هل تزيد «الآلية الأممية» وتيرة المساعدات إلى غزة؟

القاهرة طالبت بوقف فوري لإطلاق النار ضمانة لتنفيذ قرار مجلس الأمن

مساعدات مصرية في طريقها إلى قطاع غزة (التحالف الوطني للعمل الأهلي)
مساعدات مصرية في طريقها إلى قطاع غزة (التحالف الوطني للعمل الأهلي)
TT

هل تزيد «الآلية الأممية» وتيرة المساعدات إلى غزة؟

مساعدات مصرية في طريقها إلى قطاع غزة (التحالف الوطني للعمل الأهلي)
مساعدات مصرية في طريقها إلى قطاع غزة (التحالف الوطني للعمل الأهلي)

تعوّل مصر على قرار مجلس الأمن الدولي، الذي اعتمد الجمعة، من أجل زيادة وتيرة إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، بعدما شهدت الأسابيع الماضية تأخر تدفق المساعدات على خلفية «عراقيل إسرائيلية»، خلقت تكدساً مستمراً للشاحنات على الجانب المصري من معبر رفح.

ورحّبت مصر بإنشاء آلية برعاية أممية من أجل إنفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بموجب قرار مجلس الأمن، معتبرة أن القرار «خطوة مهمة وإيجابية على مسار التخفيف من حدة المعاناة الإنسانية»، رغم تأكيدها أنه «خطوة غير كافية»، لأنه لم يتضمن المطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار، بوصفه «الضمانة لتوفير البيئة المواتية لتنفيذ مجمل بنود القرار».

ويرى السفير رخا أحمد حسن، عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، أن مصر، رغم تحفظاتها، «ستعمل بشكل قوي وفوري مع ممثل الأمين العام الذي سيجري تعيينه من أجل إدخال المساعدات إلى غزة بأسرع وقت، لكن في النهاية فإن وجود ممثل واحد وقد يكون معه بعض المساعدين، هو أمر سيجعل حركته ونشاطه محدودَين للغاية في ظل عمليات المماطلة الإسرائيلية بإجراءات التفتيش للشاحنات وتفريغها ونقلها، الأمر الذي يحتاج للجنة أو أعداد أكبر من المسؤولين للمتابعة الميدانية بشكل دقيق».

ويؤكد السفير رخا، لـ«الشرق الأوسط»، على «جاهزية مصر لإدخال مزيد من المساعدات بالتعاون والتنسيق مع الأمم المتحدة، خصوصاً أن المساعدات تصل بالفعل إلى معبر رفح لكن تنتظر أياماً عدة من أجل العبور على خلفية التعنت الإسرائيلي، الأمر الذي يتطلب ضغطاً من المجتمع الدولي».

وقال: «مصر تعمل بكل الطرق والوسائل من أجل إحباط المخطط الإسرائيلي لتجويع الشعب الفلسطيني في ظل نقص الغذاء وشحنات المساعدات وفرض حصار خانق على غزة»، لافتاً إلى أن «الدولة المصرية ستدعم تنظيم آلية لإدخال المساعدات عبر معبري رفح وكرم أبو سالم بأسرع وقت».

شاحنات تحمل مساعدات تدخل إلى قطاع غزة من معبر «كرم أبو سالم» في رفح الخميس الماضي (أ.ف.ب)

وخصصت مصر مطار العريش (شمال سيناء) لاستقبال طائرات المساعدات الدولية التي تصل حاملة مواد إغاثية إلى قطاع غزة، وتشكو مصر من تكدس شاحنات المساعدات التي تنتظر الدخول إلى غزة.

وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، في تصريح سابق، إن بلاده «تبذل كل جهد لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، لكن سياسة إسرائيل في تعطيل دخول المساعدات هي سياسة ممنهجة تستهدف دفع الفلسطينيين لمغادرة القطاع تحت وطأة القصف والحصار».

ورغم أهمية الدعم الأممي لإدخال المساعدات والتوافق الدولي بخصوصه، فإن «هناك مخاطر كثيرة ستحيط بالتطبيق العملي على أرض الواقع»، وفق الدكتور طارق البرديسي خبير العلاقات الدولية، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «استمرار إدخال المساعدات مع الغارات الإسرائيلية والتحركات العسكرية المكثفة قد يؤدي لاستهداف شاحنات المساعدات».

وأشار خبير العلاقات الدولية إلى أن «التجربة المصرية في التعامل مع إدخال المساعدات بشكل سريع بعد وقت قصير من وصولها وفق أولويات الاحتياج التي تحددها المنظمات الإغاثية الفلسطينية والأممية الموجودة في القطاع تجعل لدى القاهرة خبرة في التعاون لإدارة هذا الملف وتقديم تصورات للمبعوث الأممي تساعده في عمله الجديد بشكل سريع»، مشككاً في التزام إسرائيل بالتعاون معه بالمقدار الكافي.

ومُرر قرار مجلس الأمن الدولي بصيغة «أقل من المتوقعة»، وفق السفير رخا، الذي اعتبر القرار «يقيد الدور الذي كان يفترض أن تلعبه الأمم المتحدة فيما يتعلق بإدخال المساعدات»، متوقعاً أن «تواصل إسرائيل عرقلة إدخال المساعدات والتحايل على القرارات الدولية».

وكان النص الأصلي للقرار يدعو إلى «تشكيل آلية من الأمم المتحدة» لمراقبة توصيل المساعدات، بينما جرى تغييره إلى طلب تعيين «منسق كبير للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار يكون مسؤولاً عن التيسير والتنسيق والمراقبة والتحقق»، ويطب من المنسق إنشاء «آلية» لتسريع المساعدات ومطالبة أطراف النزاع بالتعاون معه.


مقالات ذات صلة

السعودية تدعو لشراكة جادة تحقق السلام في المنطقة

الخليج وزير الخارجية السعودي يتحدث خلال جلسة لمجلس الأمن بشأن غزة في نيويورك (الأمم المتحدة)

السعودية تدعو لشراكة جادة تحقق السلام في المنطقة

أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن بلاده تؤمن بأن تنفيذ حل الدولتين هو الأساس لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

جبير الأنصاري (الرياض)
العالم العربي ممثل كوريا الجنوبية لدى الأمم المتحدة هوانغ جون-كوك يتحدث خلال جلسة مجلس الأمن (الأمم المتحدة)

كوريا الجنوبية تصف التصعيد في المنطقة بـ«غير المسبوق»

قال ممثل كوريا الجنوبية لدى الأمم المتحدة هوانغ جون-كوك، إن الضربة في الضاحية الجنوبية لبيروت «أدت إلى تعميق مشاغلنا»، واصفا التصعيد في المنطقة بـ«غير المسبوق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يلقي كلمة أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك (أ.ف.ب)

لافروف: الشرق الأوسط على شفا «حرب شاملة»

حذّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الجمعة، من أن الشرق الأوسط على شفا «حرب شاملة» مع قيام إسرائيل بشن هجمات على «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية لقاء بين إردوغان والأسد في 2010 (أرشيفية)

أميركا لا تدعم التطبيع بين أنقرة ودمشق قبل الحل السياسي في سوريا

أحدثت التصريحات الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان التي كرر فيها استعداده للقاء الرئيس السوري بشار الأسد من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين ردود فعل متباينة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حضر اجتماع غداء في الأمم المتحدة (رويترز)

ماكرون يدعو لتقييد حق استخدام «الفيتو» بمجلس الأمن في حالات «القتل الجماعي»

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم (الأربعاء)، إلى إصلاح مجلس الأمن الدولي عبر تقييد حقّ استخدام «الفيتو» في حالات «القتل الجماعي».

«الشرق الأوسط» (باريس)

الجيش السوداني يعبر الجسور مجدّداً... ويحقّق تقدّماً شمال الخرطوم بحري

مشهد لأحد الجسور في العاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)
مشهد لأحد الجسور في العاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يعبر الجسور مجدّداً... ويحقّق تقدّماً شمال الخرطوم بحري

مشهد لأحد الجسور في العاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)
مشهد لأحد الجسور في العاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)

قالت «قوات الدعم السريع»، إنها ألحقت «هزيمة ساحقة» بالجيش السوداني وحلفائه من كتائب الإسلاميين والحركات المسلحة التي انحازت إليه، في معركة دارت حول مصفاة النفط شمال الخرطوم، التي تسيطر عليها منذ الأيام الأولى للحرب.

وكانت وسائل التواصل الاجتماعي بثّت مقاطع فيديو لخروج مئات المواطنين في مدن شندي، وعطبرة، والقضارف، في تظاهرات فرح إثر إطلاق موالين للجيش «إشاعة زاحفة»، بأن قواته تحرّكت من مدينة شندي، واستردّت المصفاة بعد أن هزمت «قوات الدعم السريع»، ونتجت عن الإشاعة ضجة واسعة، فاضطرت قيادات عسكرية لنفي الخبر، وأعلن العميد طبيب طارق كجاب، في مقطع فيديو، نفي استرداد المصفاة، ودعا المواطنين «للهدوء، والعودة إلى منازلهم إنفاذاً لأوامر حظر التجول، والتوقف عن إطلاق رصاص الفرح».

الدخان يتصاعد قرب جسر الحلفايا بالعاصمة السودانية (أرشيفية - رويترز)

وفي بيان رسمي على منصة «إكس»، قال إعلام «الدعم السريع»، إنها ألحقت هزيمة ساحقة بقوة مكوّنة من «قوات وكتائب الحركة الإسلامية الإرهابية، ومرتزقة الحركات التي يقودها البرهان - وهي الصفة التي دأب على توصيف الجيش السوداني وحلفائه بها - حاولت الهجوم على القوة المتمركزة في مصفاة الجيلي (70 كيلومتراً شمال الخرطوم)، وقضت على المتحرك القادم من جهة مدينة شندي».

وقالت «الدعم»، إن خسائر القوات المهاجمة بلغت 320 قتيلاً، وتم الاستيلاء على 48 مركبة قتالية بكامل عتادها، ومدافع وأسلحة متنوعة، وكميات من الذخائر، وسخر في بيان مما روّج له مؤيدو الجيش بقوله: «ظللنا نتابع زعيق أبواق الميليشيا الإعلامية، وتصديرهم روايات وهمية عن انتصارات لا وجود لها إلا في خيالاتهم البائسة».

ووفقاً للجان مقاومة «حجر العسل» بولاية نهر النيل، حيث مقر «الفرقة الثالثة مشاة» بمدينة شندي، التي انطلق منها الهجوم على «مصفاة الجيلي»، فإن الجيش تراجع نحو وسط وشمال المنطقة، وتمددت «قوات الدعم» فيها مجدّداً، بعد أن كان الجيش قد استردّها قبل أيام.

الدخان يتصاعد نتيجة القتال في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

وتناقلت وسائط عديدة صوراً ومقاطع فيديو نعت فيها عدداً كبيراً من ضباط في الجيش برُتَب متفاوتة، تراوحت بين لواء وملازم، بجانب عدد من عناصر «كتيبة البراء» التابعة للإسلاميين، والمستنفرين، لكن لا الجيش ولا «الدعم السريع» أشارا إلى خسائرهما في معارك الخرطوم والخرطوم بحري.

وتجدّدت المعارك، صباح اليوم الأحد، شمال الخرطوم بحري، وقال شهود: «إن (قوات الدعم السريع) شنّت هجوماً عكسياً على قوات الجيش التي تمركزت في منطقة الحلفايا إثر معارك يوم السبت، التي استعادت فيها مناطق من شمال الخرطوم بحري».

وكان الجيش أعلن عبوره لـ«جسر الحلفايا»، الرابط بين شمال أم درمان حيث القاعدة العسكرية الرئيسية للجيش، وشمال الخرطوم بحري مركز سيطرة «قوات الدعم السريع»، بعد أن كان الفريقان المتقاتلان يسيطران على الجسر، كلٌّ من الضفة المقابلة له من نهر النيل، كما أعلن استرداد منطقة الكدرو (شمال)، وإنهاء الحصار الذي كانت تفرضه «قوات الدعم» على قوات الجيش الموجودة هناك.

وبعد أن كان الجيش يتبع تكتيكات دفاعية ويتحصن بمواقعه، شنّ للمرة الأولى منذ بدء الحرب هجمات كبيرة أيام الخميس والجمعة والسبت الماضية، على مناطق في الخرطوم والخرطوم بحري، منطلقاً من تمركزه الرئيسي في أم درمان، وأفلح أكثر من مرة في عبور 3 جسور: النيل الأبيض، والفتيحاب باتجاه الخرطوم، و«جسر الحلفايا» باتجاه الخرطوم بحري.

وأحدثت هجمات الجيش على الخرطوم والخرطوم بحري صدى كبيراً، هلّل له دعاة الجيش، لكن «قوات الدعم السريع» المرابطة في الخرطوم والخرطوم بحري أجبرته على الانسحاب من منطقة الخرطوم.

أرشيفية لـ«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)

ونقلت صفحة القوات المسلحة الرسمية، يوم السبت، أن قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، «شُوهِد وهو يتفقد قواته في الخطوط الأمامية للقتال، ويتبادل الحديث مع الجنود»، وهي المرة الأولى التي يظهر فيها الرجل بين قواته أثناء القتال منذ إفلاته من الحصار في القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم، والتوجه إلى بورتسودان التي جعل منها عاصمة مؤقتة.

ونقلت وسائط التواصل مقطع فيديو للرجل وهو يؤشر بإشارة للجنود، أثارت جدلاً واسعاً في محاولة لتفسيرها، وقال مؤيدو الجيش إنها دعوة لإحكام الحصار، والقضاء على «قوات الدعم السريع»، فيما ذكر آخرون أنها إشارة ذات مدلولات سلبية.