«الدعم السريع» ينشر وحداته في «الجزيرة» ويهدد ولايات الوسط والشرق

الجيش يعزز في القضارف لحماية بورتسودان... ومستشفيات مدني خارج الخدمة

محمد حمدان دقلو حميدتي قائد قوات «الدعم السريع» (أ.ب)
محمد حمدان دقلو حميدتي قائد قوات «الدعم السريع» (أ.ب)
TT

«الدعم السريع» ينشر وحداته في «الجزيرة» ويهدد ولايات الوسط والشرق

محمد حمدان دقلو حميدتي قائد قوات «الدعم السريع» (أ.ب)
محمد حمدان دقلو حميدتي قائد قوات «الدعم السريع» (أ.ب)

عززت قوات الدعم السريع من وجودها في ولاية الجزيرة وسط السودان، في غياب تام لقوات الجيش السوداني الذي انسحب من المنطقة، ليعزز قواته شرقاً في ولاية القضارف، لحماية بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة والمعقل الجديد، لقادة الجيش.

وعلى وقع تصاعد التحذيرات الأممية من خطورة الأوضاع الإنسانية المتدهورة، في السودان، وتحذير الاتحاد الدولي للصليب والهلال الأحمر، بوقف العديد من خدماته بالسودان، قامت قوات الدعم السريع بنشر عناصرها في عدد من المدن والمناطق في الولاية، مثل تمبول وأبو حراز ورفاعة والحصاحيصا والحاج عبد الله، كما قامت بتهديد ولايات أخرى في الوسط والشرق مطالبة سلطاتها وأعيانها بالاستسلام. في المقابل، أرسل الجيش الذي يقوده الفريق عبد الفتاح البرهان، تعزيزات إلى ولاية القضارف (شرق)، لمنع تقدم قوات الدعم السريع إلى بورتسودان المقر الجديد للحكومة والجيش.

 

الدعم يحقق انتصارات

وأكدت قوات الدعم السريع التي يقودها الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) في بيان (الجمعة) أن عناصرها «تمضي بقوة وثبات محققة الانتصارات في أكثر من محور»، مجددة الدعوة «لشرفاء القوات المسلحة والشرطة، للانحياز إلى رغبة الشعب السوداني في تأسيس دولة المواطنة بلا تمييز واستعادة مسار التحول الديمقراطي المفضي إلى سودان جديد تسوده قيم السلام والعدالة والحرية»، وحثت الضباط وضباط الصف والجنود والفرق والوحدات العسكرية في مختلف ولايات السودان «على التسليم والانخراط إلى جانب قواتنا حفاظا على الأرواح والممتلكات وتحكيما لصوت العقل».

قوة من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ب)

وأدان بيان الدعم السريع «التفلتات التي حدثت في بعض المناطق»، مؤكدا أن «الدعم السريع» «تتبرأ من أي سلوك فردي ومظاهر لتفلتات بحق المواطنين الأبرياء، وتوجه بضرورة التعامل بالحسم اللازم مع أي تفلتات بحق المدنيين من أي جهة كانت، لا سيما عصابات النهب والتخريب التابعة لكتائب الظل»، وتؤكد أنها لن تتردد في محاسبة ومعاقبة كل من يثبت تورطه في انتهاكات.

 

شروط للقاء البرهان

من جهة ثانية، أكد إبراهيم مخير، مستشار قائد قوات الدعم السريع بالسودان، الجمعة، أن قيادة «الدعم» ما زالت تشترط للقاء الفريق أول عبد الفتاح البرهان أن يحضر بصفته قائدا للجيش لا رئيسا لمجلس السيادة وممثلا للشعب السوداني. وقال مخير في حديث إلى وكالة أنباء العالم العربي إن صفة مجلس السيادة ومهام أعضائه انتفت بوقوع انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021. مؤكدا عدم التوصل حتى الآن لاتفاق بين قيادة الدعم السريع والجيش لعقد اللقاء «لأنهم لم يلتزموا بمقررية اتفاق جدة». وأضاف: «كانت هناك التزامات وإجراءات لبناء الثقة بين الطرفين، من بينها القبض على رموز الإسلاميين الفارين من السجون، والسماح بمرور المساعدات الإنسانية إلى مناطق الصراع تحت سيطرة الطرفين، وتخفيف خطاب العدائيات، وهذه كلها لم تتم».

رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان (أرشيفية - أ.ف.ب)

ولفت إلى أن البرهان فور عودته من قمة إيغاد الأخيرة «بدأ في بث خطابات عدائية»، وأضاف: «نحن ملتزمون بمقررية منبر جدة، ووفدنا ما زال موجودا هناك بحثا عن الحلول».

 

وأكد مخير أن الحرب هي «آخر الخيارات بالنسبة للدعم السريع، لأن الخسائر وسط العسكريين كما وسط المدنيين كبيرة، ولا نريد ضخ المزيد من الدماء مع أن قوات البرهان في ولايات الشرق بدأت تتهاوى».

وطمأن مخير قادة الإدارة الأهلية في ولايات شرق البلاد إلى أن قوات الدعم السريع ليس لديها ما يدعوها للانتقام منهم، بما في ذلك الفريق أول شيبة ضرار رئيس تحالف أحزاب شرق السودان، ومحمد الأمين ترك، الأمين العام لنظارة البجا والعموديات المستقلة. وعن تقدم قوات الدعم السريع إلى ولايات القضارف وكسلا وبورتسودان شرق البلاد، قال إن كل الاحتمالات مفتوحة «لكن نهيب بالمواطنين بأن يبعدوا عن الفلول، ونحن نقوم بتسليم المدن التي يتم تحريرها لأهلها كما حدث في الجزيرة».

نازحون فارون من ود مدني بولاية الجزيرة يصلون إلى ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

وفي الأثناء، قال رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر جاغان تشاباجين، الجمعة، إن عدم الاستجابة لمناشدات المنظمة قد يدفعها لإيقاف العديد من خدماتها في السودان. وكتب تشاباجين عبر منصة «إكس» «لا تزال الاحتياجات الإنسانية في السودان تتزايد يوما بعد يوم مع استمرار الصراع... الاستجابة لمناشدتنا كانت سيئة للغاية وقد نضطر إلى التوقف عن العديد من الخدمات في الأشهر المقبلة». وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) الخميس من أن نحو ثلاثة ملايين طفل في ولاية الجزيرة السودانية معرضون للخطر نظرا لتصاعد العنف، كما أشارت إلى نزوح 150 ألف طفل على الأقل في الولاية وانقطاع المساعدات الإنسانية العاجلة عنهم. وأعلن برنامج الأغذية العالمي، الأربعاء الماضي، تعليق المساعدات الغذائية مؤقتا في أجزاء من ولاية الجزيرة بالسودان بسبب اتساع نطاق القتال هناك. وفي وقت سابق من الجمعة، قالت نقابة أطباء السودان في بيان إن جميع المرافق الصحية في مدينة ود مدني بولاية الجزيرة خرجت عن الخدمة. وأضافت في بيان أن ود مدني مركز رئيسي للخدمات الصحية وبالتالي فإن خروج مستشفياتها عن الخدمة سيؤدي إلى انهيار «كامل وخطير» في المنظومة الصحية على مستوى البلاد.


مقالات ذات صلة

6 قتلى في قصف لـ«الدعم السريع» على مخيم للنازحين في شمال دارفور

شمال افريقيا تصاعد الدخان فوق المباني بعد قصف جوي، خلال اشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني في الخرطوم 1 مايو 2023 (رويترز)

6 قتلى في قصف لـ«الدعم السريع» على مخيم للنازحين في شمال دارفور

قُتل 6 أشخاص على الأقل في قصف نفذته «قوات الدعم السريع» طال مخيماً للنازحين في شمال دارفور بغرب السودان، وفق ما أفاد ناشطون الاثنين.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا وزير الدفاع السوداني ياسين إبراهيم ياسين خلال المؤتمر الصحافي في بورتسودان الاثنين (أ.ف.ب)

«تقدم كبير» للجيش السوداني في وسط البلاد

أعلن وزير الدفاع السوداني ياسين إبراهيم ياسين، سيطرة الجيش على بلدة أم القرى شرق ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة بعد انسحاب «قوات الدعم السريع» منها.

وجدان طلحة (بورتسودان)
المشرق العربي دورية لـ«الدعم السريع» في إحدى مناطق القتال بالسودان (أرشيفية - رويترز)

السودان: «الدعم السريع» يستهدف مطار عطبرة بولاية نهر النيل

نقلت صحيفة «السوداني»، اليوم (الأحد)، عن بيان للجنة أمن ولاية نهر النيل القول إن «قوات الدعم السريع» استهدفت مطار عطبرة بالولاية بمسيّرات «انتحارية».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا مفاوضات جنيف لحل الأزمة في السودان (أرشيفية - حساب المبعوث الأميركي للسودان توم بيرييلو)

محادثات سويسرا: إعلان لوقف الحرب وبناء جيش سوداني موحد

أعلنت قوى سياسية ومدنية وحركات مسلحة سودانية عن اتفاق لوقف الحرب، وبناء جيش سوداني موحد، وتفكيك نظام الإنقاذ الوطني، وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»

«الدعم السريع» تكوّن حكومة مدنية موازية في الخرطوم

أعلنت «قوات الدعم السريع» تشكيل إدارة مدنية (حكومة ولائية) في العاصمة السودانية الخرطوم، وذلك بعد تسعة عشر شهراً من سيطرتها على معظم أنحاء ولاية الخرطوم

أحمد يونس (كمبالا)

مؤتمر القاهرة لـ«إغاثة غزة»... مساعٍ لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية بغزة (الخارجية المصرية)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية بغزة (الخارجية المصرية)
TT

مؤتمر القاهرة لـ«إغاثة غزة»... مساعٍ لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية بغزة (الخارجية المصرية)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية بغزة (الخارجية المصرية)

شهدت العاصمة المصرية، الاثنين، مؤتمر «القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة»، بتنظيم مصري - أممي وحضور فلسطيني، ومشاركة 103 وفود للدول والمنظمات والهيئات الدولية والمؤسسات المالية.

ويهدف المؤتمر، وفق بيان صحافي لوزارة الخارجية المصرية، إلى «تأمين التزامات واضحة بتقديم المساعدات لغزة، وتعزيز الدعم الدولي لضمان استدامة الاستجابة للأزمة الإنسانية في غزة، وحشد الجهود لتوفير المساعدات الإنسانية العاجلة لأهل غزة، والتخطيط للتعافي المبكر داخل القطاع».

وهو ما يراه المحلل السياسي الفلسطيني والقيادي بحركة «فتح»، الدكتور أيمن الرقب، في حديث مع «الشرق الأوسط»، بأنه يحمل أهمية كبيرة لدعم مسار المساعدات الإغاثية بهذا التوقيت، مؤكداً أن المؤتمر نقل رسالة قوية بأنه لا بديل عن «الأونروا» التي كان مفاوضها فيليب لازاريني أحد المتحدثين.

وباعتقاد الرقب، فإن المؤتمر شهد زخماً كبيراً، خاصة في ظل تنامي الاهتمام بقضية المساعدات، متوقعاً أن تكون التعهدات المالية على مستوى الكارثة الإنسانية التي أشارت لها مصر وكلمات الحضور بوضوح خلال المؤتمر.

وكان وضع غزة حاضراً بقوة في المؤتمر؛ حيث تحدث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي عن «استمرار المأساة، غير الإنسانية، وغير المسبوقة، التي يعاني منها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة نتيجة للعدوان الغاشم الإسرائيلي المستمر».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال افتتاح مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة (الخارجية المصرية)

و«فاق العدوان على قطاع غزة كل الحدود»، بحسب عبد العاطي، «إذ تواصل إسرائيل ارتكاب الفظائع على مرأى ومسمع من العالم منذ أكثر من عام دون رادع، وفي مشاهد مُرَوعة تعجزُ الكلماتُ عن وصفها، كما تستخدم إسرائيل التجويع والحصار سلاحاً، والتهجير عقاباً جماعياً للفلسطينيين، بالمخالفة الفادحة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي».

وفي هذا الصدد، قال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في كلمته، إن «الناس في قطاع غزة جوعى ولا بد من التحرك الآن».

وأضاف الصفدي: «تجب ممارسة كل أشكال الضغط الممكنة لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة».

وقالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد إن الكارثة في غزة تمثل تهديداً للإنسانية ويجب إنهاؤها بشكل فوري.

وأكد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني ضرورة توفير استجابة طارئة في غزة وإنهاء الوضع الكارثي في القطاع.

دور «الأونروا»

وشهد المؤتمر تأكيداً على دور «الأونروا»، التي حظرت إسرائيل أعمالها في فلسطين الشهر الماضي، وسط مطالبات بوقف ذلك الحظر.

وأعرب الوزير المصري، في كلمته، عن إدانة مصر بشكل كامل إقرار التشريع غير القانوني من إسرائيل لحظر عمل وكالة «الأونروا»، مؤكداً أنه يمثل سابقة خطيرة بحظر دولة عضو بالأمم المتحدة عمل إحدى وكالاتها، ويعكس استخفافاً مرفوضاً بالمجتمع الدولي ومؤسساته.

وشدد على أن «(الأونروا) لا بديل لها ولا يمكن الاستغناء عنها داخل القطاع. ولا يمكن أن يحل محلها أو يقوم بدورها أي طرف آخر أياً كان».

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى إن دور «الأونروا» غير قابل للاستبدال أو التقويض، وإن لها دوراً محورياً في مرحلة ما بعد الحرب، داعياً إلى رفض كل القوانين الإسرائيلية التي تستهدفها، شاكراً كل الدول الشقيقة والصديقة التي تدعم «الأونروا»، وتساعد على تقديم وتسهيل دخول المساعدات.

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى الاثنين خلال مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية بغزة (وفا)

مطالب محددة

وشهد المؤتمر مطالب عدة بشأن الإغاثة وسبل وقف الحرب، ودعا الوزير المصري في كلمته جميع الوفود المشاركة إلى «الإعلان عن تقديم الدعم اللازم لأهل غزة والإعلان عن تعهدات مالية ملائمة وقابلة للتنفيذ الفوري، لإنقاذهم من الكارثة الإنسانية وبما يمهد الطريق أمام التعافي المبكر ثم إعادة الأعمار، حتى لا نخذلهم إنسانياً كما خذلناهم سياسياً».

كما طالب رئيس الوزراء الفلسطيني، في كلمته، بسرعة العمل على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، خاصة قرار مجلس الأمن 2735 من أجل وقف العدوان وتأمين دخول المساعدات ووصولها بشكل فوري وعاجل، وبما يمهد لعودة الخدمات الأساسية كالرعاية الصحية والتعليم، والبدء بالعمل من أجل إعادة الحياة إلى طبيعتها، وصولاً إلى إعادة الإعمار والتنمية، وإعادة قطاع غزة إلى فضائه الطبيعي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من دولة فلسطين، بدعم المجتمع الدولي.

وكشف المسؤول الفلسطيني، في كلمته، عن خطط مستقبلية بشأن الوضع في فلسطين، موضحاً أن الحكومة تضع حالياً خططاً للتعافي المبكر وإعادة الإعمار، تمهيداً لإطلاق عملية التنمية الشاملة، لافتاً إلى أنها وضعت خطة لإعادة توحيد وتطوير المؤسسات الوطنية في قطاع غزة والضفة الغربية، بما يمكّن من توسيع وتطوير الخدمات المدنية القائمة، لتلبية احتياجات المواطنين بعد الحرب.

كما وضعت الحكومة الفلسطينية خطة لإطلاق أعمال التعافي في قطاع غزة واستعادة الخدمات الأساسية الحيوية، وتمهيد الطريق لإنعاش الاقتصاد، بالشراكة مع أطراف دولية عدة، وشكلت فريقاً حكومياً لإعداد الخطط التفصيلية لإعادة إعمار غزة وبناء اقتصادها، بالشراكة مع المؤسسات الوطنية، والبنك الدولي، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وفق مصطفى.