اتحاد الشغل التونسي يتهم الحكومة بـ«إغلاق أبواب الحوار»

انتقد السياسة الصحية و«تفقير» المواطنين

اتحاد الشغل خلال اجتماعه النقابي (موقع الاتحاد)
اتحاد الشغل خلال اجتماعه النقابي (موقع الاتحاد)
TT

اتحاد الشغل التونسي يتهم الحكومة بـ«إغلاق أبواب الحوار»

اتحاد الشغل خلال اجتماعه النقابي (موقع الاتحاد)
اتحاد الشغل خلال اجتماعه النقابي (موقع الاتحاد)

انتقد عثمان الجلولي، رئيس قسم الحماية الاجتماعية والقطاع غير المنظم بالاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، بشدة، تصريحات بعض المسؤولين الحكوميين بوزارة الشؤون الاجتماعية، حول خطط الحكومة التونسية للتعامل مع الاختلالات المالية التي تعرفها أنظمة التغطية الاجتماعية، ونقص السيولة في صندوق التأمين على المرض، والمفاوضات حول رفع الأجر الأدنى في تونس، داعياً إلى ضرورة مراجعة مخصصات التقاعد بصفة دورية، واعتماد فكرة التفويت في المساكن الاجتماعية، التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، قائلاً إنه «لا توجد حماية اجتماعية شفافة دون حوار اجتماعي تشاركي».

نور الدين الطبوبي أمين عام اتحاد الشغل (أ.ف.ب)

وكشف الجلولي في مؤتمر صحافي، عقده اليوم (الثلاثاء) بمقر الاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي (وسط العاصمة)، عن ترحيل الحكومة التونسية الحالية لمختلف هذه الملفات الشائكة إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، متجاوزة في ذلك صلاحيات «اللجنة الوطنية للحماية الاجتماعية» التي تتكون من أطراف حكومية، وممثلين نقابيين، وتنظر بشكل تشاركي في مختلف الملفات المطروحة؛ مشيراً إلى تناول مختلف هذه الملفات بشكل أحادي، ومتهماً وزارة الشؤون الاجتماعية بتحولها إلى مركز ثقل سياسي «يعطل الحوار ولا يتقدم بمختلف محاوره».

وأعلن المصدر ذاته عن وجود مخاطر فعلية «تهدد المكاسب الاجتماعية للمشمولين بالتغطية الاجتماعية في تونس، وكشف عن تعطل معظم الهياكل التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، على غرار الصناديق الاجتماعية التي اتهم الوزارة بتحويلها إلى مؤسسات مالية، والحال أنها مؤسسات لتقديم الخدمات الاجتماعية في المقام الأول»، على حد تعبيره.

كما انتقد الجلولي السياسة الصحية في تونس، معتبراً أنها «سياسة مترهلة لم تعد تفي بالحاجة، وتكشف عن عدة فوارق اجتماعية، في ظل توجه عدد كبير من العائلات التونسية نحو مزيد من الفقر، وتكريس التفاوت الاجتماعي» على حد قوله. واتهم وزارة الشؤون الاجتماعية بكونها «غير جدية في التوجه نحو التفاوض المباشر مع ممثلي الفئات الاجتماعية»، مؤكداً أن الملف الاجتماعي في تونس أصبح تحت طائلة التوظيف السياسي، ومعتبراً أن وزارة الشؤون الاجتماعية تقوم من خلال بعض الخيارات التي تعتمدها حالياً، بـ«مغامرة غير محسوبة العواقب، وهي بمثابة القفز في الهواء، والتلاعب برصيد ومكتسبات المشمولين بالتغطية الاجتماعية في تونس»، على حد تعبيره.

يذكر أن العلاقة بين حكومة أحمد الحشاني من جهة، واتحاد الشغل، المنظمة العمالية القوية من جهة ثانية، تشوبها عدة خلافات مرتبطة بعدة اتفاقيات مبرمة بين الطرفين، غير أنها لم تجد طريقاً لتنفيذها؛ خصوصاً على مستوى الزيادات في الأجور، وتقريب تلك الزيادة من مستويات التضخم القياسية المسجلة في تونس.



جزائريون يشنّون حملة بفرنسا ضد «تمجيد» أحد رموز الاستعمار

مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
TT

جزائريون يشنّون حملة بفرنسا ضد «تمجيد» أحد رموز الاستعمار

مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)

في حين تغرق العلاقات بين الجزائر وباريس في دوامة من التوترات، جدّد جزائريون يعيشون بوسط فرنسا حملة سبق أن أطلقوها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لنزع اسم حاكم عسكري بالجزائر خلال القرن الـ19، اشتهر بالبطش ضد قبائل قادت ثورات عسكرية، بهدف طرد الاستعمار الفرنسي من البلاد.

مبادرة الجالية الجزائرية في فرنسا تأتي في وقت تتفاقم فيه التوترات بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

القصة بدأت قبل عدة أسابيع، عندما بدأت «جمعية فرنسيين من أصول جزائرية» تنشط بمدينة ليون، تضغط على عمدتها غريغوري دوسيه، من أجل استبدال اسم المارشال توماس بيجو (1784-1849) من شارع رئيسي بالدائرة السادسة بالمدينة، بحجة أن «الإبقاء عليه تمجيدٌ لمجرم حرب، وإهانة لنا، ولجميع الفرنسيين الذين يؤمنون بقيم الجمهورية والقيم الإنسانية لبلدنا فرنسا»، وفق ما كتبه ناشطو الجمعية في حساباتهم بالإعلام الاجتماعي.

ونظم مئات الأشخاص، عدد منهم يحمل جنسيتي البلدين، وآخرون هاجروا من الجزائر إلى فرنسا في بداية الألفينات، مظاهرة الأحد الماضي في الشارع، الذي يحمل اسم بيجو، لمطالبة رئيس البلدية دوسيه بإلغاء اسمه من المكان، على أساس أنه «عرف بمجازره التي ارتكبها في الجزائر في القرن التاسع عشر».

ووصف المتظاهرون أنفسهم بأنهم «أبناء مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، الذين تم خنقهم وحرقهم أحياء على يد مارشال فرنسا توماس بيجو»، الذي حكم الجزائر من 1830 إلى 1840.

اسم المارشال بيجو على اللوحة في باريس قبل نزعه (متداولة)

ويناضل المحتجون ليحمل الشارع، الذي يقع بالقرب من القنصلية الجزائرية، اسم «شارع 17 أكتوبر 1961»، تكريماً لـ297 جزائرياً نكّل بهم محافظ شرطة باريس، موريس بابون، عندما خرجوا في مظاهرات في ذلك التاريخ لدعم ثورة التحرير (1954-1962)، التي كانت على وشك الحسم مع الاستعمار.

ووفق الصحافة المحلية في ليون، فقد أعلن غريغوري دوسيه منذ فترة عن دعمه لفكرة تغيير تسمية شارع بيجو، وأكدت أنه «من المتوقع أن تطلق مدينة ليون في الأسابيع المقبلة لجنة من الخبراء لإجراء جرد للشارع والتماثيل، وكذا اللوحات والمواقع التي تُثير الجدل، وتقديم حلول لكل منها».

عمدة مدينة ليون غريغوري دوسيه (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)

من جهته، أعلن «الاتحاد الجزائري»، وهو جمعية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، عزمه رفع دعوى قضائية ضد دوسيه بتهمة «تمجيد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية»، مقترحاً أن يصبح شارع بيجو «شارع كاميل بلان»، عمدة إيفيان-ليه-بان، الذي جرى اغتياله عام 1961 من قِبَل «منظمة الجيش السري»، في حين كان يناضل من أجل السلام في الجزائر.

وقتلت هذه المنظمة المئات من الأشخاص في الجزائر غداة الإعلان عن استقلالها عام 1962، رافضة فكرة خروج فرنسا منها.

عمدة باريس تشرف على إعادة تسمية الشارع بالدائرة 16 (بلدية باريس)

وفي حين يستمر الجدل في ليون، حسمت عمدة باريس، آن هيدالغو، القضية نفسها عندما نزعت في 14 من أكتوبر الماضي، اسم المارشال بيجو من طريق رئيسي بالدائرة رقم 16 «بسبب دوره السيئ في الجزائر؛ حيث ارتكب ما يمكن أن يعد اليوم جرائم حرب»، وفق بيان للعمدة التي تنتمي لليسار، والتي سمّت الطريق نفسه باسم هوبرت جيرمان، أحد رموز تحرير فرنسا من ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية.

وتتزامن هذه التطورات مع اقتراب العلاقات بين البلدين من القطيعة، بعد أن اشتدت الأزمة بين البلدين في يوليو (تموز) الماضي، عندما أعلنت باريس دعمها خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وهو ما أثار سخط الجزائر، التي سحبت سفيرها فوراً، وألغت ترتيبات زيارة كانت ستقود الرئيس عبد المجيد تبون إلى فرنسا في خريف العام الماضي.

جانب من المظاهرة بدعم من الحزب الشيوعي الفرنسي (متداولة)

ومع ذلك ظل هدير الأزمة صامتاً، على الرغم من الحملات التي شنّها اليمين الفرنسي المتطرف بهدف إلغاء «اتفاق الهجرة 1968»، الذي يؤطر مسائل الإقامة والدراسة والعمل والتجارة، و«لمّ الشمل العائلي»، بالنسبة للجزائريين في فرنسا.