارجية السودانية، والخارجية المصرية، وتوفير مقر يفي بجميع الجوانب التعليمية، وإرفاق بيانات خاصة بمالك المدرسة، وملفاً كاملاً عن المراحل التعليمية وعدد الطلاب المنتظر تسجيلهم.

وحسب تقديرات رسمية، تستضيف مصر نحو مليون و200 ألف سوداني، فروا من الحرب السودانية، إلى جانب ملايين آخرين يعيشون في المدن المصرية منذ عقود.

وقالت السفارة السودانية، في إفادة لها مساء الاثنين، إن السلطات المصرية وافقت على استئناف الدراسة في مدرسة «الصداقة» بالقاهرة، وإن «إدارة المدرسة، ستباشر أعمال التسجيل للعام الدراسي، الجديد ابتداء من الأحد الأول من ديسمبر (كانون الأول) المقبل».

وتتبع مدرسة «الصداقة» السفارة السودانية، وافتتحت عام 2016، لتدريس المناهج السودانية لأبناء الجالية المقيمين في مصر، بثلاث مراحل تعليمية (ابتدائي وإعدادي وثانوي).

وبموازاة ذلك، أعلنت السفارة السودانية، الثلاثاء، قيام لجنة من وزارة التعليم المصرية، بزيارة بعض المدارس السودانية المغلقة، لـ«مراجعة البيئة المدرسية، والتأكد من توافر اشتراطات ممارسة النشاط التعليمي»، وشددت في إفادة لها، على أصحاب المدارس «الالتزام بتقديم جميع المستندات الخاصة بممارسة النشاط التعليمي، وفق الضوابط المصرية».

وفي وقت رأى رئيس «جمعية الصحافيين السودانيين بمصر»، عادل الصول، أن إعادة فتح «الصداقة» «خطوة إيجابية»، غير أنه عدّها «غير كافية»، وقال إن «المدرسة التي تمثل حكومة السودان في مصر، تعداد من يدرس فيها يقارب 700 طالب، ومن ثمّ لن تستوعب الآلاف الآخرين من أبناء الجالية»، عادّاً أن «استئناف النشاط التعليمي بباقي المدارس ضروري، لاستيعاب جميع الطلاب».

وأوضح الصول، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «غالبية السودانيين الذين فروا من الحرب، اختاروا مصر، رغبة في استكمال تعليم أبنائهم»، مشيراً إلى أن «توقف الدراسة بتلك المدارس منذ أكثر من ثلاثة أشهر، سبب ارتباكاً لغالبية الجالية»، وأشار إلى أن «المدارس التي تقوم وزارة التعليم المصرية بمراجعة اشتراطات التدريس بها، لا يتجاوز عددها 40 مدرسة، وفي حالة الموافقة على إعادة فتحها، لن تكفي أيضاً كل أعداد الطلاب الموجودين في مصر».

وسبق أن أشار السفير السوداني بالقاهرة، عماد الدين عدوي، إلى أن «عدد الطلاب السودانيين الذين يدرسون في مصر، أكثر من 23 ألف طالب»، وقال نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «المستشار الثقافي بالسفارة، قام بزيارات ميدانية للعديد من المدارس السودانية المغلقة، للتأكد من التزامها بمعايير وزارة التعليم المصرية، لممارسة النشاط التعليمي»، منوهاً إلى «اعتماد 37 مدرسة، قامت بتقنين أوضاعها القانونية، تمهيداً لرفع ملفاتها إلى السلطات المصرية، واستئناف الدراسة بها».

وبمنظور رئيس لجنة العلاقات الخارجية بـ«جمعية الصداقة السودانية – المصرية»، محمد جبارة، فإن «عودة الدراسة لمدرسة الصداقة السودانية، انفراجة لأزمة المدارس السودانية»، وقال: «هناك ترحيب واسع من أبناء الجالية، بتلك الخطوة، على أمل لحاق أبنائهم بالعام الدراسي الحالي».

وأوضح جبارة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأمر يستوجب إعادة النظر في باقي المدارس المغلقة، لضمان لحاق جميع الطلاب بالعام الدراسي»، وشدد على «ضرورة التزام باقي المدارس السودانية، باشتراطات السلطات المصرية لممارسة النشاط التعليمي مرة أخرى».

وكان السفير السوداني بالقاهرة، قد ذكر في مؤتمر صحافي، السبت الماضي، أن «وزير التعليم السوداني، سيلتقي نظيره المصري، الأسبوع المقبل لمناقشة وضع المدارس السودانية».