ما خيارات مصر للتعامل مع نزاع «السد الإثيوبي»؟

عقب إعلان القاهرة تجميد المسار التفاوضي

سد النهضة (رويترز)
سد النهضة (رويترز)
TT

ما خيارات مصر للتعامل مع نزاع «السد الإثيوبي»؟

سد النهضة (رويترز)
سد النهضة (رويترز)

أثار الإعلان عن فشل الجولة الأخيرة من مفاوضات «سد النهضة» بين مصر والسودان وإثيوبيا، تساؤلات حول الخيارات المتاحة أمام مصر، التي أكدت «الاحتفاظ بحقها للدفاع عن أمنها المائي والقومي حال تعرضه للضرر».

وتبادلت مصر وإثيوبيا الاتهام بإفشال المفاوضات الثلاثية مع السودان بشأن السد الضخم، الذي بنته أديس أبابا على نهر النيل، غداة انتهاء جولة المباحثات الرابعة بأديس أبابا، الثلاثاء، دون تحقيق نتائج.

وبررت وزارة الموارد المائية المصرية تعثر الاجتماع، بـ«استمرار المواقف الإثيوبية الرافضة للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط، التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث، وتماديها (إثيوبيا) في النكوص عما تم التوصل له من تفاهمات».

وعلى إثر ذلك اعتبرت الوزارة أن «المسارات التفاوضية انتهت»، مشيرة إلى أن «مصر سوف تراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة... وتحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي».

وردّت الخارجية الإثيوبية قائلة في بيان إنها «بذلت جهوداً، وتعاونت بشكل نشط مع دولتي المصب لحل نقاط الخلاف الرئيسية، والتوصل إلى اتفاق ودي»، متهمة مصر بأنها «تتبنى عقلية من الحقبة الاستعمارية، وتضع العراقيل أمام جهود التقارب». كما قالت أديس أبابا أيضاً إنها مستعدة «للتوصل إلى تسوية ودية وتفاوضية تلبي مصالح الدول الثلاث وتتطلع إلى استئناف المفاوضات».

وتسعى مصر للتوصل لاتفاق يؤمن ما تصفه بـ«حقوقها التاريخية» في مياه النيل، وسط استمرار إثيوبيا في إجراءات استكمال ملء وتشغيل السد.

وقال النائب علاء عصام، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري، لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة الآن على طاولة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بعد تعثر المفاوضات الفنية، ليتخذ ما يراه مناسباً، ووضع حد للتعنت الإثيوبي غير المبرر وعدم التزامها بالتعهدات».

ورفض المتحدث باسم الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، الإفصاح عن الخطوات التالية في التعامل مع القضية، التي تعتبرها مصر «وجودية»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف مصر الرسمي هو فقط ما جاء في بيان وزارة الري». في حين قال رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير محمد العرابي لـ«الشرق الأوسط» إن «البيان المصري واضح... لا تفاوض مع إثيوبيا... وكل الخيارات مطروحة أمام السيسي».

وجاءت الجولة الأخيرة من المفاوضات في إطار اتفاق بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أعلنا عنه في يوليو (تموز) الماضي، على هامش قمة دول جوار السودان في القاهرة، لإجراء مفاوضات عاجلة بشأن ملء وتشغيل «سد النهضة» خلال أربعة أشهر.

واستبعد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، خيار «التصعيد العسكري»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «إعلان القاهرة فشل المفاوضات يعني أن كل الخيارات السياسية مطروحة، بما فيها العودة للاتحاد الأفريقي، أو مجلس الأمن الدولي»، لتقديم شكوى ضد إثيوبيا.

ويرى أستاذ القانون الدولي العام، الدكتور محمد محمود مهران، أن «موقف مصر القانوني بشأن نزاع سد النهضة قوي، ويمنحها العديد من الخيارات والبدائل المشروعة، سواء على المستوى الدولي عبر حشد الدعم الدبلوماسي، أو استخدام أدوات الضغط الاقتصادي»، وقال مهران لـ«الشرق الأوسط» إن موقف مصر «يؤهلها للجوء للمجتمع الدولي في النزاع مع إثيوبيا استناداً إلى اتفاق المبادئ».

وفشلت المفاوضات السابقة، التي تجري بصورة متقطعة منذ 2001، بشأن ملء وتشغيل السد حتى الآن في التوصل إلى اتفاق.


مقالات ذات صلة

إثيوبيا تبدأ «الملء الخامس» لـ«سد النهضة» وسط ترقّب مصري

العالم العربي «سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)

إثيوبيا تبدأ «الملء الخامس» لـ«سد النهضة» وسط ترقّب مصري

بدأت إثيوبيا عملية «الملء الخامس» لخزان «سد النهضة» على نهر النيل، حسب ما أظهرته صور بالأقمار الاصطناعية، وسط ترقّب مصر، التي حذّرت من المساس بـ«حصتها المائية».

عصام فضل (القاهرة)
المشرق العربي مؤتمر بالقاهرة يناقش تداعيات صراعات القرن الأفريقي الإقليمية (الشرق الأوسط)

مصر تحذر من تفاقم الصراعات بـ«القرن الأفريقي» بسبب «التدخلات الخارجية»

حذرت مصر من تفاقم ما وصفته بـ«الصراعات المركبة» في منطقة «القرن الأفريقي»، متهمة «التدخلات الخارجية» بتأجيج تلك الصراعات.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا محطة «الدلتا الجديدة» في منطقة «الحمام» بالساحل الشمالي (المتحدث العسكري المصري)

مصر تدخل موسوعة «غينيس» بأكبر محطة لمعالجة «الصرف الزراعي»

دخلت مصر موسوعة «غينيس» العالمية للأرقام القياسية بأكبر محطة لمعالجة مياه «الصرف الزراعي»، وسط أزمة «شح مائي» تعاني منها البلاد.

عصام فضل (القاهرة)
العالم العربي «سد النهضة» الإثيوبي (رويترز)

«سد النهضة»: مصر تُصعّد ضد إثيوبيا قبل أسابيع من «الملء الخامس»

حذّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إثيوبيا من استمرار عملية بناء «سد النهضة» الإثيوبي، من دون التوصل إلى «اتفاق» مع بلاده بشأنه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي وزير الموارد المائية والري المصري الدكتور هاني سويلم خلال مشاركته في «المنتدى العالمي العاشر للمياه» المنعقد بإندونيسيا (وزارة الموارد المائية المصرية)

مصر تطالب إثيوبيا بدراسات «فنية تفصيلية» حول آثار «سد النهضة»

دعت مصر إثيوبيا لإجراء دراسات «فنية تفصيلية» حول آثار «سد النهضة»، الذي تبنيه على الرافد الرئيسي لنهر النيل.

عصام فضل (القاهرة)

تحقيقات تؤكد تسبب «ماس كهربائي» في حرائق أسواق بالقاهرة

مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)
مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)
TT

تحقيقات تؤكد تسبب «ماس كهربائي» في حرائق أسواق بالقاهرة

مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)
مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)

حلّ الماس الكهربائي بوصفه «متهماً أول» في الحرائق التي اندلعت أخيراً بأسواق تجارية «شهيرة» في وسط القاهرة، بعدما أفادت تحقيقات أولية، السبت، بأن «الماس الكهربائي أحد الأسباب المسؤولة عن اشتعال النيران في حادثي (الموسكي) و(حارة اليهود)»، وهما الحريقان اللذان تسببا في سقوط 7 قتلى، إضافة إلى 6 مصابين، فضلاً عن خسائر مالية كبيرة.

وأشارت التحقيقات في الحادثين إلى أن الشرارة الأولى للنيران نتجت عن «ماس كهربائي»، قبل أن تمتد النيران لأماكن أخرى بسبب «وجود مواد قابلة للاشتعال نتيجة البضائع المخزنة في بعض العقارات».

وأخلت النيابة المصرية، السبت، سبيل صاحب مخزن الأحذية، الذي اشتعلت فيه النيران بعد توقيفه، الجمعة، عقب اندلاع حريق في بنايتين بمنطقة العتبة في حي الموسكي. وتبيّن لسلطات التحقيق «عدم حصول صاحب مخزن الأحذية على تصريح بتحويل شقته إلى مخزن للأحذية».

و«الماس الكهربائي أو الشرر الاحتكاكي مسؤول عن 18.4 في المائة من إجمالي مسببات الحرائق بمصر العام الماضي»، وفق «الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء»، الذي رصد في تقريره السنوي، الصادر في فبراير (شباط) الماضي، تراجع معدلات الحرائق في مصر من «51963 حريقاً عام 2020 إلى 45345 حريقاً في 2023»، وبنسبة انخفاض عن عام 2022 الذي شهد اندلاع «49341 حريقاً».

سيارات الإطفاء عقب إخماد حريق كبير أدى إلى تدمير متاجر «شهيرة» في وسط القاهرة (رويترز)

وأرجع الخبير الأمني المصري، محمد عبد الحميد، تكرار وقوع حوادث «الماس الكهربائي» لـ«عدم الالتزام بضوابط الحماية المدنية، في حين يتعلق بالأكواد المنظمة لعمليات التشغيل والحمل الكهربائي، مع وجود محال ومخازن تحتاج إلى تغيير العدادات، ووصلات الكهرباء الخاصة بها، نتيجة زيادة الأحمال بإضافة أجهزة وتشغيلها بشكل مستمر»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «غياب الرقابة والتفتيش الدوري على هذه الأماكن يعزز من فرص زيادة المخالفات المرتكبة».

وبحسب الخبير الأمني المصري، فإن «شبكات الكهرباء في المنازل تختلف عن المخصصة للمخازن، إضافة إلى أن بعض السلع والأدوات التي يجري تخزينها تكون بحاجة إلى درجة حرارة معينة»، لافتاً إلى أن بعض الأجهزة الحديثة، التي يجري استخدامها على غرار «غلايات المياه»، أو أجهزة تسخين الطعام، تكون بحاجة لضغط كهربائي عالٍ، الأمر الذي يؤدي لحدوث «شرارات»، ومع وجود مواد قابلة للاشتعال بجوارها «يتحول الأمر لحريق لا يمكن السيطرة عليه عن طريق الشخص؛ لكن يتطلب قوات الإطفاء المدربة».

ورأى عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن محسب، أن «الحرائق تزداد عادة خلال الأيام التي ترتفع فيها درجات الحرارة بشكل كبير»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» ضرورة «تنفيذ ضوابط مراقبة، ومتابعة التزام جميع المواقع بإجراءات الحماية المدنية». وأضاف عضو «النواب» أنه قدّم إحاطة برلمانية في مارس (آذار) الماضي لرئيس مجلس الوزراء عن «خطة الحكومة بشأن توافر وسائل الأمان لإخماد حوادث الحرائق، من دون حدوث أضرار ضخمة، وذلك بعد الحريق الذي نشب في استوديو (الأهرام) بالجيزة».

وتسبب «ماس كهربائي» في حريق هائل باستوديو «الأهرام»، أسفر عن تدمير بلاتوهات تصوير عدة داخل الاستوديو، إضافة إلى امتداد النيران للعقارات المجاورة، وتدمير عدد من الشقق السكنية.

سيارة إطفاء خلال إخماد حريق «الموسكي» الجمعة (رويترز)

عودة إلى الخبير الأمني المصري، الذي أكد وجود أسباب عدة لحدوث «الماس الكهربائي»، من بينها «عدم انتظام تيار الضغط الكهربائي لأي سبب من الأسباب، أو انصهار أسلاك بسبب تهالكها، وعدم تجديدها، خصوصاً في المباني القديمة بوسط القاهرة، التي لا تشهد عادة إعادة تأهيل، بما يتناسب مع طبيعة الأنشطة التي تمارس داخلها»، مشدداً على «ضرورة الالتزام بوجود التجهيزات اللازمة لإطفاء الحرائق حال حدوثها، وبما يتناسب مع المواد القابلة للاشتعال التي تكون موجودة بهذه الشقق».

كما شدد النائب البرلماني على «تطبيق الاشتراطات الخاصة بالأمن الصناعي في مختلف الأسواق، وعدم الاكتفاء بتحرير محاضر مخالفات من دون متابعة ما يجري بعد ذلك من إجراءات».