حميدتي يعدّ سيطرة قواته على ود مدني «انتصاراً تاريخياً»

تعهد بترك إدارتها لأعيانها من غير الموالين لـ«النظام القديم»

محمد حمدان دقلو حميدتي قائد قوات «الدعم السريع» (أ.ب)
محمد حمدان دقلو حميدتي قائد قوات «الدعم السريع» (أ.ب)
TT

حميدتي يعدّ سيطرة قواته على ود مدني «انتصاراً تاريخياً»

محمد حمدان دقلو حميدتي قائد قوات «الدعم السريع» (أ.ب)
محمد حمدان دقلو حميدتي قائد قوات «الدعم السريع» (أ.ب)

رأى قائد قوات «الدعم السريع» في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أن إعلان قواته «السيطرة الكاملة» على مدينة ود مدني الاستراتيجية (حاضرة ولاية الجزيرة بوسط البلاد) بمثابة «انتصار تاريخي جديد». وأكد في بيان، الثلاثاء، أن عناصر «الدعم السريع» تمكنت من «تحرير قيادة الفرقة الأولى مشاة ومدينة ود مدني من فلول النظام المباد (في إشارة إلى قوات الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان)».

وبعد 4 أيام من القتال، أعلنت «الدعم السريع» رسمياً إكمال سيطرتها على مدينة ود مدني، وعلى الجسر الرابط بين ضفتي نهر «النيل الأزرق» الذي يقسم ثاني أكبر مدن البلاد إلى مدينتين، ونشرت «فيديوهات» لجنودها وهم داخل آخر تحصينات الجيش في المدينة (مقر قيادة الفرقة الأولى مشاة) وهي فارغة بعد أن غادرها الجيش.

وفي بيان هو الأول الذي يصدر بتوقيع حميدتي، منذ بدء الحرب في أبريل (نيسان) الماضي، قال إن قواته «تحركت صوب مقر الفرقة الأولى مشاة استناداً إلى معلومات استخباراتية دقيقة، أكدت لهم حشد قيادات القوات المسلحة بالتنسيق مع قادة فلول النظام القديم قوة مكونة من عشرات الآلاف لمهاجمة (الدعم السريع) في الخرطوم، وبناءً على ذلك مارست قواته ما سماه (حقنا المشروع) في القيام بهجمات استباقية، نجحنا بها في توسيع رقعة الأراضي المحررة من سيطرة الفلول، وأنصار النظام القديم».

وكانت «الدعم السريع» قد بثت، صباح الثلاثاء، مقطعاً مصوراً من داخل مبنى الفرقة الأولى مشاة التابعة للجيش السوداني وسط مدينة ود مدني، وقالت إن «6» من جنودها فقط دخلوا قيادة الجيش، ووجدوها «فارغة» من أي أثر للجنود وضباط، وذلك بعد أن سيطرت على المدينة، الاثنين، وسيطرت على وسطها والمؤسسات الحكومية بما فيها أمانة حكومة الولاية، بعد أن انهارت دفاعات الجيش السوداني عند «جسر حنتوب»، ما جعلها تعبره دون إطلاق «رصاصة واحدة».

صمت وتعهدات

ولم يقدم الجيش السوداني تفسيراً لما حدث في ود مدني، وأسباب مغادرة الجيش والقوات الأمنية وانسحابها إلى جهة غير محددة خارجها، بينما تناقل شهود عيان أن قوات الجيش المنسحبة من الفرقة الأولى انسحبت وقيادتها غرباً باتجاه ولاية سنار، بينما ذكر شهود آخرون أن جزءاً من تلك القوات اتجه إلى مدينة «المناقل» إحدى مدن ولاية الجزيرة، ولا يعرف على وجه الدقة ماذا حدث في ود مدني، بينما ضج عدد من مؤيدي الجيش بحدوث ما وصفوه بـ«خيانة»، ودعا هؤلاء إلى إقالة القائد العام للجيش، وتحميله مسؤولية خسارة المعركة.

جنود من الجيش السوداني يقومون بدورية في القضارف بشرق السودان 18 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

وتعهد حميدتي وفقاً لبيانه بـ«ترك أمر إدارة مدينة ود مدني وولاية الجزيرة لأعيانها الذين لا يناصرون النظام القديم أو يتعاطفون معه»، وأعلن إصدار تعليمات لقواته بـ«عدم الاعتداء على أي مواطن أو التعدي على الممتلكات العامة والخاصة». وأعلن حميدتي استعداده الكامل للقيام بما هو ضروري لـ«تمكين القوى الديمقراطية الثورية الحقيقية، والتعاون معها، لبناء دولة جديدة في السودان على مبادئ تأسيسية، وأهمها بناء جيش قومي ومهني جديد، لا يتدخل في السياسة، ويخضع كلياً للحكومة المدنية، وأن قوات (الدعم السريع) لن تكون الجيش البديل لجيش السودان الذي دمره الفلول بالفساد والإهمال والمحاباة والتسييس، وأنها لا تنوي أبداً أن تكون هي السلطة البديلة لحكومة الأمر الواقع، التي انهارت في الخامس عشر من أبريل (نيسان)».

حمدوك

ومن جهته، دعا رئيس «تنسيقية القوى المدنية (تقدم)» رئيس الوزراء الأسبق عبد الله حمدوك، في تغريدة على حسابه على منصة «إكس» بمناسبة الذكرى الخامسة لثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018، والتي أطاحت حكم الرئيس السابق عمر البشير، الطرفين المتحاربين إلى «وقف فوري ودائم وغير مشروط للقتال والوفاء بمسؤوليتهما وفقاً للقانون الإنساني الدولي في حماية المدنيين، وتسهيل وصول العون الإنساني دون عوائق».

وطلب حمدوك من الشعب ومن سماهم «قوى الشعب الحية» إلى «الالتفاف حول جهود القوى المدنية لإيقاف الحرب، واستعادة مسار الانتقال الديمقراطي، نحو تأسيس الدولة المدنية الديمقراطية لتحقيق دولة المواطنة والحقوق المتساوية».

ومنذ يوم الجمعة الماضي، خاضت «الدعم السريع» قتالاً شرساً مع الجيش السوداني في شرق ولاية الجزيرة، سيطرت خلاله على عدد من البلدات والقرى في منطقة «البطانة» وعلى الطريق البرية الرابطة بين الولاية والعاصمة الخرطوم الموازية للضفة الشرقية لنهر النيل الأزرق. وأعلنت «الدعم السريع»، الاثنين، دخولها إلى بلدة «رفاعة» الثالثة بعد ود مدني من حيث الأهمية، واستطاعت السيطرة عليها، وعلى الجسر الرابط بين (رفاعة، وود مدني). واتهمت منظمات مجتمع مدني قوات «الدعم السريع» بارتكاب «انتهاكات» في المدينتين، بما في ذلك «مقتل كادر طبي واختطاف طبيبين» في رفاعة، فضلاً عن الاستيلاء على «سجن الحصاحيصا» وإطلاق السجناء.


مقالات ذات صلة

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

شمال افريقيا البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

تشهد مدينة بورتسودان حراكاً دبلوماسياً مطرداً لإنهاء الاقتتال بوصل المبعوث الأممي، رمطان لعمامرة، ومباحثات خاطفة أجراها نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا من داخل أحد الصفوف بمدرسة «الوحدة» في بورتسودان (أ.ف.ب)

الحرب تحرم آلاف الطلاب السودانيين من امتحانات «الثانوية»

أعلنت الحكومة السودانية في بورتسودان عن عزمها عقد امتحانات الشهادة الثانوية، السبت المقبل، في مناطق سيطرة الجيش وفي مصر، لأول مرة منذ اندلاع الحرب.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا لقاء حاكم اقليم دارفور و نائب وزير الخارجية الروسي في موسكو (فيسبوك)

مناوي: أجندتنا المحافظة على السودان وليس الانتصار في الحرب

قال حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة «جيش تحرير السودان»، مني أركو مناوي، إن أجندة الحركة «تتمثل في كيفية المحافظة على السودان، وليس الانتصار في الحرب».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا «مجموعة أ 3 بلس» تُعبر عن «صدمتها» من الانتهاكات ضد نساء السودان

«مجموعة أ 3 بلس» تُعبر عن «صدمتها» من الانتهاكات ضد نساء السودان

استنكرت الجزائر باسم «مجموعة أ 3 بلس» بمجلس الأمن الدولي، التقارير الحديثة عن عمليات القتل الجماعي والاختطاف والاغتصاب في السودان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلقي كلمة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن السودان الخميس 19 ديسمبر 2024 (أ.ب)

واشنطن تعلن تقديم 200 مليون دولار مساعدات إنسانية للسودان

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم (الخميس)، تقديم نحو 200 مليون دولار إضافية من المساعدات الغذائية والمأوى والرعاية الصحية للسودان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)
البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)
TT

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)
البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)

تشهد العاصمة السودانية المؤقتة بورتسودان حراكاً دبلوماسياً مطرداً لإنهاء الاقتتال ووقف الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، وتوحيد الاتفاقات الدولية ومبادرات السلام.

ووصل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، رمطان لعمامرة، إلى المدينة لعقد سلسلة لقاءات مع المسؤولين السودانيين، وفي الوقت نفسه اجتمع نائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، الذي وصل البلاد في زيارة قصيرة استغرقت عدة ساعات.

لعمامرة الذي تمتد زيارته إلى يومين ينتظر أن يلتقي خلالها نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار، وعضو المجلس إبراهيم جابر، وتختتم بلقاء رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان.

وتأتي الزيارة عقب الاجتماع التشاوري الذي عُقد في العاصمة الموريتانية نواكشوط، الأربعاء الماضي، وشارك فيه ممثلون عن الاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، وجيبوتي (الرئيس الحالي للهيئة الحكومية المعنية بالتنمية «إيغاد»)، والأمم المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والبحرين والولايات المتحدة الأميركية.

البرهان مستقبلاً المبعوث الأممي إلى السودان رمطان لعمامرة في يناير الماضي (وكالة السودان للأنباء)

وتُعد زيارة لعمامرة إلى بورتسودان الثانية له لبورتسودان منذ اتخاذها عاصمة مؤقتة للحكومة السودانية، ويُنتظر أن تتناول مباحثاته هناك تطور الأوضاع واستمرار الحرب والحركات الدولية الهادفة لوقفها، وذلك عقب اجتماع نواكشوط التشاوري بشأن السودان، تحت اسم «المنظمات متعددة الأطراف الراعية لمبادرات السلام في السودان»، وهدفه توحيد مبادرات السلام الإقليمية والدولية.

ويُنتظر أن يبحث لعمامرة مجدداً محاولة «إحياء» استئناف المفاوضات المباشرة بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، على أن يقودها «شخصياً»، والوصول في الحد الأدنى لاتفاق لحماية المدنيين، ما يفتح الباب أمام مباحثات لوقف الأعمال العدائية، وإنهاء الحرب سلمياً.

حرص سعودي على السودان

وفي السياق ذاته، قال إعلام مجلس السيادة الانتقالي إن البرهان التقى ببورتسودان، السبت، نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي الذي وصل البلاد في زيارة قصيرة، لبحث العلاقات السودانية - السعودية وتعزيزها وترقيتها، والتعاون المشترك بين البلدين. ونقل الإعلام السيادي عن الخريجي قوله إن المملكة العربية السعودية حريصة على استتباب الأمن والاستقرار في السودان.

البرهان لدى لقائه الوفد السعودي برئاسة نائب وزير الخارجية وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)

ولم تكشف بورتسودان عما دار في الاجتماع، بيد أن المسؤول السعودي كان قد ذكر إبان مشاركته في اجتماع نواكشوط التشاوري الأسبوع الماضي، وفقاً لما نقلته «الشرق الأوسط»، أن بلاده تبذل جهوداً حثيثة لحل الأزمة السودانية، مشيراً إلى «مباحثات جدة 1» التي تمخضت عن «إعلان جدة الإنساني» و«مباحثات جدة 2» التي استهدفت إيجاد حل سياسي مستدام، يضمن أمن واستقرار السودان وتماسك الدولة ومؤسساتها، ومواصلة التنسيق بين الدول العربية والإسلامية والصديقة من أجل وقف القتال في السودان، ورفع المعاناة عن شعب السودان.الخريجي: وقف القتال أولوية

وأكد الخريجي أن حل الأزمة السودانية يبدأ بوقف القتال وتعزيز الاستجابة الإنسانية، والتمهيد لمستقبل سياسي يضمن أمن واستقرار البلاد ووحدتها وسيادتها ووقف التدخلات الخارجية.

وكان اجتماع نواكشوط قد دعا للتنسيق الإقليمي والدولي، وعقد اجتماعات تشاورية، تتناول الأوضاع في السودان والجهود والمساعي والمبادرات من أجل وضع حد للاقتتال في السودان، وفي الوقت نفسه كانت مجموعة «متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح وتحقيق السلام في السودان»، المعروفة اختصاراً بـ«ALPS» في سويسرا، منتصف الشهر الحالي، قد أجرت مشاورات مع فاعلين في المجتمع المدني والنساء والشباب لبحث تصوراتها بشأن خطط من أجل استئناف المباحثات بين الجيش و«قوات الدعم السريع».

وتأتي الجهود الدبلوماسية التي يقودها مبعوث غوتيريش في بورتسودان، في ظل تصاعد العمليات القتالية بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في عدة محاور بما في ذلك الخرطوم والجزيرة ودارفور.

ولا توجد إحصائيات رسمية عن أعداد الضحايا المدنيين بسبب الحرب التي توشك على إكمال عامها الثاني، وتقدرها منظمات دولية بعشرات الآلاف من القتلى والجرحى، بينما يقدر عدد النازحين داخل البلاد بأكثر من 11 مليوناً، وعدد الذين لجأوا لبلدان الجوار بنحو 3 ملايين، من جملة سكان البلاد البالغ عددهم 45 مليوناً، ويعاني نحو 25 مليوناً منهم كارثة إنسانية غير مسبوقة في التاريخ حسب الأمم المتحدة.